إرباك الحسابات:|تداعيات ترشيح خيرت الشاطر على خريطة الانتخابات الرئاسية المصرية
2-4-2012

محمد عبد الله يونس
* مدرس مساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة

الإثنين 2-4-2012

يمكن اعتبار قرار ترشيح جماعة الإخوان المسلمين للقيادي خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية أحد أهم التغيرات المحورية في خريطة تفاعلات القوي السياسية المصرية بعد ثورة 25 يناير ، لاسيما في ظل احتدام الخلافات بين الإخوان المسلمين من جانب، والقوى السياسية على اختلاف انتماءاتها السياسية من جانب آخر، حول تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وهو ما يتوازى مع خلافات لا تقل في حدتها بين الإخوان المسلمين والمجلس العسكري بسبب رفض الأخير لسحب الثقة من حكومة الجنزوري، وتشكيل حكومة وحده وطنية بزعامة حزب الحرية والعدالة.

وفي هذا السياق، جاء قرار ترشيح الشاطر ليشعل حالة السجال السياسي بين التيارات المختلفة، و يزيد من سيولة المشهد السياسي المتأزم، خاصة مع توجيه اتهامات للجماعة بالسعي للسيطرة على مختلف مؤسسات الدولة ومخالفة تعهداتها بعدم المنافسة على منصب الرئيس. بيد أن هذا التغير في موقف الإخوان المسلمين يثير تساؤلات جوهرية حول مسببات هذا القرار، والأهم تداعياته على خريطة المرشحين المحتملين للرئاسة والكتلة التصويتية لكل منهم .

أولاً- السياق السياسي لترشيح الشاطر:

لم يكن قرار ترشيح جماعة الإخوان المسلمين لخيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة طرحاً جديداً على التغير في مواقف الجماعة في الآونة الأخيرة، وتبدل لغة خطابها تجاه الفاعلين السياسيين الرئيسيين وتوصيفها للأحداث والتطورات، بداية من أحداث الانفلات الأمني وأحداث بورسعيد، مروراً بأزمات النقص الحاد في المواد الأساسية، وانتهاءً بموقفها الرافض لبيان حكومة الجنزوري والساعي لسحب الثقة منها، تمهيداً لتشكيل حكومة جديدة معبرة عن الأغلبية البرلمانية تتمكن من تحقيق تطلعات المواطنين. وفي هذا الإطار، يمكن تفسير هذا التبدل في مواقف الإخوان المسلمين بعدة أسباب رئيسية :

1- المخاوف من تآكل التأييد الشعبي: حيث استشعرت قيادات الجماعة أن استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية وإخفاق حكومة الجنزوري في مواجهة الأزمات الأمنية والاقتصادية المختلفة يضع المؤسسة التشريعية والأغلبية البرلمانية، المنتمية لحزب الحرية والعدالة، في موقف حرج أمام الرأي العام، ويستنزف رأسمالها السياسي، ويفقدها ما حازته من ثقة الناخبين خلال الانتخابات البرلمانية، بما دفع قيادات الجماعة إلى التصعيد ضد الحكومة، والسعي لتشكيل حكومة تتحمل الأغلبية البرلمانية تبعات أدائها السياسي .

2- الخلافات المحتدمة حول تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور:حيث غلب على التفسيرات الأولية لبعض قيادات الجماعة لمواقف القوى السياسية الرافضة لتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور اعتبارها محاولة لعرقلة انتقال السلطة وإنهاء عملية انتقال السلطة، خوفاً من صعود التيارات الإسلامية. ومع انسحاب نحو 25% من أعضاء الجمعية التأسيسية وممثلي مؤسسات محورية، مثل الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية والمحكمة الدستورية العليا، بات من قبيل المحسوم أن عملية صياغة الدستور قد تتعرض لعراقيل عديدة، وقد لا تتم إجمالاً سوى عقب الانتخابات الرئاسية، بما يضع ملف الدستور بأكمله، كقضية تحكمها التفاعلات وتوزان القوى، بين الرئيس الجديد والمؤسسة التشريعية. وإذا ما أخذنا في الحسبان تفضيل جماعة الإخوان المسلمين للنظام البرلماني الذي تحتل فيه المؤسسة التشريعية مركز التفاعلات في النظام السياسي، فإن المنافسة على منصب الرئيس تصبح ضرورية لتحقيق المشروع السياسي للجماعة.

3- تطور الخلافات مع المجلس العسكري:الخلافات بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري باتت أقرب من أي وقت مضى إلى الصدام المعلن، بعد فترة طويلة من محاولات تجنب الصدام المباشر، حرصاً على إتمام انتقال السلطة دون معوقات. وتكشف القراءة الأولية لبيانات الإخوان المسلمين، خلال الفترة الأخيرة، عن تغيير مواقفهم الملتبسة والغامضة من المجلس العسكرى بانتقادات واتهامات معلنة بعرقلة انتقال السلطة، بما دفع المجلس لإصدار بيان يستنكر فيه اتهامات الجماعة، داعياً القوي السياسية إلى "أن يعوا دروس التاريخ". ومن ثم، يمكن اعتبار الترشح للرئاسة في أحد أبعاده وسيلة للضغط على المجلس العسكري لإقالة حكومة الجنزوري، وهو ما أكدته تصريحات بعض قيادات الجماعة.

4- احتمالات ترشح عمر سليمان للرئاسة: ليس من قبيل المصادفة أن يأتي قرار جماعة الإخوان المسلمين بترشيح الشاطر، عقب تأكيدات باعتزام نائب الرئيس السابق، والرئيس السابق لجهاز المخابرات، عمر سليمان، للرئاسة بما رأته جماعة الإخوان محاولة لإعادة إنتاج النظام السابق، و إخلالا بتوازن القوى في مرحلة ما بعد انتقال السلطة لغير صالحها، لاسيما في ظل العداء المستحكم بين رموز النظام السابق وجماعة الإخوان المسلمين، ولذلك وجدت الجماعة في ترشيح أحد رموزها للرئاسة وسيلة لحشد كتلتها التصويتية للحيلولة دون وصول سليمان للرئاسة.

5- شخصية الشاطر كمرشح رئاسي: يرى فريق من قيادات الجماعة في الشاطر مرشحا نموذجيا لمنصب الرئاسة. فإذا كان ملف التنمية الاقتصادية هو الأهم والأبرز بعد اندلاع الثورة، فإن ترشيح شخصية اقتصادية بحجم خيرت الشاطر قد يزيد من فرص الإخوان في السباق الرئاسي، ناهيك عما يتمتع به المرشح من كاريزما وقبول لدى قطاعات واسعة من كوادر الإخوان، وتاريخه في النضال السياسي ضد النظام السابق.

ثانياً- التداعيات السياسية لترشيح الشاطر للرئاسة:

أثار قرار ترشيح الإخوان للشاطر عاصفة انتقادات من جانب مختلف القوى السياسية التي لم تكن قد تجاوزت بعد خلافاتها مع الجماعة حول تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور. وبغض النظر عن الاستقطاب الأيديولوجي والمصالح الحزبية المتعارضة التي أججت الجدل حول قرار الجماعة، والمخاوف من سيطرة الجماعة على مختلف مؤسسات الدولة، مع استحواذها على الأغلبية البرلمانية، فإن ترشيح الشاطر أسفر عن تداعيات سياسية متعددة بالنظر إلى توقيته في خضم خلافات سياسية معقدة ومتشابكة، وخلال مرحلة حاسمة في عملية الترشح للرئاسة. ولعل من أبرز التداعيات السياسية لترشيح الشاطر:

1- تصاعد الخلافات بين القوى السياسية الثورية على أساس أيديولوجي: اكتسبت عملية الفرز والتصنيف الأيديولوجي بين القوى والتيارات السياسية المحسوبة على الثورة زخماً كبيراً، بعد إعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب، وحصول كل من الإخوان والسلفيين على أغلبية ثلثي المقاعد،  بما نزع قدرا كبيرا من أسانيد الشرعية عن شباب الثورة والقوى الثورية المختلفة، التي وجدت في إخفاقها في الإفادة من آليات تداول السلطة إشكالية كبرى، في ظل إحجام الإخوان والسلفيين عن مساندتهما في صراعهما مع المجلس العسكري. وجاء قرار الإخوان ليزيد من اتساع الهوة بينها وبين القوى الثورية، ويزيد من احتدام الخلافات فيما بينهما، بما يجعل الازدواجية والتقاطع بين الشرعية الثورية وشرعية التمثيل السياسي مرشحة بقوة للاستمرار خلال المرحلة المقبلة، مع تراجع احتمالات رأب الصدع بين طرفي المعادلة الثورية.

2- الانقسامات في صفوف التيار الإسلامي:أثارت تسمية الشاطر كمرشح للإخوان على منصب الرئيس إشكالية حقيقية حول التضامن المفترض بين المنتمين للتيار الإسلامي في المنافسة على المنصب الرئاسي للحيلولة دون تقسيم الأصوات فيما بين المرشحين، خاصة مع إعلان قيادات مجلس شوري علماء السلف- الذي يضم قيادات وأقطابا سلفية أمثال الشيخ محمد حسان،والشيخ محمد حسين يعقوب، والشيخ عبد الله شاكر، والشيخ مصطفى المراكبي- رسمياً عن دعمه للمرشح السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بما يعني أن رافدي التيار الإسلامي لن يتمكنا من التوافق علي مرشح واحد، وسيخوضان الانتخابات الرئاسية كفرقاء متنافسين. ونتيجة لبدء الحملة الانتخابية لحازم صلاح أبوإسماعيل مبكراً، فإن قاعدة مؤيديه باتت من الاتساع بحيث لم يعد يسيراً على مرشح الإخوان أن ينافسه بسهولة علي أصوات المنتمين للتيار السلفي.

3- الانقسامات داخل صفوف الإخوان: جاء قرار ترشيح الشاطر معبراً عن واقع الانقسام بين التيارين الإصلاحي والمحافظ في صفوف الجماعة ، حيث لم يصدر قرار مكتب الإرشاد سوى بأغلبية بسيطة وبفارق طفيف لصالح مؤيدي القرار، وذلك عقب اجتماعين لم ينجح خلالهما أعضاء مكتب الإرشاد في التوافق على المرشح الرئاسي . ويرجع هذا الانقسام إلي إدراك عدد كبير من قيادات الجماعة لخطورة الدفع بمرشح بمكانة نائب المرشد على الوضع السياسي للجماعة، خاصة بالنظر إلى أن إخفاقه في السباق الرئاسي قد تكون له تداعيات كارثية على المكانة السياسية للجماعة، ويمكن اعتباره بمثابة ضربة قاصمة لمشروعها السياسي.

ويضاف إلى ذلك ما يتضمنه القرار وتوقيته من رسائل صدامية موجهة لشباب الثورة والقوى السياسية المختلفة والمجلس العسكري، وكون تسمية رجل أعمال للسباق الرئاسي غير ملائم بعد الخبرة السلبية التي عاناها الشعب المصري مع مركب المال والسياسة، خلال عهد النظام السابق، وفق ما أكده د.محمد حبيب، النائب السابق للمرشد العام للجماعة، ناهيك عن اعتراض شباب الإخوان على القرار ممن اتجه أغلبهم لتأييد د.عبد المنعم أبو الفتوح، القيادي السابق للجماعة الذي تم فصله من الجماعة لإصراره على الترشح للرئاسة بالمخالفة لقرار الإحجام عن المنافسة على الرئاسة.

4- احتمالات الصدام مع المجلس العسكري: يعد ترشيح الشاطر في أحد أبعاده رسالة موجهة إلى المجلس العسكري، أو على الأقل هذا ما تدعيه قيادات الجماعة منذ الإعلان عن القرار، على اعتبار أن تسمية مرشح للرئاسة وسيلة للضغط على المجلس العسكري، بعد تجاوز صيغة المرشح التوافقي التي تم الترويج لها من جانب الجماعة في فترة سابقة. إلا أن تساؤلات عديدة تطرح حول أسباب قيام المجلس العسكري برد الاعتبار السياسي للشاطر، وحرص الجماعة على عدم إعلان ذلك.

وفي هذا الصدد، تتعدد آراء المتابعين واختلافاتهم. ولكن التساؤل الأكثر أهمية يرتبط بالعلاقة الشائكة بين المجلس العسكري والجماعة، في حال نجاح الشاطر في الوصول للمقعد الرئاسي، ومن ثم سيطرة الإخوان على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإلى أي مدى سيسمح المجلس العسكري لهذا السيناريو بالتحقق، بما له من تبعات على وضعه في المعادلة السياسية فيما بعد انتقال السلطة؟ و إلى الآن، تظل هذه التساؤلات في انتظار مؤشرات على مسار التفاعلات بين الطرفين، عقب قرار الإخوان.

ثالثاً: تحولات خريطة المرشحين الرئاسيين:

تسبب ترشيح الشاطر في إرباك حسابات جميع مرشحي الرئاسة المحوريين، بالنظر إلى ما أسفر عنه من تحولات عميقة في الخريطة التصويتية للانتخابات الرئاسية، بعدما اتضحت معالمها بصورة محدودة، مع ما كشفت عنه عملية جمع التوكيلات للترشح من أوزان نسبية للمرشحين والكتل التصويتية الأبرز التي تعتمد عليها في السباق الرئاسي. وإجمالاً، تتمثل انعكاسات ترشيح الشاطر علي خريطة تأييد المرشحين فيما يلي :

1- تفتيت الأصوات بين مرشحي التيار الإسلامي:

يمكن القول إن انضمام الشاطر للسباق الرئاسي قد يكون في غير صالح مرشحي التيار الإسلامي علي اختلاف انتماءاتهم،  خاصة في الجولة الانتخابية الأولى، بالنظر إلى احتمالات تفتيت الأصوات بين مرشحين متعددين في هذا التيار، أبرزهم حازم صلاح أبو إسماعيل، و د. عبد المنعم أبو الفتوح، و د.محمد سليم العوا، و يضاف إليهم المرشح لإخواني خيرت الشاطر.

 ونتيجة للتقارب بين أطروحات المرشحين وثبات الكتلة التصويتية للتيار الإسلامي، فإن تداعيات ترشيح الشاطر قد تؤدي لاختصام أصوات قطاعات كبيرة من مؤيدي التيار الإخواني من قاعدة مؤيدي المرشحين الإسلاميين. كما أن دعاية الإخوان ستركز على اقتطاع جانب كبير من مؤيدي التيار السلفي والمرشح حازم أبو إسماعيل لصالحهم، بما سيشعل السباق الرئاسي والتنافس بين المرشحين، ويزيد من احتمالات تفتيت الأصوات فيما بينهم .

ويمكن اعتبار التنافس بين أبو إسماعيل والشاطر أحد أهم محاور المنافسة في الانتخابات الرئاسية كتمثيل لسعي التيار السلفي إلى توسيع نطاق دوره السياسي، وأداء دور مستقل عن الإخوان المسلمين الذين احتكروا لفترة طويلة التمثيل السياسي للتيار الإسلامي خلال فترة إحجام السلفيين عن المشاركة السياسية، واقتصارهم على الشئون الدعوية الدينية .

2- اتجاه أبو الفتوح نحو الوسط السياسي :

يحمل قرار جماعة الإخوان المسلمين فرصة للمرشح المستقل عبد المنعم أبو الفتوح لتعزيز قاعدة مؤيديه من خارج الكتلة التصويتية للإسلاميين بمزيد من التركيز على أطروحات مدنية الدولة والمواطنة، خاصة مع تأكيد قرار الجماعة عدم تأييدها له كمرشح رئاسي، بما أزال الالتباس في موقفها، ووضع حداً للتكهنات بأن أبو الفتوح مرشح غير معلن للجماعة.

وتكشف القراءة الأولية في برنامج المرشح عن إدراكه لهذا التوجه، فجاء تحت عنوان "مصر القوية" " مؤكداً قيم الديمقراطية والحريات والمواطنة، وكأنه يوجه رسالة للقوى الليبرالية والثورية بأنه قد يكون البديل الملائم لافتقادهم لمرشح قوي في الانتخابات الرئاسية، وفي الوقت ذاته لم يتخل عن انتمائه للتيار الإسلامي المعتدل.إلا أن نجاحه في السباق الرئاسي يتوقف على تحقيق التوازن بين انتماءاته السياسية، والابتعاد عن الخطاب النخبوي، وبذل مزيد من الجهد للوصول للمواطن العادي بنفس قدر منافسه الأبرز حازم أبو إسماعيل الذي نجح حتي الآن في تخطي جميع مرشحي الرئاسة في حشد المؤيدين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة .

3- تصاعد نسبي لفرص مرشحي النظام السابق :

ينافس على الوسط السياسي أيضا مرشحون من المنتمين للنظام السابق، ويمكن القول إن فرصهم قد تزيد بقوة بعد احتمالات تفتيت الأصوات بين مرشحي التيارات الإسلامية ، خاصة عمرو موسي الذى يحظي بتأييد قطاعات غير محدودة من المنتمين للطبقات الفقيرة في الريف والمنتمين للطبقة المتوسطة، والفريق أحمد شفيق الذي يراه مؤيدوه رجل دولة، لديه خبرة واسعة في تولي المناصب العامة .

 إلا أن المرشح الأبرز في هذه الفئة هو عمر سليمان، النائب السابق للرئيس مبارك ورئيس جهاز المخابرات السابق، الذي تصاعدت احتمالات ترشحه للرئاسة في الفترة الأخيرة. ومن المرجح إذا حسم سليمان موقفه النهائي بالترشح أن يزيد السباق الرئاسي احتداماً، بالنظر إلى الخلفية العسكرية لسليمان، وخبرته في تولي المناصب السياسية، وتأييد عدد كبير من الأطراف الدولية له كمرشح رئاسي ملتزم بالحفاظ على ثوابت الدور الخارجي لمصر تجاه منطقة الشرق الأوسط. ومن المرجح أن تتصاعد انتقادات مرشحي الرئاسة لانتماء سليمان للنظام السابق لتقليص فرصه في السباق الرئاسي، بالنظر إلى مخاوفهم من عودة رموز النظام السابق للسلطة، وما لذلك من تداعيات على الانتقال الديمقراطي للسلطة في مصر.

4- ثبات فرص مرشحي التيارات اليسارية والثورية :

تظل فرص التيارات اليسارية والثورية دون تغيير حقيقي، نتيجة للثبات النسبي في مؤيديهم، ويعد المرشح حمدين الصباحي الأبرز بين ممثلي التيار اليساري في السباق الرئاسي، و يركز في حملته الانتخابية على الطبقات الفقيرة من العمال والفلاحين، باعتبارها القاعدة الرئيسية لمؤيدي اليسار. ويمكن لحمدين الصباحي أن يحقق نتائج انتخابية قوية في ظل الظروف الاقتصادية المتردية، وإخفاق النموذج الرأسمالي الذي تبناه النظام السابق في تحقيق التنمية الاقتصادية، ولكن عليه مضاعفة جهود حملته الانتخابية للمنافسة بقوة أكبر على المنصب.

أما خالد علي، المرشح الأبرز عن القوى الثورية، فإن فرصه في السباق الانتخابي تظل إلى الآن محدودة، نتيجة لاحتدام الصراع الانتخابي، وضعف حملته الدعائية بالمقارنة بالمرشحين الأكثر خبرة في المعترك السياسي، إلا أنه كمرشح لديه فرصة في حشد القوى الثورية لصالحه على محدوديتها. ويتقاسم معه هذه الكتلة التصويتية مرشحون أكثر خبرة وقوة مثل عبد المنعم أبو الفتوح، وحمدين الصباحي.

ملاحظات ختامية:

تعد الفترة الوجيزة المتبقية من المرحلة الانتقالية مخاضا عصيبا تمر به الدولة المصرية والفاعلون السياسيون الرئيسيون، مع اقتراب موعد الانتقال السلمي للسلطة، واحتدام الخلافات حول القضايا الأكثر إثارة للجدل، مثل صياغة الدستور، ووضع المؤسسات المختلفة في النظام السياسي، ودور المجلس العسكري في المرحلة المقبلة، والعلاقات بين القوى السياسية الرئيسية. وفي المركز بين هذه الجدليات الشائكة، يأتي انتخاب الرئيس القادم كمحدد رئيسي حاسم لمآل الانتقال الديمقراطي للسلطة ومستقبل النظام السياسي.

وعلي الرغم مما أثاره قرار الإخوان المسلمين بتسمية خيرت الشاطر كمرشحهم في السباق الرئاسي، فإن اعتبارات واقعية تتعلق بتصورات قيادات الجماعة لمصالحها السياسية ودورها في هذه المرحلة الفاصلة دفعتهم للمشاركة في السباق الرئاسي، بغض النظر عن تبعات هذا القرار سياسياً. وعلي النقيض من اعتبار البعض هذا القرار بمثابة مناورة سياسية مؤقتة، هدفها تحقيق مكاسب سياسية على مستوى تشكيل الحكومة وصياغة الدستور، فإن كافة المؤشرات الحالية تشير إلى جدية الجماعة في قرارها .

وتكشف تحولات الخريطة التصويتية لمرشحي الرئاسة عن استمرار فرص مرشحي التيار الإسلامي في التصاعد، على الرغم من تفتيت الأصوات المتوقع بين مرشحي التيار الإسلامي، بما يرجح احتمالات حدوث مزيد من التحولات بانسحاب بعض المرشحين من السباق الرئاسي، أو تحول مرشحين آخرين لتوسيع نطاق قاعدة تأييدهم السياسي للخروج من معضلة تفتيت الأصوات.

ويمكن القول إن التنافس بين حازم صلاح أبو إسماعيل من جانب، وخيرت الشاطر من جانب آخر، على أصوات المنتمين للتيار الإسلامي سيكون أحد أهم محاور التنافس الانتخابي. وعلى الوتيرة نفسها، سيأتي التنافس بين أبو الفتوح والشاطر تعبيراً عن التناقضات بين التيارين الإصلاحي والمحافظ داخل جماعة الإخوان المسلمين .ومع احتدام التنافس بين مرشحي التيار الإسلامي، فإن فرص المرشحين المنتمين للنظام السابق تتصاعد بصورة نسبية، خاصة مع احتمالات انضمام عمر سليمان للسباق الرئاسي. ومن غير المستبعد أيضاً أن يحدث مزيد من التحولات في هذا المحور بتنازل أحد المرشحين، وانضمامه لمرشح آخر لزيادة فرصهم الانتخابية في مواجهة مرشحي التيار الإسلامي.


رابط دائم: