دبلوماسية الكواليس:| "ندوة" أسباب وتداعيات رفض السعودية عضوية مجلس الأمن
23-12-2013

أميرة البربري
* باحثة ماجستير بكلية الإعلام، جامعة القاهرة.
أثار قرار المملكة العربية السعودية الاعتذار عن عدم قبول عضوية غير دائمة في مجلس الأمن زوبعة في مختلف الأوساط العالمية والإقليمية، باعتباره الفعل الأول من نوعه منذ تأسيس الأمم المتحدة، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات، أهمها: هل هذا القرار بمثابة القطيعة بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة وحليفه الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وهو السعودية؟، وما دواعي صدور هذا القرار في هذا التوقيت خاصة؟ وما تداعياته على المستوى الدولي عامة، والعربي خاصة؟، وهل يعد الموقف السعودي إنذاراً بمنهج جديد للدبلوماسية العربية يتبنى منطق الندية في العلاقات الدولية، وكبديل لدبلوماسية قديمة اعتمدت منهج العمل وراء الكواليس؟.
 
  وانطلاقاً مما سبق، عقدت الجمعية المصرية للقانون الدولي، برئاسة الدكتور مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولي، ندوة بعنوان "القرار السعودي بالاعتذار عن عدم قبول عضوية مجلس الأمن"، في محاولة لرصد أبعاد ومضمون القرار السعودي، وتداعياته على الأوساط الدولية والإقليمية، وذك بمشاركة نخبة من السفراء العرب والمفكرين، في مقدمتهم أحمد القطان، السفير السعودي في مصر، وسفير المملكة الأردنية الهاشمية في مصر، والدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي والخبير في العلاقات الدولية، والدكتور يحيى الجمل، الفقيه الدستوري. 
 
• العلاقات المصرية – السعودية.. نظرة تاريخية:
 
افتتح الدكتور مفيد شهاب النقاش، مؤكداً حرص جمعية القانون الدولي على معالجة القضايا الوطنية، من وجهة نظر القانون الدولي، خدمة لأوطاننا وشعوبنا، ولتأكيد أن ما نطالب به يجب إسناده بأحكام القانون الدولي.
 
وفيما يتعلق بقرار المملكة العربية السعودية بالاعتذار عن عدم قبول مقعدها غير الدائم بمجلس الأمن، أكد شهاب أن أبعاد القرار القانونية والسياسية ليست بخافية على أحد، لكن هناك تاريخا مشرفا فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين الشقيقتين في التجارب، والخبرات، ووقائع التاريخ لا بد من الإشارة إليه. فالجزيرة العربية استنارت بنور الإسلام، ثم حمل أبناؤها شعلة هذا النور إلى الشرق والغرب، وكان نصيب مصر أن تلقت هذه الشعلة، وانطلقت منها فتوحات الإسلام إلى كل شمال إفريقيا حتى المحيط، ثم الأندلس، والجنوب الأوروبي. كل هذا حدث نتيجة التماسك بين البلدين، ثم توالت عصور التاريخ، حتى أطلت الأحقاب المعاصرة على العالم العربي، وتتألق السعودية في ملكها عبد العزيز الذي بادر بتجديد العهد بين الشعبين، وشرّف مصر بالزيارة عام 1946 – وهي الزيارة الخارجية الوحيدة للملك – وعندما رجع إلى السعودية، أذاع بياناً لتأكيد علاقة الأخوة والوحدة بين البلدين، قائلاً: الحمد لله إذ أعود إليكم من بلاد هي بلادي وبلادكم، وإنني أشعر بأن جيش مصر العربي هو جيشكم، وجيشكم هو جيش مصر، وحضارة مصر هي حضارتكم، وحضارتكم هي حضارة مصر، والجيشان والحضارتان ركن من أركان حضارة العرب". ولا ننسى موقف الملك فيصل في دعم مصر في حرب أكتوبر 1973 بتخفيض إنتاج البترول.
 
وأضاف أنه عندما شهدت مصر تدخلات خارجية في شئون المنطقة لإيقاع الأذى بها، قامت السعودية بحملة دبلوماسية قوية ضد التدخل في شئون مصر الخارجية، ولم تكتف هي وحدها، بل ساندت الشقيقتان، الإمارات والكويت، موقف السعودية في تأييدها لمصر ومساعدتها للخروج من أزمتها الاقتصادية. في ضوء كل هذا، نرفع للمملكة السعودية وملكها وشعبها تحية حب وإعزاز وتقدير.
 
• أبعاد القرار السعودي:
 
أوضح دكتور مفيد شهاب الأسباب التي دعت السعودية لرفض عضوية مجلس الأمن، من خلال بيان وزارة خارجيتها في 18 أكتوبر 2013، وجاءت الأسباب متمثلة في التالي:
 
1. إن المملكة العربية السعودية ترى أن أسلوب وآليات العمل، وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته، وتحمل مسئولياته تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليين على النحو المطلوب، الأمر الذي أدى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم، واتساع رقعة مظالم الشعوب، واغتصاب الحقوق، وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم. 
 
2. إن جميع الجهود الدولية التي بذلت في الأعوام الماضية، والتي شاركت فيها المملكة العربية السعودية بكل فعالية، لم تسفر عن التوصل إلى الإصلاحات المطلوب إجراؤها، لكي يستعيد مجلس الأمن دوره المنشود في خدمة قضايا الأمن والسلم في العالم، وإن بقاء القضية الفلسطينية من دون حل عادل ودائم، لخمسة وستين عاماً، نجم عنه حروب عدة هددت الأمن والسلم العالميين، وفشل مجلس الأمن في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل، سواء بسبب عدم قدرته على إخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة، دون استثناء، للمراقبة والتفتيش الدولي، أو الحيلولة دون سعي أي دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية، بالإضافة للسماح للنظام الحاكم في سوريا بقتل شعبه على مرأى ومسمع من العالم أجمع، ومن دون مواجهة أي عقوبات رادعة.
 
من خلال هذه الأسباب، رأت السعودية أنها بمثابة براهين دامغة على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته. وبناء على ذلك، فإن المملكة العربية السعودية، وانطلاقا من مسئولياتها التاريخية تجاه شعبها وأمتها العربية والإسلامية، وتجاه الشعوب المحبة والمتطلعة للسلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم، لا يسعها إلا أن تعلن اعتذارها عن عدم قبول عضوية مجلس الأمن، حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعلياً وعملياً من أداء واجباته وتحمل مسئولياته.
 
وفي تعقيب على هذا البيان، ذكر دكتور مفيد شهاب أنه لا بد من تأكيد حقائق مهمة ينطوي عليها القرار السعودي، وهي:
 
1- أن السعودية تؤمن بأهداف ورسالة الأمم المتحدة، فهي من المشاركين الأوائل في تأسيس المنظمة.
 
2- أن المملكة حرصت منذ تأسيس المنظمة العالمية على دعمها، والمشاركة في كافة أنشطتها بهدف تطوير وإصلاح المنظمة للقيام بدورها المنوط به. وهناك محاولات بُذلت في السنوات العشر الأخيرة من أجل إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لكنها لم تكلل بالنجاح.
 
3- أن مجلس الأمن قد عجز عن تحمل مسئولياته في كثير من القضايا التي هددت ولا تزال تهدد السلم والأمن الدوليين، مع أنها مهمته أو اختصاصه الأول.
 
4- أن المملكة بإعلانها الاعتذار، أرادت أن تكون صادقة مع نفسها وشعبها والأمة العربية، والمجتمع الدولي بأكمله، لأنها تراه مقعد مسئولية وتكليف، قبل أن يكون تشريفاً، لكنها أدركت أن كل الظروف المحيطة لن تمكنها من القيام بالدور المأمول. فهي لا تريد مكاناً تستريح فيه بقدر ما تكون في موقع تؤدي من خلاله رسالة وخدمة للمجتمع الدولي.
 
5- يعد هذا الموقف ناقوس خطر يهدد مستقبل الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وفي الوقت نفسه يمثل دليلا على أن الثقة العالمية في هذا النظام بدأت تهتز. وبناءً عليه، إذا كان المجتمع الدولي حريصا على استمرارها، فلا بد من اتخاذ إجراءات سريعة لإصلاحها وإبعادها عن الضغوط السياسية التي تقع تحتها، وإلا فسيكون مصيرها مصير عصبة الأمم.
 
وعبر شهاب عن خشيته من عدم  تدخل الدول سريعاً لفرض الالتزام التام بأحكام الأمم لمتحدة، حتى لا تصبح قراراتها مجرد حبر على ورق،  مع ضرورة إبعادها عن مختلف الصراعات السياسية، وتفعيل آلياتها، حتى لا تدخل مرحلة ضعف تؤدي لانهيارها، وهذا ما لا يرجوه أحد، قائلاً: نحن من أنصار الإصلاح، وليس التعجيل بالانهيار.
 
  وأضاف أنه على الرغم من أن مجلس الأمن له سلطات تمكنه من تحمل مسئوليته الضخمة، حيث له سلطة التدخل من نفسه، وليس بناء على طلب من دولة لحل النزاعات، وقراراته ملزمة، وليست مجرد توصيات، فإن الواقع يثبت أن كل هذه السلطات والنزاعات في حالة تزايد مستمر دون حلول، والأمر الواقع، وتدخلات الدول الكبرى تفرض ما تريد على المجلس، وبالتالي فالتطبيق يختلف عن النظرية، ولا يخضع لها.
 
وفي السياق نفسه، أكد الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي والخبير في العلاقات الدولية، أن قرار اعتذار السعودية عن عدم قبول عضوية مجلس الأمن يثير العديد من التساؤلات، أهمها: التوقيت، حيث فسر البعض القرار غير المسبوق في تاريخ المنظمة العالمية بأنه تعبير عن غضب المملكة من طريقة معالجة الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية للقضية السورية.
 
واستطرد الفقي قائلاً: أستطيع أن أقول إن القاعدة القانونية الدولية غير مكتملة، لأن القوة الإلزامية غير موجودة. وكم من الجرائم ارتكبت تحت سمع وبصر الأمم المتحدة، وسوغت للبعض غزو دول. وبالتالي، فالقانون الدولي غير مكتمل الأركان، حيث القوة تفرض قرارها، وليس الحق.
 
  فهناك محنة في التنظيم الدولي تتمثل في طغيان دول بعينها على الأمم المتحدة مقابل تضاؤل دور المنظمات، وهيمنة السياسة على قراراتها، مما جعل البعض يستشعر أنه لا يوجد توازن في العلاقة بين الدول الأعضاء في المنظمة، وهو ما يمكن ترجمته في غياب العدالة الدولية. وأبسط دليل على ذلك تقديم الدول الكبرى للمساعدات بعيداً عن المنظمات، وإنما من خلال الدعم المباشر نتيجة لما يترتب عليه من عائد سياسي خاص بها.
 
  ولكن كل هذا لا يعني أنه لا جدوى من وجود المنظمة، فيكفي أنها تعطل الوصول إلى مرحلة الصدام المباشر بين قوتين، وإمكانية التوصل لوسائل حل أخرى، ولا ينبغي أن ننسى دورها في تصفية الاستعمار. لكن على الجانب الآخر، نجد أن علاقة الأمم المتحدة بالدول العربية غير مريحة. فإذا نظرنا إلى القضية الفلسطينية- التي عانت كما لم يعان أحد - فسنجد أن المنظمة لم تتمكن من فرض قوة إلزامية لتحقيق الشرعية الدولية، أو توجيه إدانة رسمية للممارسات الوحشية الإسرائيلية بسبب الفيتو، وبالتالي من الطبيعي شعور العرب بالإحباط وخيبة الأمل، والدور المتزايد للولايات المتحدة في أروقة الأمم المتحدة، وأيضاً القانون الدولي الإنساني الذي ألغى سيادة الدولة بقرار من مجلس الأمن ليفرض أوضاعاً معينة بدعوى الدفاع عن الديمقراطية، وحقوق الإنسان، أو حتى حماية البيئة. ومن هنا، نستطيع القول إن الحسابات السياسية زحفت على القانون الدولي، وأصبحت الغلبة للقوة وليس القانون، وأصبح الحديث عن دمقرطة العلاقات الدولية مجرد كلام يتم ترويجه، والدليل على ذلك الفيتو.
 
  لذا، جاءت الصفعة السعودية في وقتها لتكون بمثابة رفض مبطن لعدم وجود عدالة دولية بالمنظمة، واستشعاراً منها أن الأخطاء فادحة، بحيث لا يمكن قبول المقعد في وجودها. لكن المشكلة الوحيدة في القرار السعودي تكمن في التوقيت الذي جعلها قضية خاصة بين السعودية والولايات المتحدة، لكن القرار في عمومه مقبول ويعد صفعة، لعلها تفيق القائمين على المنظمة.
 
  وفي تعقيبه، أشار الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى أن مجلس الأمن هو الجهاز الوحيد في العالم الذي يستطيع فعل أي شىء، ولا بد من عدم الاكتفاء بناقوس الخطر الذي أطلقته المملكة السعودية، وإنما لا بد من مبادرة حقيقية لإصلاح المنظمة العالمية، ومجلس الأمن. 
 
تداعيات القرار السعودي على حق الدول العربية في التمثيل:
 
في مداخلة، طرح الكاتب الصحفي صلاح منتصر تساؤلاً مفاده: هل يشكل القرار السعودي موقفاً فردياً أم عربياً؟ وما إذا كان يصادر على موقف أي دولة عربية أخرى تقبل هذا المقعد أم لا؟. وأجاب الدكتور مفيد شهاب على هذا التساؤل بأن القرار السعودي هو قرار سيادي سياسي يخضع للسلطة التقديرية لكل دولة، ويجب عدم تحميل هذا القرار أكثر مما يحتمل، لأنه لم يصل لحد الانسحاب من عضوية الأمم المتحدة، وفقدان الثقة الكاملة في المنظمة، لكنه بمثابة توصيل رسالة لمجلس الأمن بعدم الرضا عن إخفاقه في القيام بمسئولياته. وهذا القرار لا ينسحب بالضرورة على أي دولة عربية يتم ترشيحها للمقعد ليكون هناك صوت عربي داخل المجلس. وجدير بالذكر أنه قد تم ترشيح المملكة الأردنية للمقعد، ووافقت عليه.
 
وأوضح سفير المملكة الأردنية في مصر أن قبول دولته بعضوية مجلس الأمن جاء بناء على تنسيق ومشاورات بين كل من الأردن، والسعودية، والكويت، التي اعتذرت أيضاً قبل ترشيح الأردن. وجاءت هذه المشاورات حرصاً على وجود صوت عربي داخل المجلس، وخلصت إلى قبول الأردن للمقعد، بعد أن حرك القرار السعودي المياه الراكدة، وبالتالي لم يكن هناك استشعار للحرج من جانب الأردن لقبول العضوية.
 
ورداً على ما سبق، أشار الفقي إلى أن الرسالة السعودية أدت الغرض منها،  مدللاً على ذلك بهرع وزير الخارجية الأمريكية، جون كيرى، إلى السعودية، ولقاء الملك، لتبرير الموقف الأمريكي من الأزمة السورية، وتطلعاتها لعمل تسوية مع إيران على حساب هذه القضية. لكن الرسالة لا تعني مصادرة حق دولة عربية أخرى للتمثيل في المجلس، وأبدت السعودية رغبتها في تمثيل الأردن لمتابعة قضايانا الموجودة في المجلس، وبالتالي فهو موقف إيجابي يحمد للسعودية. لذا، فمن خطأ الدبلوماسية العربية لسنوات طويلة هو سياسة إرضاء الكبير، توهماً منها أن كلمة "نعم" في العلاقات الدولية هي الأفضل، وكلمة "لا" تعني الحرب. وهذا خطأ، لأن العلاقات الدولية تقوم على منطق الهيبة واللاهيبة، والمكانة واللامكانة، بينما قول نعم كثيراً يجعلهم يحبوننا، ولكن لا يحترموننا. لذا، لا بد أن نلعب ببراعة لتحقيق جزء من آمالنا في المنطقة.
 
بينما أكد الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد أن الموقف السعودي جاء فاتحة لدبلوماسية جديدة في المنطقة مختلفة عما كان سابقاً من دبلوماسية هادئة، أطلق عليها دبلوماسية الكواليس، دبلوماسية نشيطة وجريئة اتخذت طريقاً أكثر وضوحاً في التعبير عن مطالبها، يدعمها في ذلك القوة الاقتصادية للمملكة. وأعرب مكرم عن رغبته في أن تستمر هذه الدبلوماسية، لأن العالم العربي يحتاج حالياً لدور سياسي سعودي على المستوى الخارجي، يتوازن مع قدرتها الاقتصادية، وتأثيرها فى العالم الخارجي.
 
وفي مداخلته، أشار دكتور يحيى الجمل، الفقيه الدستوري، إلى دعم السعودية لمصر منذ عهد الملك عبد العزيز بن سعود لمصر، حين قال لأبنائه: "ديروا بالكم مصر لا تطيح، فإذا طاحت طحنا جميعاً". مؤكداً أن هذه الكلمات سمعها مباشرة من الملك فيصل للرد على مزاعم البعض الذين يشوهون موقف الملك عبد العزيز تجاه مصر. وأكد الجمل أن العروبة حقيقية، وليست وهما أو اختراعا، وأن الموقف السعودي من ثورة يونيو خير دليل على صدق هذا الكلام. كما أشار إلى ضرورة قيام اتحاد عربي حقيقي، ممثلاً في الجامعة العربية، على غرار الاتحاد الأوروبي، خاصة أن مقومات هذا التكامل من الميراث، واللغة، والثقافة المشتركة لا تتوافر لأي اتحاد في العالم، لكن هذا الأمر يحتاج إلى التقاء الإرادات السياسية للدول العربية.
 
وفي السياق نفسه، أكد نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، أنه لا بد من الاعتراف بأن الجامعة لم تصل للمستوى المطلوب في أدائها، وأنه بصدد تطوير الجامعة وميثاقها للاضطلاع بمسئولياتها، ومسايرة التغيير في المجتمع الدولي، ولكن لا بد قبل كل ذلك من إرادة سياسية بحسبانها الركيزة الأساسية في أي إصلاح. فعندما تلتقي إرادات الشعوبن تفرض ما تريده على التنظيم.
 
وفي رد على تساؤل أحد الحضور بشأن مستقبل العلاقات العربية – الإيرانية، وبخاصة السعودية؛ أجاب دكتور مصطفى الفقي أن العلاقات الدولية لا يمكن أن تكون ثابتة أو جامدة باستمرار، والدول العربية لا تقبل أن تكون إيران المتحدث الوحيد باسم المنطقة. وطالب الفقي بضرورة الاشتباك مع إيران بالحوار من خلال السعودية، حتى يدرك المسئولون الإيرانيون أنه لا يمكن استحواذ الدور الإيراني - الذي لعبته إيران بذكاء - على تحديد مستقبل المنطقة.
 
وفي ختام الندوة، ألقى أحمد القطان، سفير السعودية في مصر، كلمته قائلاً: إن أكبر نعمة وهبة الله للإنسان هي العقل، لذا لا بد ألا نستمع إلى كل ما يتردد دون تفنيد وتحكيم للعقل. جاء ذلك في إشارة إلى من ينسبون كلاماً لملوك المملكة دون التحقق منها، مؤكداً أن تاريخ الملك عبد العزيز مثل أكبر وحدة عربية، وأن التصرفات والأفعال للمملكة إلى يومنا هذا لا تتناسب مع بعض الأقاويل. وفي النهاية، أكد سفير السعودية أن المملكة، قلباً وقالباً، مع جمهورية مصر العربية.

رابط دائم: