أفكار ناقصة:|التوجهات الاقتصادية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية المصرية
15-5-2012

رانيا مرزوق
* باحثة متخصصة في الشئون الاقتصادية

الأحد 13 مايو 2012

كشفت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 عن مدى الوعي والإدراك الشعبي للقضايا والمشاكل بتنوعاتها السياسية، الاقتصادية، الخارجية والداخلية، والتي يلخصها أحد شعارات تلك الثورة في "عيش، حرية، عدالة اجتماعية". فهي مطالب ذات أبعاد سياسية، واقتصادية، واجتماعية أكد عليها الشعب المصري ولا يزال متمسكا بها إلى يومنا هذا ويكافح من أجل أن يلمس أثارها على أرض الواقع، مما يجعل مواقف مرشحي الرئاسة لمصر ما بعد الثورة من القضايا الاقتصادية أحد المحددات التي على أساسها سيصوت الناخبون بجانب جملة من المحددات الأخرى السياسية والحزبية التي ستحدد من الفائز في أول انتخابات رئاسية عقب ثورة يناير.

ومنذ الإطاحة بنظام "مبارك" في الحادي عشر من فبراير 2011 تواجه مصر العديد من التحديات والتداعيات الاقتصادية التي أعقبت ثورة 25 يناير، والتي تمثلت في تحقيق عجز كلي بميزان المدفوعات بلغ 12.7 مليار دولار في الفترة من يناير 2011 إلى سبتمبر من العام ذاته، مقابل فائض كلي بلغ 719.1 مليون دولار خلال الفترة من يناير 2010 إلى سبتمبر من العام ذاته، وهبوط معدل النمو الاقتصادي المصري إلى ما بين 1-2% في الوقت الذي كان من المتوقع فيه أن يصل إلى 6%، وانخفاض حجم الاحتياطي الأجنبي بالبنك المركزي إلى 18 مليار دولار، بعد أن كان يقدر بنحو 36 مليار دولار، وتراجع معدلات الدخل السياحي، وهو ما يعكس خسارة مصر يومياً بنحو 40 مليون دولار، وتحقيق البورصة المصرية لخسائر تتعدى 20 مليار جنيه، وتراجع معدلات نمو الناتج القومي ليصبح بالسالب في الربع الثالث "من يناير إلى مارس 2011" من السنة المالية 2010/2011، مقابل 5.5% و5.7% في الربعين الأول والثاني على التوالي، فضلاً عن ارتفاع نسبة البطالة لتصل إلى 10%.

وانطلاقاً مما سبق، يبدو جلياً أهمية التعرف على الرؤى الاقتصادية للمرشحين البارزين في الانتخابات الرئاسية القادمة، وكذلك ملامح النظم الاقتصادية التي جاءت في طياتها تلك الرؤى، خاصة في ضوء تباين الانتماءات السياسية والتيارات الفكرية للمرشحين الذين سيخوضون تلك الانتخابات.

رؤى المرشحين للنهوض بالاقتصاد المصري

احتلت القضايا الاقتصادية جزءً كبيرًا من أحاديث وتصريحات المرشحين لمنصب الرئاسة، وتتمثل الرؤى الاقتصادية لهؤلاء المرشحين في الأتي:-

أولا:- عمرو موسي: تتمثل رؤيته لتحقيق التنمية الشاملة في إقامة مشروعات تنموية كبرى، ويأتي في مقدمة تلك المشروعات إقامة مشروع ممر التنمية المنتظر منه فوائد كبيرة لمستقبل مصر الاقتصادي. وفيما يخص التعامل مع قضية البطالة، فقد قدم "موسي" حلولا على المدى القصير للتداعيات المترتبة على مشكلة البطالة، من خلال تخصيص بدل البطالة بقيمة 50% من الحد الأدنى للأجور، وحلولا أخرى على المدى الطويل تتعلق بالعمل على إنهاء أزمة البطالة من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

ثانيا:- أحمد شفيق: ينطلق برنامجه الاقتصادي من رؤيته لمصر على أنها ساحة هائلة، وليس لها مثيل في التنمية الاقتصادية، سواء من خلال بيئتها، أو ظروفها الجوية، حتى الصحراء الموجودة في مصر يمكن تنميتها. وتتحدد ملامح هذا البرنامج في تحويل مصر لكي تكون وجهة المستثمرين في العالم، واستغلال منطقة قناة السويس لتكون سوقًا حرة، والاهتمام بالصعيد المصري، وإعادة أهالي النوبة إلى أراضيهم بجوار النيل من أجل كسب ولائهم لمصر، وتوجيه الاهتمام إلى الاهتمام بتنمية سيناء.

ثالثا:- عبد المنعم أبو الفتوح: تمثلت رؤيته للتنمية الاقتصادية في إطار تحويل الاقتصاد المصري من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج يعتمد على صناعات بعينها يخلق فيها ميزة تنافسية، ومشاركة الدولة والقطاع الخاص (الكبير والمتوسط والصغير) في التخطيط وتوجيه الاستثمارات الجديدة، طبقا لخطة واضحة، واستخدام السياسة النقدية والضريبية بشكل يشجع الاستثمار في القطاعات المنتجة، ووضع ضوابط للاستثمار الأجنبي تتيح تعظيم الاستفادة منه ليس فقط في مجال التشغيل وضخ عملة صعبة وزيادة الناتج المحلى، ولكن أيضاً في مجال التدريب والتقدم التقني والتكنولوجي.

رابعا:- حمدين صباحي: يرى أن مسار التنمية والنهوض بالاقتصاد المصري لن يتحقق إلا باتخاذ عدة خطوات، يأتي في مقدمتها إعادة ترتيب أولويات الموازنة العامة للدولة، بحيث يتصدر الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي تلك الأولويات، ثم تنفيذ مشروعات تساعد على تحقيق النهضة الاقتصادية، مثل مشروع تعمير سيناء، ومشروع تنمية الصعيد، ومشروع تطوير الريف، مع التركيز على سبع صناعات أساسية في مصر هي (الغزل والنسيج، والأدوية، والأسمدة، والحديد، والأسمنت، والصناعات الهندسية، وصناعة السينما)، وكذلك تبني مشروعات جديدة، مثل مشروع الطاقة الشمسية بمحافظات الصعيد، والذي سيحقق لمصر ما حققه البترول لدول الخليج، بشرط توفر إدارة وإرادة جديدة للدولة.

خامسا:- محمد سليم العوا: تتمثل رؤيته  لتحقيق التنمية الاقتصادية في حلول غير تقليدية من خلال  إقامة مشروعات تكنولوجية جديدة في مجالات الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، والرياح، وتحلية مياه البحر، والترويج لجذب رءوس الأموال للاستثمار في تلك المشروعات.

سادسا:- حسام خير الله: جاءت رؤيته للتنمية الشاملة للنهوض بمصر في إطار تهيئة المناخ الاستثماري لتشجيع الاستثمارات الخارجية،  في إطار قواعد شفافة تحترم مصالح كلا الطرفين المصري والخارجي، على أن تشجع الدولة تلك الاستثمارات للتوجه نحو القطاعات الاقتصادية ذات التأثيرات الاستراتيجية في حياة المواطنين، وفي مقدمتها الزراعة  والصناعة والسياحة .

سابعا:- أبو العز الحريري: يرى ضرورة تنفيذ العديد من الإصلاحات التي من شأنها إقالة الاقتصاد المصري من أزمته الراهنة من خلال اتخاذ  قرارات، من شأنها تحقيق العدالة الاجتماعية عبر حزمة من الإصلاحات، منها تحديد أسعار السلع وتقديمها بالتكلفة الحقيقية للمواطنين، بحيث يحدث ارتفاع في الدخل الحقيقي للمواطن الفقير، حال حدوث أي زيادة فيه، وسن القوانين لمنع نهب الأموال، وإعادة هيكلة الخزانة العامة للدولة، في ضوء أن نصف الاستهلاك المحلى يذهب لصالح مؤسساتها العسكرية والشرطية، وإجراء الإصلاحات الاجتماعية، وتطبيق الحد الأدنى للأجور، وتسديد ديون صغار الفلاحين، مع قصر الدعم على المواطنين، وعدم منحه للشركات الأجنبية والشركات كثيفة الاستخدام للطاقة التي تشارك المواطن البسيط في هذا الدعم.

ثامنا- عبد الله الأشعل: يرى أن أولى خطوات النهوض بالاقتصاد المصري وتحقيق التنمية الاقتصادية تبدأ من التوجه نحو القطاع الزراعي وتنمية موارده حتى يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الموارد الغذائية، وإعادة النظر فى المشاريع القومية مثل "توشكى وترعه السلام". كما تناول برنامجه الاقتصادي طرح فكرة إنشاء بنك       أو صندوق مالي للمصريين العاملين فى الخارج ليستثمروا من خلاله أموالهم داخليا.

تاسعا:- هشام البسطويسي: يتبنى برنامجه الاقتصادي رؤية تشمل تحسين المستويات المعيشية للطبقات الفقيرة والمتوسطة، عمال وفلاحين، من خلال إعادة هيكلة الأجور وتحديد حد أقصى وأدنى للأجور، ووضع نظام شامل للتأمينات الاجتماعية، كما يستهدف برنامجه بناء وتطوير مدن وقرى الوادي القديم خاصة صعيد مصر، وكذلك الخروج إلى الصحراء لبناء مجتمعات زراعية وصناعية جديدة على امتداد مساحة مصر وذلك من خلال تشجيع الاستثمار وتأمينه وبناء شراكة تنموية مع مؤسسات القطاع الخاص.

عاشرا:- خالد علي: يسعى برنامجه إلى  بناء نموذج بديل للتنمية، قائم على الاستثمار في البشر، وتطوير قدراتهم الإبداعية، عن طريق إجراءات فعالة لتوزيع الثروة والدخول لصالح المنتجين الحقيقيين ويستهدف تطوير اقتصاد وطني من خلال الاعتماد على الأنشطة الإنتاجية التي تضمن النمو المستدام، كما يشجع القطاع الخاص المنتج غير الاحتكاري، والذي يوفر ظروف عمل مطابقة للقوانين الموضوعة وللاتفاقات الدولية، وإحياء القطاع العام باعتباره قاطرة للتنمية وأن الجوهر الفكري لهذا القطاع هو أن يسعى لتحقيق الأرباح من ناحية ويلعب – من ناحية أخرى – دورا اجتماعيا كأداة رئيسية لتحقيق أهداف خطة التنمية، والقضاء على البطالة، وتقديم نموذج تنافسي لعلاقات عمل تكفل تحقيق الاستقرار والأمان الوظيفي وتوفير أجر عادل وظروف عمل جيدة.

حادي عشر:- محمد مرسي: يسعى برنامجه الاقتصادي إلى نهضة الاقتصاد من خلال التحول إلى الاقتصاد التنموي، وقد حدد برنامجه مسارات التحول للاقتصاد التنموي في ثلاث مسارات أولها التحول السريع والشامل من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد قيمة مضافة في إطار مجتمع المعرفة والإنتاج ومن خلال مائة مشروع قومي (يفوق كل منهم المليار دولار) يضمن مضاعفة الناتج المحلى الإجمالي فى خمس سنوات بمتوسط معدل نمو سنوي بين 6.5 % : 7%. وثانيها: إصلاح النظام المصرفي بما يضمن قيامه بدوره الأساسي في دعم الاقتصاد الوطني على مختلف مستوياته مع توفير أدوات مالية ملائمة لأنماط التنمية وبما يحقق مشاركة فاعلة للقطاع المصرفي فى خطط التنمية والتركيز على الأولويات العامة.وثالثها: تطوير برنامج لدعم المشروعات الصغرى والمتوسطة بما يوفر مناخا ملائما للنهضة بهذه الشريحة من الاقتصاد وتفعيلها بالقدر الكافي.

ثاني عشر- محمد فوزي عيسي: يرى أن إمكانية تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال ضرورة وضع سياسات واضحة للاستغلال الأمثل لموارد الاقتصادية للدولة والاهتمام بالتوسع في مشروعات البنية الأساسية بالتعاون مع القطاع الخاص فيما يعرف بنظام الـ B . O. T. كذلك يهتم برنامجه الاقتصادي بضرورة إعادة النظر في تفعيل دور القطاع العام في إدارة المنشآت الصناعية العملاقة التي كانت تستوعب أعداداً ليست قليلة من الأيدي العاملة ومن ثم تظهر الحاجة إلى إعادة تبني فكرة القطاع العام وتفعيل دوره خاصة في ظل ما يواجهه الاقتصاد من مشاكل عديدة وأهمها مشكلة البطالة ونقص مستوى الإنتاج.

ثالث عشر:- محمود حسام: اعتمد برنامجه الاقتصادي على تحديد أدوات تحقيق النهضة الاقتصادية في إدارة رشيدة بخبرة وفكر اقتصادي ثم عدالة في التوزيع، وتمثلت أولويات النهضة الاقتصادية في ضرورة زيادة موارد الدولة بكل الطرق المشروعة الممكنة وترشيد الاستهلاك وفتح المجالات للعمل علي زيادة الإنتاج وزيادة الرقعة الزراعية واستصلاح كافة الأراضي البور لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح والمحاصيل الإستراتيجية الأخرى.

ملامح النظام الاقتصادي الذي يتبناه المرشحون

على الرغم من اختلاف الانتماءات السياسية وتباين الأيديولوجيات التي يتبناها مرشحو الرئاسة، اتفقت رؤيتهم في تبني النظام الاقتصادي المختلط الذي تتعدد أشكاله وفقاً لدرجة الوسطية بين النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي، أو للخلفية الفكرية، مثل الاقتصاد الإسلامي المنبثق من تيار الفكر الإسلامي. وبتحليل رؤى المرشحين لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة، يمكن تصنيف النظم الاقتصادية التي انبثقت منها تلك الرؤى، وفقا للتصنيف الآتي:

أولا:- نظام اقتصادي مختلط يميل إلى الرأسمالية

جاءت رؤية  أبرز مرشحي الرئاسة المحسوبين على التيار  الليبرالي لتتبنى نظام اقتصادي مختلط يميل إلى الرأسمالية، والذي يتبنى اقتصاد السوق والحرية الاقتصادية، مع محدودية دور الدولة في الحياة الاقتصادية. فقد أعلن "عمرو موسى" عن تبنيه لسياسة الاقتصاد الحر القائم على العدالة الاجتماعية، على أن تكون الكيانات الاقتصادية الضخمة والمرتبطة بالثروات الأساسية للبلاد فى يد الشعب. ويرى "أحمد شفيق" أن مصر ستكون قبلة للمستثمرين من خلال تبني نظام اقتصادي حر يساعد علي جذب المستثمرين بشكل يسهم في تشغيل الشباب وزيادة الدخل والناتج القومي.

في حين يرى "حسام خير الله" ضرورة تشجيع القطاع الخاص من خلال اتباع سياسات وإجراءات شفافة لضمان إسهام فعال في المشاكل الاقتصادية التي يعانيها اقتصاد مصر، على أن تقوم الدولة بدورها الحقيقي في تمويل ورعاية القطاعات الاقتصادية ذات التأثيرات الإستراتيجية في حياة المواطنين.

وعلى الرغم من وجود بعض المرشحين المنتمين للتيار الإسلامي، فإنهم أيضا تبنوا النظام الاقتصادي المختلط الذي يميل إلى الرأسمالية. فبالنسبة للدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح"، فيرى أن تعظيم التنمية الاقتصادية المتوازنة والعادلة سيكون عن طريق تفعيل أشكال الملكية والإنتاج المختلفة، وعدم قصرها على ثنائية القطاع العام / القطاع الخاص. كما أعلن "محمد سليم العوا" عن تبنيه سياسة فتح أبواب العمل الحر بغير قيود، وتشجيع المشاريع الصغيرة بغير قيود، وإلغاء الروتين الحكومي عند إقامة المشروعات.

ثانيا:- نظام اقتصادي مختلط يميل إلى الاشتراكية

تميل رؤية مرشحي الرئاسة المنتمين للتيار اليساري، وأبرزهم المرشحان "حمدين صباحى" و"أبو العز الحريري"، وكذلك المرشحين خالد علي ومحمد فوزي لتبني نظام اقتصادي مختلط يميل إلى الاشتراكية، حيث تعظيم دور الدولة والقطاع العام في الحياة الاقتصادية، ومحدودية دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي. فيرى "حمدين صباحى" أن إمكانية النهوض بالاقتصاد المصري ستكون من خلال الاعتماد على ثلاث قطاعات رئيسية للنهوض بالاقتصاد المصري، هي: قطاع عام متحرر من البيروقراطية، ويعتمد وسائل الإدارة الحديثة والتخطيط العلمي، وقطاع تعاوني يعظم القدرات الإنتاجية والتنافسية، وقطاع خاص تقوده رأسمالية وطنية تلعب دورها الرئيسي والمنتظر في مشروع النهضة، وتشجيعها من خلال حوافز الاستثمار، ودعم المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، وتشريعات تواجه الفساد والاحتكار وقوانين تضمن أداء الرأسمالية الوطنية لواجبها الاجتماعي .

أما عن المرشح "أبو العز الحريري"فيؤكد على دور الدولة في اتخاذ القرارات، والقيام بالإصلاحات التي تؤدي إلى تحديد أسعار السلع، وتقديمها بالتكلفة الحقيقية للمواطنين، بحيث يحدث ارتفاع في الدخل الحقيقي للمواطن الفقير.كما تتجه ميول المرشح "خالد علي"  نحو الاشتراكية حيث أعلن في برنامجه الاقتصادي عن ضرورة إعادة رسم العلاقة بين قطاعات الاقتصاد الخاص والعام والتعاوني، وأكد على ضرورة عودة  القطاع العام للنشاط الاقتصادي والعمل على إدارة المنشآت والأصول الإنتاجية المملوكة للدولة بشكل كفء وديمقراطي من خلال  مشاركة واسعة للعاملين في إدارة منشآتهم وإخضاع هذه المنشآت لرقابة شعبية (أهلية).

وفي نفس الاتجاه للميول نحو الاشتراكية جاء البرنامج الاقتصادي للمرشح "محمد فوزي عيسي" يؤكد على أهمية قطاع الأعمال العام وإمكانية مساهمته في حل مشكلة البطالة ورفع مستوى الإنتاج، وذلك لأنه يدير منشآت صناعية عملاقة تستوعب عمالة ضخمة بالمقارنة بالقطاع الخاص وكذلك يتميز بالكميات الضخمة من الإنتاج .

ثالثا:- نظام الاقتصاد الإسلامي

أعلن مرشح الرئاسة "محمد مرسي"عن نهضة مصرية بمرجعية إسلامية وهي رؤية  تتبني النظام الاقتصادي الإسلامي، والتي تعد من قواعده الأساسية أن الملكية الخاصة حق الأفراد في تملك الأرض والعقار ووسائل الإنتاج المختلفة، مهما يكن نوعها وحجمها، بشرط ألا يؤدي هذا التملك إلى الإضرار بمصالح عامة الناس، وألا يكون في الأمر احتكار لسلعة يحتاج إليها العامة.

وبالنسبة للملكية العامة، تظل المرافق المهمة لحياة الناس في ملكية الدولة أو تحت إشرافها وسيطرتها، من أجل توفير الحاجات الأساسية لحياة الناس ومصالح المجتمع. ولكن برنامجه الاقتصادي لم يتضمن الرؤية تجاه المحظورات التي يقرها النظام الاقتصادي الإسلامي، ومنها تحريم الاتجار في القروض،  وتحريم بيع ما لا يمتلكه الفرد، وما يندرج تحت هذا البند من أمثلة التمويل العقاري وغيره.

ملاحظات ختامية

بعد هذا العرض لرؤية المرشحين المحتملين لمنصب الرئاسة وتوجهاتهم الاقتصادية حيال العديد من القضايا المركزية التي تشغل كافة أطياف الشعب المصري، نشير إلى ملاحظتين رئيسيتين:-

أولا:- اتفاق أغلب المرشحين لانتخابات الرئاسة القادمة في برامجهم الانتخابية فيما يتعلق بالناحية الاقتصادية، على أهمية معالجة القضايا الاقتصادية، وإن اختلفوا في وسائل وطرق المعالجة، المتعلقة بضرورة النهوض بالزراعة، والاهتمام بالفلاح، وتحديد الحد الأدنى للأجور، والعمل على زيادته، والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتنشيط السياحة، وتنمية سيناء والصعيد.

وبالتالي، يمكن اعتبار مناطق الاتفاق المشار إليها سلفا تمثل في الوقت ذاته ترتيبا للأولويات الاقتصادية التي يجب أن يضعها الرئيس القادم نصب عينيه، والذي يمكن اعتبارها المسار الاقتصادي لرئيس مصر القادم، والذي سيتتبعه الشعب من خلاله.

ثانيا:- لا تزال الرؤى حول مستقبل اقتصاد مصر غير مكتملة، حيث لم يحدد أي من المرشحين كيفية تمويل برنامجه الاقتصادي، حيث جاءت رؤى هؤلاء المرشحين حول التعامل مع التحديات التي يمر بها الاقتصاد المصري في الوقت الراهن فضفاضة، وأقرب ما تكون إلى شعارات انتخابية، راحت تغازل مشاعر المواطنين المصريين.

وهو ما يذكرنا بالشعارات التي كانت تتردد في ظل النظام البائد، مثل تبني بعض الأفكار المتعلقة بتنمية الصعيد وسيناء، وتنفيذ بعض المشروعات القومية مثل ممر التنمية، وذلك دون الاهتمام بتحديد مصادر التمويل اللازمة لتحقيق ذلك، وهل سيعتمدون في ذلك على التمويل الوطني أو سيعتمدون في تنفيذ أفكارهم على الاقتراض من الخارج والمعونات الأجنبية.وفي جميع الأحوال،  فإن طرح الرؤى والبرامج الاقتصادية، في إطار يتسم بالتحديد والوضوح والدقة لآليات وإمكانيات التنفيذ لتلك الرؤى والبرامج، هو ركيزة أساسية لبناء الثقة بين الناخب المصري ومرشحه.


رابط دائم: