ثورة 30 يونيو ملحمة حب وبناء وطن
3-7-2022

جاكلين جرجس
* مدير المركز الثقافى القبطى بجمعية جامعة المحبة

في ظل احتفالنا بذكرى ثورة الشعب التى اندفع فيها كالسيل الجارف ليمحى حكم الإخوان وجماعتهم من تاريخ مصر فتعالت الهتافات ورجت أصوات الثوار الميادين وارتفع صوت الشعب الثائر الذى ما كان يستطيع أحد أن يسكته مرة أخرى بعد أن عاشوا سنة هى الأسوأ من سنى عمرهم .. سنة استباحت فيها جماعة المرشد دماء المصريين وحقوقهم، ونشروا الفتن الطائفية بين أبناء الوطن الواحد وحرقوا ودمروا دور العبادة وقتلوا المسلمين فى المساجد والمسيحيين فى الكنائس وقرر الشعب لفظهم بعد تأكدهم من انحيازهم لمشروع أخونة الدولة وليس مصلحة البلاد والعباد، وحد المصريون صفوفهم وأصبحوا على قلب رجل واحد وهتفوا بصوت واحد .. قولوا للحاكم جوه القصر.. انتوعصابة بتسرق مصر .. ولما يبقى الدم رخيص.. يسقط يسقط أى رئيس..  دم ولادنا للحرية.. مش لعصابة إخوانجية ... فانطلقت المظاهرات فى جميع ربوع مصر دون توقف، وذلك حتى يوم الخلاص المشهود فى التاريخ المصري، وهو3 يوليو 2013.

فانطلق المصريون فى مسيرات متعددة من السيدة زينب وحتى التحرير كما انطلقت مسيرة أخرى من الأزهر قادها مشايخ وقساوسة من شارع رمسيس إلى ميدان التحرير يؤكدون فيها رفضهم للتهديدات وللجماعة. أما السويس استعادت ذكرياتها الثورية برفع المصحف مع الصليب فى مسيرات حاشدة من ميدان الترعة بالسويس. كل محافظات مصر بلا استثناء خرجت للدفاع عن هوية مصر خرجت لتنتزع مصر من قبضة يديهم وكانت الثورة التى لم يرى العالم مثلها من قبل.

   وأخيرًا تحققت اللحظة الفارقة للشعب المصري في تحقيق حلمه بعد إعلان الجيش المصري تأييد مطالب الشارع والانحياز لها. وبعد مرور مهلة الـ 48 ساعة التى منحتها القوات المسلحة للجماعة للاستجابة لمطالب القوى السياسية، نستطيع أن نقول بكل ثقة أن 30 يونيو2013 كانت نقلة نوعية في مستوى الوعى الجمعي لدى المواطن المصري، وتعاطيه الإيجابي مع ما يحيق بالدولة من مخاطر تهدد هويتها، وتهدد الدعائم التي قامت عليها لأكثر من 7 آلاف عام من الحضارة والثقافة والفنون والتاريخ. فقد كانت ثورة مصرية خالصة استردت فيها مصر هويتها الوسطية المتسامحة، واستردت معها أخلاقيات المصري الأصيل، عاد بشكل أو بآخر الترابط واللُّحمة والمحبة بعد أن أيقنا أننا كيان واحد، محاولين نفض غبار الكره والتفرقة الذى تلوثنا به على مدار عام وعادت ضحكة المصريين فى الشوارع احتفالا بالأعياد، سواء القبطية أو الإسلامية.. صمنا سويا وفطرنا معا واحتفلنا معا .

   كانت الإنجازات التى تمت لمصلحة الوطن دافعا قوى للاستمرار فعلى مدار تسعة أعوام كانت هناك النهضة الاقتصادية العملاقة، والإجراءات الاقتصادية الصعبة للخروج بمصر إلى بر الأمان، من خلال رؤية "مصر" التى تعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة في كل المجالات، وتوطينها بأجهزة الدولة المصرية المختلفة، والتى تستند إلى مبادئ "التنمية المستدامة الشاملة"، و"التنمية الإقليمية المتوازنة"، على صعيد الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة وهى: البعد الاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي.

   كما أخذت مصر على عاتقها الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته في مختلف نواحي الحياة، وذلك من خلال التأكيد على ترسيخ مبادئ العدالة والاندماج الاجتماعي ومشاركة كافة المواطنين في الحياة السياسية والاجتماعية وتعزيز الاستثمار في البشر وبناء قدراتهم الإبداعية من خلال الحث على زيادة المعرفة والابتكار والبحث العلمي في كافة المجالات. أيضًا، مواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية من خلال وجود نظام بيئي متكامل ومستدام يعزز المرونة والقدرة على مواجهة المخاطر الطبيعية، كما تركز الرؤية على حوكمة مؤسسات الدولة والمجتمع من خلال الإصلاح الإداري وترسيخ الشفافية، ودعم نظم المتابعة والتقييم وتمكين الإدارات المحلية، وتأتي كل هذه الأهداف المرجوة في إطار ضمان السلام والأمن المصري وتعزيز الريادة المصرية إقليميًا ودوليًا.علينا إذن دعم مؤسساتنا الوطنية لاستكمال مسيرة عملية التنمية، مع التأكيد أن بناء مصر الجديدة القوية يتطلب مزيدا من التكاتف والعمل لنصل إلى مستقبل مشرقلأولادنا ولمصرنا الحبيبة.. تحيا مصر.

 


رابط دائم: