لحظة القوة:| حلقة نقاشية:مستقبل الدور الخليجي في ظل التطورات الراهنة
24-11-2013


*
 في الوقت الذي تقف فيه العلاقات العربية- الخليجية أمام فرصة جديدة لبناء تحالف من نوع جديد، لا تدفع إليها الرغبات فقط، وإنما المصالح والظروف المهيئة، والتي تقوم على أرضية مشتركة من ضعف الثقة بالحليف الأمريكي بعد تقاربه مع إيران، أصبح من الضروري معرفة الدور، والأبعاد للصعود الخليجي في المشهد السياسي، وأي مستقبل ينتظر تلك الدول الخليجية الصغيرة، التي كانت الأكثر ثباتا أمام موجات الثورات العربية.
 
في هذا السياق، عقدت مجلة "السياسة الدولية" حلقة نقاشية تحت عنوان "مستقبل الخليج العربي في ظل التطورات الراهنة" من خلال رؤية خليجية لآخر التطورات على الساحة الخليجية والعربية، طرحها د. عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، بحضور العديد من الخبراء والمتخصصين والباحثين، كان على رأسهم المفكر المصري السيد يسين، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ود. محمد السعيد إدريس، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ود. نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية.
 
وقد أشار أبوبكر الدسوقى، رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، فى كلمته الافتتاحية، إلى الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربى، الأمر الذى جعلها موضع تنافس القوى الكبرى، بحسبان الخليج بوابة جنوبية ثانية للأمن القومى العربى، إلى جانب العراق، موضحا مؤشرات تزايد دور الخليج العربى كفاعل مهم فى أحداث المنطقة، لاسيما بعد انطلاق ثورات الربيع العربى الذى وصفه ملف عدد السياسة الدولية فى أبريل 2012 بـ "الاشتباك الخليجى"، وتراوح هذا الدور بين الاحتواء، والدعم، والمساندة، والتحفظ أحيانا من انعكاسات هذه الثورات على دول الخليج.
 
وأضاف الدسوقى أن القضايا المهمة التى تشغل الرأى العام فى الخليج هى البرنامج النووى الإيراني وانعكاساته على أمن الخليج العربى، والتقارب الإيراني– الأمريكي أخيرا،  والذى مثل أحد الشواغل الرئيسية لصناع القرار فى الخليج من انعكاسات هذا التقارب على شبكة العلاقات الوثيقة التى تربط الخليج بالولايات المتحدة. ويظهر الدور الخليجى البارز فى العديد من التطورات المهمة، منها التقارب الخليجى – المصرى بعد ثورة 30 يونيو، وهناك أيضا الرفض السعودى للعضوية غير الدائمة فى مجلس الأمن، كل هذه القضايا وغيرها الكثير يمكن أن تكون مجالا للنقاش من خلال رؤية خليجية لكل هذه التطورات، ومدى تأثيرها فى مستقبل الخليج.
 
حدود الاستقرار في دول الخليج العربي 
 
 بدأ د. عبد الخالق حديثه بأن المتتبع لما يجرى في المنطقة العربية من تحولات وتغييرات جذرية على الصعيدين الداخلي والخارجي، على الساحة العربية، يدرك وللوهلة الأولى أن منطقة الخليج العربي تبدو، مقارنة بما يجرى حولها من أحداث في الوطن العربي، أنها الجزء المستقر المزدهر والمنتعش لما يشهده من أوضاع مطمئنة مكنته من أن يمر به ثلاث سنوات، تجاوز فيها بشكل أو بآخر موجات الربيع العربي التي أطاحت بالعديد من الأنظمة العربية، ليصبح في تلك الفترة ربما أفضل حالاً وأقوى مما كان عليه، بل وأكثر تأثيراً في وسطه العربي ليتحول إلى استثناء خليجي يثبت نفسه.
 
وأشار إلى أنه على الرغم مما يبدو عليه الخليج العربي من استقرار وازدهار، فلا يمكنه أن يعيش في فراغ. ومن خلال ما يشهده الوطن العربي من تحولات وعدم استقرار، فلا يمكن الجزم بأن دول الخليج، مهما بدت مستقرة ومطمئنة، فى معزلٍ عن محيطها العربي بسبب تأثرها بما يجري من  حولها، والدليل على ذلك انعكاس أحداث الربيع العربي على بعض دول الخليج، والتي شكلت في الوقت نفسه تحديًا ضخمًا، خاصة بعد أن وصلت الأحداث إلى البحرين، وعُمان. وأكد أن منطقة الخليج تعيش التوتر باستمرار في منطقة خطيرة منها، وبالقرب من جاٍر صعب، وإن زادت أو قلت صعوبته بالنسبة للدول الخليجية الصغيرة، التي على مدى قربها والتصاقها الاجتماعي والجغرافي من دول الخليج لم تتمكن من أن تعرف ما يدور في الداخل الإيراني الذي يصعب الوصول إلى طبيعة عقليته، ونظامه، ومجتمعه، وهو ما يجعل الحصول على الأمن الذي تسعى إليه دول الخليج العربي هو العملة الأصعب على مدى الأعوام الثلاثين الماضية.
 
 ثم تطرق د. عبد الخالق إلى الداخل الخليجي، قائلا إنه في ظل التأثر بموجات الربيع العربي، ومع بقاء الجوار الأصعب للدول الخليجية، فهناك ملفات داخلية تبقى هي الأكثر إلحاحًا، رغم كل ما تتمتع به دول الخليج، ولكنها تبقيها أمام استحقاقات ضخمة، ومنها: الخلل السكاني الضخم الذي تشهده كافة دول الخليج، ولا يمكن أن يتم تجاهله على الإطلاق، على سبيل المثال: الإمارات أو قطر، تشهد نسبة تقترب من 80% من الأجانب، والكويت قد تقترب من 50%، حتى السعودية الأكثر حزمًا تصل إلى 30%، وهو ما يمثل كابوسًا قد تحول إلى معضلة، فضلاً عن العديد من القضايا والملفات الأخرى المطروحة على الساحة الخليجية الداخلية من البطالة، واحتكار الثروة، واحتكار السلطة، والمسألة الديمقراطية، وهامش الحريات، كل ذلك على الرغم من الاستقرار، والبناء، والإعمار في منطقة الخليج، ولكنها كانت الأسوأ على صعيد الحريات، بداية من الكويت، والبحرين، وعُمان، وقطر، والسعودية.
 
وأضاف المتحدث أن كل هذه السياقات الداخلية والخارجية تطرح فكرة تستحق التدقيق، ألا وهي: ما الذي فعله الربيع العربي لدول الخليج. وهنا، ذكر د. عبد الخالق أن قوى البقاء والاستمرار في دول الخليج العربي كانت أقوى بكثير من قوى التغيير والمطالبة بالإصلاح، فكانت قوى البقاء والاستمرار مستعدة للدفاع عن الوضع القائم، حين فضلت الاستقرار أكثر من الديمقراطية، وبالتالي فلم يؤد الربيع العربي إلى تحفيز قوى التغيير، بل تقوية قوى البقاء والاستمرار، وهذا يعني أن الخليج العربي بقدر ما يتأثر بما حوله من تطورات أصبح هو الجزء الأكثر تأثيرًا في الكل العربي، أي تأثير الجزء في الكل، وهى المعادلة التي أبرزتها أحداث وتحولات الربيع العربي.
 
درجات التأثير والتأثر بين دول الخليج العربي والربيع العربي
 
 وذكر د. عبد الخالق أن تأثير الربيع العربي كان بدرجات متفاوتة في دول الخليج العربي، فالبعض منها تأثر كثيرًا كالبحرين وعُمان، والبعض بشكل قليل كالسعودية والكويت، والبعض الآخر لم يتأثر على الإطلاق كالإمارات وقطر، مستكملا أنه اختلفت مسارات التأثر من حالة إلى أخرى.
 
وأكد المتحدث أن التأثير في مجريات أحداث الربيع العربي اختلف فيما بين قطر التي راهنت في لحظة من اللحظات على صعود الإخوان والتيارات الإسلامية، والإمارات التي راهنت على القوة البديلة، وإن انتكست خلال فترات الربيع العربي، ولكنها لم ترفع الراية البيضاء لتيار الإخوان، والصعود الإسلامي، وإنما دفعت بكل ثقلها ماديًا، وإعلاميا، وسياسيًا لكل القوى البديلة المدنية في الوطن العربي، معتبرا أن هناك تيارين مختلفين، ولا يمكن وضع دول الخليج في سلة واحدة.
واستطرد د. عبد الخالق كلمته، مشيرا إلى أن الخليج سيبقى لاعبا أساسيا في الشأن العربي، بل قد يتحول إلى الرقم الصعب، واللاعب الأقدر على تشكيل المعادلات السياسية، ربما في مصر وخارجها، سلبا كان إيجابا، مما يستدعى القول إن مركز الثقل السياسي، والدبلوماسي، والاقتصادي، والإعلامى العربي قد تحول من الحواضر العربية من بغداد، ودمشق، والقاهرة، إلى أبو ظبي، والدمام، والدوحة.
 
 واتفق د.محمد السعيد إدريس، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مع تشخيص د. عبد الخالق لحدود التفاعل بين دول الخليج مع دول الربيع العربي، قائلا إن الخليج لم يكن محصنًا من الموجات الثورية العربية التي لم تستقر بعد، في الوقت الذي يبقى فيه الخليج مهيأ  ليتفاعل بإيجابية أكثر مع موجات الربيع العربي.
 
وأشار د.إدريس  إلى أن تأثير الجزء في الكل يضع الخليج حول مسئولياته وعروبته بعد فترة تعرضت للارتداد فيما يتعلق بالهوية والانتماء للعروبة. واستكمل كلمته معلقا على التقارب الأمريكي- الإيراني في الوقت الراهن، مضيفا أن دول الخليج لم تعد نفسها لهذا التغير الأمريكي، لأن الرهان الخليجي كان على الولايات المتحدة الأمريكية، والذي بدأ يتهاوى في ظل التقارب مع إيران، وفى وقت قد يكون البديل فيه فادح الخطورة، وهو إسرائيل، وهو ما يجب التخطيط له جيدًا، مؤكدا أن الأمم في لحظات معينة قد تواجه خيارات قدرية. 
 
وتحدث السيد يسين، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، معقبًا على ما قاله د. عبد الخالق، والذي تضمن أن قوى البقاء والاستمرار أقوى من قوى التغيير، وأن القوى التي دعت إلى التغيير قد تراجعت لحساب البقاء والاستمرار، قائلا إن دول الخليج رأت فيما حدث للمجتمعات التي شهدت موجات ثورية على أنها مشاهد غير مطمئنة، فقد انهارت الدولة الليبية، ولا يزال الصراع مستمرا في تونس بين السلفيين والعلمانيين، وكذلك ما حدث في مصر من انتصار الفريق الليبرالي على الإخوان المسلمين، معتبرا أن فكرة الحفاظ وتأكيد البقاء والاستمرار جاءت من هنا. وأشار يسين إلى أن مسألة لحظة الخليج في التاريخ العربي ستتوقف بشكل أو بآخر على نتائج الربيع العربي فيما يتعلق بالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. 
 
وفى مداخلة لـــ د. نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، قالت إن قطر قد خسرت رهانها تأثراً بمجريات أحداث الربيع العربي، على الرغم مما استثمرته في الفترات السابقة في العديد من المجالات، لكي تسعى بها إلى الهيمنة على الإقليم العربي. وفي نهاية مداخلتها، طرحت د. نهى تساؤلاً حول مدى مرونة قطر في التراجع عن رهانها على الإسلام السياسي في المنطقة.
 
واختلفت إيمان رجب، الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية مع ما قاله د. عبد الخالق في تأكيده قوى البقاء والاستمرار، قائلة إن الوضع في الخليج هو أكثر تعقيدًا، حيث تتفاوت المشكلة من دولة إلى أخرى. وأضافت الباحثة في مداخلتها أن دول الخليج في تحديها للقوى الليبرالية أمام أنظمة استطاعت أن تؤسس شرعيتها على بعض المرتكزات الدينية، كما في حالة السعودية، في حين أن دولاً أخرى اعتمدت على الإنجاز الاقتصادي، وبالتالي فهي أمام تحدٍ خاص في فكرة استمرار هذه الأسس والمرتكزات على المدى الطويل.
 
واختلف محمد عز العرب، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مداخلته مع د. عبد الخالق فيما يتعلق بقضية الخلل السكاني، قائلا إن التفكير للتعايش والتكيف، من خلال العديد من الإجراءات المختلفة، هو الأقرب في ملف الخلل السكاني. وأضاف أنه وإن تشابهت المقدمات في التعامل مع المؤثرات الخارجية، فى الخليج العربى، فإن النتائج تختلف من دولة إلى أخرى، وهو ما يشير إلى أن الخليج ليس كيانا واحدا، خاصة فيما يتعلق بتهديدات البقاء.
 
وفى علاقة مصر بأمن الخليج، تحدث د. مبارك أحمد، مدرس العلوم السياسية بجامعة 6 أكتوبر، قائلاً إن ما تشهده العلاقات المصرية- الخليجية قد يكون بمثابة إعادة الاكتشاف الاستراتيجى بين الجانبين المصري والخليجي، وأن أمن الخليج هو خط أحمر للأمن القومي المصري. وذكر أن الملكيات المستقرة التي تمثلها العديد من دول الخليج استطاعت أن تحقق نوعًا من الاستقرار، حين يتنازل المواطن عن جزء من حقوقه السياسية مقابل الرفاه التي تحققها له الدول الملكية.
 
 وفى مداخلة أخرى لــحسام حسن، رئيس برنامج الدراسات الأمريكية بالمركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية، أوضح فيها أسباب اختلاف تفسير الموقف الأمريكي من الإصلاح والتغيير في الدول الخليجية، أولها أنها ترى أن دول الخليج محصنة من التغيير والثورات، والسبب يأتي من خلال تحالفها مع الأنظمة الغربية، والتي تدعمها وتثبت وجود الأنظمة الملكية الحاكمة. ثانيها: قدرة الأنظمة الحاكمة على التعامل مع المواطنين. والثالث فيما يتعلق بنمط الثقافة لمواطنين دول الخليج من خلال الشكل المحافظ، وشرعية الأنظمة المستمدة من التعامل بين المواطنين والأنظمة الحاكمة. وأضاف الباحث: يبقى التفسير الأخير في أن دول الخليج غير محصنة على الإطلاق، وأن تحالفها مع الغرب لا يضمن لها تحصنها من الثورات، إضافة إلى أن القدرة على الاعتماد على فكرة الموارد، وشراء الوقت مع المواطنين سينفد بمرور الوقت، حين يتحول العالم عن شراء المواد البترولية من دول الخليج. وفسر المتحدث التقارب الأمريكي- الإيراني بأنه قد يكون مبالغًا فيه، فهناك عدة دوافع قد لا تشكل خصمًا من دول الخليج، وهو ما اتضح في تقييم الولايات المتحدة لمواقفها في الفترات الأخيرة، خاصة في التعامل مع سوريا والمنطقة العربية، وفى وقت تتحول فيه السياسة الأمريكية إلى التوجه نحو آسيا، وتنسحب تدريجيًا من الشرق الأوسط، وبالتالي فعلى دول الخليج عدم التخوف لما لديها من أوراق ضغط بإمكانها أن تستغلها أمام الولايات المتحدة الأمريكية.  
 
 وأكد أبو الفضل الإسناوى، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، وسكرتير تحرير مجلة السياسة الدولية، في مداخلته أن هناك عوامل كثيرة تدعم عمليه الاستقرار في دول الخليج. لكن في ظل الدعم القطري والأمريكي لتيارات الإسلام السياسي في المنطقة، وظهور بعض التنظيمات الإسلامية في بعض دول الخليج، والتي تشكل قلقا في بعض الدول، منها الكويت، فهذا يعني أن تلك التيارات إذا لم يتم التعامل معها بحرص من قبل الحكومات، فإنها سوف تؤثر فى استقرار دول الخليج الذي يدعمه أكثر من سبب في الفترة القادمة.  
 
وتحدث د.خالد حنفي، مسئول الموقع الإلكتروني لمجلة السياسة الدولية، عن تأثر الخليج بالربيع العربي، قائلاً إن لحظة الخليج في علاقة التأثير والتأثر أضحت في مواجهة مع الوضع القائم من خفوت للدور المصري، والتونسي، والعراقي، أو للحواضر العربية، وهو ما يشير إلى المعادلة التاريخية للمنطقة، حيث إن ثمة علاقة بين قوة الخليج وضعف المشرق والعكس. وبالتالي فإنه في لحظة الثورات ومردوداتها السلبية، أدى هذا إلى لحظة صعود خليجي، وهو ما جعله يسأل عن إمكانية وجود علاقة صحية بين الطرفين، حيث إن صعود أحدهما يتطلب إضعاف الآخر، وهو ما يشير إلى أن الخليج لا يقوى إلا على حساب ضعف الحواضر العربية. 
 
 وأكد أحمد خميس، المدرس المساعد بقسم العلوم السياسية جامعة حلوان، أن الخليج لكي يشهد اللحظة الخليجية، لا بد له من دولة مسيطرة أو دولة قائد، وهو ما لا يمكن تطبيقه في الوقت الحالي، حيث إنه لا يشكل كتلة واحدة بشكل أو بآخر، وبالتالي فإن ما يحدث من دول الخليج من سياسات هي أقرب إلى التكيف مع ما يجرى حوله من أحداث ومسارات سياسية.
 
 وطرح أحمد دياب، مدير تحرير مجلة الديمقراطية، رؤية أخرى في التعامل مع إيران، قائلا إن التقارب الأمريكي- الإيراني، وفقا للدلائل المشار إليها، لا يمكن الرجوع فيه. وأضاف أنه يمكن أن يكون هناك طرح مواجه من خلال تنحية الخلاف السياسي والمذهبي، والرجوع إلى طبيعة الجوار الحضاري والجغرافي المشترك بما يسمح بتقارب خليجي- عربي- إيراني. 
 
 وتحدثت د.أماني الطويل، الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن أن أخطر ما قاله د. عبد الخالق من أن قوى البقاء أقوى من قوى التغيير يقود إلى أن تكون لحظة الخليج المؤثرة في الكل طلبا للديمقراطية والعدالة الاجتماعية، لتتطرق إلى أن تكون اللحظة الخليجية، وربما المؤثرة في مصر الآن، قد تؤدى بشكل أو بآخر إلى احتواء هذه الحالة، ليست كونها الأقوى، ولكنها بمثابة اتجاه خليجي لاحتواء الحالة الثورية، لكيلا تنتقل إلى ما خارج ذلك. 
 
وفي نهاية المداخلات، أجاب د. عبد الخالق على كل التعقيبات والتساؤلات بأن الربيع العربي، هو حدث زلزالي، تأثيري، مفصلي، وأن لحظة الخليج في التاريخ العربي ليست فكرة استعلائية، وليست بمثابة انفصال للجزء عن الكل العربي، وأن هذه اللحظة لم تنبع في ظل تراجع الحواضر العربية، وفى ظل التراجع السوري، والعراقي، والمصري، ولكنها لحظة استُثمر لها منذ عشرين عامًا وأكثر، ولا تعنى خليجا عربيا بقدراتٍ اقتصادية نفطية ومالية فحسب، حيث إن الثقل الاقتصادي مهم، ولكنه جزء صغير من اللحظة الخليجية، فهي ليست لحظة اقتصادية، وليست لحظة عمرها ثلاث سنوات، وإنما هي لحظة ممتدة من أكثر من 20 سنة، وستستمر فى كلٍ متكامل. 
 
وعن التقارب الأمريكي- الإيراني، أضاف د. عبد الخالق أن رؤية دول الخليج تتمثل في أن أفضل أسلوب للتعامل مع إيران هو ضعف إيران وعزلها، فإيران تمددت أكثر مما ينبغي في المنطقة، وأصبحت متغلغلة في الجسم العربي بأكثر مما يُسمح لها، ولا يمكن عزلها عسكريا، وإنما دبلوماسيا، وسياسيا، بفرض عقوبات اقتصادية عليها، وما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية هو أنها قفزت على مسيرة هذه المعادلة في محاولة من الإدارة السياسية الأمريكية لتطبيق سياسة الاحتواء المتبعة مع الصين.
 
واختتم أبو بكر الدسوقي الحلقة النقاشية بأن اللحظة الخليجية المشرقة ستكون لحظة عربية مشرقة، فقوة الخليج من قوة الحواضر العربية، حتى نستطيع أن نبقى قوة عربية قادرة على العمل دون شركات التأمين القائمة.

رابط دائم: