العملات الرقمية وتحديات الأمن والاقتصاد القومى
22-1-2023

د.وليد عبد الرحيم جاب الله
* خبير الاقتصاد والمالية العامة، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع

مقدمة:

تعد النقود بمنزلة الأداة الرئيسية فى العملية الاقتصادية التى بدونها لا يُمكن تصور كيف يتم النشاط الاقتصادى، فالاقتصادات المعاصرة هى اقتصادات نقدية يسعى فيها الأفراد للحصول على النقود بوصفها أهم أشكال الثروة، بينما تعد النقود محورا للقرارات الاقتصادية لاسيما فى مجال الإنتاج والتوزيع وإدارة الاقتصاد الكلى بصورة عامة؛ حيث تعد السياسة النقدية خط الدفاع الأول لتوقى الصدمات الاقتصادية، وصانعة المبادرات المحفزة للنشاط الاقتصادى.

ومن ثم، فإن للنقود دورا مهما فى تحقيق الأمن الاقتصادى الذى يعد من أهم محاور الأمن القومى، والنقود أداة قابلة للتطوير، بدأت فى شكل معدنى، ثم تطورت للشكل الورقى، إلى أن وصلت إلى البطاقات الإلكترونية، لينتهى الأمر إلى النقود الإلكترونية، والنقود المُشفرة التى يطلق عليها أيضا مصطلحات (العملات الافتراضية، أو العملات الرقمية)، وهى نقود ليس لها قوام مادى ملموس وتقوم على خصائص تعصف بجميع أدوات السياسات النقدية التقليدية، ما يجعلها تُمثل خطرا حقيقيا على الأمن القومى للدول، الأمر الذى يحتاج إلى دراسة تلك العملات وتحديد بدائل التعامل معها بصورة تحقق المصلحة الاقتصادية ولا تخل باعتبارات الأمن القومى.

وسوف نعرض ذلك من خلال مبحثين، المبحث الأول عن مفهوم النقود والأمن القومى، والمبحث الثانى عن النقود المشفرة (الرقمية)الحديثة.

المبحث الأول- النقود والأمن القومي:

النقود لها مفهوم يتطور باستمرار، وإذا كانت مهمة للأفراد فإن أهميتها تزداد لدى الدول حيث تستخدم لتحفيز النشاط الاقتصادى، وتعد من أهم أدوات حماية الأمن الاقتصادى الذى يعد أحد محاور القومى، وسوف نتناول ذلك من خلال مطلبين، لنعرض فى المطلب الأول مفهوم النقود والسياسات النقدية. ثم نعرض فى المطلب الثانى الأمن القومى وعلاقته بتطور النقود.

المطلب الأول - النقود والسياسة النقدية:

أولا - مفهوم النقود:

النقود فى تعريفها الأكثر شيوعا: هى ذلك الشىء الذى يستخدم كمعيار للقيمة، ووسيط فى التبادل، ومخزن للقيمة، ويلقى قبولا عاما من الأفراد.

ومن ثم، لكى نكون أمام عملة نقدية حقيقية يجب أن تتوافر بها العناصر التالية:

1- أن تكون شيئا ما، فلا يشترط بها أن تكون معدنية أو ورقية، ولا مانع من أن تكون اعتبارية كما فى بطاقات الائتمان أو التسويات الإلكترونية، كما يمكن تقبل الصورة الرقمية الحديثة.

2- أن تستخدم كمعيار للقيم، ووسيط للتبادل، ومخزن للقيمة.

3- أن تتمتع بقبول عام فى الوفاء بالالتزامات، أو الشراء من المتاجر، أو البيع وغير ذلك من المعاملات [1].

ثانيا- مفهوم السياسة النقدية:

السياسة النقدية: هى مجموعة إجراءات يقوم بها البنك المركزى فى مجال إدارة كل ما يتعلق بالنقود، وتنظيم السيولة العامة للاقتصاد فى سبيل تحقيق الاستقرار النقدى، وتحفيز الأنشطة الاقتصادية. وتعد السياسة النقدية بمنزلة أسرع أداة لتحفيز الاقتصاد وتوقى الصدمات الاقتصادية من خلال توفير النقد اللازم لتمويل احتياجات القطاعات الاقتصادية المختلفة والتوسع فى الأسواق، كما تعد من الشروط الأساسية للتنمية الاقتصادية الفعالة، وإذا كان الحال فى غالب الدول أن فوائض المدخرات المحلية لا تكفى لتنفيذ هذه السياسة فإنه الدولة تلجأ إلى الاقتراض الخارجى أو إلى إصدار النقود لتمويل احتياجات مخططات التنمية يتم ذلك من خلال إجراءات السياسة النقدية.

ثالثا- أدوات السياسة النقدية وكيفية تحقيق أهدافها:

هناك العديد من الأدوات التى يمكن أن تشكل محاور السياسة النقدية، ويعتمد استخدام أداة معينة أو أكثر من أدواتها على الكيفية التى تعتمدها السياسة النقدية فى تحقيق أهدافها؛ وهى "فى الغالب" تعمل على تحقيق أهدافها وفق إطارين:

الأول: سياسات التحديد الكمى للسيولة النقدية: ويتم من خلالها تحديد الحجم الكلى للسيولة النقدية من خلال أدوات تؤثر فى تحديد كمية النقود المتداولة فى السوق، حيث إن زيادة حجم السيولة ينشط الطلب الكلى للمجتمع، وخفض حجم السيولة يخفض من حجم الطلب الكلي، ويمكن تحفيز النشاط الاقتصادى بالدفع نحو زيادة الطلب الكلى مع مراعاة ألا يزيد حجم السيولة على القدر المناسب وألا تحول الطلب إلى المنتجات المستوردة بالعملات الأجنبية فيرتفع الطلب عليها ما يرفع من أسعارها لينتهى الأمر بمزيد من التضخم وخفض فى قيمة العملة الوطنية. ومن ثم، فإن تلك السياسات يمكنها التأثير بزيادة أو خفض حجم النقود بالسوق حسب طبيعة تشخيص الحالة الاقتصادية فى كل مرحلة من مراحل التنمية، ومن أهم تلك السياسات:

1-  تغيير نسبة الاحتياطى بالبنوك: فالبنوك التجارية تلتزم بالاحتفاظ بجزء من الأرصدة والاحتياطات لدى البنك المركزى الذى يمكن له تغيير مقدار ذلك الاحتياطى كنسبة من حجم الودائع بالبنك التجارى، ما يؤثر بالزيادة أو بالنقص فى حجم النقود التى يمكن استخدامها للإقراض، الأمر الذى يؤثر بدوره فى حجم السيولة بالسوق.

2-  تغيير سعر الفائدة: وهو ما يطلق عليه "سعر الخصم" حيث يمكن للبنك المركزى التأثير فى السوق برفع أسعار الفائدة ما يشجع على الادخار فينخفض حجم النقود بالسوق ليترتب على ذلك انخفاض فى حجم الطلب الكلى، أو أن يُخفض من أسعار الفائدة فيُشجع المستثمرين على الاقتراض والاستثمار، ولا يدفع جانبا من المدخرين نحو الاتجاه نحو الاستهلاك فيرتفع الطلب الكلى، ويراجع البنك المركزى أسعار الفائدة بصورة دورية لتوجيهها نحو ما يحقق توازن المصالح الاقتصادية.

3-  عمليات السوق المفتوح: وهى أن يقوم البنك المركزى بشراء النقود أو بيعها فى السوق عن طريق طرح السندات أو أذون الخزانة لامتصاص السيولة من السوق، أو إعادة بيعها فى السوق ليزيد حجم النقود بالسوق حسب طبيعة متغيرات الاقتصاد.

الثاني - سياسات التحديد النوعى للنقود:وفيه تستهدف السياسة النقدية توزيع حجم الموارد المصرفية بين الاستخدامات المختلفة، داخل الحجم الكلى للسيولة المقررة للنشاط الاقتصادي، وهنا تقوم السياسة النقدية باستخدام أدواتها النوعية مثل:

1-  وضع سقوف ائتمانية تلتزم البنوك بعدم تخطيها بالنسبة لقطاعات معينة، مثل اشتراط ألا تزيد نسبة القروض الاستهلاكية على حد معين.

2-  وضع حد أدنى لتمويل قطاعات معينة، مثل اشتراط ألا يقل تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن نسبة معينة من حجم الودائع بالبنك.

3-  تقديم مبادرات تمويل منخفضة الفائدة لبعض القطاعات أو الأنشطة بالتفاهم بين البنك المركزى والبنوك التجارية حول مشاركة تحمل الفارق بين سعر الفائدة الرسمي، والسعر الأقل الموجه لتلك القطاعات.

المطلب الثاني - الأمن القومى وعلاقته بتطور النقود:

أولا - مفهوم الأمن القومي:

هناك العديد من التعريفات للأمن القومى، ومنها:

تعريف هنرى كيسنجر بأنه "أى تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقه فى البقاء"[2]، وفى تعريف آخر يرى روبرت ماكنمارا أن "الأمن هو التنمية، وبدون تنمية لا يمكن أن يوجد أمن، والدول التى لا تنمو فى الواقع، لا يمكن لها أن تظل آمنة"[3].

وفى تعريف أشمل يعرف الأمن القومى بأنه "القدرة التى تمكن الدولة من انطلاق مصادر قوتها الداخلية، والخارجية، العسكرية والاقتصادية، والعسكرية فى المجالات المختلفة لمواجهة المصادر التى تهددها فى الداخل والخارج، فى السلم والحرب، وتمكنها من الانطلاق بقوة فى الحاضر والمستقبل وفقا لاستراتيجيتها التى تحددها".

ثانيا -محاور الأمن القومي:

للأمن القومى محاور متنوعة قابلة للتطور مع تطور مناحى الحياة، وأهم هذه الأبعاد يتمثل فى:

1- المحور العسكرى، الذى يُعد أهم أبعاد الأمن القومى وأكثرها فاعلية وحسم فى مواجهة التهديدات والأخطار التى تواجه الدولة، ويتشابك هذا البعد مع بقية أبعاد الأمن القومى بصورة لا تقبل التجزئة؛ حيث إنأى ضعف فى الأبعاد الأخرى بمنزلة إضعاف للبعد العسكرى.

2- المحور الاجتماعى، الذى يتركز فى الحفاظ على الهوية، والعمل على تطوير الشخصية الوطنية، وإعداد المواطن إعدادا وطنيا متطورا فى صحته، وأخلاقه، وثقافته، وتراثه بصورة ترسخ من دعم السلم والاستقرار الاجتماعى وخلق توازن بين العوامل الاجتماعية، والسكانية المختلفة.

3- المحور الاقتصادى، الذى يحقق أكبر قدر من الرفاهية للمواطنين من خلال عمليات تنمية اقتصادية شاملة تكفل تحسن مطرد فى مستويات المعيشة، وتلبية أكبر قدر من الحاجات الإنسانية للمواطن، وتحقق الأمن الاقتصادى بمفهومه الحديث.

هذا والقاسم المشترك لتحقيق الأمن الاقتصادى، وغيره من محاور الأمن القومى بكل أبعاده، هو توافر النقود التى تمول تحقيق الأمن الاقتصادى من خلال سياسات مالية، ونقدية تكفل توفير التمويل والاستقرار النقدى.

ثالثا -الأمن الاقتصادي:

تطور مفهوم الأمن من كونه مجرد قضية عسكرية محضة إلى أن توسع ليشمل أبعادا جديدة ترتبط بالقدرات الشاملة للدولة بما تتضمنه من محاور اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وغيرها. ويعرف الأمن الاقتصادى لدى الكثيرين بأنه "امتلاك الأفراد ما يكفى من النقود لإشباع حاجاتهم الأساسية، كالغذاء، والمأوى اللائق، والرعاية الصحية الأساسية، والتعليم"[4].

ومن ثم،فإنه يستلزم لكى يتحقق الأمن الاقتصادى أن تتوافر عناصر أهمها:

-الأمن الغذائى، من خلال ضمان قدرة المجتمع على توفير المستوى اللازم من الغذاء لأفراده فى حدود قدرتهم الشرائية، مع ضمان حد الكفاف من الغذاء لغير القادرين.

-توفير السكن اللائق فى المساحة وعدد الغرف، والمكتمل الخدمات الأساسية من مياه، وكهرباء، وصرف صحى، وغيرها ما يسمح بمعيشة سوية.

-الأمن الصحى، بتوفير وسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة بصورة تتحسن من خلالها صحة المجتمع ليصبح قادراعلى العمل والإنتاج. ويكون ذلك من خلال توفير برامج للرعاية الصحية، وخدمات التأمين الصحى، وتوفير الأدوية، وتطوير المستشفيات والمراكز الصحية وغيرها من المؤسسات التى تعمل فى مجال العلاج والتثقيف الصحى.

-التأمين الاجتماعى الذى يستقطع جانبا من أجور العاملين وإيداعها فى صندوق لمنحهم تعويضات فى حالات ترك العمل أو الفصل من الخدمة، أو بلوغ سن التقاعد، أو العجز، أو المرض، أو الوفاة.

-مكافحة الفقر، من خلال التصدى لمشروعات تحسين معيشة الفقراء وخلق فرص عمل لهم للحد من الجرائم، وانتشار الأمراض، وسوء التغذية.

-العمل، وخلق فرص العمل هو من أهم محاور الأمن الاقتصادى حيث يمثل الطريق الأساسى الذى يكفل حالة الاستقرار بالمجتمع والمدخل الفاعل فى تحقيق القوة والأمن الاقتصادى.

-السياسات الاجتماعية، وتشمل برامج مساندة الشرائح الأولى بالرعاية، مثل تمويل المشروعات الصغيرة، وبرامج الأسر المنتجة، وتشغيل الشباب والمرأة، ورعاية الطلاب وغيرها.

-استغلال الثروات والموارد الطبيعية، مثل الثروات المعدنية، والبترول والغاز وغيرها من الثروات التى تسهم فى تحسن قدرة الدولة فى تحسين مستويات المعيشة وخلق فرص العمل.

-حماية البيئة، للحد من التلوث والتهديدات الصحية التى تنعكس على مُخصصات الدول والأفراد للرعاية الصحية حال تعرض المواطنين للأمراض يفعل التدهور البيئى.

 رابعا - تطور النقود ودور الدولة النقدي:

1- الإشباع الذاتى: لجأ الإنسان منذ بدء الخليقة إلى إشباع حاجاته بنفسه، أو بتعاونه مع أسرته أو قبيلته لتحقيق الاكتفاء الذاتى.

2- المقايضة: مع تطور الحياة وتنوع الاحتياجات البشرية ظهرت المُقايضة كأسلوب لتبادل، ولكن مع تنوع المنتجات وتطور قوى الإنتاج ظهرت صعوبات للمقايضة أهمها، صعوبة تحقيق التوافق بين المتبادلين، وصعوبة تحقيق نسب التبادل بين السلع، وعدم قابلية بعض السلع للتجزئة

3- النقود المعدنية: ظهرت النقود المعدنية للتغلب على صعوبات المُقايضة، فظهرت النقود المصنوعة من معادن، مثل الحديد، والنحاس، والذهب، والفضة وقد لقى الأخيران قبولا عاما أكبر لما يتمتعان به من ندرة نسبية، وثبات نسبى لقيمتهما، وعدم قابلية للتلف، وإمكانية الانقسام لوحدات مُتماثلة. فكان الناس يقبلون بتلك المعادل كوسيط للتبادل بعد وزنها وتقييمها، وتطور الأمر إلى أن قام الحُكام بسكها وإصدارها لتسهيل التبادل التجارى بين الناس. ثم تم احتكار الدول لإصدارها وإعطائها القوة القانونية، وقد كان ذلك أول تدخل من الدول لتنظيم إصدار النقود، والذى تركزت وظيفته فى ضمان أمان النقود وعدم تزيفها بصورة تكفل أمن واستقرار الأسواق وسلامة التعاملات.

4- النقود الورقية: بدأت النقود الورقية فى صورة صكوك سهلة الحمل تُثبت امتلاك المعادل الذهبى لها وإيداعه عند أحد الصيارفة أو البنوك الخاصة، ومع ملاحظة الصيارفة أن نسبة صغيرة من المتعاملين هم من يطلبون تحويل صكوكهم لمعدن بدأت البنوك تصدر صكوكا بما يجاوز ما هو مودع لديهم من ذهب، ومع إسراف البنوك فى ذلك تدخلت الدول مرة أخرى وقصرت إصدار النقود على بنك واحد فيما عرف بعد ذلك بالبنك المركزى، بما يضمن أمن عملية الإصدار لعدم التوسع غير المنضبط لعملية إصدار نقود ليس لها غطاء ذهبى مناسب، ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى إعفاء البنوك من تحويل النقود لمعدن وفرضت إلزاميتها القانونية، الأمر الذى ربط النقود التى تصدرها كل دولة بمدى قدرتها الاقتصادية، وليس ارتباط العملة بغطاء نقدى فقط. وهنا تعاظم دور السياسات النقدية والمالية والاقتصادية بصفة عامة فى التأثير فى حجم النقود بالأسواق بما يضمن التوازن بين تحفيز الاقتصاد والحفاظ على استقرار العملة التى يعد استقرار قيمتها هو أهم أسس الأمن الاقتصادى الذى يُحافظ للمواطنين على القيمة الحقيقية لمدخراتهم ودخولهم التى تمكنهم من تحقيق الإشباع لمتطلباتهم المتنوعة.

5- نقود الائتمان: التى يمكن سحبها بواسطة شيكات، وبطاقات الائتمان،وقد تنوعت إصدارات بطاقات النقود الإلكترونيةالمستندة إلى عملة حقيقية من خلال بطاقات الائتمان (الفيزا كارت) المختلفة، وقد ظلت هذه النقود تستند إلى عملة حقيقية مودعة فى البنوك مُصدرة بطاقات الائتمان ومؤمن عليها لدى شركات تأمين مُتخصصة تدفع قيمتها حال حدوث عارض، كما أن الشيكات التى يُصدرها التجار تستند إلى مقدرتهم على السداد ويتعرض مُصدرها للإفلاس والسجن حال عدم الوفاء بما يضمن عدم التوسع فيها بصورة تُغير من توازن الأسواق، وإن كانت تكنولوجيا خلق نقود الائتمان كانت السبب الأساسى فى أزمة الرهن العقارى العالمية لعام 2008.

6- النقود الرقمية: أحدث أنواع النقود الجديدة التى صدرت على شبكة الإنترنت، وأشهرها ما يطلق عليها البيتكوين، وسنتناولها على وجه التفصيل.

المبحث الثاني - العملات المُشفرة:

العملات المشفرة هى أحدث مراحل تطور النقود، ونظرا لما لها من طبيعة خاصة تؤثر فى تعاملات الأفراد، وترتب تداعيات على الأمن القومى للدول فسوف نتناولها من خلال مطلبين، حيث نتناول فى المطلب الأول، مفهوم العملات المُشفرة، ونتناول فى المطلب الثانى، تفاعلات تلك النقود وتأثيراتها، وأفقها المستقبلى.

المطلب الأول - مفهوم العملات المُشفرة:

أولا - العملات المشفرة:

العملات المشفرة، أو العملات الافتراضية، أو العملات الرقمية جميعها مصطلحات لمفهوم واحد يعبر عن تلك النقود التى ظهرت حديثا على شبكة الإنترنت، انطلاقا من خيال المبرمجين لتكون مقبولة فى مجال التبادل التجارى عبر متاجر الإنترنت بالأساس[5]. وسوف نستخدم مُصطلح "العملات المُشفرة" بوصفه المصطلح الذى تم استخدامه فى قانون البنك المركزى المصرى رقم 194 لسنة 2020.

والعملات المُشفرة عبارة عن أكود تعبر عن رصيدمن القوة الشرائية المُسجلة فى سجل إلكترونى دون أن يكون لها شكل مادى ملموس من معادن أو، ورق، أو بلاستيك أو، غيره.

وقد عرف قانون البنك المركزى المصرى العملات المُشفرة بأنها"عملات مُخزنة إلكترونيا غير مُقومة بأى من العملات الصادرة عن سلطات إصدار النقد الرسمية، ويتم تداولها عبر شبكة الإنترنت".

وهى تختلف عن النقود العادية فى كونها تصدر بعيدا عن التنظيم الحكومى؛حيث لاتصدر من بنوك نظامية ولا تستند إلى نقود حقيقية، وليس لها شكل مادى ملموس، وإنما هى مجرد أكواد على شبكة الإنترنت.

كما أنها تختلف عن النقود الإلكترونية التى عرفها قانون البنك المركزى المصرى بأنها "قيمة نقدية مقومة بالجنيه المصرى أو بإحدى العملات المصدرة من سلطات إصدار النقد الرسمية مستحقة على المرخص له بإصدارها، وتكون مخزنة إلكترونيا ومقبولة كوسيلة دفع"[6].

وتعد العملات المُشفرة أحدث مرحلة من مراحل تطور النقود، وقد بدأت مُحاولات عديدة لإصدارها خلال فترة التسعينيات، إلى أن تصدى مُبرمج كمبيوتر مجهول أطلق على نفسه اسم ساتوشى ناكاموتو لاختراع عملة البيتكوين الافتراضية التى تخرج عن التنظيم، والإشراف الحكومى لتكون أول عملة مُشفرة تلفت الأنظار.

والبيتكوين عملة وهمية افتراضية مُشفرة، تُعد بداية لمرحلة جديدة من تطور النقود؛ حيث ظهرت لتناسب الحركة المالية والتجارية عبر الإنترنت، دون أن يكون لها وجود مادى حتى الآن، فهى عبارة عن أكواد تُمثل معيارا للقيمة ووسيطا فى التعامل عبر الإنترنت من خلال البنوك الإلكترونية، وهى ليست العملة الرقمية الوحيدة وإنما هى الأشهر بين أكثر من عشرة آلاف عملة رقمية انتشرت بصورة كبيرة مثل (ليتكوين، والإيثريوم، والريبل، ونوفاكوين، ونيموكوين، وبيركوين، ودوجى كوين، وكاتى كوين، وغيرها) ويصدر نحو 50 عملة رقمية جديدة يوميا، وجميعها لا تصدر من هيئات حكومية، وتخرج عن سيطرة البنوك المركزية. ولعل شهرة البيتكوين ترجع إلى كونها الأكثر قبولا لدى العديد من المتاجر الإلكترونية، والأكثر قدرة على إعادة تحويلها لعملة تقليدية ببيعها إلى من يشتريها بما يعادلها من عملات تقليدية وسوف نعرضها كنموذج أساسى لتلك النقود.

ثانيا - طرق الحصول على العملات المُشفرة

ويستطيع الشخص الحصول على البيتكوين وغيرها من تلك النقود المُشفرة عن طريقين:

1- الشراء من خلال منصات إلكترونية؛حيث يقوم الشخص بإنشاء محفظة إلكترونية على جهاز الكمبيوتر الخاص به ثم يقوم بعمليات التداول على المنصة التى يختارها أو من خلال وسيط يساعده على ذلك.

2- التعدين ويقصد به طريقة إنتاج للنقود المُشفرة، ويتم ذلك من خلال مجموعة من الأجهزة التى تقوم بفك شيفرات معينة بشكل مُعقد تكون نتيجتها إصدار العملة الرقمية المحددة، والأمر هنا يحتاج إلى أجهزة كمبيوتر قوية بمواصفات خاصة حتى تستطيع التعامل مع تلك الشيفرات التى تزداد صعوباتها تدريجيا، وعلى سبيل المثال بدأت بيتكوين الأمر بإمكانية هذه الأجهزة الحصول على مكافأة قدرها 50 بيتكوين عن كل كتلة شيفرات يتم حلها، ثم توالى تخفيض تلك المكافأة عن طريق زيادة صعوبات حل الشيفرات، حتى إنها ستصل فى يوم من الأيام إلى قدر ضئيل جدا من البيتكوين، ويحصل المُعدنون على ذلك نظير ما قاموا به من إنفاق فى شراء الأجهزة، وتهيئة المكان المناسب لها، والقيام بتشغيلها، وسداد ما تستهلكه من طاقة كهربائية كبيرة، وتحمل ما يصدر عنها من ضجيج، ليتم بعد ذلك حفظ ما يصدر عن الأجهزة من بتكوين فى محفظة إلكترونية، وتسجيل الإصدار فى سجل عام يُسجل جميع عمليات التعدين منذ بداية بيتكوين لتدخل بعد ذلك سوق التداول الإلكترونى؛حيث تكون هناك إمكانية لاستبدال عملات ومنتجات أخرى بها، وتُشير تقديرات لجامعة كامبريدج إلى وجود نحو 6 ملايين مُستخدم يستعملون العملات الرقمية فى عام 2007، مُعظمهم يستخدمون البيتكوين، وتتجه أعدادهم للزيادة.

ثالثا- تقييم العملة المُشفرة[7]

يبدأ مشروع إصدار عملة مُشفرة بمعرفة لغة البرمجة جيدا ثم وضع خطة تسمى (المشروع والهدف) وإطلاق اسم مميز لها، ثم تكوين فريق تسويق، ويتم طرحها فى البداية بسعر أقل من سنت لجمع أكبر عدد من المتعاملين فترتفع قيمتها.

ويرى البعض أن هناك عملات لها مشروعات ومطورون محترمون بينما توجد عملات أخرى بمنزلة مشروع نصب قصير الأجل، وفى جانب آخر نجد أن هناك عملات مُشفرة مثل بيتكوين عددها محدود يصل إلى نحو 21 مليون وحدة عملة بينما الدوجى كوين عدده مفتوح ما يخرجها من أُطر ضبط أو توقع مستقبلها.

وفى مجال تقييم النقود المُشفرة نجد أنه:

أ‌- مزايا العملات المُشفرة يتمثل في:

1- انتشار نطاقها ليُغطى العالم دون قيود، والواقع أن هذا القول على وجاهته فإننا نجد حجم سوق العملات الافتراضية وصلت بالفعل قيمتها السوقية إلى نحو 2,5 تريليون دولار، ثم شهدت انخفاضا لأقل من 1,5 تريليون دولار، وتشهد تذبذبا كبيرا، ومن ثم فإن قيمتها السوقية وحتى فى أعلى مستوياتها تعد محدودة جدا مقارنة بحجم سيولة عالمية تجاوز 80 تريليون دولار فى عام 2013، وتجاوز ديون الولايات المتحدة وحدها حاجز الـ 22 تريليون دولار عام 2017

2- غير مرتبطة بدولة أو منطقة معينة، فتلك النقود تتسم بالعالمية حيث تصدر من أحد أو فريق من المبرمجين ليتم تداولها على شبكة الإنترنت دون اعتراف بحدود سياسية أو مناطق جغرافية.

3- تتسم بالسرية، والسرية تنبع من كون تلك العملات ترتبط بمحافظ،وإصدارات، ومنصات تداول جميعها تعتمد على الشفرات المعقدة التى تحميها تكنولوجيا فائقة يصعب اختراقها.

4- انخفاض النفقات، وهو ما يفضله أصحاب المعاملات التجارية، ولا سيما أنها تخلق إطارا تبادليا تجاريا مباشرا دون وسطاء. والواقع أن تلك الميزة حقيقية بالفعل لكون تلك النقود تعتمد على تكنولوجيا حديثة تتسم بانخفاض تكلفتها، ولكن هناك فارقا بين التكنولوجيا القائم عليها العملات الافتراضية، والعملات الافتراضية نفسها، فالتكنولوجيا مفيدة والبنوك تستخدمها لسرعتها وانخفاض تكلفتها بينما النقود الإلكترونية بشكلها الحالى لا يزال تواجهها مشكلات كثيرة.

ب‌-  مخاطر العملات المُشفرة:

1- بيئة مثالية لتسهيل عمليات الفساد، وغسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ حيث إنه بمجرد شراء تلك النقود يُمكن لأصحابها تحويلها لأى مكان بالعالم دون رصد أو متابعة ليُعاد تحويلها إلى نقود عادية فى الدول التى تسمح بذلك، ما يسهل وصول الأموال إلى الإرهابيين، ويسهل خروج الأموال الناتجة عن فساد إلى دول الملازات الآمنة.

2- تُفقد الحكومات قدرتها على إدارة الاقتصاد أو تطبيق أدوات السياسات النقدية والمالية اللازمة لتحقيق النمو واستقرار الاقتصاد والمُعاملات المالية، كما أن منظومة تلك العملات الإلكترونية تحول عن تحصيل موارد الدولة، وتحد من قدرتها على ضبط الأسواق، حيث لا يوجد أى إشراف، أو رقابة حكومية، أو مُراجعة من مؤسسات دولية على آليات إصدار وتداول تلك العملات المُشفرة.

3- عدم وجود جهة يمكن الرجوع عليها حال إضرارها بالأمن والسلم الدوليين، ففى عالم يصدر به نحو 50 عملة رقمية جديدة يوميا أصبحت متابعة نشاط تلك السوق من الصعوبة أن يتم رصد تحركاتها الأمر الذى يجعلها مجالا خصبا لكل الأفعال التى يمكن أن تهدد الأمن والسلم الدوليين سواء من أشخاص، أو تنظيمات إجرامية.

4- لم تصل إلى مرحلة النضج مايجعلها غير آمنة وعرضة للسطو الإلكتروني، فمنظومة إصدار وتداول العملات المُشفرة لا تزال تخضع للتطوير والتغيير السريع، ولا أحد يعلم على وجه اليقين الشكل الذى ستستقر عليه، الأمر الذى يجعلها بمنزلة نقود غير آمنة يمكن أن تنقرض بعضها فى ساعات ويخسر مالكها كل شىء، كما يمكن أن يتعرض للسطو الإلكترونى دون أن يجد من يرجع عليه بما أصابه من أضرار.

5- مجال خصب للمضاربةوخلق فقاعات تجارية، والمضاربة هى أساس صعود القيمة السوقية لتلك النقود فلا تزال المتاجر الإلكترونية التى تقبل التداول من خلال بعض تلك العملات محدودا جدا ومُتغيرا بصورة تجعل الطلب الحقيقى على تلك العملات أساسه المضاربة وليس التداول والشراء من المتاجر.

والسؤال هنا: هل النقود المُشفرة تعد نقودا بالمعنى الفني، والقانوني؟

وبالرجوع لما سبق أن ذكره من خصائصالنقود الحقيقية نجد أنه يستلزم أن تصلح لتكون:

1-  معيارا للقيم: ربما تصلح النقود الرقمية كمعيار لحظى للقيمة ولكنه مشوب بالتقلب الذى يرتبط بالتقلب الشديد والحاد فى أسعار تلك العملات ليس فقط من يوم لآخر بل من لحظة وأخرى، حتى إن صلاحيته اللحظية لتقدير القيمة هى صلاحية محدودة بعدد محدد من السلع والخدمات.

2- وسيطا للتبادل: هى بمنزلة وسيط محدود للتبادل، وحدوده مقصورة على التبادل على شبكة الإنترنت، وعلى المتاجر والمنتجات التى تقبل به، والأخطر هو أن بعض الشركات تقبل التداول على نقود رقمية مُحددة ثم تغير من قائمة النقود التى تقبلها من وقت لآخر ما يخلق شكا فى قدرة النقود الرقمية على كونها وسيطا مستقرا للتداول، وعلى سبيل المثال قد أعلن إيلون ماسك (المالك الرئيسى لشركة سيارات تسلا الكهربائية) قبول عملة بيتكوين لشراء سيارات تسلا الكهربائية، ثم تراجع عن ذلك ليبحث عن عملة أخرى.

3- مخزنا للقيمة: والتفاوت الحاد فى قيم العملات الرقمية وتذبذب أسعارها بين الارتفاع والانخفاض دون قيد أو شرط يجعل استخدامها كمخزن للقيمة محل خطورة شديدة؛ حيث إن من يحتفظ بها مُعرض لأن ترتفع قيمتها أو تتلاشى دون أى تبرير أو ضمان. وعلى سبيل المثال تراجعت عملة الدوجى كوين خلال أيام من 70 سنتا إلى نحو 22 سنتا فى 20 يوليو 2021، وتراجعت عملة تاى تان من 59 دولارا إلى صفر، وإذا رأى البعض ان هذا أمر طبيعى فى سوق يتسم بالتصحيح العنيف، التصحيح الحاد يتجاوز كل تصورات علم إدارة المخاطر بصوره تجعلها غير صالحة لأن تكون مخزنا للقيمة.

4- القبول العام: والقبول فى مجال استخدام النقود المُشفرة فى مجال الوفاء بالالتزامات، أو الشراء من المتاجر، أو البيع وغير ذلك من المعاملات هو محل شك كبير؛ لأنه كما ذكرنا القبول بتلك النقود مقصور على بعض المنتجات والخدمات فى بعض المتاجر على شبكة الإنترنت، ويختلف نطاق القبول من عملة لأخرى، ومن وقت لآخر.

ومن ثم، فإننا أمام نقود غير مكتملة حتى الآن ويؤثر فى صلاحيتها فى القيام بوظائف النقود الكاملة كون المتاجر والقطاعات التى تقبل التعامل بها لاتزال محدودة مقارنة بحجم التجارة العالمية، وذلك يعنى أن تزايد الطلب عليها يستهدف المضاربة أكثر من استهدافه استخدامها فى التبادل التجارى، ذلك الأمر الذى يمكن أن يخلق فقاعة تجارية تؤدى إلى انهيار قيمتها، ما يعنى خطورة استخدام هذه العملة كمخزن للاحتفاظ بالثروة على أساس أن الاحتفاظ بها على المديين المتوسط أو الطويل يُعرض صاحبه لمخاطر انهيار سعرها وفقدان ثروته فى حالة انسحاب المضاربين عليها، أو التدخل الحكومى لمحاربتها، أو حدوث تطور لقدرات الهاكرز بصورة تؤدى إلى السطو الإلكترونى، أو السيطرة على منظومتها كاملة، وهنا لن يجد الشخص من يلجأ إليه لاستعادة حقه فى ظل خروج هذه العملة من السيطرة والإشراف الحكومى، والتنظيم المؤسسى العالمى الذى لا يزال يقف أمامها حائرا.

 المطلب الثانى - تفاعلات العملات المُشفرة:

أولا- انتشار العملات المُشفرة:

كانت البداية الحقيقية لظهور العملات المُشفرة مع انتشار عملة "بيتكوين"،وقد كانت قيمة البيتكوين زهيدة جدا فى بداية ظهورها فى التسعينيات، وكان نطاق انتشارها ضيقا جدا لعدم قناعة مؤسسات النقد العالمية بها، ولاسيما أن آليات البيتكوين يمكن أن تفتح الطريق لتأسيس نظام نقدى جديد يعتمد على التعامل المباشر بين المستخدمين دون وسيط، ويؤسس للوصول إلى تغيير قواعد تنظيم الاقتصاد العالمى، وظلت بيتكوين تعانى بطء خطوات انتشارها،إلى أن حدثت الأزمة المالية العالمية عام 2007/2008 التى أطلق عليها أزمة الرهن العقارى بسبب انطلاق البنوك الأمريكية والأوروبية فى إقراض ذوى الدخل المحدود مبالغ باهظة من أجل شراء المنازل التى كان الارتفاع المتتالى لأسعارها يُخفى صعوبات سداد أقساطها؛ حيث يتوالى بيع وشراء المنازل بأسعار متصاعدة وبقروض متتالية وهى عملية أطلق عليها التوريق، إلا أنه مع الوصول إلى حد لم يستطع فيه قطاع كبير من أصحاب المنازل سداد الأقساط فحدث انهيار فى أسعارها، ولم تستطع شركات التأمين تغطية ذلك الخطر، كما لم تستطع البنوك تحمل تلك الخسائر فحدثت حالة من السقوط المتتالى والسريع للمؤسسات النقدية من بنوك وشركات تأمين وغيرها، وبدأ تدخل الحكومة الأمريكية بخطة إصلاح سارت على نهجها الحكومات الأوروبية، ورغم النجاح النسبى فى الحد من الانهيار فإنه حدثت حالة من انعدام الثقة بالصورة الحالية من النظام الرأسمالى، ومؤسساته، وإدارته المالية والنقدية، ولم تنجح المؤسسات العالمية فى العودة بالاقتصاد العالمى لما قبل تلك الأزمة حتى الآن.

 وقد اكتسبت بيتكوين المزيد من القوة، بقدر تراجع الثقة بالمؤسسات المالية العالمية منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، واتسع نطاق قبولها بمرور السنوات مدعوما بحالة عدم الاستقرار السياسى والركود الاقتصادى الذى أصاب العالم منذ تلك الأزمة، حيث تراجعت الثقة بالعملات التقليدية التى تصدرها الحكومات لمصلحة العملات الافتراضية التى من أهمها عملة بيتكوين ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بصورة قياسية فى ظل تزايد رغبة الكثيرين من التخلص من عملاتهم التقليدية خشية فقدانها لقيمتها، واللجوء إلى العملات الافتراضية المتزايدة قيمتها منذ إصدارها التى يتسع نطاق قبولها مع الأيام ودخول المضاربين كقوة طلب إضافية تدعم هذه العملة وتدفع نحو رفع قيمتها.

ومع عودة الاضطرابات الاقتصادية التى اتسمت بها فترة الرئيس ترامب الرئاسية من إدارة الاقتصاد الأمريكى خارج السياق المألوف وخروج الولايات المتحدة من الكثير من الكيانات والاتفاقات وحربها التجارية مع الصين تراجعت الثقة بالتنظيم الاقتصادى التقليدى مرة أخرى ما أدى إلى مزيد من ارتفاع القيمة السوقية للبيتكوين فى ظل تطور كبير فى التكنولوجيا بصورة جعلت من السهولة أن يصدر الكثيرون عملات مُشفرة أخرى، لنجد أنفسنا مع انتهاء ولاية ترامب أمام نحو عشرة آلاف عملة إلكترونية، وإصدار نحو 50 عملة جديدة يوميا فى المتوسط ما حول المسألة إلى ما يمكن أن نطلق عليه فوضى العملات الإلكترونية التى اتسع سوقها ليتجاوز 2 تريليون دولار عالميا بدون أى ضوابط أو أفق محدد يُمكن توقع نتائجه ما جعل تلك العملات بشكلها الحالى بمنزلة تحد جديد لمشروعات التنمية فى دول العالم، وأداة تؤثر فى أمنها القومى من الناحية الاقتصادية يستلزم التعامل معه، ولكن اختلفت طريقة التعامل مع هذا الملف من دولة لأخرى حسب طبيعة مصالحها الذاتية.

ثانيا - طرق التعامل مع العملات المُشفرة فى العالم:

فعلى مستوى العالم نجد أن جميع الدول والمؤسسات الدولية تُدرك أن العملات المُشفرة لا تزال فى مرحلة البناء والتطور، لذا نجد أن كل دولة تحاول التعامل معها بما يُحقق مصالحها حتى إن كان ذلك يتضمن تناقضا فى التعامل مع تلك العملات بين مؤسسات الدولة الواحدة، فمع التسليم بوجود تلك العملات،يمكن أن نرصد حالة دولية من التردد، والقلق، والخوف من أن يسبق الآخرون ويقوموا بالاستفادة منها، ما يخلق حالة من الانتهازية النقدية لبعض الدول، ليختلف التعامل على حسب مصلحة كل دولة إلى عدة اتجاهات، وسوف نرصد أهم اتجاهات التعامل مع عملة بيتكوين على سبيل المثال بوصفها أهم تلك العملات:

الاتجاه الأول، هو السماح بالتعامل بالبيتكوينوالإقرار بوجودها كعملة مُعترف بها،وهو ما اتخذته دول مثل سويسرا التى تعد مركز المال الأول عالميا؛ حيث أقرت الحكومة التعامل بالبيتكوين كوسيلة للدفع للعديد من الرسوم والخدمات، وسمحت لشركات الخدمات المالية بالتحويل من البيتكوين للفرانك، ما يجعلها قبلة لتحويل الأموال إليها عبر تحويلها إلى بيتكوين ثم تحويل البتكوين لفرانك فى سويسرا والإيداع فى بنوكها.

الاتجاه الثاني، هو عدم الاعتراف بالبيتكوينبل منع التعامل بها نهائيا وإصدار تشريعات للحد من استخدامها، وهو ما اتخذته دول مثل الهند، وبنجلاديش، وبوليفيا، وإكوادور وغيرها.

الاتجاه الثالث، هو ازدواجية التعامل مع البيتكوين، وتأخذ به دول مثل، مثل ألمانيا، التى حرصت الحكومة على الاعتراف بها فى مجال فرض الضرائب بينما حذرت هيئة الرقابة المالية والبنك المركزى بها من التعامل بها نهائيا. وفى أمريكا، اعترفت بورصة شيكاغو بالبيتكوين وهى التى تعد من أكبر الكيانات التى تتعامل فى المشتقات المالية، بينما رفضتها كل البنوك والكيانات المالية، واعتبرها بعضهم أنها بمنزلة خدعة ستنتهى قريبا.

الاتجاه الرابع، هو دراسة إصدار عملات رقمية وطنية تنافس البيتكوينوتحل محلها، بحيث تصدر تلك العملات الجديدة من البنوك المركزية الحكومية، وهو ما تدرسه دول مثل بريطانيا، وروسيا، وكندا، وهولندا، وكوريا الجنوبية، وأوكرانيا، بينما نجد أن دبى بالإمارات العربية المُتحدة قد سبق أن أطلقت بالفعل عملتها الرقمية الأولى باسم   emCashبحيث تستخدم تلك العملة فى سداد قيمة الخدمات الحكومية وغير الحكومية.

الاتجاه الخامس، هو التراجع عن السماح بنشاط البيتكوين، وهو ما قامت به دول مثل الصين، فبعد تحقيق الصين لمصالح اقتصادية هائلة من سماحها بعمل البيتكوين، وامتلاكها نحو 23% من سوق التداول بها عالميا بقيمة تجاوز 150 مليار دولار أمريكى، نجد أنها قامت بتوجيه ضربة قاصمة لها هوت بقيمتها إلى أدنى المستويات بفعل استهلال عام 2018 بتصريحات صينية أوصى فيها بنك الشعب الصينى بإغلاق جميع المواقع الإلكترونية ومنصات تداولا لبيتكوين وغيرها من العملات الرقمية الموجودة داخل الصين، وحجب الخارجى منها، وإزالة التطبيقات ذات الصلة بها من متاجر التطبيقات، مستهدفة تحقيق حسابات تجارية واقتصادية، ورغبة فى إعادة تنظيم مجالها بما يحقق مصالح الصين. وفى هذا الإطار أصدرت الصين اليوان الإلكترونى وذلك للاستخدامات المحلية كعملة قانونية صادرة عن بنك الشعب الصينى ومضمونه بائتمان الدولة، وتعادل اليوان الورقىتم تجريبها عام 2019 وتم التوسع فى تطبيقها عام 2020.

الاتجاه السادس، هو تقديم حوافز للتعامل مع البيتكوين، وهو ما قامت به بيلاروسيا التى تُخطط لأن تكون مركزا إقليميا لتداول بيتكوين وغيرها من العملات الرقمية، حيث استهلت عام 2018 بمرسوم رئاسى يُشجع التعامل بالبتكوين ومثيلاتها من العملات الرقمية ولا يفرض أى قيود على ما يرتبط بها منإنشاء وحفظ ونقل وتبادل الرموز وعمليات البورصات والمنصات المشفرة، ولا تعد أنشطة الأشخاص فى هذا المجال عملا تجاريا ويمنحهم إعفاء من جميع الضرائب والرسوم حتى عام 2023.

الاتجاه السابع، وهو إصدار تشريع يُنظم عمل البيتكوين ومثيلاتها، حيث قامت الحكومة اليابانية بسن قوانين جديدة لهيكلة القطاع المالى ونظامه الضريبى، للاعتراف بالبيتكوين، ومثيلاتها من العملات الرقمية والسماح بالتعامل بها مع فرض معايير تتعلق بحماية المستخدمين وتحسين أنظمة الأمان والحماية التى تستخدمها الشركات المزودة لخدمات استخدام وتداول بيتكوين بالإضافة إلى وجوب إفصاح هذه الشركات عن معظم المعلومات المتعلقة بالعمولات والرسوم التى تفرضها نظير استعمال خدماتها، والإدلاء بجميع التفاصيل المتعلقة بها كعنوان الشركة وبيانات العاملين بها وكفاءتهم، وسائل الاتصال بها، ورخص التسجيل، وغيرها من البيانات التى تسهم فى تحقيق أكبر قدر من تأمين هذه التعاملات، وتبتعد بها عن الأغراض غير المشروعة[8].

ثالثا - مستقبل النقود المُشفرة والتحديات الأمنية:

ووسط هذا الزخم الدولى الكبير فى مجال التعامل مع العملات المُشفرة التى تجاوز عددها 10000 عملة رقمية بقيمة سوقية تجاوزت 2 تريليون دولار، يظهر جليا أن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء، وأن ما يحدث حاليا هو بمنزلة مرحلة مخاض لتطور جديد للنقود يؤسس لنظام نقدى جديد، وربما نجد فى القريب العاجل إصدار بعض التكتلات الاقتصادية عملات رقمية موحدة، أو أن يُطور صندوق النقد والبنك الدوليين من آلياتهما ويندمج فى المستقبل باعتماد بيتكوين أو إحدى مثيلاتها كعملة رسمية، أو أن يُصدر عملة رقمية جديدة تفتح الطريق لوجود عملة عالمية موحدة، بعد أن فشلت فى ذلك العملات التقليدية ما يُغير من آليات النظام النقدى العالمى بصورة كاملة.

ورغم ذلك فإن الشكل الحالى للنقود المُشفرة يُمثل تهديدا مباشرا للأمن الاقتصادى العالمى لأسباب أهمها:

1-  يحكم تلك النقود سوق إلكترونية ليس لها أى معايير أو ضوابط، سوق تحكمه تغريدة، فمجرد صدور تغريدة على تويتر من كبار مُستثمرى تلك السوق مثل إيلون ماسك أو دورسى أو مارك كوبان، يمكن أن ترتفع تلك العملات ارتفاعا كبيرا أو تنهار كليا، ما يجعلنا أما ما يشبه مائدة قمار. وتطبيقا لذلك تابعنا خسارة سوق العملات المُشفرة 600 مليار دولار فى بداية تعاملات أحد أيام مايو 2012 لتهبط القيمة السوقية لتلك العملات من 2,1 تريليون دولار إلى 1,5 تريليون دولار قبل أن ترتفع إلى 1,7 تريليون دولار فى اليوم نفسه، كما تابعنا إعلان إيلون ماسك (المالك الرئيسى لشركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية) قبول بيتكوين لشراء سيارات تسلا فارتفعت البتكوين بجنون، ثم عاد ورفض قبولها لشراء السيارة بدعوى المخاوف البيئية من التعدين فانخفضت انخفاضا حادا بمجرد أنه غرد بأن العملات الرقمية فكرة جيدة ولها مستقبل لكن لا يمكن أن يكون على حساب البيئة لكونها تستخدم وقودا كثيرا عند تعدينها، وأنه يبحث عن عملة أخرى تستهلك أقل من 1% عند التعدين.

2-  الشكل الحالى لتلك العملات الرقمية يشكل إضرارا بالأمن الاقتصادى للدول الذى هو أحد محاور أمنها القومى؛ حيث لا تمتلك الدول الأدوات التى تساند بها مواطنيها الذين يتعرضون لفقد أموالهم فى تلك السوق، وهو ما يؤثر بالسلب فى فقدان الدول حجما متزايدا من أرصدتها النقدية.

3-  الشكل الحالى من تلك العملات يفقد الدولة قُدرتها فى تبنى سياسات نقدية تنهض باقتصادها، ويتجاوز الأمر الأمور الاقتصادية إلى أن تُشكل تلك العملات خطرا أمنيا مُتمثلا فى تمويل الإرهاب وغسل الأموال الناتجة عن جرائم، وتهريب الأموال المتحصلة عن فساد فى مجال إلكترونى يصعب تتبعه.

كل ذلك يدعو الدول والتنظيمات الاقتصادية فى العالم لتتبع تلك الظاهرة ودراستها والعمل على دفعها نحو مرحلة النضج التى يُمكن من خلالها الاستفادة من مزايا تلك العملات والتغلب على المخاطر والأضرار التى يمكن أن تحدثها.

رابعا - النقود المُشفرة فى مصر:

وفى مصر كان من نتاج تردى الأوضاع الاقتصادية بعد يناير 2011 أن دعا بعض الباحثين للنظر للنقود المُشفرة كعملات يمكن أن يكون لها دور فى تمويل التنمية، وقد تم تداول أخبار عن إعداد البنك المركزى لدراسة حول إمكانية تداول العملات المُشفرة التى من أهمها البيتكوين والاعتراف بها كمُنتج مالى فى المعاملات المصرفية، إلا أن البنك المركزى نفى ذلك تماما، وتعامل مع قضية الإصلاح المالى بالطرق التقليدية بالتعاون مع مؤسسات صندوق النقد والبنك الدوليين، ومع نجاح عملية الإصلاح المالى تم القضاء على سوق المضاربة الدولارية بعد تحرير سعر الصرف ما أدى إلى تحول جانب من المضاربين على الدولار نحو شراء البيتكوين من أجل المضاربة عليها فى ظل الارتفاع المتصاعد لقيمتها، وقد أكد البنك المركزى عدم اعترافه بالتعامل بتلك العملة نهائيا وأعلن أنه لا يتعامل إلا مع العملات الرسمية فقط ولا يتعامل مع العملات الافتراضية على الإطلاق ما يعنى أن التعامل بالبيتكوين ومثيلاتها فى مصر بمنزلة مغامرة ومسئولية شخصية لمن يقوم بذلك ولن يجد من يدعمه أو يتعامل مع ثمة مشكلات تواجه هذه العملة مستقبلا؛ حيث يضع ثروته عرضة لمستقبل مجهول لتلك العملات، وسط حالة عدم الاستقرار الدولى على الشكل النهائى لتنظيم مستقبل تلك العملات الإلكترونية.

ومع صدور قانون البنك المركزى الجديد رقم 194 لسنة 2020 أكد البنك حظر تلك العملات حيث قررت المادة (206) منه بأنه "يحظر إصدار العملات المُشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشائها أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المُتعلقة بها بدون الحصول على ترخيص من مجلس الإدارة طبقا للإجراءات التى يحددها القانون"، وقد قررت المادة رقم (225) عقوبة لمن يخالف هذا الحظر تتمثل فى "الحبس والغرامة التى لا تقل عن مليون جنيه، ولا تجاوز عشرة مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العود يحكم بالعقوبتين معا".

وعلى الرغم من الحظر الذى قررته المادة (206)[9] لأنشطة النقود المُشفرة، والإلكترونية، فإن المادة فتحت الباب لدخول مصر هذا المجال فى المستقبل عندما ربط النص ممارسة ذلك النشاط بالحصول على تصريح من البنك المركزى، وقد أُعلن فى الآونة الأخيرة العزم على السماح للبنوك بطرح الجنيه الإلكترونى شريطة أن يحتفظ البنك لديه بإيداعات نقدية لا تقل قيمتها عن الوحدات المُصدرة إلكترونيا، ما سيفتح الأفق المستقبلى للتفاعل الناضج مع فكرة إصدار أو التعامل بالعملات المُشفرة ارتباطاً بنضجها المنتظر، والممارسات الدولية التجريبية بشأنها، بحيث يتم ضمان مُقتضيات الأمن القومى بكل أبعاده قبل التفاعل مع تلك النقود.

خاتمة:

قفى ضوء ما سبق عرضه، نجد أن العملات قد مرت بالعديد من التطورات، والانتقال من تنظيم لآخر، وفى هذه المرحلة يقف الاقتصاد العالمى مترقبا ما سوف تستقر علية آليات العملات الرقمية، حيث تعد بيتكوين بمنزلة النموذج القائد الذى سيكون له تأثيره الكبير فى مستقبل العملات المُشفرة، وتعكف العديد من المؤسسات المالية العالمية حاليا على دراسة هذا الملف لمحاولة الوصول إلى إطار تنظيمى يحكم مجال النقود المُشفرة التى تتزايد أعدادها بصورة كبيرة. ومع أن ذلك ربما يكون له أثر اقتصادى إيجابى إذا تم اعتبارها نوعا جديدا من المُشتقات المالية، إلا أنه لا تزال هناك عشرات من الأسئلة التى تحتاج إلى إجابات حتى يتسنى وضع نموذج يُمكن الاتفاق عليه دوليا لتنظيم تلك النقود المُشفرة التى تتطور وتتزايد أنواعها وتتغير آلياتها بصورة أسرع من مُحاولات تنظيمها أو السيطرة عليها.ومن ثم، وأمام عدم وضوح الرؤية المستقبلية للبيتكوين ومثيلاتها من العملات المُشفرة لا يُمكن التسرع فى الانخراط فى مُجتمع تلك العملات بما يُمثله من خطورة شديدة على الأمن والاقتصاد القومى، وتكون الرسالة للأفراد هى أن امتلاك تلك العملات لا يزال يُمثل مُغامرة، ومسئولية شخصية لمن يقوم بذلك ولن يجد من يدعمه أو يتعامل مع ثمة مشكلات تواجه هذه العملة مستقبلا، حيث يضع ثروته عرضه لتجارب بعض المطورين المجهولين، ورغبة من بعض الدول فى الاستفادة القصوى من التقلبات التنظيمية والابتكارية التى تحكم هذه المرحلة الانتقالية من عمر العملات المُشفرة، أما بالنسبة للسلطات النقدية المصرية فقد بدا ما ورد فى القانون الجديد للبنك المركزى أنه تم تأكيد حظر تلك العملات، والترقب لمُستقبلها فى ضوء التطورات العالمية للتعامل معها، ودراسة التشريعات التى تُصدرها الدول لهذا الشأن حتى يتم اختيار اللحظة المناسبة والطريقة الصحيحة للتعاطى مع العملات الإلكترونية بالتعاون مع الشركاء فى التكتلات الاقتصادية، والمؤسسات الدولية.

الهوامش:


 [1]أنور الهوارى، اقتصاديات النقود والبنوك، الطوبجى للطباعة، القاهرة، 1987 ص 26.

[2]Henry Kissinger, Nuclear Weapons and Foreign Policy(London: Wild Field and Nicholson, 1969), p 46.

[3].McNamara, The Essence of Security (New York: Harper Press, 1966), p149.

[4]سعيد على حسن القليطى، التخطيط الاستراتيجى لتحقيقالأمن الاقتصادى والنهضة المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية، مؤتمر    تقنية المعلومات والأمن الوطنى، الرياض، 2007     

[5]وليد عبد الرحيم جاب الله، اقتصاد ما بعد النقود التقليدية، مجلة السياسة الدولية، على رابط http://www.siyassa.org.eg/News/18213/

[6]القانون رقم 194 لسنة 2020، المادة الأولى، الجريدة الرسمية، العدد 37 مكرر (و) فى 15 سبتمبر 2020

[7]للمزيد راجع، منصور على منصور شطا، العملات الافتراضية المُشفرة وأثرها على مُستقبل المُعاملات، على الرابط https://mksq.journals.ekb.eg/article_254937_374183528ad787ab1d09773f3abb2f90.pdf

[8]وليد جاب الله، البيتكوين وتطور النقود، موقع سفير برس، على الربط  https://www.safirpress.net/2020/05/08/

[9]القانون رقم 194 لسنة 2020، مرجع سابق.

قائمة المراجع:

1-  القانون رقم 194 لسنة 2020، المادة الأولى، الجريدة الرسمية، العدد 37 مكرر (و) فى 15 سبتمبر 2020.

2-  أنور الهوارى، اقتصاديات النقود والبنوك، الطوبجى للطباعة، القاهرة، 1987 ص 26.

3-  سعيد على حسن القليطى، التخطيط الاستراتيجى لتحقيقالأمن الاقتصادى والنهضة المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية، مؤتمر تقنية المعلومات والأمن الوطني، الرياض، 2007     

4- منصور على منصور شطا، العملات الافتراضية المُشفرة وأثرها على مُستقبل المُعاملات، على الرابط https://mksq.journals.ekb.eg/article_254937_374183528ad787ab1d09773f3abb2f90.pdf

5-  وليد جاب الله، البيتكوين وتطور النقود، موقع سفير برس، على الربط https://www.safirpress.net/2020/05/08/

6-  وليد عبد الرحيم جاب الله، اقتصاد ما بعد النقود التقليدية، مجلة السياسة الدولية، على رابط http://www.siyassa.org.eg/News/18213/

7- Henry Kissinger, Nuclear Weapons and Foreign Policy (London: Wild Field and Nicholson, 1969), p 46.

8- McNamara, The Essence of Security (New York: Harper Press, 1966), p149.

 


رابط دائم: