تقارب ملحوظ:| حدود تفعيل الخبرات الإدارية العربية في مصر
19-5-2014

محمد أبوسريع
* باحث دكتوراه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
تشكل التنمية الإدارية في البلدان النامية العمود الفقري للتقدم الاقتصادي، خصوصا بعد صراع البيروقراطية الإدارية، مع ضعف آليات التنمية في تلك الدول. ولنقل التجارب المتقدمة في البلدان العربية للجهاز الإداري المصري، عقدت المنظمة العربية للتنمية الإدارية مؤتمرا، خلال يومي الثلاثاء والأربعاء 13-14 مايو الحالي، تحت رعاية معالي السيد اللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية والتنمية الإدارية بجمهورية مصر العربية، بمشاركة أكثر من 130 من ممثلي وزارات الخدمة المدنية وإدارات المحلية، والهيئات والمؤسسات من أربع دول عربية هى مصر، والسعودية، وسلطنة عمان، وفلسطين.  
 
وتتجلي أهمية هذا اللقاء في ضوء ضرورة نقل وتبادل الخبرات الإدارية بين الدول العربية، فيما تتشابه فيه من نظم وإدارة ومجتمعات، وذلك من أجل التعرف على أنجح التجارب وإمكانية تطبيقها في بلاد أخرى. وتتزايد أهمية ذلك في ظل ما تشهده الدول العربية من تغيرات وتحولات تتطلب تعاون الدول فيما بينها لتعزيز التجارب الناجحة بالنقل للبلدان الأخرى وتعميمها عبر الندوات والمؤتمرات، فتلك التغيرات والتحولات تحتم معرفة واقع الإدارة في الدول العربية للاستفادة من خبرات الآخرين. 
 
الأجهزة الإدارية العربية والاستفادة من تجاربها الإدارية المشتركة:  
 
 بدأت أعمال اللقاء بكلمة لمعالي الوزير عادل لبيب، ألقاها بالنيابة عنه معالي الدكتور أحمد سمير، مستشار وزارة الدولة للتنمية الإدارية، أكد فيها"حاجة الأجهزة الإدارية العربية للاستفادة من تجاربها الإدارية المشتركة، حيث تواجه التحديات ذاتها التي تفرضها البيئة المحيطة، والعوامل المؤثرة، والتي تتشابه فيما بين الدول العربية الشقيقة، مما يحتم ضرورة الاستفادة من تلك التجارب وتشاركها بما يعود بالنفع على الأجهزة الإدارية العربية.
 
  فقد أوضح أن التطوير الإداري جزء لايتجزأ من عملية التنمية الإدارية، ويكتسب أهمية بالغة في جميع أجهزة ومؤسسات الدولة، بحسبانه أداة مهمة وفعالة لرفع مستوى الوعي الإداري لدى العاملين بتلك الأجهزة. وانطلاقا من ذلك، جاءت مشاركة الوزارة في هذا اللقاء الذي يلقي الضوء علي  تجارب متنوعة ورائدة لعدة دول عربية شقيقة حائزة على جوائز دولية، كما تشارك جمهورية مصر العربية في اللقاء من خلال عرض تجربتي الإصلاح الديمقراطي باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتجربة بوابة المشتريات الحكومية، وهما التجربتان الحائزتان على جائزة الأمم المتحدة". 
 
معايير قياسها للتجارب الناجحة:  
 
 ألقى المستشار كمال زين، مستشار المنظمة العربية للتنمية الإدارية للقاءات المهنية، كلمة نيابة عن سعادة الأستاذ الدكتور رفعت الفاعوري، مدير عام المنظمة، أوضح خلالها أن الهدف الرئيسي للمنظمة على مدى تاريخها المؤسسي الطويل هو خدمة الاحتياجات القومية العربية العليا في مجال التنمية الإدارية والإصلاح الإداري، مع الأخذ في الحسبان ضرورة توازن خدمة هذه الاحتياجات في الدول الأعضاء في المنظمة. وتسعى المنظمة دائماً إلى العمل في عدد من الاتجاهات، نخص منها استمراريتها في تحسين أنشطة مؤسسات التنمية الإدارية في القطاع العام، والإسهام في تنمية ونشر الفكر الإداري، ودعم وتعميم التجارب الإبداعية الناجحة والممارسات الرائدة في الإدارة، والإسهام في التحول للحكومة الإلكترونية، والإسهام في مهمات التعليم الإداري ودعم قدراته المؤسسية. 
 
 وأضاف أن المنظمة العربية للتنمية الإدارية تُحقق أهدافها عن طريق أساليب عديدة، مثل عقد المؤتمرات والندوات، واللقاءات المهنية المتخصصة، والبرامج التدريبية، ورصد الممارسات الإدارية الناجحة. كما يتم ذلك أيضا عن طريق ما تنفذه من بحوث وإصدارات، إضافة إلى ما تقدمه من خدمات استشارية وأخرى معلوماتية. فقد استطاعت المنظمة من خلال تكثيف أنشطتها وفعالياتها، خلال عام 2013 ، أن تعقد 754 نشاطاً في مجالات التدريب والمؤتمرات، والندوات، واللقاءات، حيث ارتفع عدد المشاركين إلى 7309 مشاركين من مختلف فئات القيادات الإدارية في الوطن العربي. كما أصدرت 48 كتاباً من أجل الإسهام في تنمية ونشر الفكر الإداري والمعرفة العلمية في قطاعات الباحثين والخبراء. 
 
وفي إطار تفعيل علاقات المنظمة العربية للتنمية الإدارية مع المنظمات العربية والدولية، والتوجه نحو الانفتاح والعالمية، والتعاون مع الهيئات والمنظمات الدولية المتخصصة التي تعني بمجال الإدارة، أشار إلي قيام المنظمة بتفعيل علاقاتها القائمة بالفعل مع تلك المنظمات والهيئات الدولية المتميزة للاستفادة القصوى من الخبرات العالمية في مجال عملها، لتتمكن المنظمة بالتالي من أن تلعب دورها في نقل تلك الخبرات والتجارب الدولية إلى العالم العربي، مثل المدرسة الوطنية للإدارة بإيطاليا(SSPA)، والمجموعة الأوروبية للإدارة العامة ببلجيكا (EGPA-IIAS)، والمؤسسة العربية الأوروبية بغرناطة – إسبانيا، وديوان الموظفين العام بدولة فلسطين، والجمعية السعودية للإدارة، فضلاً عن المشاركة الدورية في ندوة عمداء الكليات الجزائرية بالجزائر، وذلك بهدف تنسيق ومتابعة الجهود العربية والدولية في الفترة المستقبلية ووضع الأطر العامة للتعاون العربي الأممي.
 
وبين مستشار المنظمة العربية للتنمية الإدارية أن هذا اللقاء يأتي في إطار تفعيل هدف المنظمة المتعلق بالممارسات الإدارية الناجحة، وهو البرنامج الذي يتم فيه اختبار التجارب الناجحة من الإدارة العربية وفق معايير محددة  لقياس تلك الممارسات، والمتمثلة في الآتي: 
 
• أن تكون فكرة الممارسة الناجحة رائدة أو مبتكرة في مجال بعينه. 
• أن تكون أهداف الممارسة واضحة وموجهة لخدمة قضية أو قضايا بعينها.
• أن تضيف جديداً في مجالها، أو تدعم الحقل الذي تمثله. 
• أن تكون قد طبقت فعلاً أو قطعت شوطاً طويلاً في التنفيذ.
 • أن يكون عائدها المادي أو المعنوي ملموساً ومحسوساً.
 • أن تكون دلالات نجاحها مشهوداً لها من الرأي العام والمختصين.
 • أن تكون ذات تأثير إيجابي وملموس في تحسين ظروف حياة الناس في أي فئة من الفئات.
 • أن تكون ملائمة للظروف المحلية ومستويات التطوير. 
 
ولفت إلى أن فكرة هذا اللقاء نبعت من إيمان المنظمة بتفعيل دورها التنسيقي والتكاملي لتبادل الخبرات والممارسات، وتيسير استفادة الدول العربية من بعضها بعضا في مجالات التنمية الإدارية، وذلك بتجميع وتقييم وتكريم التجارب والممارسات العربية الناجحة التي تمثل لقاءات وحوارات مع بعض القادة الإداريين العرب ممن خاضوا تجارب ناجحة في الوطن العربي، وتقديمها في ملتقي عام ضمن سلسلة لقاءات الممارسات الإدارية الناجحة، ومن ثم توثيقها في إصدار ينشر لكافة الدول الأعضاء. 
 
 وأكد أن الهدف من عقد سلسلة الممارسات الإدارية الناجحة هو إتاحة الفرصة للخبراء والقياديين للتعرف على التجارب والممارسات الناجحة ومناقشتها، بالإضافة إلى الاستفادة من خبرات وإمكانيات الدول العربية، ودراسة إمكانيات نقلها وتطبيقها، وتعظيم الخبرات العربية في التنمية الإدارية من خلال توثيق ونشر الممارسات الإدارية الناجحة، وتشجيع الممارسين والخبراء العرب على إبراز تجارب دولهم الناجحة. وأشار الدكتور كمال زين في كلمته إلى أن بداية السلسلة كانت منذ عام 2000 ، حيث تمكنت المنظمة خلال الفترة الماضية من تقديم  235 تجربة ناجحة من كل الدول العربية، عَرضت جمهورية مصر العربية فيها (34) تجربة.
 
 التجارب العربية الناجحة في الإدارة العامة:
 
تجربة "محافظة رام الله والبيرة":  قدمتها الدكتور ليلي غنام، محافظ رام الله والبيرة بدولة فلسطين، تحت عنوان "تجربة إدارة صنعتها الإرادة"، وقد خلصت هذه التجربة إلي تأكيد ما يلي:
 
- الاحتلال الإسرائيلي المعيق جعل التحدي في حياة الفلسطنيين رفيقا.
- الإبداع وحب العمل  والانتماء له هى السبيل  لأن نعمل ما نحب.
- أهمية إيمان القيادة السياسية بدور الشباب والمرأة في تحقيق التنمية. 
 
تجربة "نظام التوظيف الإلكتروني جدارة (3)" ، من وزارة الخدمة المدنية بالمملكة العربية السعودية: 
 
 قدمها المهندس باسم بن عبد الله الشافي، مستشار معالي الوزير والمشرف العام على تقنية المعلومات بالوزارة، حيث تم استعراض النقاط الأساسية التالية:
 
- لمحة تاريخية عن منظومة التوظيف الإلكتروني «جدارة»، ومراحل تطوره. 
- خصائص منظومة "جدارة" الإصدار الثالث. 
- نظام المطابقة والتدقيق الآلي.
-  نظام الإعلانات الإلكتروني. 
-  نظام المفاضلة والترشيح الآلي. 
- خدمات إلكترونية ما بعد التوظيف.
- اختبارات الجودة، والبنية التحتية منظومة "جدارة". 
 
تجربة "الإصلاح الديمقراطي باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات" بوزارة الدولة للتنمية الإدارية بجمهورية مصر العربية": قدمها المستشار الدكتور أحمد سمير، حيث تم بيان الآتي :
 
مواصفات العملية الانتخابية في مصر قبل استخدام تكنولوجيا المعلومات، والتي كانت تتضمن الآتي:
 
o سجل الناخبين مسئولية وزارة الداخلية.
o تسجيل شخصي اختياري. 
o التسجيل خلال فترة محددة.
o الموطن الانتخابي متعدد.
o سجل يدوى للناخبين.
o البطاقة الوردية للناخب.
o لا يوجد سجل للمقيمين خارج الحدود.
 
- مواصفات العملية الانتخابية في مصر بعد استخدام تكنولوجيا المعلومات (الوضع الحالي) والتي أصبحت تتسم بالآتي:
 
o سجل إلكتروني للناخبين.
o سجل الناخبين مسئولية اللجنة العليا للانتخابات.
o تسجيل تلقائي إجبارى. 
o التسجيل على مدى العام. 
o الموطن الانتخابي محدد بمحل الإقامة.
o بطاقة الرقم القومي وسيلة إثبات الهوية. 
o سجل للناخبين المقيمين خارج الحدود.
 
تجربة " بوابة سلطنة عمان التعليمية"، من وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان: قدمها محمد بن محسن العامري، الباحث بالوزارة، والتي جاءت تحت عنوان "البوابة التــعليمية الحـــاضر والمســــتقبل"، حيث تم تأكيد ما يلي :
 
- سعى وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان إلى تجويد البيئة التعليمية للإدارة والمعلمين والطلاب بالمدارس على نحو يلبي متطلبات سوق العمل في إطار من الالتزام والمسئولية.
 
- حرص وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان على إعداد جيل يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع من خلال تجويد عمليات التعليم والتعلم في الإدارة المدرسية، وتوظيف عال للتقنية بما يتواكب مع مجتمع عمان الرقمي، وتفعيل أكبر لدور القطاع الخاص والمجتمع المحلي في تعزيز الخدمة التعليمية .
 
تجربة "بوابة المشتريات الحكومية بوزارة الدولة للتنميـة الإدارية بجمهورية مصر العربيـة"، قدمها المهندس أحمد كمال شعبان، مدير برنامج تطوير الخدمات، حيث تمت الإشارة إلي النقاط الرئيسة التالية:
 
رؤية واختصاصات ومهام وزارة الدولة للتنمية الإدارية، وما أسند إليها من تكليفات خاصة بعد ثورة 25 يناير.
 
 برنامج تطوير الخدمات الحكومية والقنوات المختلفة لتقديمها
 مراحل تطور الحكومة الإلكترونية في مصر منذ يوليو 2001 وحتي يونيو 2017.
 مؤشرات الأمم المتحدة لقياس تطور الحكومة الإلكترونية.
 أهداف مشروع بوابة المشتريات الحكومية (تحسين مستوي الخدمات، تفعيل العمل بمبادئ الشفافية والنزاهة، وتكافؤ الفرص، توحيد تسجيل الموردين)، ونتائج أعمالها (التعاقد مع 1800 مورد– إعلان 752 جهة حكومية عن مزايدات ومناقصات – إنجاز 10.000 عملية شرائية).
 
 وفي ختام فعاليات اللقاء، تم تقديم مناقشة التوصيات والمقترحات التالية :
 
 أهمية نقل وتبادل الخبرات الإدارية بين الدول العربية فيما تتشابه فيه من نظم وإدارة ومجتمعات وذلك من أجل التعرف على أنجح التجارب، وإمكانية تطبيقها في بلاد أخرى. وتتزايد أهمية ذلك في ظل ما تشهده الدول العربية من تغيرات وتحولات تتطلب أهمية تعاون الدول فيما بينها لتعزيز التجارب الناجحة بالنقل للبلدان الأخرى، وتعميمها عبر الندوات والمؤتمرات، فتلك التغيرات والتحولات تحتم معرفة واقع الإدارة في الدول العربية للاستفادة من خبرات الآخرين. 
 
 تأكيد السعي الدائم من جانب الحكومات علي تطوير الأداء، لأن هدفها في النهاية هو رضاء المواطن، لذلك تستهدف هذه الحكومات تقديم أفضل خدمة له، ويتم ذلك من خلال تبنيها مجموعة من السياسات التي تؤدي بدورها إلى تحقيق هذا الهدف، بجانب ضمان الشفافية والمساءلة والكفاءة. فهدف التطوير الإداري هو رفع كفاءة إدارة موارد الدولة مما ينتج عنه فائض في التمويل يُستخدم لتنفيذ المزيد من المشروعات التي تمس حياة المواطن اليومية.
 
 تأكيد ضرورة قيام الدول العربية بإعادة النظر في ممارساتها الإدارية، وأساليب تطويرها عبر الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة، وتطبيق ما يناسب واقعها، وما يتطلبه ذلك من تفعيل التعاون بين الدول العربية في هذا المجال.
 
 مناقشة اقتراح يذهب إلى خلق توأمة بين المنظمات العامة العربية التي تقدم ممارسات إدارية ناجحة، وبين غيرها من المنظمات التي تعمل في مجال عملها نفسه، ولكنها فشلت في تحقيق أهدافها، بما يتضمنه ذلك من تعظيم الاستفادة من دراسة التجارب الفاشلة، فالفشل قد يسبق النجاح في العديد من الأحيان. 

رابط دائم: