التغير الكوني:| ديرك ميسنر يناقش مخاطر إقتصاد "الطاقة الكربونية" على مستقبل التعاون الاوربي -الافريقي
17-4-2012

شهرت وهبة
* باحثة ماجستير بالعلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة.

يمثل التعاون الدولي شرطا أساسيا لنجاح الجهود الرامية لتوفير مصادر طاقة آمنة ونظيفة وذات أسعار معقولة مع الاتجاه نحو تقليل الاعتماد على الطاقة الكربونية واستحداث تكنولوجيات جديدة أقل اعتمادا عليها، وتنظر أوربا إلى اقتصادات شمال إفريقيا ومنها مصر على أنها قادرة على بذل الجهود للتحول نحو اقتصاد يقلل من اعتماده على الطاقة الكربونية ويحقق الهدف المنشود، مع التأكيد على أن هذا الاتجاه يمثل بلا شك آفاقا جديدة للتعاون بين أوروبا وشمال إفريقيا.

ومن هذا المنطلق، عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية ندوة بعنوان "نحو اقتصاد أقل اعتمادا على الكربون: آفاق جديدة للتعاون بين أوروبا وشمال أفريقيا"، بمشاركة عدد من الخبراء في مجال الاقتصاد من مصر ودول أوروبا، ومن أبرزهم الخبير الألماني ديرك ميسنر (مدير المعهد الألماني للتنمية، ونائب رئيس المجلس الاستشاري الألماني حول التغير الكوني)، وتم تنظيم الندوة بإشراف المديرة التنفيذية للمركز المصري للدراسات الاقتصادية الدكتورة ماجدة قنديل.

دوافع التوجه نحو اقتصاد يقلل من الاعتماد على الطاقة الكربونية:

عرض الخبير الألماني "ديرك ميسنر" دراسة عن دوافع التوجه العالمي نحو اقتصاد يقلل من استخدام الكربون، وقد ركز على الجوانب التالية:

أ . أن قضية التغيرات المناخية سوف تتفاقم لتهدد الاستقرار العالمى حال إحجام الدول النامية الكبرى في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بينها مصر، ودول آسيا من بينها الصين والهند عن التعاون مع الاتحاد الأوروبى لتقليص انبعاثات الغازات وخفض الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية خاصة الفحم، خاصة وأن عوامل عديدة فاقمت ظاهرة التغيرات المناخية على المستوى العالمى من بينها التطور الصناعى السريع وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية كالنفط والفحم والغاز وإزالة الغابات واتساع رقعة المناطق العمرانية والزيادة السكانية، ومن المتوقع أن يبلغ عدد سكان العالم 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050.ب

 ب . إن التداعيات الخطيرة الناجمة عن التغيرات المناخية تشمل زيادة درجة حرارة الأرض وهو ما يهدد بارتفاع منسوب مياه البحار والفيضانات والجفاف، مما يستلزم ضرورة تعزيز التعاون الدولى ونقل تكنولوجيا الطاقة النظيفة من الدول المتقدمة إلى الدول النامية لدعم جهودها الرامية إلى التكيف مع التغيرات المناخية وحماية الغابات التى تسهم فى امتصاص نسبة كبيرة من الكربون.

ج . إن تعزيز الجهود الدولية الرامية إلى خفض انبعاثات الكربون ينبغى أن تركز على دعم التكنولوجيا النظيفة وتبادل الخبرات فى مجال التحول باتجاه الطاقة المتجددة وتفعيل دور شبكات المعلومات الدولية بشأن البيئة وزيادة معدلات الاستثمارات الدولية فى مجال مشروعات الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر.

د . إن العولمة هي التي تدفع بالطبقة المتوسطة إلى الأمام، لذا فالبشرية تحتاج إلى التعاون من أجل التغيير ولكي تصل إلى اقتصاد يعتمد على التكنولوجيا، وهو ما يُعرف بـ "التحول الكوني الكبير" الذي يمكن تحقيقه بحلول عام 2050

المحركات الضرورية لإحداث التحول الكوني الكبير تتحدد في المحركات التالية:

الرؤية: حيث أن العالم يحتاج إلى رؤية جديدة يجب السير من خلالها من أجل إحداث هذا التحول الكوني الكبير.

التكنولوجيا: حيث أن تكنولوجيا المعلومات هي المحرك الأساسي للتحولات، ويحدث ذلك من خلال الاعتماد على التكنولوجيا في الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الكربون.

المعرفة: لأن إيجاد رؤية واضحة بالإضافة للاعتماد على التكنولوجيا يحتاجان إلى معرفة بكيفية إدارتهما.

مواجهة الأزمة: ففي حال ما إذا وجهتنا أزمة في التقليل من الاعتماد على الكربون، فلابد من إحداث تحول في الآليات المُستخدمة لتفادي هذه الأزمة

التعاون المرتقب بين مصر والاتحاد الأوربي في مجال الطاقة المتجددة ومواجهة التغيرات المناخية:

أشار الاقتصادي الألمانى "ديرك ميسنر" إلى أن الاتحاد الأوروبى مستعد لدعم الشراكة مع مصر فى مجال الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة ومواجهة التغيرات المناخية، مشدداً على مراعاة الجوانب التالية في هذا التعاون:

1.ضرورة تقليص حجم الدعم المخصص للطاقة التقليدية -خاصة الوقود- بالميزانية المصرية لتخفيض معدلات انبعاثات الغازات التى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحرارى، مع الأخذ في الاعتبار أن زيادة حجم الدعم المخصص لمصادر الطاقة التقليدية بالميزانية المصرية يعرقل الجهود الرامية الى تقليص معدلات انبعاثات الكربون.

2 . التأكيد على أن مصر تعد سادس أكبر مورد للغاز الطبيعى إلى الاتحاد الاوروبى، وقد وقعتا البلدان على مذكرة تفاهم مشتركة لدعم الشراكة فى مجال الطاقة عام 2008.

3.مجالات التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى فى مجال الطاقة تشمل تنويع مصادر الطاقة وتعظيم كفاءة استغلالها وتطوير مصادر الطاقة المتجددة كالشمس والرياح وغيرها وإعداد أطر فعالة لتطوير قطاع الطاقة.

4. الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى ينبغى أن تركز أيضا على خفض انبعاثات الكربون والتحول الى تطوير مصادر الطاقة النظيفة، وإيجاد فرص ضخمة للاستثمار فى مجال الطاقة المتجددة فى مصر.

5 . الشراكة بين الاتحاد الأوروبى ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومن بينها مصر فى مجال الطاقة ترتكز على المصالح المشتركة والمتبادلة، مع الإشارة إلى تحول مصر إلى مستورد للنفط بشكل كامل منذ عام 2008 فى الوقت الذى زادت فيه اكتشافات الغاز الطبيعى بها.

6. تمتلك مصر مصادر ضخمة من الطاقة المتجددة إلا أنها غير مستغلة حتى الآن، وبالتالي هناك ضرورة لتوفير حوافز للشركات الأوروبية لضخ المزيد من الاستثمارات بالسوق المصرية للاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة.

7 .أن ألمانيا تُعد شريكة لمصر فى مجال الطاقة، مما يعني التوقع بزيادة الاستثمارات الألمانية فى مجال تطوير الطاقة النظيفة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال السنوات القادمة.

8.على مصر صياغة استراتيجية طويلة المدى لتطوير تعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة وتشجيع الابتكارات فى مجال التكنولوجيا الصديقة للبيئة من أجل تقليص فاتورة الطاقة بالميزانية وضمان أمن الطاقة وزيادة الاستثمارات فى ذلك القطاع الحيوى

9. دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومن بينها مصر ينبغى أن تتبنى برامج للتكيف مع التغيرات المناخية وخفض انبعاثات الكربون، مع ضرورة تعزيز التعاون الدولى للتوصل إلى اتفاق ملزم لتقليص معدلات انبعاثات الغازات ودرجة حرارة الأرض.

وقد خلصت الندوة إلى الآتي:

* أن الجهود الرامية إلى توفير مصادر الطاقة الآمنة والنظيفة تهدف إلى الحد من الطلب العالمي على الطاقة الكربونية وضمان توفير خدمات طاقة مستدامة وحديثة لكافة الشعوب، واستحداث تكنولوجيات جديدة أقل اعتمادا على الطاقة الكربونية في مختلف القطاعات ومن أهمها النقل والتشييد والبناء والصناعة.
    
* التعاون الدولي يعد شرطا ضروريا للإسراع من وتيرة تطوير الوسائل التكنولوجية الرئيسية في مجال تقليص انبعاثات الكربون وتيسير نشرها على مستوى العالم.
    
* أوروبا تنظر إلى اقتصادات شمال إفريقيا ومنها مصر على أنها شركاء رئيسيين في الجهود المبذولة للتحول نحو اقتصاد يتسم بانخفاض اعتماده على الطاقة الكربونية.
    
* التعاون الدولي ينبغي أن يركز بدرجة أقل على المشروعات المنفردة وبصورة أكبر على التغيرات المنظومية، بغية وضع استراتيجيات إنمائية مشتركة تتفق مع الاعتبارات المناخية والبيئية والنمو الأخضر
    
* منظمة الأمم المتحدة عليها أن تبذل مجهودا لترسيخ الفكرة ما بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبين أوربا من خلال الشبكات والهياكل والنظم الإطارية.


رابط دائم: