أثر المساعدات الأمريكية في الشعب الأوكراني
11-4-2014

رون بول
* نائب أمريكي سابق (موقع الترنت)
إن مشروع القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدة لأوكرانيا بمليار دولار، والذي يُنتظر أن يوقعه الرئيس الأمريكي خلال أيام، ليس المرة الأخيرة التي يتعيّن فيها على المواطنين الأمريكيين أن يُرسلوا أموالهم إلى أوكرانيا . . بل هو مجرد بداية .
ومليار الدولار هذه، مستخلصة من مال دافع الضرائب الأمريكي، ولكنها أيضاً صفقة سيئة بالنسبة إلى الأوكرانيين . فلن يرى محتاج أوكراني واحد فلساً من هذه الأموال، وسوف تُستعمَل لإنقاذ البنوك الدولية المُقرضة للحكومة الأوكرانية . ووفق بنود الخطة التي وضعها صندوق النقد الدولي لأوكرانيا، توشك حياة المواطن الأوكراني العادي، أن تدخل مرحلة جديدة من المشقة والضنك . سوف تجمّد الحكومة بعض الزيادات في الأجور، وترفع الضرائب بنسبة كبيرة، وتزيد أسعار الطاقة بهامش واسع .
 
ولكن المصرفيين سيقبضون رواتبهم، والصندوق الدولي سيسيطر على الاقتصاد الأوكراني .
 
كما يُقرّ مشروع القانون، تقديم مزيد من أموال دافعي الضرائب، إلى المنظمات غير الحكومية الممولة من الحكومة، التي تعمل على "تعزيز الديمقراطية"، ويجيز المشروع أيضاً، إنفاق مزيد من المال لنشر دعاية الحكومة الأمريكية في أوكرانيا عن طريق "راديو أوروبا الحرة" و"صوت أمريكا" . كما يشتمل على إثارة شيء من قعقعة السلاح، وتوجيه وزير الخارجية الأمريكية نحو "توفير تعاون أمني قوي مع الدول الأعضاء في حلف الناتو في وسط وشرق أوروبا" .
إن الولايات المتحدة مستمرة في "تعزيز الديمقراطية" في أوكرانيا منذ عشر سنوات، ولكن لا يبدو أنها قد فعلت الكثير من الخير . فقد جرتْ مؤخراً إطاحة حكومة منتخبة ديمقراطياً باحتجاجات عنيفة . وهذا مناقض للديمقراطية، التي يتم تغيير الحكومات في ظلها، بانتخابات حرة ونزيهة . وما يثير الدهشة - هو أن الحكومة الأمريكية ومنظماتها غير الحكومية، كانت في جانب المحتجين! ولو كانت الديمقراطية تعنينا حقاً، لما انحزنا إلى أحد الطرفين، لأنّ الأمر ليس من شأننا .
 
إن واشنطن لا ترغب في الحديث عن أفعالها التي أدت الى الانقلاب، وتركز بدلاً من ذلك على رد فعل روسيا على القلاقل التي أثارتها الولايات المتحدة على أعتابها . وهكذا، فإن مشروع القانون الجديد الذي أقرّه الكونغرس، سوف يوسع العقوبات ضدّ روسيا على دورها في دعم الاستفتاء في القرم، حيث صوّت معظم السكان مؤيدين للانضمام الى روسيا . وفجأة، تعلن الولايات المتحدة، التي شاركت في التغيير القسري للحدود في صربيا وغيرها، أنه لا يجوز المساس بالحدود الدولية في أوكرانيا .
 
إن الأمريكيين منّا، الذين لا يطيرون حماساً للعقوبات، والتلاعب في الانتخابات، وإرسال جنودنا إلى ما وراء البحار، يتعرضون للانتقاد والطعن في وطنيتهم . وحدث ذلك من قبل، عندما عارض كثيرون منّا حرب العراق، وهجوم الولايات المتحدة على ليبيا، وغيرها . وها هو يحدُث مرة أخرى مع مَن لا يتحمّسون منّا للدخول في حرب باردة- أو ساخنة- أخرى مع روسيا بسبب شبه جزيرة صغيرة لا تعني شيئاً على الإطلاق للولايات المتحدة وأمنها .
 
وأستطيع أن أزعم أن الوطنية الحقة هي أن ندافع عن بلدنا، ونضمن عدم امتهان حرياتنا هنا . ولكن، للأسف، بينما ينصبّ اهتمام العديد من الأمريكيين على الحريات في القرم وأوكرانيا، من المقرر أن يجيز الكونغرس "إصلاحاً" يتعلق بوكالة الأمن القومي، لإرغام الشركات الخاصة على الاحتفاظ ببياناتنا الشخصية، بل يُيسّر حتى على وكالة الأمن القومي أن تتجسس على البقية منّا . ويقول، إننا في حاجة إلى إعادة تركيز أولوياتنا على تعزيز الحرية في الولايات المتحدة .

رابط دائم: