المواجهة الشاملة:| " ندوة" تحديات الأمن القومي المصري بعد ثورة 30 يونيو
22-9-2013

حسين علي بحيري
* باحث في العلوم السياسية
تشهد مصر بعد ثورة 30 يونيو مؤامرة دولية، تهدف إلى إقصاء مصر إقليميا وعربيا، خصوصا بعد تدخل الجيش كفاعل رئيسي في حسم الثورة لصالح الشعب، وعزل الإخوان المسلمين من الحكم. وعلى الجانب المقابل، وارتباطاً بما تمليه طبيعة المرحلة التأسيسية والانتقالية لجمهورية مصر العربية من أهمية تضافر كافة الجهود لتحقيق أمانى الشعب المصرى، وتأكيداً على أهمية مشاركة أصحاب الفكر المستنير والخبرات الوطنية المتميزة، عقد المركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية ندوة مؤخرا بعنوان "التحديات الحالية التى تواجه الأمن القومى المصرى وسبل التعامل معها"، وبالشكل الذى يتيح الفرصة للإسهام في بلورة رؤى جديدة تسهم فى بناء مصر خلال الفترة المقبلة، حيث استعرضت الندوة التحديات الداخلية التي تواجه الأمن القومي المصري (سياسيا وأمنياً)، وكذلك التحديات الخارجية التي تواجه الأمن القومي المصري (عربياً وإفريقياً).
 
التحديات الداخلية 
 
فيما يتعلق بالتحديات الأمنية التي تواجه الأمن القومي المصري، أشار اللواء حمدي بخيت (محلل استراتيجي وعسكري) إلى أهمية وجود منظومة دفاع متطورة ترتكز على قاعدة تكنولوجية حفاظاً على الأمن القومي المصري ، مع وجوب الارتكان إلى مبدأين أساسيين لتحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد، وهما إيجاد بدائل جديدة للطاقة، والابتكار والتجديد، كما أكد ضرورة وضع غاية قومية مصرية طموح تليق بمكانة مصر العالية، تدعمها استراتيجية فعالة للحفاظ على الأمن القومي المصري. 
 
وحول دور القوات المسلحة في فترة ما بعد 30 يونيو، أكد أهمية عدم انشغالها بالعمل السياسي بما يؤثر سلباً فى طبيعة دورها، وهو حماية حدود البلاد ضد التهديدات الخارجية، وفي الوقت نفسه التركيز في التصدي لمواجهة الجماعات الجهادية الإرهابية والمتطرفة في سيناء، كما شدد على أهمية النظرة الجادة للدولة نحو إعادة تقييم محصلة القوة الشاملة سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وعسكريا.
 
ومن ناحية أخرى، أكد اللواء أسامة الجريدلي (رئيس المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية) أن مصر تواجه حالياً العديد من التهديدات والمخاطر من قبل بعض الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تمثل تهديداً خطيراً للأمن القومي المصري. وفي هذا الشأن، شدد على أهمية تطبيق القانون بلا ترددعلى كل من يثبت تورطه في مثل هذه الأعمال التي من شأنها الإضرار بالمصالح الوطنية المصرية، وزعزعة الاستقرار الأمني والسياسي داخل مصر.
 
وفيما يتعلق بدور وسائل الإعلام خلال المرحلة الراهنة، أوضح اللواء الجريدلي مدى أهمية هذا الدور، وفي الوقت نفسه شدد على ضرورة مواجهة الإعلام المشبوه من خلال وضع ميثاق شرف إعلامي له القدرة على التصدي لمثل تلك الممارسات الإعلامية غير الأخلاقية وغير المهنية.
 
أما بالنسبة للتحديات الداخلية، خاصة السياسية التي تشهدها مصر حالياً، وتحديدا بعد ثورة 30 يونيو 2013، فقد أكد د.جمال زهران (رئيس قسم العلوم السياسية– كلية تجارة بورسعيد- جامعة قناة السويس) أهمية الإسراع في عملية صياغة دستور جديد للبلاد – بحسبانه تحدياً أساسياً خلال المرحلة الراهنة - ليكون نقطة الانطلاق لإعادة بناء الدولة المصرية ، كما طالب بوجود نظام انتخابي جديد واضح، سواء كان نظاماً فردياً، أو نظام القائمة، أو الجمع بينهما، ولكن المهم هو تحديد هذا النظام، كما طالب بصياغة وتشريع قانون يكفل كافة الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.
 
وحول دور جماعة الإخوان المسلمين في الحياة السياسية في مصر خلال المرحلة المقبلة، شدد د.جمال زهران على ضرورة حظر تكوين الأحزاب السياسية على أساس ديني، وحل الأحزاب الدينية القائمة، وهنا طالب بحل حزب الحرية والعدالة، وتجريم الانتساب إليه، وإلى جماعة الإخوان المسلمين بعد ثبوت تورطهم في أعمال عنف، وعلاقتهم بالأعمال الإرهابية التي تشهدها مصر حالياً.
 
ومن ناحية أخرى، أكد زهران رفض الشعب المصري لصور التدخل الأجنبي في الشئون الداخلية لمصر تأكيداً على حق الشعب المصري في كسر حالة التبعية القائمة، وذلك في اطار الحديث حول العلاقات المصرية الأمريكية، والدور الأمريكي بعد ثورة 30 يونيو.
 
التحديات العربية والدولية
 
وفيما يتعلق بالتحديات العربية والدولية التي تواجه الأمن القومي المصري في المرحلة الحالية، أشار د. مصطفى علوى (أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة) إلى أن ثورات الربيع العربي خلقت تحديات عربية جديدة تواجه الأمن القومي المصري، حيث أوضح أنه إذا كانت الثورات العربية قد خلقت روحاً جديدة لدى الشعوب العربية التي لم تعد تقبل الاستبداد أو الديكتاتورية، وأصبحت تسعى إلى حرية حقيقية، وكرامة إنسانية، وعدالة إجتماعية، فإن مرحلة الانتقال السياسي نحو الديمقراطية واجهت صعوبات كبيرة، وتحديات ضخمة ، بل وأزمات ممتدة معقدة وحادة .
 
  وأوضح أنها تزداد فى ضوء التطور السياسى الراهن فى مصر فى مرحلة ما بعد 30 يونيو، وإزاحة حلفاء حماس من الحكم بعد ثورة شعبية مصرية غير مسبوقة على مستوى العالم ، وهو ما قد يزيد من تعقيد طبيعة العلاقة الصراعية ليس فقط بين حماس ومصر، وإنما أيضا بين حماس وفتح. وعلى غير ما قد يتصوره البعض، فإن استئناف المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية الرامية إلى الوصول إلى اتفاق سلام مع إسرائيل قد يؤدى إلى نتائج تمثل التحديات مهمة أيضاً للجانب المصري.
 
ومن جانبه تحدث د. السيد فليفل (عميد معهد البحوث والدراسات الإفريقية سابقاً) عن التحديات الإفريقية التي تواجه الأمن القومي المصري حالياً، حيث أكد أن هذه التحديات كثيرة، ولا بد لمصر أن تقيم تجمعا اقتصاديا في منطقة حوض نهر النيل، على أن يكون لها امتداد عربي. 
 
 وفي إطار الحديث عن التحديات النيلية، أشار إلى تحدي سد النهضة، والمخطط المائي الكهربائي الإثيوبي، حيث وصف تصرفات إثيوبيا بأنها انتهازية، لأن اتفاقيات بناء السدود التي رعتها الولايات المتحدة الأمريكية بوضع تصور لبناء 33 سدا مائيا في إثيوبيا من شأنها الإضرار بالمصالح الوطنية المصرية، كما أشار إلى خطورة التحديات الأمريكية في القارة الأمريكية، خاصة برنامج الطاقة المائية الأمريكي.
 
وفي نهاية الندوة، اتفق المشاركون على عدد من التوصيات الرئيسية، من أهمها:
 
1- تأكيد المسئولية الجماعية لكافة فئات الشعب المصري في الحفاظ على الأمن القومي لمصر، خاصة بعد ثورة 30 يونيو. 
 
2- ضرورة مراعاة مبدأ الشفافية في إحاطة الشعب المصري بتطورات الأحداث، وبما لا يخل بمتطلبات الأمن القومي . 
 
3- أهمية دور المؤسسات الدينية، خاصة الأزهر الشريف والكنيسة، في توعية الشباب بمجريات الأمور . 
 
4- تأكيد صياغة دستور جديد للبلاد ليكون نقطة الانطلاق لإعادة بناء الدولة المصرية، وصياغة تشريع قانون يكفل كافة الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين . 
 
5- ضرورة حظر تكوين الأحزاب السياسية على أساس ديني، وحل الأحزاب الدينية القائمة . 
 
6- على النظام الحالي أن يحسم أمره بخصوص ما إذا كانت ثورة 30 يونيو ثورة أم لا، وذلك من خلال اتخاذ قرارات ثورية تتماشى مع طبيعة المرحلة الراهنة . 
 
7- أهمية صياغة سياسة خارجية مستقبلية للتعامل مع احتمال وجود نظام دولي متعدد الأقطاب للاستفادة منه، وتعظيم المصالح الوطنية، وإعادة صياغة علاقات مصر مع القوى الكبرى، وعدم الوقوف عند أحادية العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية . 
 
8- مسئولية القيادة السياسية الحالية عن حل أزمة سد النهضة عبر كافة الأدوات والسياسات المتاحة، ودعوة كل قادة دول حوض نهر النيل للتفاوض معهم، والتوصل إلى أفضل الحلول الممكنة، طبقاً لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية الموقعة بين كافة الأطراف . 
 
9- الحاجة الملحة لتوحيد وتأهيل دائرة واحدة لوضع سياسة خارجية تجاه إفريقيا لتدعيم وتوطيد العلاقات معها، حفاظاً على المفهوم الشامل للأمن القومي المصري في دائرته الإفريقية . 
 
10- ضرورة استخدام عناصر القوة الناعمة المصرية باتجاه الدول الإفريقية، بما يوطد ويعزز الدور المصري في قلب القارة الإفريقية خلال المرحلة الراهنة.

رابط دائم: