مخرجات ونتائج قمة العشرين في بالى
21-11-2022

د. جوزيف رامز أمين
* خبير فى الشئون الإفريقية

شهد شهر نوفمبر الجاري العديد من القمم والفعاليات الدولية والإقليمية كان من أهمها: قمة المناخ الدولية يشرم الشيخ بمصر....وقمتي الآسيان بكمبوديا ,وقمة مجموعة العشرين: بالى "إندونيسيا "وهى كلها فعاليات هامة حظيت باهتمام ومتابعة من العالم بأسره  :شرقه وغربه,عالم الشمال المتقدم والعالم النامى بكل تفاوتاته ودرجاته.                                                                                                 

ولاشك أن قمة العشرين كان لها تلك المرة أهمية خاصة نظرا للظروف المحيطة حاليا بالواقع الدولى من ناحية ,ولأنها أعقبت قمة المناخ الدولية بمصر وبكل الزخم والاهتمام الذى شهدته.ووفقا لما أعلنه الرئيس الإندونيسي "جوكي ويدودو" في كلمة الافتتاح  يوم الثلاثاء الماضى، فأن عام 2023 سيكون أشد صعوبة على العالم، مشيرا إلى أن "أزمتي الأمن الغذائي وأمن الطاقة تؤثران على الدول النامية.وحث ويدودو، القادة والزعماء على "عدم إدخال العالم في دهاليز الحروب"، وشدد على "الاستعداد لمواجهة أي جائحة مستقبلية".             

أيضا فإن البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين أشار بوضوح للحرب الروسية في أوكرانيا، واعتبر القادة  والزعماء أن هذه الحرب هي المصدر الأساسي للمعاناة الاقتصادية والإنسانية الهائلة في العالم رغم اختلاف المواقف بشأنها.ولعل الشيء المؤكد هو أنه لا يمكن استخدام الأسلحة النووية، ولا يمكن خوض حروب نووية في أوكرانيا.                                                                                             

فعاليات القمة:

مجموعة العشرين هي مجموعة اقتصادية تتكون من أكبر 20 دولة صناعية, بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي. وتشكل مجموعة اقتصاديات هذه الدول نسبة 90% من إجمالي الناتج العالمي. افتتح الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو قمة مجموعة العشرين في بالي، الثلاثاء 15 نوفمبر وكان من المتوقع أن يضغط قادة دولها على روسيا العضو فيها، بشأن هجومها العسكري على أوكرانيا.وقال ويدودو قبل الجلسة الأولى: "إنه شرف لإندونيسيا أن تستضيف قمة مجموعة العشرين، وأنا أدرك أننا نحتاج إلى جهود ضخمة حتى نتمكن من الجلوس معا في هذه القاعة.وأضاف الرئيس الإندونيسي أن قمة مجموعة العشرين "يجب أن لا تفشل".وقد عقدت القمة في بالي وسط إجراءات أمنية مشدد.ة.وخاطب ويدودو قادة المجموعة قبل الجلسة الافتتاحية للقمة، قائلا "لكونكم مسئولين هنا يعني أيضا أنه يجب علينا إنهاء الحرب. إذا لم تنته الحرب، فسيكون من الصعب على العالم المضي قدما. وقال: "يجب ألا نقسم العالم إلى أجزاء، وألا نسمح للعالم بالوقوع في حرب باردة أخرى". وأضاف الرئيس: "اليوم عين العالم علينا. هل  سنحقق نجاحا؟ أم سنضيف فشلا آخر؟ بالنسبة لي، يجب أن تكون قمة مجموعة العشرين ناجحة وألا تفشل".                                         

أولا- مداولات القمة.. أهم المقترحات والآراء:

المقترحات الصينية:

حث الرئيس الصيني شي جين بينج على الوحدة بين دول مجموعة العشرين"، فيما حذّر من  تحويل قضايا  الغذاء والطاقة إلى سلاح. وقال الرئيس الصيني، أمام اليوم الأول لقمة العشرين التي استمرت لمدة يومين في إندونيسيا، لقادة العالم ومن بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون " يتعين على جميع الدول أن تحل الوحدة محل الانقسام، والتعاون محل المواجهة، والاشتمال محل الاستبعاد.وذكر شي عددا من التطورات العالمية التي قال إنها مازالت تمثل" تحديات هائلة لتطورنا" بما في ذلك جائحة كورونا المستمرة، وزيادة هشاشة الاقتصاد العالمي، والتوترات الجيو سياسية بالإضافة إلى أزمتي الغذاء والطاقة. وطالب الرئيس الصيني دول قمة العشرين بالحد من تداعيات رفع أسعار الفائدة. ومن الانخراط  فى قضايا التلوث البيئى خاصة وأن الاقتصاديات الـ20 الرائدة في العالم مسئولة عن 80% من انبعاثات أكسيد الكربون عالميا. وقال  إنه يتعين على جميع الدول في مواجهة التحديات، تبني رؤية بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، وتأييد السلام والتنمية والتعاون المربح للجميع.ودعا الرئيس شي جميع أعضاء مجموعة العشرين إلى أن يكونوا مثالا يحتذى به في تعزيز تنمية جميع الدول، وتحسين رفاهية البشرية بأسرها، ودفع تقدم العالم بأسره.                                               

ومضى الرئيس الصيني قائلا إنه "يتعين علينا كبح التضخم العالمي، ونزع فتيل المخاطر الاقتصادية والمالية النظامية. كما ينبغي على الاقتصادات المتقدمة بوجه الخصوص، أن تخفف التداعيات السلبية عبر تعديل سياستها النقدية، والمحافظة على ديونها عند مستويات مستدامة. وأشار الرئيس شي إلى أن الصين تنفذ مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين على نحو شامل، وأنها علقت أكبر قدر من مدفوعات خدمة الدين بين جميع أعضاء مجموعة العشرين. وقال، إنه يتعين علينا أن نعارض بحزم محاولة تسييس قضايا الغذاء والطاقة أو استخدامها كأدوات وأسلحة، مضيفا أن يتعين رفع العقوبات الأحادية، بالإضافة إلى إزالة القيود المفروضة على التعاون العلمي والتكنولوجي ذي الصلة. هذا وقد سجل الاقتصاد الصيني نموا بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثالث.وأظهرت بيانات رسمية،  أن الناتج المحلي الإجمالي، في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، قد نما على أساس سنوي بنسبة 3.9 بالمئة في الربع الثالث (من يوليو إلى سبتمبر). متجاوزًا توقعات 3.4 بالمئة.                                         .

كلمة الأمين العام للأمم المتحدة:

قال السيد أنطونيو جوتيريش إن قمة مجموعة العشرين تمثل نقطة البداية لجسر هوة الانقسامات الجيوسياسية وإيجاد حلول للأزمات المتعددة التي يعاني منها عالمنا مثل تغير المناخ والضغط الناجم عن أزمة تكلفة المعيشة. وتحدث الأمين العام إلى الصحفيين عشية انعقاد قمة مجموعة العشرين في جزيرة بالي الإندونيسية، مشيرا إلى قضيتين أساسيتين هما أزمة المناخ وأهداف التنمية المستدامة. فيما يتعلق بالمناخ، قال الأمين العام إنه يمثل التحدي الرئيسي لعصرنا، مشيرا إلى ميثاق التضامن المناخي الذي اقترحه خلال افتتاح قمة شرم الشيخ للمناخ والذي يجمع بين قدرات وموارد الاقتصادات المتقدمة والناشئة لفائدة الجميع. وثانيا، فيما يتعلق بخطة أهـداف التنمية المستدامة لعام 2030، قال الأمين العام إن البلدان النامية لا تستطيع الحصول على التمويل الذي تحتاجه في سبيل الحد من الفقر والجوع، والاستثمار في التنمية المستدامة.                  

وحث مجموعة العشرين على اعتماد حزمة تحفيز أهداف التنمية المستدامة التي من شأنها أن تزود حكومات بلدان الجنوب بالاستثمار والسيولة، وتقدم الإغاثة وإعادة الهيكلة.وقال إن حزمة التحفيز هذه تعد خطوة أولية وضرورية لتخفيف أزمة الغذاء والطاقة ومنع المزيد من المعاناة والمصاعب في المستقبل. وأشار الأمين العام إلى أن مداخلاته خلال قمة العشرين في بالي ستركز على أزمتي الغذاء والطاقة، وعلى التحول الرقمي لزراعتنا ومجتمعاتنا. مؤكدا أن البشرية قد بلغت معلما بارزا يوم الثلاثاء الموافق 15 /نوفمبر 2022، حيث يتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 8 مليارات نسمة، وهو ما يمثل علامة فارقة في التنمية البشرية.                                                                                                  

كلمة الملكة العربية السعودية :

رأس الوفد العربي الوحيد رسميا الأمير/محمد بن سلمان، هذا بجانب مشاركة رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد "مشاركة شرفية".هذا وقد أكد رئيس اتحاد الغرف السعودية أن مشاركة المملكة في قمة مجموعة دول العشرين التي تستضيفها إندونيسيا تعكس دورها المؤثر في صناعة السياسات الاقتصادية العالمية ومكانتها المرموقة ضمن دول المجموعة، إذ تحتل المرتبة (3) من حيث الاحتياطات الأجنبية و(7) في التنافسية العالمية، ويُتوقع أن تصل للمرتبة (16) من حيث الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري بقيمة 1.04 تريليون دولار. 

وأوضح المسئول السعودي في تصريح لوكالة الأنباء السعودية بمناسبة انعقاد قمة قادة مجموعة العشرين المبادرات والنجاحات التي حققتها المملكة في دعم نمو الاقتصاد العالمي وانتعاشه خلال استضافتها لأعمال القمة العام 2020، بما في ذلك مبادرة الرياض لمستقبل منظمة التجارة العالمية، والتأهب والاستجابة للأوبئة، ودعم النظام الصحي العالمي، ومعالجة أزمات الطاقة والغذاء وسلال الإمداد، والتحول الرقمي والتجارة الإلكترونية وتيسير التجارة الدولية وزيادة تنافسية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتخصيص 11 تريليون دولار لحماية ودعم الاقتصاد العالمي من آثار جائحة كورونا وتعليق ديون 73 دولة بقيمة 14 مليار دولار.ونوه بأهمية عضوية مجموعة العشرين بالنسبة للمملكة، حيث تقود دول المجموعة الاقتصاد العالمي باستحواذها على نحو 90% من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، و80% من حجم التجارة العالمية، كما ترتبط بعلاقات تعاون اقتصادي وشراكة إستراتيجية مع تلك الدول تسهم في دعم جهود التنمية والتنويع الاقتصادي وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ونقل وتوطين التقنيات والخبرات الدولية الرائدة بمختلف القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن أن حجم التجارة بين المملكة ودول مجموعة العشرين يمثل 64% من حجم تجارتها الخارجية كما ترتبط رؤية المملكة ارتباطًا وثيقًا بجوهر أهداف مجموعة العشرين من حيث التركيز على الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة وتمكين المرأة وتعزيز رأس المال البشري وزيادة تدفق التجارة والاستثمارات. وأعرب في ختام تصريحه عن تمنياته بأن تخرج القمة بتوصيات ومخرجات فاعلة تدعم الاقتصاد وقطاع الأعمال العالمي وتسهم في مواصلة التعافي والانتعاش الاقتصادي، وتعزيز الثقة في الاقتصاد العالمي بتذليل التجارة والاستثمار لضمان نمو الاقتصاد العالمي واستدامته بما يحقق رفاهية شعوب الأرض كافة.          

ثانيا- توصيات القمة..حماية المناخ:

تسعى دول مجموعة العشرين لتحسين جهود حماية المناخ وتمويلها، وذلك وفقا لمسودة بيان ختامي مشترك في اليوم الأول من قمة العشرين المنعقدة في بالي هذا العام.ورحبت الدول الأعضاء في البيان بالإجراء العام الممتد والجديد المتعلق بالمناخ، كما دعت جميع الأطراف " للتعزيز العاجل" لعملية خفض الانبعاثات، والتكيف مع تداعيات التغير المناخي بالإضافة إلى " سبل التطبيق.  كما حثت مجموعة جي 20 على إحراز" تقدم" في المفاوضات بشأن تقديم تعويضات مقابل الأضرار الناجمة عن التغير المناخي في المناطق الفقيرة، التي تعد قضية محل خلاف تتصدر أجندة مؤتمر كوب 27 المنعقد حاليا في مصر.وجاء في البيان أن الهدف من خفض الاحتباس الحراري إلى 5ر1 درجة مئوية سنويا، المتفق عليه في اتفاقية باريس المناخية" سوف يتطلب إجراءات فعالة والتزام من جانب جميع الدول، مع مراعاة جميع التوجهات.                                                                                             

انقسامات... وتفاهمات:

استعرض البيان الختامي لقمة العشرين الانقسامات الحادة بين الدول الأعضاء حول الحرب في أوكرانيا بشكل جلي. فذكر البند الثالث من البيان الذي يقع في 1186 صفحة، أن الدول أعادت تأكيد مواقفها الوطنية من الحرب كما وردت في قرار الجمعية العام للأمم المتحدة، والذي «استنكر بأشد العبارات عدوان الاتحاد الروسي على أوكرانيا وطالب بانسحابها الكامل وغير المشروط من أراضي أوكرانيا".                               

وأضاف البيان أن «غالبية» الدول الأعضاء «تدين بحزم الحرب في أوكرانيا»، معتبرة أن هذا النزاع يقوض الاقتصاد العالمي ويسبب معاناة بشرية هائلة، ويؤدي إلى تفاقم الهشاشة الحالية في الاقتصاد العالمي، بما يشمل تقييد النمو وزيادة التضخم وتعطيل سلاسل التوريد وتفاقم انعدام الأمن الغذائي والطاقي وزيادة مخاطر انعدام الاستقرار المالي.                                                                                    

وفي مؤشر على التفاهمات التي قادت لموافقة جميع الدول الأعضاء على اعتماد الإعلان المشترك، ذكر البيان: «كانت هناك آراء أخرى وتقييمات مختلفة للوضع وللعقوبات. وفيما ندرك أن مجموعة العشرين ليست منتدى لحل المشاكل الأمنية، فإننا نقرّ بأن المشكلات الأمنية يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي". إلى ذلك، أكّد أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، وبينهم روسيا، في البيان المشترك أن «استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها غير مسموح به». وأضافوا أن «الحل السلمي للنزاعات، والجهود المبذولة لمعالجة الأزمات، فضلاً عن الدبلوماسية والحوار، (قضايا) جوهرية. يجب ألا يكون عصر اليوم عصر حرب".  ورغم الانقسامات، يتوّج البيان الختامي المشترك جهود الرئيس الإندونيسي لتقريب وجهات النظر وجمع الفرقاء. وقال ويدودو في جلسة الختام: «اليوم نجحنا في اعتماد إعلان قادة مجموعة العشرين والمصادقة عليه»، مشيراً إلى أنه أول اتفاق على نص مشترك توصلت إليه المجموعة منذ فبراير وأضاف: «أعبّر عن امتناني لجميع الذين شاركوا وأبدوا مرونة للوصول إلى هذا النص المشترك".                                              

قرارات القمة الاقتصادية:

وفي إعلان للزعماء، أكد أعضاء مجموعة العشرين مجددا التزامهم بتجنب التقلبات المفرطة لأسعار الصرف، مع الاعتراف بأن "أسعار الكثير من العملات قد تحركت بشكل كبير" هذا العام.وقال البيان "البنوك المركزية لمجموعة العشرين... تراقب عن كثب تأثير ضغوط الأسعار على توقعات التضخم، وستواصل التقييم المناسب لوتيرة تشديد السياسة النقدية بطريقة واضحة تعتمد على البيانات.أضاف البيان أن البنوك المركزية ستضع في اعتبارها أيضا الحاجة إلى الحد من التداعيات، في إشارة إلى القلق بين الاقتصادات الناشئة إزاء التأثير الذي يمكن أن تحدثه قرارات رفع أسعار الفائدة الأميركية بشكل حاد على أسواقها.                               

وقالت المجموعة في بيانها الختامي، إن البنوك المركزية ستواصل تشديد السياسة النقدية بشكل مناسب، مؤكدة مواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجات الحرارة عند مستوى 1.5 درجة مئوية.ورحب إعلان القمة باتفاق تصدير لأن إندونيسيا لا تريد تحويل قمة العشرين الاقتصادية أصلا إلى جلسات سياسية فيها الكثير من الخلاف.خاصة وأن زعماء العالم، اجتمعوا يوم الثلاثاء، في لحظة من الاضطرابات الجيوسياسية الشديدة، حيث ينحدر الاقتصاد العالمي نحو الركود، متأثرا بالتضخم المرتفع والندرة المتزايدة للغذاء.                                       

دور بايدن والغرب :

هذا وقد دفع الرئيس بايدن ونظراؤه في العديد من دول مجموعة العشرين، والتي تشمل الدول الغنية مثل بريطانيا واليابان والأسواق الناشئة مثل الهند والبرازيل، من أجل رد منسق على تلك التهديدات الاقتصادية.إلا أن المؤشرات تشي بأن الأزمات الاقتصادية ستبقى على حالها دون أية معالجات من جانب المجموعة التي وجدت أصلا لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية في نهاية تسعينات القرن الماضي.حيث إنهم يأملون في التوسط في اتفاقيات تهدف إلى خفض أسعار النفط العالمية، ومساعدة الأسواق الناشئة على الهروب من الديون المتدهورة وزيادة الإمدادات الغذائية للدول الفقيرة، حيث ارتفعت تكلفة الحبوب والأرز والسلع الأساسية الأخرى منذ الحرب الروسية الأوكرانية، وفق مراقبين.                                                               

لكن جهود الإدارة واجهت معارضة قوية من الدولتين اللتين تهيمنان على اهتمام بايدن في القمة "روسيا والصين"، ويمكن القول إن ذلك يمكن أن يفعل أكثر من غيره الآن لرفع التوقعات الاقتصادية للعالم.وواقع الأمر أن  الحرب الروسية في أوكرانيا مسئولة عن الكثير من حالة عدم اليقين الاقتصادي التي تواجه العالم، ودعا "بايدن" زعماء العالم يوم الثلاثاء إلى إنهاء الحرب وتخفيف حدة الصراع العالمي. ويتوقع صندوق النقد الدولي، الذي خفض توقعاته للنمو الشهر الماضي، أن يظل الإنتاج العالمي بطيئا هذا العام وفي عام 2023. وتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.2% هذا العام وأن يتباطأ إلى 2.7% في عام 2023.                               .

فيما قال البنك الدولي في تقرير منفصل صدر، فجر الثلاثاء، إن انعدام الأمن الغذائي ما يزال يمثل مشكلة كبيرة على الرغم من الدلائل على أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد تراجع في الأشهر الأخيرة.وقال: "من المتوقع أن يعاني أكثر من 200 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد في عام 2022.. يستمر تضخم أسعار الغذاء المحلي في الارتفاع. أما الرئيس بايدن، فقد أصر في أكثر من مناسبة أن الاقتصاد الأمريكي قوي بما يكفي لتحمل الرياح الاقتصادية المعاكسة.  في المقابل، حذر ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني الجديد، في مقال رأي نُشر في صحيفة وول ستريت جورنال الثلاثاء، من أن زعماء العالم يجب أن يجدوا طريقة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي الذي اهتز بسبب الحرب. "وأردف قائلا: لقد تعرض أمننا الاقتصادي الجماعي للتهديد من جراء هذه الحرب.. لذلك نحن بحاجة إلى المضي قدما في المهمة التي تم إنشاء مجموعة العشرين للقيام بها، في إدارة الاقتصاد العالمي من خلال الاضطرابات التي أحدثتها الحرب". في المقابل، قيّم المستشار الألماني أولاف شولتس قمة الدول الصناعية والناشئة العشرين الكبرى في إندونيسيا بأنها ناجحة.وقال شولتس يوم الأربعاء بعد انتهاء القمة في جزيرة بالي الإندونيسية: "عُقدت قمة استثنائية لمجموعة العشرين هنا في إندونيسيا... وجود تفاهمات هنا تجاوز بكثير ما كان متوقعا. يظل هذا نجاحا للقمة."

مستقبل مجموعة العشرين:

أوضح العديد من الخبراء والمراقبين أن قمة المجموعة العشرين ستكون مناسبة لتذويب الخلافات أو التمهيد لبناء علاقات دولية جديدة أو تحديد معالم العالم الجديد، سواء على مستوى التحالفات السياسية أو المصالح الاقتصادية. كما ستكون فرصة لاستعراض العضلات أو جس النبض بين التحالف الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وتحالف الشرق بزعامة روسيا والصين. ومن المنتظر أن تكون الحرب الروسية/ الأوكرانية وكل تداعياتها، من تهديد للأمن الطاقي والغذائي وموجات الهجرة الجماعية، أحد الملفات التي ستحظى بنقاشات مطولة في قمة بالي لتعقد العلاقات بين تياريْ الحرب: تيار روسيا والصين من جهة، وتيار أوكرانيا والاتحاد الأوروبي وأمريكا والناتو من جهة ثانية.

 فهل كانت "قمة بالي فعلا نقطة فاصلة بين مرحلتين وبين تيارين، بعيدا عن صوت الرصاص والتهديد بالأسلحة النووية أو القذرة، وبعيدا عن توظيف سلاح التجويع الجماعي والتهديد بالعقوبات الاقتصادية، من جهة، وبين تيار ينتصر لصوت الحكمة وكل الطرق الدبلوماسية، وفي مقدمتها الدبلوماسية الناعمة، وينتصر للشرعية الدولية واحترام السيادة الوطنية للدول، من جهة ثانية، لأن قمة بالي يجب استثمارها كفرصة كبيرة للسلام"؟..هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.                                            


رابط دائم: