مقومات الصياغة التشريعية
22-5-2023

د.وليد عبد الرحيم جاب الله
* خبير الاقتصاد والمالية العامة، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع

مقدمة:

تعد الوظيفة الحقة للقانون هى حماية حقوق الأفراد وتوجيه السلوك الاجتماعى، إلا أن للقانون أيضا دورا أساسيا فى تحويل السياسات والأهداف العامة للدولة إلى قواعد تشريعية فاعلة تدعم مسار التنمية، وترفع من لواء العدل بين المواطنين، وتُعزز السلم الاجتماعى، وتؤسس لحالة الرضا المجتمعى، وتفتح الأفق أمام الجميع نحو مستقبل أفضل. ولكى يتم كل ذلك، يجب أن تصاغ التشريعات صياغة جيدة متناسقة منسجمة مع بعضها بعضا بصورة تُمكن من تحقيق أهداف التشريع فى إطار من سهولة التطبيق دون غموض أو لبس يخرجها من مضمونها، ولكى يتم ذلك لابد من أن تصاغ التشريعات وفقا لمنهج واضح يترجم الاستراتيجيات والتوجهات إلى نصوص قانونية مكتملة الأركان من خلال فكر مبتكر، وصياغة محكمة منضبطة واضحة المعالم، ولكى نصل إلى ذلك يجب أن تعتمد الصياغة التشريعية على منهج واضح يكون قادرا على تحقيق الغرض الذى من أجله يصدر التشريع، وسنتناول فى هذا البحث المقومات اللازمة للتأسيس لصياغة تشريعية تحقق أهداف التشريع ومقاصده، وذلك من خلال المباحث التالية:

المبحث الأول: مدخل الصياغة التشريعية

فى مسار التأسيس لجودة الصياغة التشريعية يتعين علينا ضبط المصطلحات المرتبطة بهذا الموضوع، وتحديد أبعادها التى تشكل الإطار العام للصياغة التشريعية، ونعرض ذلك كالتالى:

أولا - مفهوم القانون:

أ‌-    تعريف القانون

عرف الفقهاء القانونَ عدة تعريفات منها أنه: مجموعة من القواعد العامة التى تهدف إلى تنظيم مظاهر النشاط المختلفة فى المجتمع وحماية الأفراد، مبينا حقوقهم وواجباتهم، مع تقرير جزاء على من يخالف تلك القوعد بما يتلاءم مع صالح الجماعة، والقانون يمثل عقدا بين المواطنين والدولة   ينظم التزامات كل طرف منهما من خلال مجموعة من القواعد القانونية.

ب‌-  مصادر القانون

مصادر القانون هى المصادر التى نستقى منها صياغة أحكام التشريعات بجميع مستوياتها بدءا من الدستور نرولا للقانون، وصولا إلى الوائح التنفيذية وما يلحق بها من تشريعات تنفيذية.

1-النصوص التشريعية

ويقصد بها النصوص التشريعية المكتوبة بمعناها العام، كالقوانين، واللوائح، وجميع أشكال القواعد القانونية الصادرة من السطلة المختصة بإصدارها فى صورة مكتوبة لتوجه للمخاطبين بها بسمة العمومية، والتجريد، والإلزام، من أجل تنظيم سلوك المجتمع، وتحقيق الأهداف العامة، وتخضع النصوص التشريعية لمبدأ تدرج القاعدة القانونية؛ حيث تقع النصوص الدستورية على قمة الهرم التشريعى فى الدولة، ثم تأتى بعدها نصوص القوانين التى يجب أن تلتزم بعدم مخالفة نصوص الدستور، وفى مجال القوانين نجد أن القوانين الخاصة تقيد ما يرد فى القوانين العامة، فما يرد من قواعد قانونية فى قانون العمل تُطبق حتى لو تعارضت مع القواعد العامة لعقد العمل فى القانون المدنى بشأن عقد العمل الذى لا يطبق إلا فى الأمور التى لم يتم تنظيمها فى قانون العمل. ثم تأتى بعد ذلك اللوائح، والتعاميم، والتعليمات التنفيذية، كل شكل مكتوب ينشئ قاعدة قانونية تتسم بالعمومية والتجريد، وذلك ما يميز التشريعات عن القرارات الإدارية التى تنشئ مركزا قانونيا أو تعدل أو تلغى مركزا قانونيا لأحد الأشخاص بعينه، التى لا تعد نصوصا تشريعية، وتخضع فى صياغتها لأحكام مختلفة.

2-العرف

العرف هو ما اعتاد عليه الناس مع اعتقادهم بوجوبه وعقاب من لم يلتزم به، ويعد أقدم مصدر من مصادر التشريع، والعرف يبدأ بعادات غير ملزمة ثم مع مرور السنوات تترسخ فى عقيدة الناس حتمية احترامه وعقاب من يخالفة، ويشترط فى القاعدة التى تعد مصدرا عرفيا للتشريع أن نكون أمام عادة عامة مجردة يحترمها الناس بصورة مستمرة، ومستقرة، معتقدين بوجوبها وحتمية عقاب من يخالفها، ويشترط توافر كل تلك الضوابط حتى نكون أمام قاعدة قانونية تصلح مصدرا يمكن لصائغ التشريع تحويله إلى نص مكتوب.

3-أحكام الفقه الإسلامى

أحكام الفقة الإسلامى هى تلك الأحكام التى تقررت فى القرآن أو السنة النبوية أو استنبطها الفقهاء منهما عن طريق الأدلة وتتبع مقاصد الشرع، وسواء استقرت عن طريق الحفظ والرواية، أو عن طريق الكتابة فى متون، أو مدونات، أو تأليف من المجتهدين، وتتضمن تلك الأحكام قواعد شرعية ثابتة لأفعال المكلفين، كالوجوب، والحظر، والإباحة، والندب، والكرهة، وكون العقد صحيحا أو فاسدا أم باطلا، مثل ما تقرر لأحكام الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، بر الوالدين، وغير ذلك من أحكام تصلح لأن يأخذ منها الصائغ عند صياغته للتشريع.

4-المبادئ العامة للشريعة الإسلامية

ويقصد بها كليات الشريعة التى ليست محل خلاف بين الفقهاء مثل مبادئ العدالة، والحرية، والمساواة، والشورى، والتعاون الاجتماعى، ومنع الضرر، وما تقرر فى الشريعة من قواعد مثل (درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، ولا ضرر ولا ضرار، دفع ضرر أكبر بضرر أصغر)، وغير ذلك من المبادئ التى يتعين على صائغ التشريع أن يراعيها ويبنى عليها عند صياغته التشريعية للقواعد القانونية.

5-المصادر التفسيرية

يُقصَدُ بالمصادر التفسيرية كل من أحكام القضاء والتفسيرات الفقهية؛ حيث يستعان بتلك المصادر لتفسير المصادر الرسمية وتكميلها والربط بينها وبين الواقع المجتمعى، وكشف ما قد يشوبها من لبس أو يعتريها من إبهام، كما يجد فيها الصائغ العديد من الأحكام والقواعد القانونية التى نشأت وتواترت وتصلح لتحويلها إلى نصوص تشريعية مكتوبة.

ج-ترتيب مصادر القانون

يختلف ترتيب مصادر القانون من دولة إلى أخرى حسب ما يقرره نظامها القانونى ونجد أنه:

-فى مصر، وفقا للمادة الأولى من القانون المدنى المصرى، يكون التشريع هو المصدر الأول للقاعدة القانونية، ثم يأتى العرف، وتليه مبادئ الشريعة الإسلامية، ثم مبادئ القانون الطبيعى وقواعد العدالة.

-وفى الكويت،نجد أنها تتفق مع مصر بأن قررت المادة الأولى من قانون المعاملات المدنية بها على تطبيق النصوص التشريعية، فإن لم يوجد يطبق العرف، فإن لم يوجد تُطبق مبادئ الشريعة الإسلامية، ثم مبادئ القانون الطبيعى وقواعد العدالة.

-فى سلطنة عمان، ووفقا للمادة الأولى من قانون المعاملات المدنية العماني، يكون التشريع هو المصدر الأول للقاعدة القانونية، ثم تأتى أحكام الفقة الإسلامى، وتليها المبادئ العامة للشريعة الإسلامية، ثم العرف مكتمل الأركان.

-وفى الإمارات العربية المتحدة، قررت فيها المادة الأولى من قانون المعاملات المدنية أن المصدر الأول للقاعدة القانونية، ثم الشريعة الإسلامية وفقا للأنسب من المذاهب الأربعة، ثم العرف العام فى كل الإمارات، ثم العرف الخاص بكل إمارة يطبق فى نطاقها.

-فى الجزائر، ووفقا للمادة الأولى من القانون المدنى الجزائرى، يكون التشريع هو المصدر الأول للقاعدة القانونية، ثم مبادئ الشريعة الإسلامية، ثم العرف، ثم مبادئ القانون وقواعد العدالة.

وهكذا،نجد أن ترتيب مصادر القانون يختلف من دولة إلى أخرى، وهو الأمر الذى يتعين أن يلتزم به الصائغ التشريعى عند الصياغة بحيث تكون مصادر القاعدة القانونية التى يقوم بصياغتها تتفق مع الترتيب القانونى المقرر فى دولته، ولا يستمد قاعدة قانونية من مصدر يتعارض مع مصدر آخر أعلى مرتبة فى ترتيب مصادر القانون المقررة بدولته.

ثانيا- القاعدة القانونية: 

أ‌-    تعريف القاعدة القانونية

القاعدة القانونية هى الوحدة التى يتكون منها القانون، والقاعدة القانونية قد تدون فى نص تشريعى مكتوب، أو تكون قاعدة قانونية عُرفية درج الناس على اتباعها دون أن يتضمنها نص قانونى مكتوب، كما يمكن أن تتقرر بموجب مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها، وكذا مبادئ القانون الطبيعى وقواعد العدالة حسب ما يتقرر فى كل دولة.

 وكل تشريع يتكون من قاعدة أو أكثر من القواعد القانونية، وليس كل قاعدة قانونية يشترط أن تدون فى نص تشريعى مكتوب والقاعدة القانونية لها عنصران:

العنصر الأول: هو الفرض، ويتمثل فى واقعة معينة، أو ظاهرة بذاتها.

العنصر الثانى: هو الأثر المترتب إذا تحققت تلك الواقعة أو الظاهرة.

فمثلا، حين تقرر القاعدة القانونية أن "كل خطأ  يسبب ضررا للغير  يلزم من ارتكبه التعويض"،

فإن الفرض هنا يتمثل فى حدوث خطأ يسبب ضرر، والأثر القانونى هو الالتزام بالتعويض[1].

ب‌-   خصائص القاعدة القانونية

القاعدة القانونية هى قاعدة سلوك اجتماعى عامة مجردة، تحكم أوجه النشاط فى المجتمع على وجه ملزم، ويمكن أن نحدد خصائص القاعدة القانونية فيما يلى:

1-القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة

ومعنى ذلك أنها يتعين أن تصاغ على وجه عام ومجرد، وتوجه إلى الأشخاص أو الوقائع بصيغة عامة تطبق على جميع الأشخاص وجميع الوقائع ممن تتوافر فيهم الصفات والشروط الواردة بها، فالخطاب موجه إلى من تتوافر فيهم الشروط بصفة عامة ومجردة؛ حيث إنها لا تُخاطب فردا بعينه أو مجموعة من الأفراد المعنيين بذواتهم، فليس من المتصور عملا أن تُنظم القاعدة القانونية أحكاما وتقرر فروضا لكل ما يحدث فى المستقبل لحالات فردية لشخص أو أشخاص بعينهم. ولكن ذلك لا يعنى عدم التمييز عند التطبيق فى كل الأوقات؛ حيث إن المقصود أنها تطبق على كل شخص يوجد فى الظروف نفسها التى تحكمها القاعدة القانونية، ويتوافر فى شخصه شروط تطبيقها، فحين يحدد القانون سن الرشد بسن معينة فإن هذا الحكم وما يترتب عليه من آثار ينطبق على الجميع، وحين يقرر القانون ضريبة بنسبة معينة، فإن تلك النسبة تتقرر على كل المكلفين.

وتتحقق عمومية القاعدة القانونية بالمساواة بين المخاطبين بأحكامها، حتى لو كانوا شريحة أشخاص بعينهم كالموظفين، أو الأطباء، أو المحامين، أو قطاع جغرافى معين كمنطقة استثمار حرة. والعمومية لا تشترط حتمية وجوب انطباق القاعدة القانونية على أكثر من شخص واحد فى وقت معين، فقد يحدث ألا تنطبق القاعدة القانونية سوى على شخص واحد فى فترة زمنية محددة، ومع ذلك يبقى لمثل تلك القاعدة وصف العمومية، كالقواعد الخاصة بتحديد من يحل محل القيادات الإدارية حال غيابهم، أو قانون تنظيم اختصاص الشاغل لمنصب معين.

حالة خاصة: قد تصدر قوانين متعلقة بشخص بعينه سواء شخص خاص أو شخص عام، كمنح شركة معينة امتيازا فى مجال التنقيب عن البترول، أو منح شخص محدد معاشا استثنائيا، وفى هذه الحالة وعلى الرغم من أن القانون يفتقد صفة العمومية، فإنه يكتسب تلك الصفة من كونه صادرا من السلطة المختصة بالتشريع، ويظل مكتسبا الصفة التشريعية، ولا يمكن عدَّه قرارا إداريا يخضع للرقابة القضائية، وتعد عمومية وتجريد القاعدة القانونية هى أهم ما يميزها عن غيرها من النظم كأحكام المحاكم التى تُقرر أحكاما تفضل فى النزاعات، أو تُقرر مبادئ قضائية، أو القرارات الإدارية التى توجه لإنشاء، أو تعديل، أو إنهاء مراكز قانونية محددة لشخص أو أشخاص بعينهم.

2-القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية تحكم سلوك الأفراد فى المجتمع

القاعدة القانونية هى أداة لتنظيم سلوك الأفراد وعلاقاتهم فى المجتمع، والمقصود هنا هو السلوك الخارجى للأفراد دون الأخذ بالنيات والبواعث، فالقاعدة القانونية تستهدف توجيه سلوك الأفراد نحو نشاط محدد، وتحقق التطابق بين السلوك ومضمون القاعدة القانونية، يحقق غاية القانون بطريقة مثالية، وإذا لم يتحقق ذلك تقرر جزاء على المخالف حتى لا يعود، وردع غيره من إتيان المخالفة ذاتها. والقاعدة القانونية وإن كانت موجهة إلى السلوك دون البحث عن مجال الشعور الداخلى المحرك لذلك السلوك فإنها قد تُقرر أحكاما متعلقة بعقيدة الإنسان إذا كانت لها مظاهر خارجية، مثل تنظيم أحكام عيوب الإرادة كالغلط، والإكراه المعنوى، وكذلك تنظيم أحكام حسن النية، ودوافع ارتكاب الجرائم.

3-القاعدة القانونية قاعدة ملزمة واجبة الاحترام

القاعدة القانونية ملزمة ومفروضة على الجميع ولو بالقوة الجبرية؛ حيث يمكن أن تقترن بجزاء مادى ملموس توقعه السلطة العامة، وقد يكون الجزاء جنائيا أو إداريا أو مدنيا. ومخالفة أحكام القواعد القانونية قد يترتب عليه تقرير جزاء متمثل فى الإجبار المباشر كالإلزام برد الشىء لأصله، أو الإلزام بدفع الدين أو اسيفائه من أموال المدين عنوة، أو ترتيب البطلان على مخالفة القاعدة القانونية، وقد يكون الإجبار غير مباشر بتقرير التعويض، وقد يصل الأمر إلى تقرير الجزاء الجنائى[2]، ويعد عنصر الوجوب والإلزام هو ما يميز القاعدة القانونية عن قواعد الأخلاق، وقواعد المجاملات والعادات الاجتماعية، وقواعد الدين التى تتضمن جزاء أخرويا.

ثالثا- الصياغة التشريعية:

أ- تعريف الصياغة التشريعية

- الصياغة فى اللغة هى تهيئة الشىء وبناؤه، فكلمة الصياغة فى اللغة مصدرها "صاغ" وصاغ الشىء معناه هو أنه هيأه ورتبه، وصاغ الكلمة أى بناها من كلمة أخرى على هيئة مخصوصة[3]. ويقال "كلام حسن الصياغة" أى جيد ومحكم، ويقال "صِيغ الكلام" بمعنى تراكيبه وعباراته.

- الصياغة فى الاصطلاح، هى أداة تحويل الأفكار موضوع القاعدة القانونية إلى قواعد منضبطة محددة وعملية صالحة للتطبيق الفعلى على نحو يحقق الغاية التى يفصح عنها جوهرها[4]، ويتم ذلك من خلال خلق الشكل المناسب الذى يجعل القاعدة القانونية واضحة وسهلة التطبيق. وفى تعريف آخر، هى تهيئة القواعد القانونية وبناؤها على هيئة مخصوصة وفقا لقواعد مضبوطة، وذلك تلبية لحاجة تستدعى التنظيم فى سلوك الأفراد والجماعات والهيئات على نحو ملزم[5]، وهى أيضا مجموعة الإجراءات والوسائل التى تتخذ لإعداد مشروعات القوانين على أساس المبادئ المقترحة من الجهة طالبة التشريع انسجاما مع مبادئ الدستور، وتنسيقا مع القوانين النافذة وذلك تمهيدا لتقديمها إلى السلطة التشريعية لدراستها وإقرارها[6].

- تعد الصياغة والعلم العنصرين الرئيسيين اللازمين لصناعة القاعدة القانونية، فالعلم بجوهر القانون وموضوعه هو أساس القاعدة القانونية، والصياغة هى الآلية التى تُكسِب جوهر القانون شكلا يجعله صالحا للتطبيق.

ب- أهمية الصياغة التشريعية

تكتسب الصياغة أهمية من كونها تعد المسلك أو الخطة المتبعة التى تهدف إلى تطبيق السياسات والمبادئ، والقواعد المقررة فى كل المجالات من خلال مجموعة من القواعد القانونية الملزمة.

والصياغة هى الأداة التى تمكن الصائغ من الوصول إلى الغرض المنشود من التشريع، وتجسيده فى عبارات وجمل واضحة تعبر عن إرادة المشرع. وهكذا، فإن أهميةالصياغة تتركز فى دورها فى تحسين النظام القانونى، وتنقيته من كل الشوائب التى قد تعلق به، وتخليصه من حالة عدم الاستقرار التى يعانيها من جراء كثرة التعديلات التى تجرى على التشريعات، والحيلولة دون حدوث تضارب فى المصالح بين جميع فئات المخاطبين بأحكام التشريع.

رابعا - الصائغ التشريعى:

أ‌-  مهارات صائغ التشريعات

الصياغة مهمة متعددة الأبعاد تحتاج إلى مهارات متنوعة لدى من يقوم بعملية الصياغة؛ حيث يجب أن يتحلى من يقوم بالصياغة بمهارات أهمها:

1-  امتلاك قسط وافر من الدراية والمعرفة بعلم القانون بما يتضمنه من أصول القانون وتاريخه وتطوره، وأقسامه، وأن يكون الصائغ على دراية متخصصة فى دقائق الفرع القانونى الذى سيقوم بالصياغة فى مجاله.

2-  أن يكون الصائغ على قدر معقول من العلم والدراية بقواعد اللغة العربية.

3-  أن يكون على دراية بالظروف المجتمعية من حيث طبيعة المكان والزمان وأحوال الأشخاص الذين سيخاطبون بأحكام القاعدة التشريعية المزمع صياغتها.

4-أن يكون قادرا على فهم وتحليل جميع البيانات والمعلومات والوسائل المادية والعلمية التى تساعده على حسن التصور الذى يجعله قادرا على الصياغة المنشودة.

ب‌- الوسائل المساعدة لصائغ التشريعات    

يتعين توفير جميع الوسائل والبيانات التى تساعد على حسن الصياغة التشريعية وذلك من خلال:

1-  ضمان سهولة الحصول على المعلومات التى يحتاج إليها الصائغون، سواء تلك المعلومات متعلقة بالمراجع القانونية، أو الأبحاث والدراسات العلمية فى كل العلوم المرتبطة بالموضوع.

2-  استخدام التطور التكنولوجى فى تطوير الصياغة بما فيها عرض مشاريع القوانين واللوائح على الفئات المخاطبة بها إلكترونيا وتلقى المقترحات بشأنها.

3-  توفير الكفاءات البشرية واللوجستية القادرة واللازمة لجودة التشريع.

4-  الاستعانة بالتجارب التشريعية للدول الأخرى، مع مراعاة الاختلافات المحلية.

5-  مراعاة معطيات الواقع الذى اقتضى إصدار التشريع.

6-  ضمان الوقت الكافى أمام الصائغين بما يكفل حسن الدراسة وجودة الصياغة.

ج - الأسس المهنية للصياغة التشريعية

ترتبط جودة الصياغة بمجموعة من المحاور التى من أهمها تلك الأسس التى يتعين أن يلتزم بها الصائغ عند مباشرة عملية الصياغة التشريعية التى من أهمها:

1-  أن يدرك الصائغ أنه مسئول عن إخراج التشريع شكلا وموضوعا وليس الشكل فقط.

2-  أن يلم الصائغ بهيكل النظام التشريعى وآلياته.

3-  أن تصاغ بمهارة وإتقان وحرفية.

4-  أن تصاغ بحيادية وموضوعية لا تعرف التحيز.

5-  عدم تقرير أى نص يخالف الدستور والقواعد العامة للقانون.

6-  مراعاة تدرج القواعد القانونية.

7-  الإلمام بمدى تأثير التشريع فى الأوضاع القائمة وعرض الآثار السلبية المتوقعة على المسئولين فى مواقع المسئولية العليا.

8-  الاهتمام بالدراسات والأبحاث العلمية اللازمة لإصدار التشريع.

9-  الالتزام باستشارة الجهات المتخصصة فى موضوع التشريع وعدم الاعتماد كليا على الخبرة الخاصة، لا سيما فى التشريعات التى تتناول موضوعات علمية.

10-  طرح التشريع للنقاش العام وتلقى مقترحات المخاطبين به وبحثها.

المبحث الثاني - الإطار الموضوعى للصياغة التشريعية

صياغة التشريعات ليست مجرد كتابة نصوص، وإنما أداة للتعبير عن مضمون يتعين بحثه، وتحديد أساسه الفكرى، وموضوعه، وضوابط صياغته، وهو ما سنعرضه فى العناصر التالية:

أولا - الأسس الفكرية للصياغة التشريعية حسب طبيعة القانون:

النصوص التشريعية لا تُصاغ فى الفراغ، ولا يجوز انتزاعها من واقعها، وإنما يجب أن تصاغ بما يحقق المصلحة المستهدفة منها، بحيث تكون الصياغة هى وسيلة خلق النصوص اللازمة لتحقيق المصلحة المبتغاة.

ويطلق جانب من الفقهاء على عملية الصياغة مصطلح "الفن التشريعى" على أساس أنها عملية تحويل القيم والمبادئ والمثل العاليا فى المجتمع إلى قالب فنى مكتوب صالح للتطبيق، وقد اصطلح على عدِّ الصياغة التشريعية فنا لكونها تحتاج إلى مهارة وإدراك وسعة اطلاع عالية لتفاعلها مع الكثير من العلوم، مثل علوم: اللغة، والسياسة، والنفس، والاجتماع[7]. وتعبر الصياغة عن المضمون التشريعى فى صورة قواعد قانونية دقيقة وواقعية قابلة للتطبيق من خلال استيعاب وقائع الحياة المتنوعة، على أساس أن الحياة الاجتماعية تخلق مصالح وحاجات مستمرة لا يمكن إدراكها، وتأتى الصياغة القانونية لتشبع كل هذه الحاجات والمصالح والتطورات السريعة التى تحصل باستخدام وسائل مصطنعة وأفكار قانونية[8]، فالكفاءة القانونية وحدها لا تكفى لكى تؤهل المرء لأن يكون صائغا جيدا، ولكن الأمر يحتاج إلى جوار القانون امتلاك الكثير من الخبرة العملية المتنوعة فى العلوم المختلفة لا سيما العلوم الاجتماعية ونتائج رصدها للمجتمع.

وتتنوع الوسائل والقواعد المستخدمة فى صياغة الأفكار القانونية وتحويلها إلى نصوص تشريعية تساعد على تطبيق القانون من الناحية العملية، وذلك باستيعاب وقائع الحياة من خلال قوالب تشريعية تحقق الغرض الذى ينشده المجتمع، ويمثل السياسة العامة للدولة فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة. وإذا كان العلم القانونى هو المادة التى يستخلصها العقل من طبيعة الروابط الاجتماعية، فإن الصياغة التشريعية هى التى تخلق الشكل والصورة لما يستخلصه الإنسان، والصياغة التشريعية لا ينحصر مجالها على الأسلوب الكتابى فقط، وإنما تتعدى ذلك لتشمل هيكل التشريع وبناءه وتناسقه مع غيره من القواعد القانونية بصورة تحقق الغاية من إصداره.

والغاية الأساسية للصياغة التشريعية تتمثل فى تسهيل فهم القانون والعمل بنصوصه وأحكامه، وهذا الأمر يتحقق من خلال أمور أهمها:

1-  استخدام مناهج وأساليب صياغة قادرة على احتواء جميع الوقائع فى مجال القواعد القانونية، فوقائع الحياة المتنوعة تستعصى على الإدراك والاستيعاب، فى حين أن أساليب الصياغة التشريعية محدودة الإمكانات. لذا، فإنه يصعب على أى فن بشرى مهما بلغ من الكمال أن يصوغ مبادئ تصلح لكل زمان ومكان وتصلح لضبط جميع السلوكيات، ومن ثم فإن دور الصياغة هو صهر الوقائع والمبادئ والأفكار والرؤى والتوجهات فى صياغة تشريعية جيدة.

2-  خلق الأفكار القانونية، وذلك لكون الحياة الاجتماعية تولد مصالح واحتياجات متنوعة، ويأتى دور الصياغة فى خلق إطار من الوسائل والأفكار القانونية البحتة فى متن تشريع يتضمن قواعد مضمونها القيام بعمل أو الامتناع عن عمل أو غيرها من الالتزامات التى تشكل الأفكار القانونية اللازمة لإشباع حاجة الإنسان فى تنظيم حياته.

3-  الدراسة المقارنة، وهى تعد من العوامل المساعدة على الصياغة التشريعية، وتتمثل فى الاستعانة بالطرق والأساليب المتبعة فى البلاد الأخرى لصياغة أحكام التشريع المحلى. وهنا يجب التذكير بأن التشريع يقوم على عاملين متميزين، وهما معطيات الحياة الاجتماعية والصناعة القانونية. ومن ثم، فإنه يترتب على اختلاف وتباين معطيات الحياة الاجتماعية من بلد إلى آخر نسبية التشريع وتفاوت مضمونه، وهو ما يجب مراعاته، وأخذه فى الحسبان عند الدراسة المقارنة لفن الصياغة التشريعية بأنواعها المختلفة.

4-  ضبط الصلة بين التشريع والقوانين النافذة فى الدولة، بأن يتوافق التشريع مع السياق القانونى العام داخل الدولة، وهذا يقتضى العلم والإحاطة الكاملتين لدى الصائغين بمضامين القوانين المحلية والمعاهدات الدولية المصدق عليها من قبل الدولة، تجنبا لأى مخالفة أو تعارض محتمل بين التشريع المراد صياغته ونصوص الدستور، أو القوانين الأخرى النافذة، أو المعاهدات الدولية المصدق عليها من الدولة.

ثانيا - ضوابط صناعة تشريع سليم:

هناك العديد من الضوابط التى يتعين الالتزام بها عند صياغة تشريع جيد، أهمها:

1-مراعاة المبادئ الدستورية

يجب على الصائغ أن يراعى عند صياغة التشريع مبدأ تدرج القواعد القانونية، التى من أهم تطبيقاتها ألا يتعارض القانون مع الدستور الذى يعد قمة الهرم التشريعى، ولتحقيق ذلك يجب على الصائغ أن يكون على دراية كافية بالنصوص الدستورية، والنصوص التشريعية، وأن يقوم بعملية صياغة التشريع بما يتفق مع ما هو مقرر دستوريا.

2-الالتزام بالسياسة التشريعية

السياسة التشريعية هى الإطار العام لمسلك التشريع فى الدولة، وهو الإطار الذى يحدد الاستراتيجية التشريعية التى تختلف من دولة إلى أخرى حسب تفاوت ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية، وما ترتبط به من معاهدات واتفاقات دولية، وغير ذلك من الأمور التى تختلف من دولة إلى أخرى، كما تختلف زمنيا داخل الدولة الواحدة، وهى الأمور التى يجب مراعاتها عند الصياغة التشريعية.

3-الالتزام بالمراحل الدستورية المقررة لإصدار التشريع

الالتزام بمرحل إصدار التشريع من الأمور الحتمية التى يجب مراعاتها والالتزام بها؛ حيث يبدأ التشريع بفكرة أو مقترح، أو تنفيذ استراتيجية، أو حل مشكلة، أو غير ذلك من الأمور التى تدفع من لهم سلطة التشريع بالمضى فى خطوات إصدار التشريع التى تبدأ بالصياغة، وتظل فى حالة تعديل مستمر لحين الإقرار والإصدار بصورة نهائية وفقا للمقرر دستوريا.

4-ضمان الدقة فى اللغة والوضوح والانسجام التشريعى

الدقة تتحقق باستعمال الألفاظ حسب معناها الصحيح، بما يخلق أكبر قدر من الوضوح للعبارات بصورة تمكن القارئ من الوصول إلى حقيقية المعنى بسهولة ويسر ما يمكن الأشخاص من تكييف سلوكهم ومعاملاتهم ومختلف أنشطتهم وفقا للقواعد المقررة فى القاعدة القانونية.

ثالثا - صياغة موضوع القواعد التشريعية المدنية:

القواعد التشريعية المدنية كثيرة ومتنوعة، وبالنظر لموضوع تلك القواعد نجد أنها تتضمن موضوعات رئيسية أهمها الحقوق، والواجبات، والتنظيمات، والجزاءات، وفى مجال صياغة تلك الموضوعات نعرض الآتى:

أ- التعريفات المصطلحى

- التعريف المصطلحى، هو تعريف موجز يعبر عن مفهوم محدد، والمفهوم هو وحدة معرفية تستخلص من مجموعة من السمات أو الخصائص المشتركة بين طائفة من الأشياء، أو العلاقات، أو الوحدات، والمصطلح هو ما يعبر باقتضاب عنالسمات الأساسية أو المحدِّدة التى تميز مفهوما ما بوضوح، عن غيره من المفاهيم المرتبطة به فى تلك الفئة من خلال تحديد الخصائص الذاتية له كطبيعته أو مادته أو موضوعه، وخصائصه الخارجية كوظيفة الشىء الذى يحيل إليه المفهوم أو طريقة عمله أو نشأته أو مقصده أو مرجعه.

- وتختلف طبيعة المصطلح باختلاف مجال الاختصاص؛ ففى المجالات العلمية والتقنية يتم إقرار صحة المصطلحات الأساسية بالرجوع إلى المصادر الموثوقة (الكتب المرجعية والموسوعات والمجلات المتخصصة، أو استفسار الخبراء وأهل الاختصاص). أما فى المجالات والتخصصات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية فقد تختلف تعريفات مفهوم معين بحسب السياق التاريخى والثقافى والقانونى الذى يستعمل فيه المصطلح.ويتعين لكى نكون أمام مصطلح أن تتوافر خصائص أهمها أن يعبر المصطلح عن المفهوم تعبيرا جامعا لجميع عناصره، وأن يكون مانعا لدخول عناصر أخرى تُغير من نطاق المعنى. والمصطلحات قد تكون ألفاظا جديدة تولدت عن طريق الاشتقاق والتركيب أو ألفاظا قديمة اكتسبت مدلولات جديدة عن بالتوسيع الدلالى أو المجاز[9].

- وفى مجال الصياغة التشريعية نجد أن الصائغ التشريعى لديه الخيار فى استخدام التعريفات المصطلحية، وإدراجها مضمونها فى صدر التشريع بما ينهى التضارب حول مفهومها، أو أن يستخدمها دون النص على مضمونها ويترك تقرير مضمونها للتفسيرات اللائحة، أو القضائية، أو العلمية، فضلا عن حالة اختلاف صياغة المصطلح من تشريع إلى آخر.

- هناك حالات ورد تعريفها التشريعى بوضوح كما ورد فى القانون المدنى المصرى بالمادة (29/1) التى عرفت الشخص الطبيعى بنصها "تبدأ شخصية الشخص الطبيعى بتمام ولادته حيا وتنتهى بموته"، وهو التعريف ذاته الوارد فى قانون المعاملات المدنية العمانى بالمادة (29) التى قررت بأنه "تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حيا، وتنتهى بموته".

وفى مصطلح آخر، نجد أن سن الرشد التى عرفتها المادة (44/2) من القانون المدنى المصرى:  "سن الرشد هى إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة"، بينما اختلف مضمون المصطلح فى قانون المعاملات المدنية العمانى الذى قررت مادته رقم (42) بأن "سن الرشد إتمام الثامنة عشرة من العمر".

- وهناك حالات لم يتصدَّ المشرع لتقدير تعريف لها مثل مصطلح "القرار الإدارى" الذى لم يرد تعريف له فى التشريع، وتصدى القضاء لتعريفه بتعريفات متعددة بذات المضمون منها فى مصر بأنه "إفصاح الإدارة عن إرادتها المنفردة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث مركز قانونى معين ابتغاء مصلحة عامة"، وهو التوجه ذاته لمحكمة القضاء الإدراى العمانى التى قررت بأن القرار الإدارى هو "إفصاح الإدارة عن إرادتها المنفردة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث مركز قانونى معين إنشاء أو تعديلا أو إلغاء، أو إلغاء متى كان ذلك ممكنا وجائز قانونا وكان الباعث عليه تحقيق مصلحة عامة".

- وهناك حالات اختلف فيها مضمون التعريف المصطلحى، كتعريف "الموظف العام"؛ حيث نجد أنه لم يرد تعريف للموظف العام فى أغلب التشريعات، التى منها التشريعات الفرنسية التى اكتفت بتحديد الأشخاص الذين تسرى عليهم أحكام تشريعات قانون التوظيف الفرنسى رقم 2294 لسنة 1946 دون تعريف لمصطلح الموظف العام[10]، بينما فى مصرعرف قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 الموظف فى المادة (1/2،5) بأنه "كل من يشغل إحدى الوظائف الواردة بموازنة الوحدة"، وقد عرف الوحدة بأنها "الوزارة أو المصلحة أو الجهاز الحكومى أو المحافظة أو الهيئة العامة"، فيما توسع قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 وتعديلاته فى مفهوم مصطلح الموظف العام فى المادة (111) حيث إن الموظفين العموميين هم "المستخدمون فى المصالح التابعة للحكومة، أو الموضوعة تحت رقابتها، وأعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية، سواء أكانوا منتخبين أو معينين، والمحكمون، والخبراء، ووكلاء النيابة، والمصفون والحراس القضائيون، وكل شخص مكلف بخدمة عامة، وأعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات تسهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت).

وفى سلطنة عمان، رأى قانون الخدمة المدنية العمانى رقم 120/2004 فى المادة رقم (2) "الموظف: الشخص الذى يشغل وظيفة عامة بإحدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة"، وقد عرف الوحدة بأنها "الوزارة أو وحدات الجهاز الإدارى التى تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة"، فيما توسع قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح رقم 112/2011 فى مفهوم الموظف العام وغير من المصطلح الذى يعبر عنه فى المادة رقم (1) التى نصت على أنه "المسئول الحكومى: كل شخص يشغل منصبا حكوميا، أو يتولى عملا بصفة دائمة أو مؤقتة فى إحدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة بمقابل أو دون مقابل. ويُعَدُّ فى حكم المسئول الحكومى: أعضاء مجلس عمان، وممثلو الحكومة فى الشركات، والعاملون بالشركات المملوكة للحكومة بالكامل أو تلك التى تسهم فيها بنسبة تزيد على (40%) من رأسمالها"، كما توسع فى مفهوم الوحدة لتشمل "مجلس الوزراء، والوزارات، وما يتبعها من أجهزة إدارية وفنية، والمجالس المتخصصة، والهيئات والمؤسسات العامة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو أى وحدة إدارية تستمد سلطانها من الدولة"، وكذلك توسع قانون الجزاء العمانى فى مفهوم مصطلح الموظف فى المادة رقم (154) التى رأت أنه "يعد موظفا بالمعنى المقصود فى ذلك القانون، كل شخص عينه جلالة السلطان أو الحكومة لقاء راتب يتقاضاه من خزانة الدولة، وكل شخص ندب أو انتخب لأداء خدمة عامة ببدل أو بغير بدل. ويعد فى حكم الموظف كل من يعمل فى إحدى المؤسسات أو الجمعيات الخاصة ذات النفع العام، أو فى إحدى الشركات أو المؤسسات الخاصة إذا كانت إحدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة تسهم فى رأسمالها أو مواردها المالية بأى صفة كانت.

وهكذا، نجدأن للصائغ الخيار بين ترك مسألة التعريف للفقه والقضاء، أو التصدى لها، أو الإحالة بشأنها لتشريعات أخرى صراحة أو ضمنا، ويجب أن يحدد ذلك حسب طبيعة موضوع التشريع وأهدافه مع مراعاة مبدأ تدرج القواعد القانونية.

ب- الحقوق، والواجبات التشريعية

تعد الحقوق والواجبات هى جوهر القاعدة القانونية، والموضوع الذى يحتاج إلى صياغة فعالة للتعبير عنه، لا سيما أن تشريع الحقوق والواجبات يمثل النسبة الكبرى من القواعد القانونية.

1-  الحق،هو غاية أو مصلحة تعود على صاحب الحق بالمنفعة، وإذا نظم بتشريع يكون الحق حقا تشريعيا، فالحقوق التشريعية هى تلك الحقوق التى تمنح بموجب تشريع معين من خلال قواعد قانونية تُنظم (منح، وتعديل، وإلغاء الحق)، وتتنوع الحقوق إلى حقوق إلى أنواع منها الحقوق الإيجابية، كحق الموظف فى الحصول على إجازة، والحقوق السلبية، والحقوق السلبية كحق صاحب العمل فى حفظ العامل لأسرار العمل، والحقوق الشخصية التى ينظم القانون العقود التى تقررها، والحقوق العينية المرتبطة بالعقار كحق الملكية، وحق الشفعة، وغيرها من أنواع الحقوق التى يتم تنظيمها تشريعيا.

2-  الواجب، وهو كل ما يلتزم الفرد بالقيام به، وإذا كان قد تقرر تشريعيا فقد صار واجبا تشريعيا يتعين الالتزام به، ومنه الواجبات المقررة فى قانون العمل وقانون الخدمة المدنية بأداء العمل بأمانة، والحفاظ على أسرار العمل، والحفاظ على الآلات والأجهزة التى  يباشر العمل من خلالها.

3-الحقوق والواجبات التشريعية، يتعين عند صياغتها مراعاة:

-  المساواة والتجريد والعمومية فى صياغة الحقوق والواجبات، ويتم ذلك مطلقا إذا كانت القاعدة القانونية موجهة للكافة، أو نسبيا إذا كانت موجهة لفئة معينة كالمهندسين، أو الأطباء، أو العمال، أو أصحاب العمال؛ حيث توجه القاعدة لهم كافة دون تمييز.

-  عدم مخالفة الحقوق والواجبات المقررة تشريعيا لاعتبارات النظام العام بعناصره التى تتضمن الحفاظ على الصحة العامة، والأمن، والنظام، والأخلاق.

-  أن يكون واضحا من صياغة القاعدة القانونية طبيعة الحق وصاحبة، ومن تقرر فى مواجهته، فلا يوجد حق بدون واجب.

-  تتوافق الحقوق والواجبات القانونية مع واقع المجتمع بصورة تسمح بتقبلها من المجتمع، وتنفيذها وحمايتها من قبل الدولة دون صدام يحيد بها عن أهدافها.

-  أن تصاغ بمرونة وتنوع بين القواعد الآمرة والمكملة لتراعى تغير المجتمع.

ج-الأحكام التقريرية التشريعية

-       الأحكام التقريرية، نقصد بها تلك الأحكام الموجهة للكافة وليس لطرفين متواجهين، كما أنها لا تتضمن التزاما مباشرا على أحد، ومن ذلك نص المادة (1/1) من القانون المدنى المصرى، التى قررت أنه "تسرى النصوص التشريعية على جميع المسائل التى تتناولها لهذه النصوص فى لفظها أو فى فحواها"، وتقابلها المادة الأولى من قانون المعاملات المدنية العمانى التى قررت أن "تسرى أحكام هذا القانون على جميع المسائل التى تناولتها نصوصه فى لفظها ومعناها، ما لم تنظمها قوانين خاصة... "، والقاعدة هنا تقرر نطاق السريان وهى موجهة للكافة وملزمة لهم لكنها لا تقرر حقوق خاصة لأحد بصورة مباشرة، إلا إذا كان التمسك بها بمنزلة ميزة واقعية لأحد الأطراف عند حدوث نزاع حول القانون واجب التطبيق.

د- الآثار التشريعية للقاعدة القانونية

 يعد عنصر الوجوب والإلزام بمنزلة ركن لازم للقاعدة القانونية، ويتعين على صائغ التشريع أن  يضمنه الصياغة التشريعية؛ حيث يكون الأثر المترتب على القاعدة القانونية ملزما تحميه الدولة. وتتنوع الآثار التى يمكن أن تترتب على إنشاء القاعدة القانونية، وتكون من مهمة الصائغ اختيار الأثر اللازم لإنشاء القاعدة القانونية فى حال الالتزام بها، وفى حال مخالفتها بحسب الأحوال، ومن أهم الآثار التى من الممكن أن يضمنها الصائغ فى صياغته التشريعية:

1- الأثر العينى

-الأثر العينى معناه أن يقوم الشخص المخاطب بالقاعدة القانونية بتنفيذ ما تقرره بنفسه، وغالبا ما يتم اللجوء للتنفيذ العينى للالتزام عندما نكون بصدد طرفين مخاطبين بالقاعدة القانونية، ومثال ذلك ما قررته المادة (148) من القانون المدنى المصرى التى نصت على أنه "يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية"، وهو ما اتفق مع ما قررته المادة (156) من قانون المعاملات المدنية العمانى التى قررت بأنه "يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، ولا يقتصر إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة التصرف".

-وهناك أنواع لتقرير التنفيذ العينى كأثر للقاعدة القانونية، أهمها:

 - الالتزام بإعطاء شىء مثل: (الالتزام بنقل ملكية وتسليم عقار - الالتزام بتسليم منقول معين).

 - الالتزام بالقيام بعمل مثل: (الالتزام بترميم بناء، والالتزام بإجراء عملية جراحية).

 - الالتزام بامتناع عن عمل مثل: (الالتزام بحفظ أسرار العمل، وبالحفاظ على كرامة الوظيفة). 

-ويتعين على صائغ القاعدة القانونية اختيار ترتيب أثر التنفيذ العينى للقاعدة القانونية إذا كان  يناسب مضمونها، مع مراعاة أن يكون التنفيذ ممكنا وليس مرهقا أو مستحيلا، فتقرير قواعد قانونية لشروط بناء غير مناسبة للواقع، وتُرتب تكلفة باهظة على المخاطبين بالقاعدة القانونية لن يترتب عليه تحقيق هدف القاعدة بتنظيم البناء، وإنما سيترتب عليه توقف نشاط البناء، وتقدير ما هو ممكن وما هو مستحيل أو مرهق إرهاقا شديدا مسألة تقديرية تختلف من زمان لمكان.

2- الأثر المالى للقاعدة القانونية

- تقرير أثر مالى للالتزام المقرر بالقاعدة القانونية يناسب حالة عدم إمكانية أو عدم مناسبة تقرير التنفيذ العينى كأثر لها، وهناك صور لذلك منها ما قررته المادة 215 من القانون المدنى المصرى بأنه "إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبى لا يد له فيه، ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين عن الوفاء بالتزامه"، وكذلك ما قررته المادة رقم (173) من قانون المعاملات المدنية العمانى بأنه "إذا فُسخ العقد أو انفسخ أعيد المتعاقدان إلى الحالة التى كانا عليها قبل التعاقد مع أداء الحقوق المترتبة على ذلك، فإذا استحال ذلك يحكم بالتعويض".

- وتقرير الأثر المالى للقاعدة القانونية كتقرير تعويض أو غرامة  يمكن أن يختاره الصائغ كأثر للقاعدة القانونية فى حالات أهمها، إذا كان التنفيذ العينى مستحيلا، أو غير ملائم، أو كان الضرر منه أكبر من الفوائد المرجوة عند تقريره.

3- البطلان

- البطلان هو العيب الذى يؤدى إلى عدم إنتاج الآثار القانونية[11]، فالبطلان بمنزلة جزاء قانونى يمنع من ترتيب الأثر المستهدف من القاعدة القانونية، سواء كانت هذه القاعدة تقرر التزامات تعاقدية، أو تحدد مراكز قانونية، أو تنظم أعمالا إجرائية أو غير ذلك. فالبطلان بمنزلة جزاء مدنى يترتب كأثر لعدم تحقق ما قررته القاعدة القانونية، ويترتب عليه عدم صحة أو عدم نفاذ ما تقرر بالقاعدة القانونية. والبطلان يختلف عن السقوط الذى هو جزاء يتقرر لمخالفة المخاطب بالقاعدة القانونية للمواعيد المقررة بها، ويختلف أيضا عن عدم القبول الذى هو جزاء يترتب على التكييف القانونى الخاطئ للوقائع عند الادعاء أمام المحاكم.

- والبطلان نوعان،بطلان مطلق ويتحقق عند تخلف ركن من الأركان المقررة بالقاعدة القانونية، ويترتب عليه عدم تحقق المركز القانونى الذى استهدفته القاعدة القانونية ابتداء، وعدم تحقق أى أثر من آثارها، فيما يعد البطلان النسبى هو الذى يترتب على تخلف شروط مقررة فى القاعدة القانونية، ولا يطبق إلا بعد مطالبة من صاحب المصلحة، ويجوز تصحيحه، أو إبطال الشرط واستمرار العقد أو الإجراء المقرر صحيحا.

- وإذا كان البطلان، بنوعيه، يتم استنتاجه من مضمون القاعدة القانونية، فإن مهمة صائغ التشريع هو مراعاة ذلك بوضوح عند الصياغة حتى تعبر الصياغة عن التوجه الحقيقى باستهداف البطلان المطلق، أو البطلان النسبى، أو تقرير قاعدة قانونية تنظيمية لا تُرتب البطلان عند مخالفتها؛ حيث غالبا ما تتضمن التشريعات تنوعا فى ترتيب الآثار القانونية.

- ومن أمثلة صياغة البطلان المطلق، ما قررته المادة (114/1) من القانون المدنى المصرى بأنه "يقع باطلا تصرف المجنون والمعتوه، إذا صدر بعد تسجيل قرار الحجر" والمادة (45) من قانون المعاملات المدنية العمانى التى قررت أنه "ليس لأحد النزول عن حريته الشخصية، ولا من أهليته، أو التعديل فى أحكامهما"، وكذلك المادة (183) من قانون المعاملات المدنية العمانى التى قررت أنه "يقع باطلا كل شرط يقضى بالإعفاء عن المسئولية المترتبة عن الفعل الضار".

- ومن أمثلة صياغة البطلان النسبى، ما قررته المادة (122) من القانون المدنى المصرى بأنه "يكون العقد قابلا للإبطال لغلط فى القانون، إذا توافرت فيه شروط الغلط فى الواقع طبقا للمادتين السابقتين، هذا ما لم يقض القانون بغيره". وفى المادة (111) من قانون المعاملات المدنية العمانى التى قررت أنه "للمتعاقد فسخ العقد إذا وقع منه غلط فى أمر غير مرغوب فيه، كصفة فى المحل، أو ذات المتعاقد الآخر، أو صفة فيه".

- ومن أمثلة القواعد التنظيمية التى لا تقرر جزاءات، ما ورد فى المادة (323/1) من القانون المدنى المصرى التى قررت أنه "يصح الوفاء من المدين أو نائبه أو من أى شخص آخر له مصلحة فى الوفاء، مع مراعاة ما جاء بالمادة 208"، وما ورد فى المادة (166/1) من قانون المعاملات المدنية العمانى بأنه "يفسر الشك لمصلحة المدين".

رابعا - صياغة موضوع القواعد التشريعية الجنائية:

من المعلوم أن مسألة التصدى لصياغة التشريعات الجزائية يجب أن تُراعى الكثير من الأبعاد الموضوعية التى من أهمها التعرف على العناصر الآتية:

أ‌-  القانون الجنائى (الجزائى) يقصد به تلك القواعد القانونية التى تستهدف تحقيق الأمن فى المجتمع عن طريق التحديد الدقيق لأنماط السلوك (السلبى، والإيجابى) التى توصف بأنها جرائم، ومرجعية ذلك تكون لعلم الإجرام، وأنماط العقوبات والتدابير الاحترازية، ومرجعيتها تكون لعلم العقاب، مع الالتزام عند الصياغة بمصادر التشريع المقرر فى الدولة.

ب- السياسة الجنائية (الجزائية) ويقصد بها مجموعة الوسائل التى تحددها الدولة للمعاقبة على وقوع الجريمة[12]، والسياسة الجنائية تمثل الإطار المتكامل الذى يشكل توجهات الدولة الجزائية، وأهدافها التى تكون أساس صياغة التشريعات الجزائية بها، بحيث تصاغ التكليفات الجنائية، والعقوبات الجزائية فى إطار متناسق يراعى جميع الاعتبارات العلمية، والمجتمعية، والتنموية.

ج- مبدأ المشروعية،ويقصد به أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص تشريعى"، لذا، فيجب عند التصدى للتشريع الجزائى أن يلتزم الصائغ بأن تكون الصياغة فى صورة قانون يصدر من السلطة التشريعية، ويحظر على السلطة التنفيذية تقرير ثمة جرائم جنائية (جزائية) من خلال اللوائح التنفيذية، أو القرارات الوزارية التى من الممكن أن تتضمن جزاءات إدارية، لكن يحظر أن تتضمن جزاءات جنائية، كما يحظر على القاضى الحكم بأى جزاء جنائى إلا إذا كان صادرا بقانون من السلطة التشريعية وفقا للإجراءات الدستورية.

د- النموذج التجريمى، هو الوصف القانونى الذى يحول أفعالا معينة، أو امتناعا عن أفعال معينة إلى جرائم يترتب على ارتكابها عقوبات معينة محددة فى النص القانونى وفقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات. والنموذج التجريمى، هو السلوك الذى يصاغ ليعبر عن الواقعة المجرمة، ويحدد ركنها المادى، ويفهم منه ركنها المعنوى بلا ضيق أو اتساع[13]؛ حيث يتعين على صائغ القاعدة الجزائية أن يعبر بصورة جامعة مانعة عن الركن المادى للجريمة، ويفهم من صياغته ركنها المعنوى حتى يكتمل النموذج الذى  يقدم للقاضى لتقرير العقاب، وهنا نوضح:

1- الركن المادى للجريمة، وهو الركن الذى يتعين صياغته بكل دقة فى مجال:

- السلوك، وهو السلوك الذى يرتكبه الجانى حتى يقع تحت طائلة العقاب، وقد يكون هذا السلوك إيجابيا كفعل الاستيلاء فى جريمة السرقة، وقد يكون سلبيا كالامتناع عن القيام بالتزام معين. وقد يكون السلوك مؤقتا كفعل الضرب، وقد يكون مستمرا كإقامة منزل بدون ترخيص، وقد يكون بسيطا يعاقب عليه بمجرد حدوثه، وقد يستلزم التكرار لاعتباره مجرما، وقد يستلزم نتيجة كوفاة المجنى عليه، أو لا يستلزم نتيجة ويكتفى فيه بالشروع.

-النتيجة، الأثر الناتج عن الجريمة، وقد تكون النتيجة لازمة كالوفاة فى جريمة القتل، وقد تكون النتيجة متمثلة فى ضرر مفترض كتعريض حياة الآخرين للخطر.

-علاقة السبيبة؛ حيث يتعين أن تُراعى الصياغة الربط بصورة قاطعة بين السلوك محل التجريم والنتيجة المرتبطة به بصورة لا غموض فيها.

2-الركن المعنوى، وهو النية الداخلية للجانى، ويعبر عنه بأنه القصد الجنائى، وله صورتان، الأولى هى الخطأ العمدى، والثانية هى الخطأ غير العمدى، ويراعى الصائغ أن تكون العبارات واضحة فى مجال أى نوع من أنواع القصد لتطبيق النموذج التجريمى.
ه-العقاب الجنائى (الجزائى) والعقاب هو الجزاء الجنائى الذى يحدده الشارع، فى حال وقوع النموذج التجريمى المقرر فى القانوني، وينطق به القاضى، وتستند الصياغة التشريعية للجزاء الجنائى إلى ما هو مقرر بعلم العقاب، الذى منه:

1-  أن تتقرر العقوبة الجنائية من خلال حصرها بين حدين، أدنى وأقصى، لتتيح للقاضى مجالا للتفريد العقابى تحقيقا للهدف الذى تقررت العقوبة من أجله بما فيه من ردع خاص للمجرم حتى لا يعود لارتكاب الجريمة مرة أخرى، وردع عام يرهب بقية أفراد المجتمع ويحبط فكرهم الإجرامى.

2-  عدم جواز صياغة عقوبة بأثر رجعى، إلا فى حالات محددة، وتكون لمصلحة المتهم.

3-  أن توجه الجريمة لشخص من ارتكب الجريمة دون غيره، مع إمكانية أن يتأثر غيره بها بطريق غير مباشر، كالمعاناة التى تُعانيها أسرة المحكوم عليه بالحبس، أو الغرامة.

4-  وحدة العقوبة بتقرير عقوبة واحدة على من يرتكب الفعل الواحد، ولكن تكون تلك الوحدة نسبية، كحالة أن تتقرر عقوبة الحبس بحد أدنى وحد أقصى، أو أن تكون العقوبة من شقين هما الحبس والغرامة مجتمعين، أو منفردين حتى يتاح للقاضى تطبيق مبدأ التفريد العقابى حسب الشخص، وحسب جسامة الجريمة.

2- أن تتناسب العقوبة مع الجريمة بحسب جسامتها، وما سببته من أضرار لحقت بالمجنى عليه، والمجتمع، والتناسب هنا يعنى التوازن بين العقوبة الفعل المادى الذى توافرت فيه عناصر المسئولية الجنائية، فالعبرة فى نجاح العقوبة ليست فى جسامتها، وإنما فى مناسبتها لمستوى الجريمة حتى لا تصاب بإهمال التطبيق، أو أن تطبق ويشعر معها المعاقب بالظلم لتدفعه نحو الاستمرار فى المسار الإجرامى.

3-  عدم جواز تقرير عقوبة جنائية إلا بحكم يصدر من القضاء وفقا للإجراءات المقررة[14].

ز- العقوبات الجنائية (الجزائية)

تختلف العقوبات الجزائية من دولة إلى أخرى، ويتعين على صائغ التشريع الجنائى (الجزائى) أن يلتزم بالعقوبات المقررة قانونا بدولته، وفى مصر تقررت أنواع العقوبات الجنائية الأصلية بالمواد من 13 إلى 23 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 فى عقوبة الإعدام شنقا، وعقوبة السجن مع الشغل وهو إما أن يكون مؤبدا، أو مشددا لا ينقص عن ثلاث سنوات، ولا يزيد على خمسة عشر عاما، وعقوبة الحبس ومدتها من أربعة وعشرين ساعة إلى ثلاث سنوات، وقد يكون الحبس بسيطا بدون شغل، أو حبسا مع الشغل، مع إلزام القاضى بأن يكون الحبس مع الشغل إذا كانت مدته سنة فأكثر، والغرامة التى هى مبلغ يؤدى إلى الخزانة العامة بما لا يقل عن مائة قرش، ولا يزيد فى الجنح عن خمسمائة جنيه. بينما قررت المادة 24 من قانون العقوبات أنواع العقوبات التبعية فى، المصادرة، والعزل من الوظيفة العامة، والوضع تحت مراقبة البوليس، والحرمان من عدد من الحقوق المدنية التى حددتها المادة 25، وفقا للضوابط المقررة. وتعد تلك العقوبات هى الأصل العام عن تقرير العقاب، ما لم يتم تقييدها بنصوص خاصة.

أما فى قانون الجزاء العمانى، فقد قررت المادة (29) العقوبات الأصلية فى الإعدام، أو السجن المؤبد، والسجن المؤقت من ثلاث إلى خمس عشرة سنة. والعقوبات التأديبية وهى السجن من عشرة أيام إلى ثلاث سنوات، والغرامة من عشرة ريالات عُمانية إلى خمسمائة، أو إحداهما فقط. والعقوبات التكديرية وهى السجن من أربعة وعشرين ساعة إلى عشرة أيام والغرامة من ريالواحد إلى عشرة ريالات، أو إحداهما فقط. أما العقوبات الفرعية أو الإضافية فقد تقررت بالمادة 46 فى منع الإقامة، وطرد الأجنبى، والحرمان من الحقوق المدنية، والمصادرة، والإقفال ومنع مزاولة أحد الأعمال. وفقا للضوابط المقررة. والعقوبات المقررة هنا تكون بمنزلة أصل عام ما لم تتقرر عقوبات أخرى فى قوانين خاصة، كما تقرر من عقوبات فى قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادر بالمرسوم السلطانى رقم 30 لسنة 2016.

وبمقارنة الصياغة بين قانون العقوبات المصرى، وقانون الجزاء العمانى، نجد أن القانون المصرى ذكر تعريفات محددة لمفهوم عقوبات السجن والحبس، بصورة تجعل ذكرهما عند صياغة المادة القانونية واضحا دون حاجة لذكر مدد كل منهما، بينما فى قانون الجزاء العمانى كانت العقوبات أكثر تنوعا، واستلزم الأمر أن تتحدد مدد السجن القصوى والدنيا فى المواد المقررة للقواعد القانونية حتى يتحقق التفريد اللازم للعقوبة.

وفى كل الأحوال، فإنه عند صياغة أى قانون آخر فإن الصائغ يكون أمام خيار استخدام العقوبات المقررة فى قانون العقوبات (الجزاء) بوصفه الأصل العام، أو إنشاء عقوبات أخرى مع مراعاة ألا تخالف السياسة الجنائية العامة المقررة فى قانون العقوبات (الجزاء).

ح- صياغة العقوبات الجنائية وفقا للضوابط الدولية

يتعين على الصائغ أن يراعى عند صياغة القواعد القانونية الجزائية الاتفاقات الدولية التى وقعت عليها دولته، وصدق عليها برلمانه الوطنى؛ حيث تكون تلك الاتفاقات ذات قوة قانونية أعلى من التشريع الوطنى، ويتعين الالتزام بها، ونفرق بين نوعين من النصوص الدولية:

الأول: نصوص دولية ذات طابع إلزامى يتعين على المشرع الوطنى الالتزام بها مثل العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 2200 (د-21) فى 16 ديسمبر 1966، الذى دخل حيز التنفيذ فى 23 مارس 1976، الذى من بين أحكامه ما جاء بالمادة السابعة منه بحظر إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو التى تحط بالكرامة. ولا يجوز على وجه الخصوص إجراء أى تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر، وكذلك ما جاء بالمادة العاشرة فى فقرتها الأولى من وجوب معاملة جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصلية فى الشخص الإنسانى. وكذلك اتفاقية مناهضة التعذيب التى اعتمدتها وصدقت عليها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 39/46 فى 10 ديسمبر عام 1984 التى بدأ نفاذها فى 26 يونيو عام 1987، التى تحظر كل أشكال التعذيب، حيث تعرفه فى مادتها الأولى بأنه "أى عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما...." كما توجب على الدول الأطراف اعتبار جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب القانون الجنائى الداخلى (م4/1).

الثانى: نصوص دولية ذات طابع غير إلزامى، ولكن يكون من الجيد مراعاتها لما لها من أثر جيد على تطوير التشريع وإكساب الثقة الدولية بالتنظيم الجنائى، ومنهاالقواعد الصادرة عن دول الاتحاد الأوروبى والمتصلة عموما بحقوق الإنسان. ومن قبيل ذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والقواعد العقابية الصادرة عن المجلس الأوروبى والاتفاقية الأوروبية لمنع التعذيب، وجميعها ذات طابع إرشادى فى مجال تنظيم العقوبات وجميع أشكال المعاملة اللاإنسانية بما يعرف باسم القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة المذنبين.

المبحث الثالث - دلالات الصياغة التشريعية وضوابطها

يتعين على صائغ التشريع أن يقوم بالصياغة مستخدما كلمات وجملا يتضح من خلالها الدلالات الأنسب للألفاظ والنصوص، مع الالتزام بأفضل ضوابط الصياغة، وهنا نعرض:

أولا - دلالات الألفاظ التشريعية:

من أجل صياغة صحيحة يتعين العلم بدلالات الألفاظ، التى منها العام والخاص، ومنها المطلق والمقيد، ومنها الظاهر والخفى، وتعين على الصائغ اختيار الألفاظ ذات الدلالة الواضحة، والقادرة على تحديد الإطار الحاكم للقاعدة القانونية، وفى سبيله لذلك سيكون من المناسب له البحث فى مجال اللفظ العام والخاص والمطلق، فيما يفضل له الابتعاد عن اللفظ المقيد، والخفى. والأمر يحتاج إلى معرفة متكاملة لدلالات الألفاظ حتى يستطيع الاختيار بينها كالتالى:

- اللفظ العام، والخاص

1- اللفظ العام، قد عرفه البيضاوى بأنه اللفظ الذى يستغرق جميع ما يصلح له بوضع واحد، وهو لفظ يدل على شمول كل فرد من أفراده، ويدل على جميع ما يصلح له على سبيل الشمول من غير حصر فى كمية معينة، أو عدد معين، ومن ذلك قوله تعالى "ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖۖ"؛ حيث يستغرق الإنس والجن والملائكة والسماء والأرض وسائر الموجودات، كذلك قوله تعالى "وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا..."، ليشمل النص كل من يسرق دون حصر فتقطع أيديهما متى ثبتت السرقة منهما، وقوله تعالى "كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ"، وتتنوع صيغ اللفظ العام، وأشهرها:

-صيغة "كل"وهى من أهم صيغ العموم لكونها تشمل جميع ما يقترن بها كقوله تعالى "كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ "، ويلحق بكلمة "كل" ما يعادلها ككلمات "جميع" و"كافة" و"عامة" و"قاطبة"، من ذلك ما نصت عليه المادة رقم (1) من القانون المدنى المصرى التى نصت على أنه "تسرى النصوص التشريعية على جميع المسائل التى تتناولها لهذه النصوص... "وتوازيها المادة رقم (1) من قانون المعاملات المدنية العمانى التى نصت على أنه "تسرى أحكام هذا القانون على جميع المسائل التى تناولتها نصوصه...".

- صيغة المعرف بـ "أل" التى تلحق بالكلمة لتعممها كقوله تعالى "وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا"، وقوله تعالى "وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ"، ومنه ما قررته المادة (167) من القانون المدنى المصرى التى نصت على أنه "لا يكون الموظف العام مسئولا عن عمله الذى أضر بالغير إذا قام به تنفيذا لأمر صدر إليه من رئيس،..."، والمادة رقم (39) التى تنص على أن "موطن القاصر أو المحجور عليه أو المفقود أو الغائب هو موطن من ينوب عنه قانونا،..."

- صيغة المعرف بالإضافة، سواء كان مفردا أو جمعا، كقوله تعالى "فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِ"، وقوله تعالى: "فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ"، وقوله تعالى: "يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ"، وما نص عليه القانون المدنى المصرى فى المادة (37) التى نصت على أن "أقارب أحد الزوجين يعدون فى نفس القرابة والدرجة بالنسبة إلى الزوج الآخر".

-صيغة النكرة فى سياق النفى والنهى والشرط والاستفهام الإنكارى، كقوله تعالى "يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡـٔٗاۖ وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ"، وفى هذا النص ثلاث نكرات تعم فى سياق النفى، وكذا قوله تعالى: "فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدًا"، وقوله تعالى: "وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِ شَيۡـًٔا"، ومثال النكرة فى سياق النهى، قوله تعالى: "فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدًا"، ومثال النكرة فى سياق الشرط، قوله تعالى:  "وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ"، ومثال النكرة فى سياق الاستفهام الإنكارى، قوله تعالى: أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ".

- صيغة الأسماء الموصولة، ومنها قوله تعالى: "إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ".

-صيغة أسماء الشرط، ومنها قوله تعالى:"وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ".

-صيغة الاستفهام ومنها قوله تعالى: "فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ".

 2-اللفظ الخاص، هو اللفظ الذى وضع للدلالة على معنى واحد على سبيل الانفراد، أو على كثير محصور بوضع واحد، واللفظ الخاص يدل على معناه على وجه اليقين مثل قوله تعالى:  "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ"، فلا يمكن هنا تغيير العدد بأقل أو أكثر من مائه. وهناك حالات متنوعة للتخصيص أهمها:

- تخصيص اللفظ باسم الشخص مثل أحمد، ومحمد، وسعيد، كقوله تعالى: "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا".

 - تخصيص اللفظ بالنوع كرجل، أو امرأة، كقوله تعالى: "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ".

- تخصيص اللفظ بالعدد كعشرة أو مائة، أو بضع، أو رهط، أو فريق. كقوله تعالى "فَكَفَّـٰرَتُهُۥٓ إِطۡعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ"، ومن ذلك المادة (44) من القانون المدنى المصرى التى قررت أنه "وسن الرشد هى إحدى وعشرونسنة ميلادية كاملة"، والمادة (41) من قانون المعاملات المدنية العمانى التى نصت على أن "سن الرشد إتمام الثامنة عشرةمن العمر".

- اللفظ المطلق، والمقيد

1-اللفظ المطلق، قد عرَّفه الآمدى بأنه اللفظ الدال على مدلول شائع فى جنسه لا على جميع أفراده، وعُرف بأنه اللفظ الدال على الماهية دون قيد،والمطلَق يدل على فرد شائع أو أفراد شائعة لا على جميع الأفراد، مثل قوله تعالى "فَكُّ رَقَبَةٍ"، وهنا نجد أن اللفظ مطلق غير مقيد سواء كانت الرقبة رجلا أم امرأة، وسواء كانت الرقبة مؤمنة أو غير مؤمنة، ومن ذلك عبارة "ذمة مالية مستقلة" الواردة فى الفقرة الثانية من المادة (53) من القانون المدنى المصرى.

وهنا نفرق بين اللفظ العام يشمل جميع أفراده، أما المطلق فهو يدل على فرد أو فرد شائع وليس جميع الأفراد، فالعام شمولى، أم المطلق فهو بدلى. ولفظ المطلقالشىء باسمه، لا يقرن به صفة ولا شرط ولا زمان ولا عدد ولا شىء يشبه، ومثال لذلك لفظ "جريمة" لفظ مطلق الدلالة لكل فعل محظور معاقَب عليه أيا كان موضوع الجريمة. وحُكم المطلق هو أن يثبت المعنى بالمطلق مادام لم يرد ما يقيده، كقوله تعالى "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ "النساء:23. فبقِيَت مطلَقة فى تحريمِ التزوُّج بأمهات الزوجات، سواء حصَل الدخول أم لا؛ لورودِ النص مطلقًا عن قيدِ الدخول.

2-اللفظ المقيد، وهو اللفظ الذى يدل على ماهية تُقلل من شيوعه كقوله تعالى: "وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ"، وهنا تم قيد الرقبة بأن تكون لمؤمن، وفى قوله تعالى: "فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ"، فتم تقييد الشهرين بأن يكونا متتابعين، وكذلك قوله تعالى: "وَرَبَـٰٓئِبُكُمُ ٱلَّـٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّـٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُواْ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ".

- اللفظ الظاهر، والخفى

1-الظاهر هو اسم لكل كلام ظهر المراد منه للسامع بنفس صيغته ما لم يقترن بقرينة خارجية تدل على معنى مختلف، كلفظ "أسد" معناه الظاهر هو اسم "حيوان"، ولكن يمكن أن يقترن بما يحول معناه إلى قصد "الرجل الشجاع"، ومثال لذلك قوله تعالى "وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰا"، نجد أن لفظ "أحل" دلالته ظاهرة، وكذلك لفظ "حرم" دلالته ظاهرة ولم تقترن بقرينة تغير معناها، والآية تدل بوضوح على تحليل البيع وتحريم الربا، دون إعمال فِكر أو تأمل، لكن هذا المعنى  يأتى فى سياق نفى المماثَلَة بين البيع والربا، وإثبات التفرقة بينهما، لأن الآيةَ إنما قيلت فى الردِّ على أكَلةِ الربا الذين ورد عنهم فى آية أخرى قولهم: "إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰا".

وفى مثال آخر قوله تعالى: "فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم"، ومعناه الظاهر مطلق قبل أن يقيد بقوله تعالى: "وإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تُقۡسِطُواْ فِي ٱلۡيَتَٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۖ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تَعۡدِلُواْ فَوَٰحِدَة".

2-اللفظ الخفى، وهو لفظ خفيت دلالته لعارض يجعله فى حاجة لتفسير للوصول إلى معناه من معناه خارج لفظة، ولا يزول هذا الخفاء والغموض إلا بالتأمل والاجتهاد، ومثال ذلك لفظ "السارق" ينطبق بصورة ظاهرة على النشال، ويحتاج تفكير لانطباقه على نباش القبور للاستيلاء على ما بها. وكذلك الحديث الشريف "لا يرِث القاتل من المقتول" فدلالته هى حرمان كلِّ مَن قتل موروثه عمدا، وهو المعنَى الظاهر الواضح، ولكنه خفِى الحرمان من الميراث لمن قتل خطأ، أو قتل وهو غيرَ مكلَّف، حيث يحتاج الأمر لتفسير من أجل إظهار مدى انطباق الحكم على جميع الحالات المشابهة للمعنى الواضح.

ثانيا- دلالات النص التشريعى:

تنقسم دلالات النص إلى دلالة المنطوق، ودلالة المفهوم

ودلالة المنطوق هو ما دل عليه اللفظ محل النطق، والمعنى المستفاد من اللفظ من حيث النطق به كقوله تعالى "فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ"، وتدل من المنطوق هنا معنى متمثلا فيحرمه ارتكاب سلوك التأفيف للوالدين.

أما دلالة المفهوم فهى المعنى المستفاد من اللفظ، ففى قوله تعالى "فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ"، وتدل من حيث المفهوم على حرمة الإيذاء بكل أنواعه التى أقلها توجيه كلمة "أُفٍّ" للوالدين، وهكذا فإن دلالة المنطوق تبدو واضحة، أما دلالة المفهوم فهى استنتاجية، ومن ذلك مفهوم كلمة "المنقول" فى جريمة السرقة حيث يدخل فيها سرقة العقارات التى تعد فى حكم (المنقول حسب المآل) ويفضل عند الصياغة التشريعية التركيز على أن تكون صياغة النصوص تعتمد على دلالات المنطوق، ولا يتم اللجوء إلى دلالات المفهوم إلا على سبيل الاستثناء؛ حيث إن دلالات المفهوم تُعبر عنها روح النص وفحواه وفقا للمنطق، وليس وفقا لمعنى العبارات، وغالبا ما يتم الوصول إلى المعنى من خلال القياس، سواء كان القياس العادى، وهو الأمر المفضل الإقلال منه فى الصياغة التشريعية حتى لا تدفع الصياغة إلى واقع الإحالة فى تحديد القواعد القانونية للمفسرين، ولكن ذلك لا يعنى أن الحاجة قد تدفع إلى استخدام الصياغة بدلالة المفهوم، التى منها الحديث الشريف الذى قرر قاعدة أنه "ليس لقاتل ميراث"، وهى تُعبر وفقا لدلات مفهوم النص بالقياس العادى أنه "ليس لقاتل وصية أيضا"، أو القياس من باب أولى، كقوله تعالى "فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ"، وهنا يتشمل دلالات النص وفقا للقياس من باب أولى "كل إضرار أكبر من كلمة أُف" كالضرب والسرقة، ومن أهم دلالات النصوص:

1-دلالة العبارة، وهى ما تدل عليه عبارة النص لأول وهلة من معنى صريح بمجرد سماعه أو قراءته، ومثال ذلك ما تنص عليه المادة 9 من القانون البحرينى: "تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حيا وتنتهى بوفاته ..."، وهنا يظهر المقصود من الصياغة بصورة واضحة لا تحتمل اجتهاد أو تأويل، والمعنى يتبادر للذهن من أول وهلة.

2-دلالة الإشارة، وهى ما تدل عن المعنى الذى لا يتبادر من اللفظ لأول وهلة، وإنما يفهم من عبارة النص، ويحتاج إلى إعمال العقل لفهم المعنى المراد، ومن أمثلة ذلك المادة 273 من قانون العقوبات المصرى "لا تجوز محاكمة الزانية إلا بناء على دعوى زوجها"، والمعنى الظاهر هنا هو أن تحريك دعوى الزنا ضد الزوجة حق للزوج فقط، بينما المعنى المفهوم بالإشارة هو أن زنا الزوجة عدَّها القانون جريمة فى حق زوجها وليس فى حق المجتمع.

وفى المادة (509) من القانون المدنى البحرينى "إذا لم يتفق المتعاقدان على مقدار الأجرة وعلى كيفية تقديرها، أو تعذر إثبات مقدارها وجب اعتبار أجرة المثل وقت إبرام العقد"، ومع وضوح دلالة العبارة، فإن دلالة الإشارة هنا تفيد صحة العقد وعدم بطلانه لعدم الاتفاق على مقدار الأجرة.

3-دلالة الاقتضاء،وهى ما تدل على المعنى الذى يتوقف على تقديره صدق هذا الكلام وصحته شرعا وعقلا، والدلالة هنا تتعلق بمعنى لم يذكر فى العبارة، ولكن تفتضيه العبارة حتى تستقيم شرعا وعقلا مثل قوله تعالى "وَسۡـَٔلِ ٱلۡقَرۡيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا وَٱلۡعِيرَ ٱلَّتِيٓ أَقۡبَلۡنَا فِيهَاۖ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ"، ولا يتصور هنا عقلا أن المقصود هو المعنى الظاهر بسؤال القرية أو العير، وإنما المقصود هم أهل القرية، وأصحاب العير.

ثالثا - ضوابط صياغة الجمل القانونية:

 يفضل عند الصياغة التشريعية أن تصاغ الجمل بالمواصفات التالية:

1-  اعتماد الجمل القصيرة وتجنب الجمل الطويلة ذات التراكيب المعقدة.

2-التقارب بين الأجزاء المختلفة للجملة، كالتقارب بين الفعل والفاعل، وبين الفعل الرئيسى فى الجملة وأجزاء الفعل المساعد، وتجنب التباعد بين هذه الأجزاء.

3- استعمال العبارات البسيطة السهلة مع تجنب الإفراط فى استخدام العبارات المقيدة للمعنى لتقييد أجزاء معينة فى الجملة أو تقييد الجملة بالكامل.

4- تجنب العبارات المتضمنة لتفاصيل كثيرة يصعب فهمها أو فهم الترابط بين أجزائها.

5- استخدام أسلوب التقسيم إلى بنود لتجنب العبارات الطويلة، فحينما يكون محتوى النص  يشير إلى عدد من الحالات أو ينظم أكثر من شأن، أو يتضمن شروطا لبعض الحالات التى هى جزء من مضمونه، فإنه يفضل تحديد عناصر النص عند الصياغة إلى أجزاء على شكل فقرات.

6-  تخصيص جملة لكل فكرة، ولا تخصص أكثر من جملة لفكرة واحدة.

7- البدء دائما بالفعل وليس بالفاعل.

8- استخدام صيغة المبنى للمعلوم وتجنب صيغة المبنى للمجهول.

9- استخدام صيغة الإثبات بدلا من صيغة النفى.

10- الحرص على استعمال المألوف من المفردات حتى ولو كانت عتيقة، ما دامت واضحة المعنى ومشتهرة (كلفظ ناشز).

11- تجنب الغموض والمبهمات، فمن العيب فى الصياغة تحديد حق لشخص معين دون تحديد من يلتزم بأداء هذا الحق.

12- تجنب الأخطاء المادية، وذلك من خلال عرض الصياغة على مدققين لغويين لمراجعة النصوص القانونية قبل خروجها إلى الحيز القانونى.

13- ضبط التعريفات وإحكامها لجعلها جامعة مانعة، بحيث تجمع شتات أو أجزاء المعرف، وتمنع التباسه مع غيره، فالتعريف هو تخصيص وحصر للمعنى الذى رمى إليه واضع القانون لفهم دلالة العبارة، لذا ينبغى استخدام التعريفات فقط عندما يكون معنى المصطلح مهما لفهم وتطبيق التشريع المقترح، أو إذا استخدم المصطلح بشكل متكرر فى التشريع. كما يفترض عند وضع التعريفات مراعاة المعانى التى خُصصت لها العبارة المعرفة فى القوانين القائمة[15].

رابعا - ضوابط صياغة المضمون التشريعي:

تعتمد الصياغة التشريعية على ضوابط أهمها:

- الإيجاز والدقة

يتعين عند القيام بالصياغة أن تستخدم كلمات محددة، دون إسهاب غير مفيد لتجنب الوقوع فى التفسيرات المتعارضة. والأسلوب الموجز يعبر عن أعمق المعانى بأقل الكلمات بما لا يخل بجوهر الفكرة بل يشملها ولا يزيد عليها[16].

- المنهجية فى عرض النظام:

ويكون ذلك بتقسيم التشريع إلى أبواب وفصول، ويفضل أن تكون البداية ببيان التعريفات ذات الأهمية بموضوع النظام، التى من شأنها توضيح الفئات المخاطبة والجهات المختصة بتطبيق أحكام النظام ونطاق سريانه من حيث الزمان والمكان، والعبارات التى قد تثير اللبس، والقضاء المختص إذا لزم الأمر، ويراعى الكتابة من خلال فقرات بحيث يتضمن النص أكثر من فقرة إذا كان بينهما ارتباط.

- ضبط اللغة وتجنب الأخطاء:

يتعين الدقة والحذر فى التعبير عند الصياغة، على سبيل المثال: فإن كتابة حرف العطف "أو"، بدلا من حرف "و" لعدم الدقة والحذر قد تؤثر فى المعنى المراد من النص، ومثال ذلك: أن يهدف الصائغ فى جريمة معينة تشديد عقوبتها فيرمى إلى الجمع بين السجن والغرامة بينما يصاغ النص على النحو التالى: "يعاقب بالسجن، أو الغرامة"، فإن الحكم بصيغته المذكورة يجعل عقوبة السجن تخييرية، بالإضافة إلى عقوبة السجن فى حين أنه كان مقررا أن تكون عقوبتا السجن والغرامة وجوبيتين. ومثال آخر: أن يغفل النص كلمة (لا) الواجب إدراجها بمستهل النص، كأن يقول "يجوز التعامل مع تركة إنسان على قيد الحياة"، فيما الأصل المراد هو "لا يجوز"، ومن ثم فإن الخطأ المتمثل فى إهمال كلمة (لا) قد حول المعنى المراد من الحظر إلى الإباحة وهذا خطر كبير.

رابعا- تحديد الإطار العام للتشريع:

ويكون تحديد الإطار العام للتشريع من خلال تحديد العناصر الآتية:

 (1) تحديد المخاطب بالقاعدة القانونية: يراعى عند الصياغة الملائمة تحديد نطاق تطبيق القاعدة القانونية والمخاطبين بأحكامها، فقد تكون القاعدة القانونية من القواعد العامة التى يجرى سريانها على الجميع (مواطنين أو مقيمين) كالقواعد الجنائية، وقد تسرى القاعدة القانونية على فئة معينة، مثل نصوص نظام قانون المحاماة، ونظام الغش التجاري، ونظام الصلح الواقى من الإفلاس.

(2) بيان العمل القانونى مضمون النص التشريعى: على سبيل المثال القانون الجنائى الخاص مثل قانون مكافحة جرائم غسل الأموال يتناول تحديد الأفعال الجرمية الواقعة على الفرد أو الجماعة بحسب المصلحة القانونية محل الحماية ولا تخرج عن الضروريات الخمس (حفظ النفس والعقل والمال والعرض والنسل) وقانون الشركات يتناول بيان النموذج القانونى للشركات المعترف بها قانوناً والأحكام المتعلقة بكل شركة.

(3) تحديد الواقعة القانونية التى ينطبق عليها النص القانونى: فمثلا عند تعلق القاعدة القانونية بنص جنائى فإن تحديد الواقعة يقصد به بيان نوع الجريمة (تزوير، اختلاس، خيانة أمانة، قتل، غسل أموال..... إلخ) وإذا تعلقت القاعدة القانونية بعقد من العقود مثل عقد الشركة فإن تحديد الواقعة يقصد به بيان المشكلة القانونية التى يتناول علاجها النص النظامى أو بيان المسألة التى يتناولها النص النظامى بالتنظيم، مثال: بيان شروط التصويت فى الجمعية العمومية، الحد الأدنى لرأس المال، الحظر الوارد على بعض الشركات بشأن مزاولة بعض الأنشطة، حالات انقضاء الشركة، مسئولية أعضاء مجلس الإدارة... إلخ.

(4) تحديد الشروط الواجب توافرها لإعمال النص التشريعى: ففى جريمة التزوير مثلا: يتحقق التزوير بتوافر إحدى الصور المنصوص عليها فى القانون، ويلزم أن يتحقق الركن المادى للجريمة والمتمثل فى السلوك والنتيجة وعلاقة السببية إلى جانب القصد الجنائى، وفى مجال النظام الخاص بتنظيم الإفلاس والصلح الواقى منه يلزم لشهر الإفلاس ثبوت توقف المدين عن دفع دين تجارى حال الأداء.

المبحث الرابع: أقسام الصياغة التشريعية ومعاييرها

هناك أنواع مختلفة من القواعد القانونية التى تحتاج إلى صياغات تتناسب معها، وفقا لمعايير ينتج عند الالتزام بها صياغة ذات صفات مناسبة تحقق الغرض من التشريع، ومن ذلك نعرض:

أولا - الصياغة الأمرة والصياغة المكملة:

أ‌- الصياغةالآمرة للقواعد القانونية:

هى تلك القاعدة التى لا يجوز للأفراد الاتفاق على ما يخالف حكمها. ووصفها بأنها آمرة لا يرتبط بكونها تأمر أو تنهى، وإنما يفيد بأن حكمها لا يمكن تجاوزه أو التهرب منه. وفى حالة اتفاق الأفراد على ما يخالفها يكون اتفاقهم باطلا، ويطبق الحكم الأمر الذى استهدف مخالفته. فإرادة الأفراد هنا لا يعتد بها إذا خالفت قاعدة قانونية آمرة، وهذه القواعد تؤسس لاستقرار الأحكام القانونية وتوقف عشوائية اختيار تنظيمات الأفراد التى تخافها. ومن هذه القواعد الآمرة ما يرد فى قانون الجزاء من جرائم تُرتب العقاب، وترد فى القانون المدنى كعدم جواز التعامل على تركة إنسان على قيد الحياة.

ب‌-الصياغة المكملة القواعد القانونية:

يقصد بالقواعد المكملة القواعد، كل ما هو غير أمر، وهى تلك القواعد التى يجوز للأفراد الاتفاق على ما يخالف حكمها. ولهذه القواعد أهمية فى تسهيل تنظيم الحياة القانونية للأفراد عن طريق أيسر الحلول التى يختارونها، ولكن فى حالة صمتهم وعدم تقريرهم لما  يخالف القواعد المكملة يكون دور تلك القواعد هى وجوب التطبيق؛ حيث إنه غالبا ما نجد أن الأفراد لا يتناولون بالتنظيم كل دقائق علاقاتهم وتفاصيلها، وإنما يقتصرون على تنظيم المهم منها. ويرجع ذلك إلى أسباب متعددة، أهمها، عدم الخبرة التى تمكنهم من حصر كل التفصيلات وتنظيمها، وضيق الوقت أو قصور المجهود عن هذا الحصر، وعدم إدراك أن جزئية معينة تؤدى فيما بعد إلى الخلاف، فلا يتم الاتفاق على تنظيمها.

 ولما كانت مهمة القانون تنظيم الحياة فى الجماعة وجب له أن يضع له التنظيم المناسب لكل ما لم ينظمه الأفراد حتى إذا ثارت منازعة بشأن أمر لم يتفق عليه الأفراد يتم تطبيق هذا القواعد المكملة. وهذا الأمر يتم بافتراض أن الأفراد لم يضعوا تنظيما معينا. أما إذا وضعه الأفراد فإن كان تنظيمهم يتفق مع تنظيم القانون فإنه يطبق ما تم الاتفاق عليه بينهم، وتكون له الأولوية فى التطبيق. فالقانون ليس حريصا على أن يؤخذ بتنظيمه فى هذا النطاق، لأنه يتناول مسألة لا تتصل بكيان الجماعة فقواعده هنا وضعت أخذا بالأحوط. وبديهى أنه متى كان الأفراد يملكون استبعاد حكم هذه القواعد فإنهم يملكون بالأولى عدم وضع أنفسهم فى الفرض الذى تتضمنه.

التمييز بين القواعد الآمرة والقواعد المكملة

تتفق القواعد الآمرة والقواعد المكملة فى كونهما قواعد ملزمة، ولكن  يمكن الاتفاق بين الأطراف على تنظيم يحل محل القواعد المكملة، ويفرق الفقه عادة بين القواعد الآمرة والقواعد المكملة بمعيار شكلى وآخر موضوعى:

المعيار الشكلى، وفيه يتم التمييز بين القواعد الآمرة والقواعد المكملة على أساس ألفاظ القاعدة ذاتها التى قد تفيد صراحة أو ضمنا أنها آمرة أو مكملة حيث تكون:

- القاعدة الآمرة تصاغ باستخدام ألفاظ مثل: "يجب، لا يجوز، لا  ينفذ، لا  يعتبر، باطل، عدم جواز"، إلى غير ذلك من الألفاظ التى تُفصح بكون القاعدة آمرة، ومنها المادة رقم (539/1) من القانون المدنى المصرى التى نصت على أنه"يجب على المقرض أن يسلم الشىء موضوع العقد إلى المقترض، ولا يجوز له أن يطالبه برد المثل إلا عند إنهاء القرض". والمادة رقم (115) من قانون المعاملات المدنية العمانى التى نصت على أنه "يجب أن يكون لكل عقد محل يضاف إليه".

- القاعدة المكملة تصاغ من خلال عبارات شكلية تُبرزها مثل "يجوز، ما لم يقضِ الاتفاق بغير ذلك، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك"؛ حيث يفهم من تلك الألفاظ معنى كونها قاعدة يجوز الاتفاق على مخالفتها. مثل ما قررته المادة رقم (119) من القانون المدنى المصرى التى قررت أنه "يجوز لناقص الأهلية أن يطلب أبطال العقد،..." والمادة رقم (164) من قانون المعاملات المدنية العمانى التى قررت أنه "يجوز فى الاشتراط لمصلحة الغير أن يكون المنتفع شخصا محتمل الوجود فى المستقبل،...".

المعيار الموضوعى (معيار النظام العام):

وهنا يتم التمييز بين القاعدة الآمرة، والقاعدة المكملة، وفقا لما يفهم من مضمون الموضوع الذى تنظمه، فإذا كان وثيق الصلة بكيان المجتمع بصورة تجعله مرتبطا بالنظام العام والآداب، كانت القاعدة آمرة إذ لا يعقل أن يترك المشرع موضوعا على هذه الدرجة من الأهمية لهوى الأفراد وحرياتهم. أما إذا لم يكن الموضوع كذلك بمعنى أنه لا يتعلق بالنظام العام والآداب ومصلحة الجماعة ولا يرتبط بكيان المجتمع بل يتعلق بمصلحة خاصة كانت القاعدة مكملة. والمعروف أن الموضوعات التى تتعلق بكيان المجتمع تتعلق بالنظام العام والآداب الذى يعرف بأنه مجموعة من المبادئ الرئيسية والمصالح الجوهرية التى يتأسس عليها المجتمع من الناحية السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية والخلقية، التى لا يتصور بقاء كيان المجتمع سليما دون استقراره عليها. وفكرة النظام العام نفسها هى فكرة مرنة نسبيا تُكسب القاعدة القانونية قدرا من المرونة لكونها تتأثر باختلاف الزمان والمكان، وبالفكر السائد فى المجتمع، ويعد معيار النظام العام معيارا تقديريا لقاضى الموضوع وفقا لما هو سائد مجتمعيا وليس ما هو مسيطر على عقيدة القاضي، ويفضل عند الصياغة اللجوء إلى صياغة قواعد قانونية آمرة وفقا لما  يفهم من موضوعها دون ذكر ألفاظ تُفصح عن نية الصائغ فى تقرير وجوبها.

ثانيا - الصياغة الجامدة والصياغة المرنة:

أ‌-  الصياغة الجامدة:

هى تلك الصياغة التى لا تحتمل التقدير، ولا تترك مجالا للتفسير، فهى تُعبر عن الالتزام القانونى بطريقة قاطعة، ومحددة لا تحتمل الشك أو التأويل، وتُعطى ثباتا للنص القانونى، وتستعمل فى النصوص التى لا يمكن الاجتهاد فى مضمونها كتحديد أركان لعقد البيع، وتحديد مواعيد الطعن والاستئناف. وتقوم الصياغة الجامدة على أساس حرمان القاضى من سلطة التقدير عند تطبيق القاعدة القانونية، ولا تأخذ بعين الاعتبار ما يميز كل حالة من الحالات التى تُطبق عليها تلك القاعدة القانونية من ظروف وملابسات.

والصياغة الجامدة للقاعدة القانونية تعرض فرضا معينا وتُقرر له حكما أو حلا ثابتا لا يتغير بتغير الظروف والملابسات الخاصة بكل حالة فردية تتدرج تحت هذا الفرض، بما يحقق ثبات القاعدة القانونية سواء من ناحية الوقائع الخاضعة لها أو الحل المطبق عليها، كتحديد سن الرشد لكل من يتمتع بقواه العقلية غير محجور عليه، وتحديد سن للالتحاق بالتعليم الابتدائى، أو لشغل الوظيفة العامة، وهى تتميز بالثبات والاستقرار وتضمن تحقيق العدالة ولا تتفاوت الأحكام بتفاوت القضاة، وتسهل الفصل فى المنازعات، وتضمن استقرار المعاملات، ويدرك بموجبها كل فرد مركزه القانونى ويرتب شئونه على أساس واضح.

ويعاب عليها أنها تُغفل الظروف والملابسات، وتعجز عن ملاحقة التطورات، وما يستجد من حالات ووقائع عند تطبيق القاعدة القانونية، فلا تُراعى الفروق الفردية لكل حالة، فهى تضمن المساواة أكثر من ضمانها للعدالة بمفهومها الأوسع.

ومن أمثلة الصياغة الجامدة ما قرره القانون المدنى المصرى فى المادة رقم (44/2) التى قررت أنه "سن الرشد هى إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة"، والمادة رقم (45/2) التى قررت أنه "وكل من لم يبلغ السابعة يعد فاقدا للتمييز". وفى قانون المعاملات المدنية العمانى قررت المادة رقم (41) التى قررت أنه "1- كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية، 2-سن الرشد إتمام الثامنة عشرة من العمر".

ب‌-الصياغة المرنة:

 يقصد بها التعبير عن حكم القانون بألفاظ وعبارات واسعة المعنى تسمح بتغيير الحلول تبعا للظروف، ولما يقدره القائم على تطبيق القانون، والصياغة المرنة تستخدم عبارات مرنة كتحديد صفات، أو شروط، أو عناصر للحق الذى تُنظمه القاعدة القانونية؛ حيثتسمح الصياغة المرنة للقاضى بتقدير الحكم حسب الظروف والملابسات من خلال التعبير عن مضمون القاعدة القانونية بطريقة غير محكمة ولا معيارية تسمح للقاضى بسلطة تقديرية واسعة فى تطبيقها استجابة للظروف ولمقتضيات العدالة.

ويستخدم هذا النوع من الصياغة فى مجال الحالات والوقائع التى لا يمكن حصرها عند النص التشريعى، مثل تحديد الأضرار الواقعة على الآخرين ومقدار التعويض المستحق لجبرها، وحق الواهب فى الرجوع عن هبته إذا توافر عذر مقبول، ويترك للقاضى تقدير قبول العذر، وتقدير فكرة مخالفة النظام العام التى يترتب عليها البطلان. ومن أمثلة تلك القواعد ما قرره القانون المدنى المصرى فى المادة رقم (25/1) التى قررت أنه "يعين القاضى القانون الذى يجب تطبيقه فى حالة الأشخاص الذين لا تعرف لهم جنسية، أو الذين تثبت لهم جنسيات متعددة فى وقت واحد"، وكذلك ما قرره قانون المعاملات المدنية العمانى فى المادة رقم (100) التى قررت أنه " يراعى فى تقدير الإكراه جنس من وقع عليه الإكراه، وسنه، وحالته الاجتماعية والصحية، وكل ما من شأنه أن يؤثر فى جسامة الإكراه".

وتمتاز الصياغة المرنة بكونها تجعل القاعدة القانونية صالحة للتطبيق على العديد من الأحداث ومناسبة لأزمنة مختلفة، فضلا عن كونها تحقق العدل الواقعى أو الفعلى لأخذها الخصوصيات الفردية فى الحسبان بما يحقق الاستقرار والثبات فى المعاملات ولكنها لا تحقق كل العدل فهى إحدى وسائل تحقيق العدالة بعكس الصياغة الجامدة التى تهدف إلى تحقيق العدل المجرد.

هذا ويحتاج القانون إلى كل من الصياغة الجامدة والصياغة المرنة حسب طبيعة القاعدة القانونية المراد صياغتها، والأصل هو أن تكون الصياغة جامدة منضبطة والاستثناء هو اللجوء إلى الصياغة المرنة على سبيل الاستثناء لكى تتلاءم القاعدة القانونية مع تباين الحالات الواقعية

ثالثا- الصياغة المادية (الصياغة الكمية-الصياغة الشكلية):

الصياغة المادية للقاعدة القانونية يقصد بها أن يتم التعبير عن الموضوع فى مظهر مادى ملموس عن طريق إحلال الكم محل الكيف، أو اشتراط شكل معين لبعض التصرفات التى تنظمها القاعدة القانونية:

- الصياغة الكمية: (إحلال الكم محل الكيف):

أ‌-  يقصد بالصياغة الكمية تلك الصياغة التى يعبر فيها عن جوهر القاعدة القانونية تعبيرا رقميا محددا بصورة قطعية، وهو ما يسمى إحلال الكم محل الكيف، أى التعبير عن المعنى بالأرقام.

ومثال ذلك، أن سن الرشد هى السن التى يكتمل فيها إدراك وتمييز الإنسان ويكون أهلا لمباشرة جميع التصرفات بأنواعها المختلفة (سواء النافعة نفعا محضا، أو الضارة ضررا محضا، أو الدائرة بين الضرر والنفع) والوصول إلى ذلك الرشد يقتضى قدرا مناسبا من الإدراك والتمييز ويختلف سن الوصول إليه من شخص إلى آخر، ولكن لصعوبة بحث ذلك وتوفير الدليل عليه اتجهت التشريعات إلى تحديد سن معينة لتمام الأهلية بلغ فى مصر 21 عاما وفى سلطنة عمان 18 عاما، ويكون الشخص ذا أهلية كاملة بمجرد الوصول إلى تلك السن دون ثمة متطلبات أخرى.

ب‌- وتتميز الصياغة الكمية باليسر والوضوح فى تحديد المراكز القانونية، ولكن يؤخذ عليها أنها لا تتيح أى سلطة تقديرية للقاضى عند التطبيق؛ حيث نجد أن القاضى يتعامل مع الشخص بوصفه كامل الأهلية لمجرد بلوغه السن القانونية حتى ولو وقر فى عقيدته أنه غير مكتمل الأهلية، ويتعين عند اختيار طريقة الصياغة الكمية أن نقصرها على ما  يناسبها من قواعد قانونية نقصد منها أن نكون بسِمة حُكمية لا تقبل التغير أو التطور، ولا تفتح الباب أمام السلطة التقديرية للقاضى عند بحث النزاع بشأن ما تُقرره.

- الصياغة الشكلية:

أ‌- يقصد بالصياغة الشكلية تلك الصياغة التى تفرض على المتصرف إفراغ تصرفه فى شكل معين حتى يرتب أثره القانونى، مثل الإشهار الرسمى للرهن والهبة وإلا كان باطلا فى مصر، والزواج عند المأذون كشرط لسماع دعاوى الحقوق الزوجية فى مصر، واشتراط تسجيل عقد الإيجار فى البلدية بسلطنة عمان كشرط لبحث المنازعات المتعلقة به أمام القضاء.

ب‌- وتتميز الصياغة الشكلية بأنها تحفظ الحقوق من الضياع، وتوفر الأدلة أمام القاضى، ولكن يعيب هذه الطريقة من الصياغة أنها تُحمل المخاطبين بالقاعدة القانونية جهدا ووقتا وتكلفة كبيرة.

ومن أمثلة الصياغة الشكلية ما قرره القانون المدنى المصرى فى المادة رقم (448/1) بأنه "تكون الهبة بورقة رسمية، وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر"، وما قرره قانون تنظيم العلاقة بين ملاك ومستأجرى المساكن والمحال التجارية والصناعية العمانى فى مادته رقم (2) بأنه "يلتزم المؤجر بأن يقوم بتسجيل عقد الإيجار لدى البلدية المختصة...".

- الصياغة المعنوية (القرائن-الحيل القانونية)

الصياغة المعنوية هى أسلوب يتم بموجبه إعطاء حكم معين لشىء بالمخالفة للواقع من أجل ترتيب أثر قانونى معين، أو تحقيق غاية عملية وتتجلى فى القرائن القانونية، والحيل القانونية:

- القرائن القانونية

أ‌-  يقصد بالقرينة القانونية، استنباط واقعة مجهولة وغير ثابتة من واقعة معلومة وثابتة فى ضوء الاحتمال الراجح، وهى استنباط أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول بناء على غالب الأمور.

ب‌-الهدف من القرينة القانونية إبطال باب التحايل على القانون، ومثال ذلك إعطاء حكم الوصية للتصرفات التى تتم فى مرض الموت، ويتم اعتبار تلك التصرفات بمنزلة تبرعات تأخذ حكم الوصية للحيلولة من الإضرار بالورثة وإبطال التحايل على القانون، وهو ما قررته المادة رقم (477) من القانون المدنى المصرى بأنه "(1) إذا باع المريض مرض الموت لوارث أو لغير وارث بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت فإن البيع يسرى فى حق الورثة إذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تجاوز ثلث التركة داخلا فيها المبيع ذاته.(2) أما إذا كانت هذه الزيادة تجاوز ثلث التركة فإن البيع فيما يجاوز الثلث لا يسرى فى حق الورثة إلا إذا أقروه أو رد المشترى للتركة ما يفى بتكملة الثلثين". والقرينة هنا سبب فى الإعفاء من الإثبات، فبمجرد أن يكون التصرف فى مرض الموت فإنه يعتبر تبرع ويأخذ حكم الوصية التى لا تزيد على ثلث التركة دون حاجة لإثبات.

وكذلك يسأل متولى الرقابة عن الفعل الضار الصادر من المشمول برقابته، ومن ذلك نص المادة رقم (197) من قانون المعاملات المدنية العمانى التى قررت أن "حائز الحيوان ولو لم يكن مالكا له، مسئول عما يحدثه الحيوان من ضرر إذا قصر أو تعدى".

ج- القرينة تُعفى من تقررت لمصلحته من عبء الإثبات على أنه يجوز نقض القرينة بالدليل العكسى ما لم يوجد نص يقضى بغير ذلك، وهكذا نجد أن القرائن تنقسم إلى نوعين:

قرائن بسيطة، يمكن نقضها بالدليل العكسى، مثل اعتبار أن الحصول على إيصال لسداد الأجرة عن شهر قرينة بسداد الشهور السابقة، وأن القسط اللاحق يعنى سداد القسط السابق

 وقرائن قاطعة لا يمكن نقضها بالدليل العكسى، مثل ثبوت مسئولية حارس الحيوان عن أى ضرر يصدر منه، وتحديد سن الرشد قرينة قاطعة على أهلية الشخص لإبرام التصرفات القانونية.

- الحيل القانونية

-الحيل القانونية هى أسلوب صياغة يفترض افتراضا مخالفا للواقع من أجل ترتيب أثر قانونى معين. ويتم اللجوء إليها من أجل إلحاق شىء بشىء آخر مناقض له لإعطائه نفس الحكم، مثال ذلك العقارات بالتخصيص وفيه تقرر أن(الماشية والبذور والآلات الزراعية التى ترصد لخدمة العقار أى الأرض واستغلاله) وهى منقولات فى حقيقتها، ولكن القانون يفترض أن هذا المنقول عقار حتى يتوصل بذلك إلى أن يلحقه بالعقار من حيث الحكم، فلا يجوز الحجز عليه منفصلا عن الأرض التى خصص لخدمتها، فلا جدوى من الأرض دون هذه الآلات الزراعية والماشية التى تخدمها. ويعد المشرع هذه المنقولات التى هى فى خدمة الأرض عقارة بالتخصيص لكى يغلق الباب على الحجز عليها استقلالا عن الأرض. ومن ذلك ما قررته المادة رقم (82) من القانون المدنى المصرى بأنه " (1) كل شىء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله من دون تلف، فهو عقار وكل ماعدا ذلك من شىء فهو منقول. (2) ومع ذلك يعد عقارا بالتخصيص، المنقول الذى يضعه صاحبه فى عقار يملكه، رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله" وهو ما قررته المادة (55) من قانون المعاملات المدنية العمانى بأنه "يعد عقارا بالتخصيص المنقول الذى يضعه صاحبه فى عقار له رصدا على خدمته واستغلاله ويكون ثابتا فيه".

وتعالج الحيل القانونية كثيرا من المشكلات العملية وتعد أسلوب صياغة القانونية استلزمته الحاجة الواقعية التى استدعت إلى ابتداع فكرة الحيلة القانونية وتطبيقها، وقد نجحت فى وضع حلول لمشكلات قانونية مثل اعتبار الأنقاض منقولا قبل هدم المنزل، والاعتراف بالشخصية القانونية المعنوية للشركات ومرافق الدولة.

وإجمالا، فإن أساليب الصياغة القانونية تتعدد، والعبرة ليست بأفضلية لأسلوب معين ولكن باستخدام أسلوب الصياغة المناسب للقاعدة القانونية المناسبة، كما يمكن أن تتنوع الصياغات فى الوثيقة الواحدة بين الصياغة الآمرة والمكملة، والمرنة والجامدة، والمادية، والمعنوية.

خامسا - معايير الصياغة التشريعية:

هناك مجموعة من المعايير التى تتعين مراعاتها عند الصياغة التشريعية، ومن أهمها:

أ-معايير منطقية،ومن أهمها:

- الحاجة الفعلية للتشريع، فلابد من توافر الحاجة الفعلية للتشريع بحيث يصدر التشريع بهدف محدد، منعا لظهور آفات الإسراف التشريعى، وتضارب التشريعات، وفقدان التشريعات هيبتها.

- الدراسة المسبقة للتشريع، من خلال الاستعانة بالمتخصصين لبحث موضوعه والشكل الأمثل للمعالجة التشريعية لذلك الموضوع، ولا يجوز أن تتم الصياغة فى غيبة المتخصصين ومراجعتهم للأفكار والمصطلحات لا سيما فى التشريعات التى ترتبط بأمور علمية، وتكنولوجية.

- مواءمة التشريع مع الظروف المجتمعية، سواء الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو السياسية، أو النفسية، أو الدينية، أو العرفية، وغيرها من الظروف اللازمة لإنشاء قاعدة قانونية واقعية؛ فالتشريع الذى يبتعد عن الواقع أو يتصادم معه مصيره الفشل والإهمال.

- أن يلبى التشريع آمال الإنسان وطموحاته فى سعيه إلى التقدم وتحسن أحواله، فلا مجال لاستخدام التشريع فى تقرير قواعد قانونية رجعية، أو تغلق الأفق أمام المواطنين.

ب- معايير ضبط أسلوب التعبير القانونى،ومن أهمها:

- وضع منهجية لضبط أسلوب التعبير القانونى للتشريع، من أجل تحويل أغراض التشريع إلى مجموعة من القواعد القانونية المنسجمة والواضحة، التى يسهل معها استخلاص القاعدة القانونية.

- أن تكون صياغة التشريع بأسلوب واضح، ومفهوم، وموجز، يبتعد عن الغموض والتكرار.

- أن تكون صياغة التشريع المقترح من خلال عبارات قصيرة، تدل على المعنى المقصود، تتضمن علامات الترقيم، أو جملا مفصلة فى بنود وأرقام، وتخصص جملة لكل فقرة.

- أن تكون كل مادة قانونية مخصصة لفكرة واحدة، والفكرة الواحدة لا تقسم على أكثر من مادة قانونية، وإذا كانت المادة القانونية تتناول أكثر من فكرة فإنها تقسم على مادتين أو أكثر.

- استخدام أسلوب التجزئة إلى بنود وفقرات فى حال وجود شروط أو متطلبات قانونية معينة، وأن يتم تقليل عدد كلمات النص إلى الحد الأدنى الذى يحقق الغرض من التشريع دون استخدام الحشو اللغوى، مع تجنب استخدام كلمات مترادفة للتعبير عن الحكم المطلوب.

- استخدام أسلوب المبنى للمعلوم الذى يمكن من خلاله تحديد الجهة أو الشخص المطلوب منه إتيان فعل أو تركه على وجه الدقة، من خلال أن يكون الشخص الذى يؤدى الفعل القانونى فى موضع الفاعل فى الجملة، وأن يكون الشخص المتلقى للفعل فى موضع المفعول.

- التعبير الإيجابى أفضل من التعبير السلبى، فاستخدام صيغة الإثبات فى جمل محدودة الكلمات أفضل من استخدام صيغة النفى.

- استخدام المصطلحات الأحدث مقارنة بالمصطلحات الأقدم، وإذا لزم استخدام مصطلحات فنية أو تقنية متخصصة، فيجب إدراج تفسير لها فى التعريفات، مع تأكيد عدم استخدام المصطلحات الأجنبية قدر الإمكان.

- أن يكون النص شاملا، ويغطى كامل نطاق المعنى المطلوب والمقصود لمنع الالتباس.

- عدم التوسع فى استخدام أفعال معينة كأفعال أساسية فى الجملة مثل (يكون، يعتبر) لضمان سلامة النص ووضوحه.

- أن يتم التعبير عن القاعدة على شكل "سلوكيات" أكثر من التعبير عنها فى شكل "حقوق"  فعندما يتم التعبير فى شكل حقوق لا تكسب القاعدة القانونية قوة الإلزام المطلوب على أساس أن الحق شىء مجرد، أما السلوك فهو شىء ملموس.

- تجنب الإحالة إلى قوانين أخرى إلا عند الضرورة، وضبط الإحالات للمواد الأخرى فى ذات التشريع بالتأكد من صحة رقم المادة المحال إليها.

- الحرص على العرض المحكم من خلال التبويب السليم وجمع النصوص وربط أجزائها وكشف غاياتها، وضرورة إحكام الاشترات الكتابية، كالفواصل، والنقاط فى مواضعها بما يتفق مع اللغة العربية، واحترام الاصطلاحات التشريعية.

- يفضل تسمية القوانين بأسمائها المستقر عليها كقانون العمل، وقانون الشركات.

-أن تصاغ التعريفات بأسلوب موجز لإيضاح المعنى، ولا يتم اللجوء للتعريفات إلا عند الضرورة لإيضاح المعنى ولحسم الخلاف وتضارب التفسيرات عند التطبيق.

المبحث الخامس - مكونات الصياغة التشريعية وإجراءاتها

يتعين عند صياغة القاعدة القانونية أن يراعى اشتمالها على مجموعة من المكونات، وأن تصاغ وفقا للإجراءات التى نظمها القانون بصورة تجعلها تحقق الغرض من التشريع وتبتعد بها عن العيوب التشريعية، وسنعرض ذلك:

أولا - عناصر صياغة القاعدة القانونية

 يقسم الشراح عناصر الصياغة التشريعية إلى: الشخص المخاطب بالقاعدة القانونية، والفعل محل القاعدة القانونية، ووصف الحالة التى ينطبق عليها الفعل القانونى، وسنعرض ذلك:

- المخاطب بالقاعدة القانونية (الفاعل القانونى)

يراعى عند الصياغة الملائمة تحديد نطاق تطبيق القاعدة القانونية والمخاطبين بأحكامها، فقد تكون القاعدة القانونية من القواعد العامة التى يجرى سريانها على الجميع (مواطنين أو مقيمين) كالقواعد الجنائية، وقد تسرى القاعدة القانونية على فئة معينة، مثل نصوص نظام قانون المحاماة، ونظام الغش التجارى، ونظام الصلح الواقى من الإفلاس.

ويقصد بالفاعل القانونى، الشخص الذى يسند إليه المشرع التزاما أو واجبا، أو يحظر عليه أمرا، أو  يخوله حقا أو سلطة أو اختصاصاً[17]فهو العنصر البشرى فى الصياغة، الذى يقصد به الشخص الذى يكتسب الحقوق، ويتحمل الواجبات، سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا، وقد تكون الصياغة مخاطب بها العامة، وقد يتم تحديدها لفئة أو شريحة معينة من الناس، بحيث يقتصر تطبيق حكم المادة القانونية محل الصياغة على من تنطبق عليهم الصفة المحددة، كالأطباء، أو المهندسين، أو الأطباء، ويتم صياغة المخاطب بالقاعدة القانونية وفقا للمحددات التالية:

1-  استخدام صيغة المفرد، إذ إن صيغة المفرد تجعل من التشريع أكثر بساطة وسهولة من صيغة الجمع التى يمكن أن تُزيد الأمر تعقيدا، لا سيما أن صيغة المفرد تُحقق سهولة التطبيق العملى لمضمون القاعدة القانونية من خلال تحديد الفئة التى ينطبق عليها حكم النص القانونى بدلاً من إيراد الحكم فى فئة مجهولة من الناس[18]، ومن المسلمات فى مجال صياغة الفاعل القانونى أنه لا يكون شخصا بعينة "أحمد، أو سعيد" ولكن تُخاطب الصياغة الشخص وفقا لمركزه القانونى، والأكثر شيوعا استخدام مصطلحات مثل "كل شخص" أو "كل من" فى العموم، أو اسم صاحب الصفة بصفته مثل "المحام" الطبيب".

2- التحديد على وجه يقطع الشك فى حال الفاعل المتعدد،[19] فعند تعدد الفاعلين:

- إذا كان التعدد على سبيل الحصر، يلجأ الصائغ إلى ذكر ذلك بصورة حصرية، مثال ذلك "يجوز لكل قرية أو مدينة أو مقاطعة ...".

-إذا كان التعدد لا يمكن حصره، ومن شأنه أن يؤثر فى المعنى المراد أو المقصود من حكم القاعدة القانونية، فيتم اللجوء إلى استخدام كلمة واحدة وتعريفها بحيث تشمل المدلول المقصود من الفاعل القانونى، مثال ذلك استخدام مصطلح "التقسيمات الإدارية" وتعريفه يشمل القرى والأحياء، والمدن والمحافظات وغيرها من التقسيمات الإدارية.

3- تجنب استخدام الضمائر عند التعبير عن الفاعل القانونى، وفى حالة استخدامها يجب أن يكون استخدام الضمير فى جملة واضحة الدلالة لا تخلق لبسا أو غموضا لدى المخاطب بالقاعدة القانونية أو لدى القاضى الذى يطبق القاعدة القانونية.

-الفعل القانونى

الفعل القانونى يقصد به تلك الأعمال والمهام التى يجب على الفاعل القانونى القيام بها أو الامتناع عنها، وهو ما يسند إلى الفاعل من التزام أو واجب، أو ما يحظر عليه فعله، أو ما يخوله من حق أو سلطة أو اختصاص. فالفعل القانونى يمثل الالتزامات الملقاة على عاتق أطراف العلاقة القانونية، ومنه على سبيل المثال فى القانون الجنائى الخاص مثل قانون مكافحة جرائم غسل الأموال يتناول تحديد الأفعال الجرمية الواقعة على الفرد أو الجماعة بحسب المصلحة القانونية محل الحماية ولا تخرج عن الضروريات الخمس (حفظ النفس والعقل والمال والعرض والنسل)، وقانون الشركات يتناول بيان النموذج القانونى للشركات المعترف بها قانونا والأحكام المتعلقة بكل شركة، ويجب عند صياغة الفعل القانونى مراعاة:

1-  توضيح الفعل القانونى بشكل دقيق.

2-  استخدام صيغة المضارع للتعبير عن الفعل، وهو ما يتفق مع الغاية من التشريع وهى الاستمرار والشمولية، مثل عبارات "يلغى القانون" و" ينشر القانون" و"يدفع المستأجر الأجرة".

ويمكن استعمال صيغة الفعل الماضى إذا كان لا يدل على زمانه، وإنما يقع جواب شرط مثل "إذا بلغ الشخص سن الرشد جاز له مباشرة كافة الحقوق المدنية"، فالفعل الماضى هنا يدل على المستقبل.

3-  استخدام صيغة المبنى للمعلوم بدلا من صيغة المبنى للمجهول، فصيغة المبنى للمعلوم تضمن تحديد الشخص المخاطب بالقاعدة القانونية، فضلا عن كونها سهلة الفهم، وتحدد أطراف العلاقة القانونية دون لبس أو غموض.

- تحديد الشروط الواجب توافرها لتشكيل النموذج التشريعى: ففى جريمة التزوير مثلا: يتحقق التزوير بتوافر إحدى الصور المنصوص عليها فى القانون، ويلزم أن يتحقق الركن المادى للجريمة والمتمثل فى السلوك والنتيجة وعلاقة السببية إلى جانب القصد الجنائى، وفى مجال النظام الخاص بتنظيم الإفلاس والصلح الواقى منه يلزم لشهر الإفلاس ثبوت توقف المدين عن دفع دين تجارى حال الأداء.

ثانيا - إجراءات الصياغة التشريعية الجيدة

أ‌- مراحل الصياغة التشريعية

تمر عملية صياغة وإصدار التشريع بالمراحل التالية:

المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل الصياغة

تبدأ الصياغة بتحديد الأسباب التى خلقت الحاجة إلى التشريع، والوقائع المحيطة، والمصالح المستهدفة من صياغة وإصدار التشريع حتى يمكن مراعاة ذلك من خلال الصياغة، كأن يكون التشريع المستهدف صياغته متعلقا بتمكين المرأة، أو تنظيم مهنة معينة، أو مكافحة جريمة استجدت فى المجتمع، أو غير ذلك من الأسباب التى يجب تحديدها بدقة حتى يتمكن الصائغ من صياغة القواعد القانونية المناسبة لها، ويكون ذلك من خلال تحديد مستوى التشريع المناسب للتعامل مع الظاهرة بأن يكون قانون أو لائحة أو غير ذلك، فإذا تم الاستقرار على أن يكون التشريع المستهدف هو قانون، فهنا يجب أن نحدد أى قانون سيتم إنشاؤه أو تعديله، فإذا كان الأمر متعلقا بتجريم معين يتم بحث التعديل فى قانون العقوبات (الجزاء) كأصل عام ما لم تكن الجريمة من الجرائم المنصوص عليها فى قوانين أخرى.

وهنا يجب ألا تتم الصياغة بتعديل قانون فى قانون آخر، فعند صياغة قاعدة قانونية متعلقة بعقود العمل، لا يجوز أن يتم التعديل فى القانون المدنى، بينما نجد أن نصوص تنظيم عقد العمل بقانون العمل تمثل قواعد قانونية خاصة تُقيد القواعد العامة فى القانون المدنى.

وكذلك إذا كان الأمر متعلقا بتعديل قواعد تنظيم الموازنة العامة، فلا مجال لأن يتم من خلال تعديل قانون خطة التنمية فى الدولة.

وبعد تحديد النطاق القانونى للصياغة يتم طرح موضوع القاعدة القانونية المطلوب صياغتها على الخبراء، والرأى العام للحوار المجتمعى للوصول إلى أفضل الحلول والأفكار الموضوعية التى يتم الشروع فى صياغتها.

المرحة الثانية: مرحلة الصياغة

فى هذه المرحلة يقوم بالصياغة التشريعية فريق مختص بحسب الأحوال، ويراعى أن يتضمن فريق الصياغة الكوادر البشرية المناسبة، والقادرة على القيام بمهمة الصياغة التشريعية؛ حيث يقوم هذا الفريق باستخدام جميع أدوات الصياغة التشريعية من أجل بلورة مشروع للتشريع المقترح. على أن يحكم ذلك معايير محددة، ودراسة للتكلفة والعائد من إصدار التشريع، أفضل صياغة تحقق الهدف من إصدارة، ولفريق الصياغة أن يستعين بجميع مصادر المعلومات، والكتب والأبحاث اللازمة للصياغة، وتأكيد أن عملية الصياغة تستهدف تشريعا قابلا للتطبيق، ومناسبا للظروف المجتمعية، وسيحقق مزايا أكثر بكثير من التكلفة التى سيتكلفها إصداره، ويتم خلال هذه المرحلة الوصول إلى تحرير وصياغة القواعد القانونية من خلال آلية صياغة تشريعية مناسبة وينتج عنها مسودة أولية تُقدم للجهة المختصة بإصدار التشريع.

المرحلة الثالثة: إصدار التشريع

تختلف جهة إصدار التشريع حسب نوعه وطبيعته، فاللوائح التنفيذية تصدر من الوزارات المعنية، والقوانين تصدر من البرلمان، والدساتير تمر بمراحل حتى إقرارها شعبيا. وهنا يتم تقديم المشروع المقترح للتشريع إلى جهة إصداره المختصة التى يكون لها حق إصداره، أو رفضه، أو تعديله، وهى الأمور التى تسبقها، دراسات ومناقشات، واستعانة بخبراء ومراحل إصدار تختلف حسب الأحوال وتنتهى بالصياغة النهائية التى يتم إقرارها وإصدارها وإعطاؤها القوة القانونية الملزمة.

ب-آلية الصياغة التشريعية

آلية الصياغة التشريعية تمر من خلال مراحل، هى:

المرحة الأولى: تحديد الغرض من التشريع، وتفاعله مع السياسة التشريعية

تبدأ عملية الصياغة التشريعية بقراءة الواقع والظروف الداعية لإصدار التشريع والهدف المرجو من التشريع المقترح، ومدى كون ذلك الهدف يتفق مع السياسة التشريعية، وتحديد الإطار المناسب للتناغم بين التشريع المستهدف ومقومات السياسة التشريعية بكل أبعادها التنظيمية والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. فإذا كنا بصدد تشريع يستهدف ضبط السوق التجارى، وكان النظام الاقتصادى يعتمد على الاقتصاد الحر، فلا مجال لصياغة قاعدة قانونية للتسعيرة الجبرية التى يعرفها الاقتصاد الاشتراكى، ولكن يجب صياغة قواعد قانونية من خلال أفكار منع الاحتكار، وحماية حقوق المستهلك، وغيرها من أفكار الاقتصاد الحر.

ونؤكد فى هذه المرحلة حتمية دراسة التكلفة الاقتصادية للتشريع،للوصول إلى تقييم الجدوى والفائدة الاقتصادية الحقيقية للتشريع المقترح، والقيام بالصياغة بصورة تحد من التأثيرات السلبية لإصداره، وقد ظهر التقييم الاقتصادى للتشريع لأول مرة فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1981 بهدف تقييم نتائج إصدار التشريع، وذلك من خلال عناصر تتركز فى تحديد الحاجة للتشريع، والخيرات المتاحة، والنتائج المتوقعة لكل خيار من فوائد وتكلفة. على أن يتم وضع قواعد لتقييم التكلفة التنظيمية (المباشرة، وغير المباشرة) وتحديد الفوائد المتحصل عليها؛ حيث يتم حساب (تكاليف الأشخاص، والأدوات والمواد، التجهيزات، ووسائل الدعم) التى تتم حاليا، وستتم فى التشريع المقترح، للوصول إلى إذا كان التشريع المقترح سيحقق نتائجه أم أنه سيكون أكثر كلفة دون تحقيق الغرض من إصداره.

ومثال ذلك ما صدر فى القانون 161 لسنة 2022 والمتضمنمبادرة للسماح للمصريين بإدخال سيارة من الخارج دون جمارك خلال فترة محددة، مقابل وديعة بالدولار بقيمة الجمارك مدتها خمس سنوات، وبمراجعةذلك التشريع نجد أنه:

1-  لم يراع تكلفة الفرصة البديلة المتاحة للمصريين بالخارج المقررة لهم تشريعيا بقانون الجمارك بإمكانية إدخالهم سيارة بجمارك مخفضة بنسبة 50% بعد مرور خمس سنوات من تملكهم للسيارة، وفقا لقانون الجمارك. بينما القانون الجديد رقم 161 لسنة 2022 ألزمهم بإيداع قيمة جمرك السيارة بنسبة 100% كوديعة لمدة5  سنوات، ووفقا لأسعار الفائدة الجارية فإنه كمتوسط تصل إلى 20% بمعنى أنه إذا قام المصرى بتحويل قيمة الجمرك بالدولار للجنيه ووضعه وديعة لمدة خمس سنوات، فإنه سيربح ضعف المبلغ، ثم يقوم بسداد نصف قيمة جمرك السيارة لا سيما أن معظم المصريين ليسوا فى عجلة لإدخال سيارة مع وجودهم بالخارج.

2- القانون فى سبيله لتشجيع المصريين بالخارج على تحويل جانب مما لديهم من عملة أجنبية كوديعة، أفقد الاقتصاد المصرى جانبامن أموالهم وجهوها لشراء سيارات فى البلاد المقيمين بها.

3- المبادرة تمت صياغتها فى قانون مستقل، وارتبط بها إنشاء منظومة مرتفعة التكلفة، وكان من الأولى أن يكون دخول السيارات وتحديد قيمتها بذات القواعد والنظم المقررة عند دخول سيارات المصريين بالخارج فى الظروف الطبيعية.

4-  المبادرة قدمت بديلا واحدا هو إدخال سيارة مقابل وديعة، كان يتعين أن تخلق أكثر من بديل حتى تتناسب مع شرائح أكبر، كالسماح بإدخال سيارة بسداد جمرك نسبته 50% فورا دون انتظار مدة السنوات الخمس إلى جوار البديل المرتبط بالوديعة.

المرحلة الثانية: ضبط العلاقة بين التشريع المقترح والقوانين النافذة

يتعين عند الصياغة أن تتم مراعاة ألا تخالف لائحة، أو قانونا نافذا، وألا يخالف قانونٌ نصا دستوريا. كما يتعين عند الصياغة مراعاة أنه عند تعديل قاعدة قانونية معينة أن تتم فى القانون التى ينظمها، فتعديل قواعد قانونية للشركات محله هو قانون الشركات، وليس قوانين أخرى كقانون الاستثمار، أو قانون المناطق الحرة. وإجمالا، فإنه يجب أن تتم صياغة التشريع بصورة تتناسب مع السياق القانونى القائم فى الدولة، وتبتعد بالتشريع المقترح عن التعارض والتضارب مع التشريعات القائمة.

المرحلة الثالثة: التصنيف

من المهم جدا تحديد طبيعة القاعدة القانونية المطلوب صياغتها، وعما إذا كانت تنتمى إلى القانون العام، أم القانون الخاص حتى تتم مراعاة ذلك عند الصياغة.

والقانون العام يضم القواعد القانونية لكل من القوانين: الدولى العام، والدستورى، والإدارى، والمالى، والجزائى، وكل منها له خصائصه التى يجب الالتزام بها عند الصياغة، فمثلا القانون الدولى العام يرتبط فى الغالب بالكثير من الاتفاقات الدولية، والقانون الجنائى (الجزائى) يرتبط بمبدأ "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" ويحتاج إلى دقة فى صياغة المشروع الإجرامى. وهو عكس القانون الإدارى الذى يتضمن نصوص قانونية عامة وتكتمل بالأحكام والسوابق القضائية.

أما القانون الخاص، الذى يضم القوانين التى تنظم العلاقات بين الأفراد، التى من أهمها القانون المدنى (قانون المعاملات المدنية)، فمن المهم فيه تحديد القواعد الآمرة، والقواعد المكملة، وهو ما يتعارض مع قانون العقوبات (الجزاء) الذى يتضمن بالأساس على قواعد آمرة فقط.

المرحلة الرابعة: ضبط ترتيب القواعد القانونية المرتبطة بالتشريع المقترح

يجب عند الصياغة مراجعة جميع النصوص الدستورية، والاتفاقات الدولية، والقواعد القانونية الأعلى من مشروع التشريع المقترح، حتى يصدر التشريع دون إصابة بعيب دستورى، ففى كل الأنظمة القانونية يجب أن يضع الصائغ عند قيامة بمهمة الصياغة ثوابت أهمها أن:

- القواعد الدستورية، المقررة فى الدساتير وما تتضمنه من قواعد يجب الالتزام بها وعدم خلق قواعد تشريعية تخالفها، وإلا لكانت القاعدة التشريعية باطلة ولا تكتسب مشروعية التطبيق.

-الالتزامات الدولية،ويقصد بها كل المعاهدات الدولية المصدق عليها، وما تقرره التنظيمات الدولية التى تدخل الدولة فى عضويتها إذا كانت قراراتها ملزمة، وحتى ولو لم تكن ملزمة فإنه من المفضل الالتزام بالقواعد الدولية لإضفاء مزيد من الجودة والثقة الدولية فى التشريع. وهذا الأمر يتطلب مراجعة المعاهدات والاتفاقات الدولية ذات الأثر الملزم، وغير الملزم، ومخرجات التنظيمات الدولية لمراعاة انسجام التشريعاتالوطنية مع الالتزامات الدولية.

ج- هيكل الصياغة التشريعية

تتمثل الأبعاد الهيكلية للصياغة التشريعية فى عناصر أهمها:

تنظيم التشريع المقترح:

يتم تنظيم التشريع المقترح من خلال تضمينه لنوعين من العناصر الواجبة، والاختيارية:

- العناصر الواجبة، ومن أهمها عنوان التشريع، ومحتواه التشريعى والتقسيمات الفرعية المتعلقة بموضوعه بصورة تُحقق الغرض من الصياغة.

- العناصر الاختيارية، وهى التى يضمنها الصائغ للتشريع المقترح عند الحاجة إليها فقط حسب طبيعته ومحتواه بصورة تظهر التشريع بصورة واضحة ومتكاملة تسهل على المخاطبين بالقانون فهم وإدراك محتواه وتطبيق أحكامه، ومن هذه العناصر، التعريفات والإلغاءات والملاحق.

- تقسيم الاقتراح التشريعى إلى (نصوص تمهيدية - نصوص أساسية - نصوص تكميلية -نصوص نهائية)، كما يمكن تقسيمه إلى تقسيمات أخرى، مع أهمية أن تتسم الصياغة النهائية لمسودة التشريع بالوضوح، والمنطقية، والتنظيم، وتحقيق الأغراض التشريعية المستهدفة.

- ضبط صياغة التشريع المقترح

يتعين أن تتم صياغة التشريع المقترح بصورة تكتمل معها أركان القواعد القانونية، التى من أهمها أن تكون تلك القواعد عامة، مجردة، ملزمة. وأن تُستخدم أساليب صياغة منطقية تتوافق مع التنظيم القانونى للدولة وسياستها التشريعية، وتبتعد عن التعارض والتداخل بين النصوص التشريعية، وأن يراعى هيكل التشريع توافق الصياغة مع عناصر أهمها:

- طبيعة ومضمون القواعد القانونية بالتشريع، والعوامل التى ترتبط به.

- أساليب الصياغة الرسمية، وما يجرى عليه العمل التشريعى فى الدولة.

- بساطة ووضوح وإيجاز التعبير عن القواعد القانونية.

- قبول المقترح علميا ومجتمعيا للبحث والنقاش دون تصادم مع ما هو مستقر عليه.

- وضع منهجية لصياغة التشريع المقترح

يتعين عند صياغة التشريع أن تتم الصياغة وفقا لمنهجية واضحة متكاملة العناصر يسهل معها وتكون واضحة، واستخلاص الأحكام القانونية بصورة تحقق أغراض التشريع، ومن أجل ذلك  يراعى:

- أن تكون الصياغة واضحة، موجزة، بسيطة، مفهومة.

- أن تُعبر النصوص عن المعنى المطلوب بدلالاته المقصودة من اللفظ والجملة.

- تحديد عناصر النص وتقسيمها عند الصياغة إلى أجزاء على شكل فقرات،إذا تعددتالحالات التى تُنظمها القاعدة القانونية.

- الابتعاد عن العبارات أو المصطلحات التى تدل على جنس معين.

- ضبط التعريفات المطلوبة لفهم دلالة العبارة، بحيث يكون المعنى المصطلح مفهوما وثابت الدلالة إذا تم استخدام المصطلح بشكل متكرر فى التشريع، كما يراعى ضبط التعريف مع التعريفات المماثلة فى التشريعات الأخرى، فعلى سبيل المثال نجد أن تعريف الموظف العام يختلف تعريفه فى قانون الخدمة المدنية عن تعريفة فى قانون العقوبات (قانون الجزاء).

ثالثا - دور المذكرات التشريعية فى إكمال صياغة التشريع المقترح:

يحتاج صائغ التشريع فى غالب الأمر إلى أن يقدم مشروع التشريع الذى تمت صياغته، مرفقا به مذكرة توضح ما لم يتضح من النصوص التشريعية، وتنقسم تلك المذكرات إلى مذكرات إيضاحية، ومذكرات تفسيرية:

- المذكرات الإيضاحية

أ‌- مفهوم المذكرة الإيضاحية،يقصد بها الملخص الذى يرفق مع مشروع القانون، الذى  يبين بشكل عام الأسباب التى دعت إلى إصدار القانون، وتتضمن المذكرة أيضا الهدف من الفعل التشريعى، والغاية المبتغاة منه وتأثيره فى الأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية فى الدولة، وكذا أبرز خصائص القانون وتوضيح الموضوعات والأسباب التى دعت إلى إصداره، وتعد المذكرة الإيضاحية دليلا مفيدا للتعرف على هدف التشريع وما يسعى إلى تحقيقيه[20].

كما تهدف المذكرة الإيضاحية إلى تمكين السلطة التشريعية من فهم مجمل مشروع القانون المقدم إليها من السلطة التنفيذية، وذلك من خلال قراءة المذكرة وفهمها فهما كاملا قبل البدء بإقرار المواد القانونية فى مشروع القانون، خاصة المواد المتخصصة منها، التى لا تتضمن الغاية الرئيسية من مشروع القانون والهدف منه، ويتعين عند صياغة المذكرة الإيضاحية أن تتضمن:

1-  وصفا عاما مختصرا لمحتويات القانون يوضح التعريف بمضمونه بشكل عام.

2-  وصفا لمحتويات مشروع القانون بشكل محايد وموضوعى، وتجنب الأوصاف التى توجه السلطة التشريعية لتوجه معين لصالح أو ضد مشروع القانون.

3-  الافتراضات ذات الصلة بمشروع القانون والابتعاد عن أى افتراضات أخرى من شأنها التأثير فى حياد السلطة التشريعية عند بحثها للقانون.

4-  وصف مشروع القانون فى المذكرة الإيضاحية بأسلوب واضح وسهل، مع مراعاة التبسيط قدر الإمكان لغير القانونيين، ويكون ذلك باستخدام عبارات مألوفة لدى غير المتخصص وتجنب استعمال مصطلحات قانونية أو فنية متخصصة صعبة الفهم[21].

ب‌- شكل المذكرة الإيضاحية، تصاغ المذكرة الإيضاحية وفقا للترتيب المنطقى الذى يعتمد على ذكر بيانات أهمها:

1-البيانات العامة، ومن أهمها، عنوان مشروع القانون، والجهة التى قامت باقتراحه، وتاريخ تقديمه للمجلس التشريعى.

2-هدف مشروع القانون والحاجة التى استدعت التقدم بهبشكل مختصر ومبسط يؤدى إلى الفهم العام لمضمون القانون، والفوائد التى يمكن أن يحققها إصداره.

3-القوانين ذات العلاقة بموضوع مشروع القانون المقترح، بما فيها جميع التشريعات السابقة التى ترتبط بموضوع التشريع، أو جزء منه، وتحديد نطاق التشابك بينها وبين القانون الجديد، وذلك منعا للتعارض أو التضارب التشريعى بينهما، وكذا من أجل توحيد المصطلحات المستعملة بين التشريعات المتعددة، وتجنب إلغاء ما لا يراد لإلغائه وتفادى التناقض والالتباس.

4-القوانين المقارنة والاتفاقات الدولية التى ترتبط بمشروع القانون المقترح،والتى سبق أن قررت أحكام لنفس الموضوع، ونجحت فى تحقيق الأهداف المطلوبة، وأوجه الشبه والاختلاف بين مشروع القانون وتلك القوانين المقارنة، وكذلك يتم التنويه عن الاتفاقات الدولية المرتبطة بالموضوع، ما تُقرره من التزامات.

5-التكلفة المالية حال إصدار القانون، التكلفة المالية للتشريع من الأمور المهمة التى يتعين عرضها فى المذكرة الإيضاحية، من خلال عرض حجم التكلفة التى يحتاج إليها تنفيذ القانون، وكيفية تدبيرها، والعوائد التى ستتحقق نظير تلك التكلفة.

6-وصف ملخص لمواد مشروع القانون، مع التركيز على المواد التى تحمل أحكاما موضوعية التى يمكن أن تعطى فكرة عامة عن المشروع المقترح، وعن الأحكام المستحدثة فيه، والفوائد التى من المفترض أن تتحقق من إصداره.

-المذكرات التفسيرية

- يقصد بالمذكرة التفسيرية، تلك المذكرة التى تتضمن تفسير مواد التشريع، كل مادة على حدة، وبيان الهدف منها، والأسباب الموجبة للأخذ بها، ومصدرها، وما يقابها فى القانون المقارن[22].

- والهدف من المذكرة التفسيرية هو مساعدة المشتغلين بالقانون والمطبقين لقواعده على فهم مواده.

- ولا تصدر المذكرة التفسيرية فى كل القوانين، ولكن يقتصر إصدارها عند احتياج التشريع لذلك، كحالة إصدار تشريع  ينظم أمور تكنولوجية مستحدثة.

- والمذكرات التفسيرية غير ملزمة للسلطة التشريعية، ولا يتم التصويت عليها، ولا تعد جزءا من التشريع الأصلى، ولا تخضع للرقابة البرلمانية، ولا تنشر فى الجريدة الرسمية، ولكن يقتصر دورها على مجرد الاستئناس، والاسترشاد عند تفسير القاعدة القانونية بحيث تُعبر عن نية الصائغ من القاعدة القانونية.

- ووجود مذكرة تفسيرية لا يغنى عن وجود مذكرة إيضاحية، ولا يتعارض مع وجودها.

رابعا - عيوب الصياغة التشريعية:

هناك أمور يجب تجنبها عند الصياغة التشريعية حتى ينتج عن عملية الصياغة إخراج قواعد قانونية سليمة وخالية من الأخطاء، ومنها:

1-الخطأ

يجب أن يراعى عند الصياغة عدم الوقوع فى الأخطاء سواء الأخطاءالمادية، أو القانونية.

- الخطأ المادى، ويتمثل فى أمور منها، إحلال لفظ محل لفظ آخر، أو وضع كلمة فى غير موضعها بصورة تُغير من المعنى، أو خطأ فى الترجمة عند صياغة قاعدة قانونية لالتزام مقرر بموجب اتفاقية دولية محررة بلغة أجنبية، وقد يرجع الخطأ المادى للطباعة أو النشر.

- الخطأ القانونى، ومنه تقرير قواعد قانونية متعارضة، أو مخالفة للدستور.

2- الغموض

النص الغامض هو كل نص يحتاج إلى توضيح وتفسير بسبب نقص فيه، أو بسبب عدم وضوح لفظه، أو لتعرض أجزائه، ويشوب الصياغة عيب الغموض، إذا كانت غير واضحة الدلالة، ولا تدل على مضمون التشريع وغايته، كأن يكون النص معقل، أو يحمل أكثر من معنى. ومن أكثر صور الغموض شيوعا "الغموض الخفى" وهو الذى يتحقق عندما يتضمن النص التشريعى لفظا يدل على معناه الظاهر، إلا أنه عند التطبيق يتبين غموضه، كقاعدة "ليس لقاتل ميراث" فهو نص واضح، لكن عند التطبيق يثار التساؤل، هل يرث من تسبب فى قتل مورثه بالخطأ؟

3-التعارض

يحدث التعارض عندما يصطدم نص تشريعى مع نص تشريعى آخر بشكل يجعل الجمع بينهما أمرا غير ممكن نظرا لتعارض أحدهما مع الآخر على الرغم من وضوحهما إذا تم النظر إلى كل واحد منهما على حدة. وقد يحدث التعارض فى تشريع واحد أو فى تشريعات مختلفة، وفى هذه الحالة يتم تطبيق الفصل بين التشريعات وفك التعارض وفقا لمبدأ تدرج القاعدة القانونية، فإذا كان النصان متساويين فى نفس المرتبة التشريعية يتم إعمال قاعدة أن التشريع اللاحق يلغى التشريع السابق، أو قاعدة الخاص يقيد العام، بحسب الأحوال، فإن لم تكف هذه القواعد يتم اللجوء لطرق التفسير الخارجية.

4-النقص

والنقص هو إغفال لفظ فى النص التشريعى بالشكل الذى يجعل النص لا يستقيم بدونه، وكذا حالة عدم تمكن القاضى من إيجاد نص تشريعى لتطبيقه على النزاع المعروض عليه[23]، كأن  يقرر القانون مسارا للطعن على إجراء معين دون تحديد مدة قصوى للتقدم بالطعن.

5-التزيد والتكرار

التزيد والتكرار هو من العيوب التى يجب على الصائغ تجنبها، ويحدث عندما تُصاغ عبارات زائدة، أو مكررة تؤدى إلى إرباك عند تحديد المراد من القاعدة القانونية، فتزيد من غموضها، وصعوبة تفسيرها، وتبتعد بالقاعدة القانونية عن صفات الإيجاز والوضوح اللازمين لجودتها، مثال ذلك تكرار ذكر مبدأ الشرعية فى القوانين إذا كان تم النص عليه فى الدستور.

خاتمة:

الصياغة التشريعية موضوع مهم جدا يتوقف عليه مدى نجاح التشريعات على تحقيق أهدافها ما  يحتم دراسة هذا الموضوع على كل الأطراف التى ترتبط بالمنظومة التشريعية، وفى سبيل الوصول إلى تطوير مقومات صياغة التشريعات تناولنا فى مبحث أول، مدخل الصياغة التشريعية. وفى المبحث الثانى، الإطار الموضوعى للصياغة التشريعية.وفى المبحث الثالث، دلالات وضوابط الصياغة التشريعية. وفى المبحث الرابع، أقسام الصياغة التشريعية ومعاييرها. وفى البحث الخامس مكونات الصياغة التشريعية وإجراءاتها؛ حيث انتهينا إلى التوصيات الآتية:

- اختيار أفضل العناصر القادرة على الصياغة التشريعية وتقييمهم، ودعمهم بالخبرات دوريا.

- التركيز على فهم متطلبات إصدار التشريع، والهدف الذى تسعى إليه، ودراسة بدائل الصياغة التشريعية لاختيار المسار الأفضل فى تحقيق النتائج بأقل تكلفة.

- القراءة الجيدة للواقع المجتمعى للوصول إلى صياغة تحقق أهداف التشريع دون صدام مع المجتمع.

- أن تنسجم الصياغة التشريعية مع الهيكل التشريعى للدولة، والاستراتيجيات المقررة لمستقبلها.

- مراجعة الاتفاقات الدولية المرتبطة بموضوع الصياغة حتى لا تتضارب مع الالتزامات الدولية.

- اختيار الشكل الأنسب لتركيبة التشريع، ووضع منهجية منظمة لتنظيم موضوع قواعده القانونية.

- اختيار أفضل الألفاظ، وأنسب العبارات والجمل التى تُعبر عن القواعد القانونية المقررة.

- اتباع الخطوات الإجرائية المقررة قانونا، وإتاحة الوقت المناسب لعملية الصياغة.

 

ـــــــــــــــــــــــ

المراجع:

1- أحمد فتحى بهنسى، السياسة الجنائية فى الشريعة الإسلامية، على رابط

https://www.tahmil-kutubpdf.net/book/11309/.html

2- أيمن سعد سليم: أساسيات البحث القانونى، ط2، القاهرة، دار النهضة العربية، 2010م.

3-إبراهيم محمد محمود، النظرية العامة للتكييف القانونى للدعوى، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998

3- توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، القسم الأول، النظرية العامة للقانون، الدار الجامعية، بيروت 1993.

4- حمدى عبد الرحمن، المدخل إلى القانون، القاهرة 1990، بدون ناشر.

5- خالد جمال أحمد حسن، مبادئ الصياغة التشريعية، على رابط file:///C:/Users/Waleed/Desktop/صياغة%

6- سعد جبار السودانى، القصور فى الصياغة التشريعية، دراسة مقارنة، بحث منشور فى مجلة الحقوق، كلية القانون، الجامعة المستنصرية، العراق، المجلد الرابع، 2012.

7- عباس الصراف وجورج حزبون، المدخل إلى علم القانون، الطبعة الثالثة، مكتبة الثقافة، عمان، 1994.

8- عبد الحافظ عبد العزيز، الصياغة التشريعية، دار الجيل، بيروت، 1991.

9- عبد العزيز حسن عمار، الوظيفة العامة والموظف العام فى نظر القانون، على رابط https://azizavocate.com/2022/08/html

10-عبد الواحد كرم، معجم المصطلحات القانونية، الطبعة الأولى، دار الكتب القانونية، القاهرة، 1995.

11- كمال الحاج، الموسوعة الفلسفية العربية، المجلد الأول، معهد الإنماء العربي، بيروت 1986.

12-  محمد أكمضان، لمحة عامة عن الأسس النظرية والمنهجية للعمل المصطلحي، دائرة الترجمة العربية، نيويورك.

13- محمد مؤنس محب الدين، مذكرات فى الجزاء الجنائي، مطبعة حمادة الحديثة، قويسنا، مصر، 1995.

14-محمود محمد على صبرة، أصول الصياغة التشريعية، دار الكتب القانونية، مصر، المحلة الكبرى، 2000.

15-مسلم اليوسف، السياسة الجنائية الشرعية فى مواجهة الجناة، ص 9، على رابط  https://ketabpedia.com/

16-منصور مصطفى منصور، دروس فى مدخل القانون، 1972، القاهرة.

الهوامش:


[1]راجع، منصور مصطفى منصور، دروس فى مدخل القانون، 1972، القاهرة، بدون ناشر ص 24.

[2]راجع، حمدى عبد الرحمن، المدخل إلى القانون، القاهرة 1990، بدون ناشر، ص 106.

[3]المعجم الوسيط، الجزء الأول، الطبعة الثانية، الهيئة العامة للمطابع الأميرية، القاهرة، 1972، ص 528.

[4]توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، القسم الأول، النظرية العامة للقانون، الدار الجامعية، بيروت 1993 ص 164.

[5]عبد الحافظ عبد العزيز، الصياغة التشريعية، دار الجيل، بيروت، 1991 ص 11.

[6]عبد الواحد كرم، معجم المصطلحات القانونية، الطبعة الأولى، دار الكتب القانونية، القاهرة، 1995، ص 262.

[7]للمزيد راجع، كمال الحاج، الموسوعة الفلسفية العربية، المجلد الأول، معهد الإنماء العربى، بيروت 1986 ص 661.

[8]سعد جبار السودانى، القصور فى الصياغة التشريعية، دراسة مقارنة، بحث منشور فى مجلة الحقوق، كلية القانون، الجامعة المستنصرية، العراق، المجلد الرابع، 2012 ص 78.

[9]للمزيد راجع، محمد أكمضان، لمحة عامة عن الأسس النظريةوالمنهجية للعمل المصطلحى، دائرة الترجمة العربية، نيويورك، ص3 وما بعدها.

[10]راجع، عبد العزيز حسن عمار، الوظيفة العامة والموظف العام فى نظر القانون، على رابط https://azizavocate.com/2022/08/html

[11]إبراهيم محمد محمود، النظرية العامة للتكييف القانونى للدعوى، دار الفكر العربى، القاهرة، 1998، ص 220.

[12]راجع، أحمد فتحى بهنسى، السياسة الجنائية فى الشريعة الإسلامية، ص 5. على رابط

https://www.tahmil-kutubpdf.net/book/11309/.html

[13]للمزيد،، راجع مسلم اليوسف، السياسة الجنائية الشرعية فى مواجهة الجناة، ص 9، على رابط  https://ketabpedia.com/

[14]راجع، محمد مؤنس مُحب الدين، مُذكرات فى الجزاء الجنائي، مطبعة حمادة الحديثة، قويسنا، مصر، 1995، ص6-11

[15]خالد جمال أحمد حسن، مبادئ الصياغة التشريعية، على رابط file:///C:/Users/Waleed/Desktop/صياغة%

[16]أيمن سعد سليم: أساسيات البحث القانوني، ط2، القاهرة، دار النهضة العربية، 2010م، ص 74.

[17]محمود محمد على صبرة، أصول الصياغة التشريعية، دار الكتب القانونية، مصر، المحلة الكبرى، 2004، ص 241.

[18]المرجع السابق ص 384 وما بعدها.

[19]راجع، دليل الصياغة التشريعية فى المملكة الأردنية الهاشمية، إعداد الشبكة القانونية للنساء العربيات، مؤسسة المُستقبل 2010، ص 96 وما بعدها.

[20]محمود على صبرة، أصول الصياغة القانونية، مرجع سابق ص 402

[21]محمود على صبرة، أصول الصياغة القانونية، مرجع سابق ص 148.

[22]دليل الصياغة التشريعى الفلسطينى، ديوان الفتوى والتشريع ومعهد الحقوق بجامعة بيرزيت، ص 146.

[23]عباس الصراف وجورج حزبون، المدخل إلى علم القانون، الطبعة الثالثة، مكتبة الثقافة، عمان، 1994، ص66.

 


رابط دائم: