"الثورة الممتدة":|الخريطة السياسية للقوى الفاعلة على الساحة السورية
11-2-2012

أحمد كامل البحيري
* باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

أفرزت الثورة الشعبية في سوريا خريطة جديدة للواقع السوري من حيث شبكة التحالفات بين أركان المعارضة في الداخل والخارج، معتمدة على سقف المطالب، وقدرة كل ركن من أركان التحالف في السيطرة على الوضع الداخلي، وحجم الدعم المعنوي والبشري من قوى الثورة. لقد أنتجت الثورة أشكالاً جديدة للتعبير عن مطالب الثوار، وتنظيم العمل الجماهيري في مواجهة السلطة. تمثل ذلك في تشكيل شبكات ولجان تنسيق في مختلف أحياء المدن والقرى السورية.

ومن ناحية أخرى، تتوقف قدرة الفاعلين الرئيسيين في الثورة السورية والقادرين على حسم المواجهة على مدى جذبهم لأطراف المشهد الداخلي من قوى حزبية أيديولوجية ومذهبية دينية، واتساع الرقعة الجغرافية للثورة. وفي محاولة لفهم المشهد الداخلي للثورة السورية، لابد أن نلقي الضوء على أهم القوى الثورية، سواء كتنظيمات معارضة خارجية، أو داخلية، والوزن النسبي لكل منها في تحولات المشهد السياسي السوري.

أولا - التنسيقيات

بدأت الشرارة الأولي للثورة السورية السلمية في١٥ مارس ٢٠١١. ومن ذلك الوقت وحتي مايو من العام نفسه، كانت قوى الثورة تعمل بصورة غير منظمة من العمل والتنسيق كنتيجة طبيعية لضعف الأحزاب السياسية قبل الثورة، ولعدم وجود خبرة تراكمية لحركات الاحتجاج لدى قوى الثورة، خاصة الشباب منهم بعكس ما كان تتمتع به غالبية قوى الثورة في مصر وتونس واليمن.

وفي محاولة منهم لتلافي نقص الخبرة الاحتجاجية، بدأت القوى الثورية بتشكيل " لجان تنسيق" مأخوذة من فكرة اللجان الشعبية في مصر، فكانت البداية بهدف تأمين الأحياء، وتوفير متطلبات الحياة من مأكولات ومعالجة المصابين. ومن ثم، تطور الأمر فأخذ طابعا سياسيا استراتيجيا بتوسيع مهام التنسيقيات على مستوى الأحياء بكتابة اللافتات وتنظيم المسيرات، وتصويرها ورفعها على الإنترنت.وبشكل عام، شكلت التنسيقيات من شباب لا ينتمون لتنظيمات سياسية، وليس لديهم انتماءات أيديولوجية، ثم اتسعت التنسيقيات لتشمل نشطاء سياسيين وحقوقيين.

ومع اتساع القمع من جانب السلطة تجاه الثوار، وسقوط المزيد من الشهداء والجرحى والمعتقلين، ازدادت عضوية اللجان التنسيقية المحلية. ومع ظهور الحاجة إلى قيادة مركزية تعمل على تنظيم صفوف الثوار في كافة مناطق الاحتجاجات، والتي شملت كل محافظات سوريا بلا استثناء من بوكمال شرقا لللاذقية غربا، ومن القامشلي شمالا إلى درعا جنوبا، بدأت القوى الشعبية الثورية بتأسيس مجلس عام يجمع اللجان التنسيقية على مستوى مركزي بهدف توحيد المطالب وآليات العمل، والتحرك الجماهيري، وتنظيم صفوف الثوار، واختيار أسماء الجمع.

ثانيا - معارضة الداخل

إن الحديث عن دور للمعارضة الداخلية قبل الثورة السورية، سواء المتمثلة في أشكال حزبية أو تجمعات وشخصيات معارضة، ضعيف للغاية، ليس لقلة عدد المعارضين، ولكن لضعف فاعلية المعارضة، نتيجة للأسلوب القمعي من قبل النظام الحاكم. فمنذ وصول حزب البعث للسلطة في 8 مارس 1963، قام بتصفية المعارضة حتى القريبة منه، سواء ناصريون أو قوميون عرب.

ولكن كانت هناك بعض أشكال الرفض للنظام الحاكم من قبل أطراف المعارضة، التي تجسدت فيما يسمى إعلان دمشق الذي وقع  في 16 أكتوبر 2005، ويعد أول تحرك سياسي في مواجهة النظام البعثي الحاكم. وهو امتداد لحركات الاحتجاج العربية التي شهدتها البلدان العربية  المطالبة بالإصلاح السياسي، والتي امتدت في بعض الأقطار بإسقاط النظام الحاكم ككل، كما حدث بمصر بظهور حركة( كفاية) والتي كانت نواة الحركات الاحتجاجية الشعبية بالوطن العربي، والتي دفعت المعارضة السورية إلى صياغة إعلان دمشق، الذي ضم كافة الأطياف السياسية والأيديولوجية من حزب المستقبل السوري، والإخوان المسلمين، والأحزاب الكردية إلى حزب الاتحاد الاشتراكي الناصري، وحزب العمل الشيوعي، ومجموعة من المثقفين، ونشطاء المجتمع المدني، ورجال الأعمال مثل رياض سيف الذي وقّع إعلان دمشق من السجن.

ولكن كواقع الحركات الاحتجاجية التي ظهرت خلال السنوات العشر الماضية في الوطن العربي، كانت تعتمد على النخبة السياسية، وتفتقر للامتداد الشعبي، فيؤدي ذلك في النهاية لضعف الحركة، وكثرة الانشقاقات بداخلها، وهذا ما حدث في إعلان دمشق  بانقسام المعارضة  إلى طرفين، وهذا ما دفع بعض الأطراف لبلورة طرف ثالث أو طريق ثالث إن صح التعبير، بين طريق السلطة واعلان دمشق ، جمعت حزب الاتحاد الاشتراكي الناصري،  وحزب تجمع اليسار الماركسي- تيم، وأحزابا كردية، ونخبة من المثقفين والسياسيين المستقلين. ولكن وبعد العشرات من الاجتماعات، تم فض التحالف، وجمد إعلان دمشق، خاصة بعد انسحاب الإخوان المسلمين منه، وإعلان تحالفهم مع عبد الحليم خدام، نائب الرئيس الجمهورية السابق، ثم انسحبوا أيضا من هذا التحالف  في 2009.

ومع بداية الثورة السورية 18 مارس 2011،  بدأت المعارضة السورية محاولة لتشكيل جبهة تضم المعارضة السورية، معتمدة على تحالف إعلان دمشق الذي ضم حزب الاتحاد الاشتراكي الناصري، والتجمع الوطني الديموقراطي، وتجمع اليسار الماركسي- تيم، والحركة الوطنية الكردية، التي تضم 11 حزباً. ولكن لم تكتمل هذه المحاولة لإنشاء جبهة تضم كافة الأطياف السياسية والأيديولوجية في سوريا، وانقسمت المعارضة بين أطراف عدة نتيجة الخلاف حول كيف حل الأزمة، وتكتيك التفاوض مع السلطة، واستراتيجية التعامل.

1- أحزاب(معارضة) رسمية جزء من حزب البعث (الجبهة الوطنية التقدمية)

في الوقت الذي يقود فيه الشعب ثورته في وجه السلطة، كانت الأحزاب السياسية التقليدية تنظر للمشهد عبر شاشات التلفاز كمثيلتها في مصر وتونس. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة عدد القتلى والجرحى، بدأت بعض الأحزاب السياسية تدخل المشهد العام، وهي الأحزاب القريبة من السلطة، وهي جزء من حزب البعث، طبقا للدستور السوري تحت مسمى الجبهة الوطنية التقدمية، فقامت بأداء نفس دور الأحزاب المصرية الصغيرة من رفض الاحتجاجات، ثم رفع سقف مطالبها، مطالبة السلطة الحاكمة بإصلاحات سياسية واقتصادية، كما فعل الحزب السوري القومي الاجتماعي القريب من النظام الحاكم. وكان آخر رد على خطاب الرئيس الأسد بأنه إنجاز، والمخرج الوحيد للأزمة، والطريق الصحيح للمستقبل.

2- هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي

نشأت في 30 يونيو 2011 من مجمل الأحزاب غير الرسمية ( غير القانونية ) التي تضم حزب الاتحاد الاشتراكي الناصري، والتجمع الوطني الديمقراطي، وتجمع اليسار الماركسي – تيم، وحزب الاتحاد الديمقراطي: PYD، وحزب يكيتي، والحزب اليساري الكردي، وحزب يسار البارتي، ومثقفين مستقلين، وليبراليين يرفضون التدخل الخارجي لحل الأزمة مع ممثلي مدرسة الشيخ جودت سعيد الإسلامية الاعتدالية، وجماعات دينية سنية معتدلة.

وكان تحرك تلك الأحزاب مختلفا عن نظائرها الرسمية في سقف مطالبها، والذي اقترب كثيرا من مطالب الثوار، وأصبح جزءا من الثورة السورية، وأصبح السيد حسن عبد العظيم، الأمين العام للحزب الاتحاد الاشتراكي الناصري والمتحدث باسم "التجمع الوطني الديمقراطي"، هو أمين هيئة التنسيق الوطني لقوى التغير الديمقراطي، فأصبحت هيئة التنسيق الوطني تجمعا للقوى اليسارية والقومية والإسلامية المعتدلة، ورموز المجتمع المدني، والعديد من رموز الثوار، فهي بحق أصبحت الوعاء الجامع لأغلب قوى الثورة الداخلية، ولكنها مرت بالعديد من الأزمات ما بين التراجع في تمثيل الثورة في الداخل والتعبير الحقيقي عن كافة أطراف الثورة.

ويرجع ذلك لثلاثة أسباب، الأول: حضور بعض أعضاء هيئة التنسيق في الاجتماعات التي دعت إليها السلطة خلال شهرى يوليو وأغسطس 2011 ،الثاني: غلبة الطابع القومي واليساري على التجمع، وضعف التمثيل الإسلامي والليبرالي داخله، ثالثا: ضم بعض الشخصيات التي عليها علامات استفهام تحت مسمى أنها كانت قريبة من النظام.

3- ائتلافات معارضة صغيرة

في سياق المشهد السياسي المتداخل، بدأت بعض القوى السياسية والحزبية من الأحزاب الصغيرة بإنشاء حركات وتشكيلات مدنية ( غير عسكرية ) وسياسية معارضة، مثل "تيار بناء الدولة السورية"، و"حركة معا"، و"تجمع نبض للشباب المدني"، و"ائتلاف اليسار السوري"، و"رابطة العلمانيين السوريين"، وغيرها. وهي تضم في المجمل نخبة من المثقفين والسياسيين، وهي غير فاعلة ومحدودة التأثير في المشهد السياسي العام.

ثالثا - معارضة الخارج

نتيجة تداخل المشهد العام الداخلي بين انقسام في قوى المعارضة حول آليات العمل وأهداف المرحلة، في ظل تزايد وتيرة الثورة، واتساع رقعتها، وضمها للعديد من مكونات الشعب الثوري، وفشل كل الحلول الممكنة لرحيل النظام من جهة، وعدم اتفاق القوى الثورية على قيادة موحدة لإدارة الثورة وشكل الدولة ما بعد إسقاط النظام من جهة أخرى، ظهرت العديد من الدعوات لشخصيات معارضة خارجية، تدعو لتشكيل ائتلاف موحد يجمع كافة أطياف المعارضة بهدف إسقاط النظام.

1- المجلس الوطني السوري

شكل المجلس الوطني السوري على مقربة من الحدود السورية- التركية في 19 يونيو 2011، الذي انضمت إليه قوى وأحزاب سياسية، إلى جانب شخصيات فكرية وسياسية مستقلة، مثل مأمون الحمصي، وعارف دليلة، وعبد الله الملحم، وهيثم المالح، وسهير الأتاسي، والشيخ خالد الخلف، وبرهان غليون، الذي أصبح رئيس المجلس الوطني.

والهدف من إنشاء المجلس الوطني أن يصبح وعاء للقوى الثورية، وجهة التمثيل أمام العالم. وتعد جماعة الإخوان المسلمين أهم القوى السياسية المنضمة والمؤسسة للمجلس بجانب القوى الليبرالية، والعديد من الشخصيات المعارضة بالخارج ( فيمكن أن نطلق على المجلس تجمعا لقوى اليمين، سواء اليمين الليبرالي أو الديني). ويعد المجلس الأكثر تعبيرا لدى القوى الدولية، والأقل تأثيرا فى قوى الداخل من أطراف الثورة.

ويرجع ذلك لسببين، الأول: ضعف قوة الإخوان المسلمين في الداخل السوري، علي عكس الوضع للإخوان في مصر. فبعد أحداث 1979-  1982، تم اجتثاث جذور الإخوان، خاصة الجناح العسكري من سوريا، ثانيا: الخطاب السياسي لقيادات المجلس المطالب بالتدخل الأجنبي بجانب العديد من الامور الأخري التي لا تتوافق مع السيكولوجية الشعبية للمجتمعات العربية حتى تحت وطأة الاضطهاد.

2- الائتلاف الوطني لدعم الثورة السورية

نشأ الائتلاف ببلجيكا، وضم مجموعة من المثقفين والمعارضين السياسيين في الخارج، منهم  أسامة منجد، وعبيدة النحاس، وعقد مؤتمرا ببروكسل في 4-5 يونيو بهدف دعم الثورة السورية والتمسك بمطلب الثورة بإسقاط النظام، وطرح المجتمعون آليات للتحرك لدعم الثورة قانونيا وسياسيا وإعلاميا. ومع ظهور المجلس الوطني السوري، انضم العديد من شخصيات الائتلاف للمجلس.

رابعا - القوى المذهبية والثورة

إن التركيبة الديموغرافية في سوريا يغلب عليها طابع التنوع ما بين عرقي وطائفي، حيث يشكل المسلمون السنة 77 % ، و10 % علويين ، و3% دروز و1% إسماعيليين و0.5% شيعة اثني عشرية، و 8% من السكان مسيحيون من طوائف مختلفة، وتوجد أيضا أقلية يزيدية في منطقة جبل سنجار على الحدود مع العراق. ويشكل العرب 93% من سكان سوريا، والأكراد 5% ويقطنون في شمال محافظة الحسكة. وهناك أقليات أخرى مثل الأرمن (تحوي سوريا سابع أكبر أقلية أرمنية في العالم) ويتركزون في حلب، والآشوريون والشركس والتركمان وبعض الأقليات الأخرى.وفي محاولة لقراءة خريطة القوى المذهبية ما بين مؤيد ومعارض للثورة، لفهم ميزان القوة يميل لصالح أي الطرفين، (الثوار أم السلطة).

1 - الطائفة المسلمة الشيعية، وهي تنقسم ما بين شيعة علويين وشيعة اثني عشرية ( جعفريين) وشيعة اسماعيليين.

أ - الطائفة العلوية:

تتمركز الطائفة العلوية في محافظتي اللاذقية وطرطوس. وبالرغم من قلة عددها بالنسبة للشعب السوري، فإنها الطائفة التي تتحكم في مقاليد النظام بأركانه المختلفة. فرئيس الدولة والقيادات العسكرية، والمخابرات المختلفة، والأجهزة الأمنية، وقيادات حزب البعث، التنظيم السياسي للنظام، من الطائفة العلوية، وهذا ما رجح وللوهلة الأولى أن الطائفة العلوية ستكون في صف النظام وضد الثورة السورية، مما دفع البعض من الطائفة العلوية لإعلان تأييدهم بل انضمامهم للثورة والمطالبة بإسقاط النظام، في المقابل لعب النظام الحاكم على وتر ورقة الطائفية بزيادة الشعور بأن نجاح الثورة يعني إبادة جماعية من قبل الثوار للطائفة العلوية، بل وصل الحد إلى أن تصور أن انتصار الثورة وما يعنيه من سقوط لنظام الأسد هو نهاية للطائفة الشيعية داخل سوريا بترويج أن قيادة الثورة هم الإخوان المسلمون السنيون، وأتباع القاعدة الجهاديون السنيون، مما دفع بعض أبناء الطائفة إلى إعادة النظر في تأييد الثورة، والاستمرار في تأييد النظام، ولكن هذا لم يحد بشكل كامل من اتساع رقعة المؤيدين من أبناء الطائفة العلوية للثورة.

ب- الطائفتان الإسماعيلية والاثنا عشرية:

تتمركز الطائفتان الشيعية ( الإسماعيليون- الاثنا عشرية ) في محافظة طرطوس، ومحافظة حما، ومنطقة مصياف. ويتذبذب موقف الشيعة ما بين مؤيد للنظام ومعارض له بعض الوقت. ففي بداية الثورة، كان هناك تأييد واسع من الطائفة الشيعية للثورة، ثم تراجع بعض الشئ نتيجة غلبة الطابع السني على رموز الثورة، سواء في الخارج أو الداخل مع الحملة التي يشنها النظام الحاكم على الثورة وتخويفه لأبناء المذهب الشيعي من الثورة، ومحاولة التقرب منهم تحت مسمى طائفي، مما أحدث انقلابا في موقف الطائفة الشيعية تجاه دعم إسقاط النظام وتأييدهم للإصلاح من الداخل، ولذلك يعد مجمل الطائفة الشيعية أقرب لهيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي

2-الطائفة الدرزية:

وهي تتمركز في محافظة السويداء بالجنوب الشرقي، وبعض القرى في شمال الجولان. وتعد هذه الطائفة من أكثر الموالين للنظام الحاكم قبل وخلال مراحل الثورة، ولكن حدث بعض الانشقاقات داخل الطائفة بانضمام بعض أبناء الطائفة، وإن كانوا بنسب صغيرة لقوى الثورة.

3- الطائفة المسيحية

لم يختلف موقف الطائفة المسيحية عن موقف الشيعة. ففي بداية الأمر، قاموا بمساندة الثورة، وما لبثوا حتى تراجع موقفهم المؤيد للثورة. ويمكن أن نجد تفاوتا بين الفرق المسيحية تجاة إسقاط النظام. فالمسيحيون الكاثوليك( الروم السريان) و البروتستانت هم الأقرب للثورة بعكس موقف المسيحيين الأرثوذكس، والموارنة والآشوريين والكلدان الكاثوليك المؤيدين للإصلاحات التي أعلنها بشار الأسد، فنجح النظام في إخافة المسيحيين من وصول الإسلاميين للحكم في سوريا، مما أضعف من تأييد المسيحيين لإسقاط النظام.

4-  الأكراد

إن موقف أغلب الأكراد بتنظيماتهم السياسية، ومنذ الوهلة الأولى للثورة، مؤيد للثورة وداعم لها. وبالرغم من ذلك، يعد الأكراد مواطنين من الدرجة الثالثة، فالأغلب منهم لا يمتلك هوية، والعديد منهم لا يتمتع بالجنسية السورية. وقد شكلت الأحزاب الكردية ائتلافا يضم اثني عشر حزبا تحت اسم أحزاب الحركة الوطنية الكردية، يضم المجلس العام للتحالف الديمقراطي، والمجلس السياسي الكردي، وحزب يكيتي. ودعت الأحزاب الكردية في البداية لعمل مؤتمر وطني يضم أحزاب المعارضة والنظام. ومع تزايد وتيرة العنف من قبل النظام الحاكم، انقسمت الأحزاب الكردية ما بين أحزاب منضمة لهيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي( معارضة الداخل) وأحزاب وشخصيات كردية منضمة للمجلس الوطني السوري ( معارضة الخارج). ولكن وفي المجمل، يعد الأكراد مع قوى الثورة وفي معارضة النظام الحاكم، بغض النظر عن تفاوت سقف المعارضة للنظام بين التنظيمات الكردية.

خامسا : ملاحظات أساسية

ثمة ملاحظات أساسية على خريطة القوى الفاعلة في سوريا ومن أبرزها:

-  تعد هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي والتنسيقات الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي لعدة أسباب من بينها ضمهما لكوادر الاحتجاجات الشعبية وانتشارهما في كافة أرجاء سوريا وضمهما للنخبة السياسية ذات الثقل في الداخل السوري وخاصة مجموعة اعلان دمشق ، فضلا عن رفضهما للتدخل الخارجي وتأكيدها علي الثوابت العربية من معاداة اسرائيل وحق استرجاع الجولان، كما أنهما تحوزان على دعم العديد من الأقليات العرقية ( الأكراد ) المذهبية( الدروز - السنة - المسيحيين).

-  تتضاءل قوة المجلس الوطني في التأثير الداخلي على الساحة السورية لأسباب عدة من بينها  قربه من الدول الغربية ، ومطالبته بالتدخل العسكري الغربي ودعمه لحق الأقليات وخاصة الأكراد في حق تقرير المصير، فضلا عن تخوف المسحيين والشيعة من سيطرة الاخوان المسلميين علي المجلس الوطني.

-  ينظر البعض إلى المسيحيين والدروز والشيعة على أنهم ميزان قوى لصالح النظام السوري ، إذ أنهم الحلقة الاخيرة في حسم الصراع في حالة انضمامهم لقوى الثورة.

-  أن القوى السياسية السورية منقسمة على نفسها في تحديد أهداف المرحلة القادمة، مما يجعلها هدفا سهلا للانشقاقات الداخلية، مما يؤكد عمق أزمة القوى الثورية المعارضة، والتي يمكن أن توصف بـ "الأزمة الممتدة". وأياً كانت المبررات، فإن هذه الأمور كلها تصب في مصلحة النظام الحاكم، وتعوق نجاح الثورة، وتفتح المجال أمام سيناريو الحل الخارجي.

(*) مصادر الأرقام حول القوى العرقية والمذهبية استندت إلى المراجع التالية:
-    
تقرير وزارة الخارجية الامريكية  حول الاقليات في العالم ، 2008
-    علي الربيعو : "المعارضة الكردية في سوريا تخطب ود أميركا وتركيا"، الجزيرة.نت  21/3/2006 م
-    حيدر ابراهيم علي "أزمة الأقليات في الوطن العربي"، دار الفكر المعاصر، ط1، 2002


رابط دائم: