سبل مواجهة الفقر المائي.. التحديات والمعالجة
11-5-2022

يوسف مهاب
* باحث فى العلوم السياسية

تعد علاقة مصر بالنيل علاقة احتياج أبدية بين دولة تعتمد علي نهرها في تأمين احتياجاتها المائية السنوية بنسبة تناهز 97%، فضلا عن تحديات كبرى للحفاظ علي هذه الحصة من المياه في بلد زراعي كمصر، تمثل الزراعة فيه عصب الاقتصاد، بل عصب الحياة. وخلال تاريخ مصر العتيق، انحصر دور الحكومات المركزية في التحكم في مياه النيل وترويضه في فترات الفيضان والجفاف، إلى أن جاءت النقلة الكبيرة تحت حكم محمد علي الذي جعل نهر النيل محور سياساته الخارجية في إطار منظوره للأمن القومي والعمق الاستراتيجي، إدراكا أن أي نقص في الموارد المائية لمصر يؤثر بشكل مباشر علي إنتاجيها الزراعي والصناعي.

مصادر نهر النيل وإيراده السنوي:

يعد نهر النيل من أطول الأنهار في العالم إذ يقدر طوله بنحو 6671 كم، وهو ينبع علي خلاف معظم الأنهار الأخرى من الجنوب إلي الشمال. ومن الجدير بالذكر أن حجم الموارد المائية التي يستقبلها نهر النيل مرورا بكافة منابعه وأنهاره وأمطاره تتخطي 1660 مليار متر مكعب سنويا، إلا أن 95% من هذه الكمية يهدر نتيجة عمليات التبخر الجوي. وتنبع مياه النيل بأبسط تعبير من الهضبة الإثيوبية من خلال ثلاث روافد رئيسية، هى بحيرة تانا ونهر عطبرة ونهر السوباط وتساهم بمعظم مياه النيل وتسمي بالنيل الأزرق، في حين يعد النيل الأبيض المنبع الآخر من بحيرة فيكتوريا التي تقع بين حدود أوغندا وتنزانيا وكينيا .ويضم نهر النيل في حوضه إحدى عشرة دولة، هي: مصر، والسودان، وجنوب السودان، وإثيوبيا، وإريتريا، وبوروندي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا، وأوغندا.

نهر النيل في إطار الاتفاقيات الدولية:

كما يتسم تاريخ نهر النيل باعتبارات متجددة للصراع والمواجهة، كذلك كان التعاون والتنسيق بين دول حوض النيل، حيث إن لدي مصر العديد من المشروعات المشتركة التكاملية، مثل المزارع النموذجية المصرية، وبعثات وزارة الري، وإنشاء العديد من السدود، لعل أبرزها سد جوليوس نيريري بتنزانيا، فضلا عن إعداد دراسات جدوى لسدود مزمع إنشاؤها، وكذلك إنشاء آبار جوفية ومحطات شرب وكهرباء وتقديم منح دراسية للطلاب الأفارقة. من ناحية أخري، تتواتر من الحين للآخر أزمات تتعلق بحصص مصر من مياه النيل استنادا إلي اتفاقيات تاريخية في إطار مبادئ القانون الدولي العام واتفاقيات دولية تتعلق بالأنهار الدولية، حيث ترسم حقوق وواجبات كل دول حوض النيل من أجل تقاسم مياه النيل وفق مبادئ حسن النية، والتعاون والتفاهم المشترك، فضلا عن الإخطار المسبق لأية مشروعات قد تهدد الأمن المائي لدول المصب. وتعد أزمة سد النهضة الإثيوبي إحدى مهددات الأمن والاستقرار وتلعب دورا مباشرا في تهديد أمن مصر القومي في عمقها الاستراتيجي. في هذا السياق، يجب النظر إلي قضية مياه النيل من منطلق متعدد الجوانب لاستجلاء الصورة المائية بكل أبعادها الجيو-استراتيجية وتعقيداتها الفنية الهيدروليكية، فضلا عن أبعادها السياسية والاقتصادية والقانونية من أجل ضمان حقوق جميع الدول في إطار النظام الإقليمي لدول حوض النيل.

وتولي مصر قضية المياه أقصي درجات الاهتمام من حيث المحافظة علي مواردها المائية وتعظيمها، من خلال عدة محاور، حيث أكدت حرصها الشديد على الدفاع عن مصالحها التاريخية، وهو الأمر الذي تمت ترجمته في اتفاقيات 1929 و1959، فضلا عن تأكيدها الدائم علي حماية حصة مصر التاريخية من النيل في مواجهة أي أزمة تهدد أمنها المائي، وأنها لا تألو جهدا تجاه هذه القضية المصيرية.

واتصالا بذلك، ينم وجود العديد من الاتفاقيات بين دول حوض النيل علي حسن النية، والتفهم، والشراكة، والتعاون بين دول حوض النيل، لعل أبرزها وأهمها:

1- اتفاقية 1902: وهي معاهدة بين بريطانيا وإثيوبيا وإيطاليا حول النيل الأزرق ونهر السوباط وبحيرة تانا، ونصت المادة الثالثة من المعاهدة علي تعهد إمبراطور إثيوبيا منليك الثاني بعدم الشروع بإنشاء أية سدود علي النيل الأزرق من شأنها تعطيل سريان المياه إلي النيل.

2- اتفاقية 1929: وهي اتفاقية بين مصر وبريطانيا العظمي التي كانت تمثل السودان وكينيا وتنزانيا وأوغندا بشأن عدم إقامة أي أعمال ري أو توليد كهرباء ولا أي إجراء من شأنه إنقاص المياه الواردة إلي مصر. وقد منحت تلك الاتفاقية ما يشبه حق النقض (الفيتو) علي إقامة أي مشروعات إلا بموافقة مصر.

3- اتفاقية 1959: وتعد مكملة لاتفاقية 1929 وتم توقيعها بين مصر والسودان وقد حددت حصص مصر والسودان بـ 55 مليار متر مكعب و5.18 مليار متر مكعب وإقامة مشروعات مشتركة في مستنقعات بحر الجبل وبحر الزراف ونهر السوباط وحوض النيل الأبيض لزيادة إيراد النهر وتقسيم العائد المائي مناصفة.

4- مبادرة حوض النيل 1999: وقد خلقت بين أغلب دول حوض النيل روح التعاون وقد فتحت الباب لمشروعات عديدة أبرزها سد بوجاجالي بأوغندا وسد تكيزي وتانا بلس بإثيوبيا وسد مروي بالسودان، فضلا عن مشاريع وأنشطة تعاونية كثيرة إلا أن تلك المبادرة لم يكتب لها النجاح كثيرا، نظرا لقيام بعض دول المنبع بالتوقيع المنفرد علي اتفاقية إطارية في عام 2010، تتجاهل حقوق دول المصب ودون توافق بشأن بعض النقاط الخلافية.

5- اتفاق المبادئ 2015: بين مصر والسودان وإثيوبيا وجاء عقب اندلاع أزمة سد النهضة ونص علي عده مبادئ كالتعاون المشترك، وعدم التسبب بضرر، والاستخدام المنصف، والتعاون في الملء وإدارة السد وإخطار دول المصب بأي مستجدات طارئة، فضلا عن تبادل المعلومات والتسوية السلمية للمنازعات وأخيرا اللجوء إلي التوفيق أو الوساطة في حالة عدم نجاح الأطراف المعنية فى حل النقاط الخلافية من خلال المفاوضات.

وتعد مصر من أكثر دول العالم التي تعاني من ندرة المياه مع وجود فجوات كبيرة بين الموارد المائية والاحتياجات، حيث تبلغ حصة مصر من المياه من نهر النيل ومصادر بديلة كمحطات التحلية والمعالجة والآبار الجوفية ومياه الأمطار نحو 60 مليار متر مكعب سنويا، في حين تصل احتياجاتها إلي 114 مليار متر مكعب سنويا، يتم تعويض جزء منه علي المدى القصير من خلال استيراد 34 مليار متر مكعب من المياه في صورة حاصلات زراعية بما يسمي المياه الافتراضية. ويواجه قطاع المياه في مصر تحديات جمة، يأتي علي رأسها الزيادة السكانية المطردة، حيث من المتوقع أن يصل عدد سكان مصر إلي 175 مليون نسمة بحلول عام 2050، فضلا عن التغيرات المناخية وتزايد الاحتياج للمياه الزراعية والاستخدامات المنزلية والصناعية في ظل محدودية الموارد المائية. وقد تلعب التغيرات المناخية دورا في أزمة المياه، نظرا لارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ. وتجدر الإشارة إلى أنه يبلغ نصيب الفرد من المياه في مصر 560 متر مكعب سنويا، في حين أكدت الأمم المتحدة أنه يجب أن يكون أدني حصة للمياه للفرد 1000 متر مكعب سنويا ما يعني أن مصر تعاني من فقر مائي.

سبل مجابهة الأزمة المائية:

في ضوء ما تقدم، تتبني مصر استراتجية متكاملة الأركان أطلقت عام 2020 تحت مسمي "إدارة الموارد المائية" حتى عام 2050 بتكلفة إجمالية تقدر بـ 50 مليار دولار. وتتجسد الاستراتيجية في العديد من المشروعات الجاري تنفيذها حاليا في ربوع البلاد، فضلا عن خطة حكومية لتنفيذ مشروعات سبق الاتفاق عليها مع دولتي السودان وجنوب السودان من أجل تعظيم الموارد المائية لدول المصب، فضلا عن طرح بدائل تهدف إلي التعاون مع دول حوض النيل وتنفيذ مشاريع أعالي النيل من أجل العمل علي خفض نسبة الفاقد وزيادة تصريف النهر. وتتضمن الاستراتيجية الاستخدام الجيد للمياه، وتحسين نوعية المياه ورفع كفاءة منظومة الري، بالإضافة إلي إنشاء العديد من محطات المعالجة الثنائية والثلاثية. في هذا السياق، أعلنت الحكومة المصرية عن خطتها القومية للمياه التي بدأت عام 2017 ومن المخطط أن تنتهي عام 2037 وتعد خطة موازية ومكملة لاسترايتيجة إدارة الموارد المائية وتتضمن العمل علي معالجة مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي. وتتكامل الخطتان من أجل الحفاظ، ومن ثم تعظيم الموارد المائية المصرية والعمل علي إنشاء دلتا جديد، بالإضافة إلي زراعة الأراضي المستصلحة في توشكي، وسيناء لتحقيق تنمية مستدامة حقيقية واكتفاء ذاتي، لاسيما من المحاصيل الاستراتيجية. من هذا المنطلق، شرعت مصر في تنفيذ العديد من المشروعات التي تتمثل في:

مشاريع قيد التنفيذ:

1- المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع والمساقي: تعود كافة الترع الموجودة في الدلتا القديم، وهي تمثل أغلبية الترع الموجودة في مصر إلي عصر الأمير محمد علي وكلها ترع طينية ونتيجة لذلك تتبخر المياه أسفل الترع. ويكتسب مشروع تبطين الترع أهمية كبيرة، نظرا لتوفيره -عند اكتماله- نحو 5 مليارات متر مكعب سنويا، فضلا عن العديد من المكاسب للمزارع المصري كون أن تبطين الترع يضمن وصول المياه إلي نهايات الترع، وتقليل المخلفات، وإزالة الحشائش من جانبي الترع وتحسين البيئة، فضلا عن تقليل التبخر وضمان عدالة توزيع المياه بين الأراضي الزراعية وتحقيق الاستفادة القصوى من الترع بعد تبطينها وتوفير 5 مليارات متر مكعب سنويا. الجدير بالذكر أن إجمالي أطوال الترع والقنوات والمساقي التي تندرج تحت المشروع القومي تبلغ أكثر من 33 ألف كم تم الانتهاء من 5000 كم حتي تاريخه بمعدل 7 كم في اليوم ويجري العمل علي قدم وساق، نظرا لأهميته الاستراتيجية في ضوء الخطط القومية –كما سبقت الإشارة- وتقدر تكلفته الإجمالية بـ80 مليار جنيه عند اكتمال المشروع علي مرحلتين.

2- المشروع القومي للتحول من الري بالغمر إلي ذظم الري الحديث: تعد هذه الخطة من أهم المشروعات، نظرا لاعتماد الأغلبية العظمي من المزارعين إلي الري بالغمر مما يترتب إهدار كميات كبيره من المياه. وتعتمد الخطة علي التحول الشامل في الزراعة من خلال التنقيط والرش الأمر الذي يوفر مياه ما يقدر بـ20 مليار متر مكعب عند انتهاء المشروع وتم اعتمادها كنظام ري في كافه المشروعات الزراعية الكبري، لاسيما في مناطق الدلتا الجديد وتوشكي وسيناء، فضلا عن توجيه المزارعين للتحول من الري بالغمر إلي التنقيط والرش وتقديم حوافز لهم من أجل تسريع وتيرة التحول الشامل. ويستهدف المشروع في مرحلته الأولي مليون ونصف المليون فدان، ومليون فدان، تشمل مناطق زراعات الأشجار والبساتين في مرحلته الثانية وفي مرحلته الثالثة والأخيرة فتضم 4 ملايين فدان في المحافظات الجنوبية بالوادي والدلتا ومناطق الزراعات الحقلية. تجدر الإشارة إلى أن الري بالتنقيط والرش يساهم في رفع إنتاجية الفدان وتحسين نوعيه وجودة المحصول، ولهذا يلجأ العديد من المزارعين إلي اعتماد النظام الجديد، مما يدعم توجه الدولة المصرية في هذا الملف الهام، حيث تساهم بترشيد استهلاك المياه.

3- إنشاء محطات تحلية المياه ومحطات المعالجة الثنائية والثلاثية: تجري علي خطي متسارعة إنشاء العديد من محطات تحليه مياه البحر في المحافظات الساحلية  المطلة علي البحرين المتوسط والأحمر وخليجي السويس والعقبة باستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث تتم الافتتاحات تباعا لعل أبرز المحطات هي المحسمة، ومحطة بحر البقر وجاري تنفيذ 14 محطة لتحلية المياه بطاقة إجمالية تصل إلي نحو 500 ألف متر مكعب بمحافظات مرسي مطروح – البحر الأحمر – شمال سيناء – جنوب سيناء – بورسعيد – الدقهلية – السويس – الإسكندرية، ومن المتوقع الانتهاء منها منتصف العام الجاري بخلاف 76 محطة قائمة بالفعل بطاقة يومية تقدر بنحو 850 ألف متر مكعب. وفيما يخص معالجه مياه الصرف الصحي، انتهت الحكومة المصرية من 26 محطة من إجمالي 52 لتعالج نحو 420 مليون متر مكعب سنويا. وفي ذات السياق، افتتحت الحكومة مؤخرا محطة بحر البقر لمعالجه مياه الصرف الزراعي وتعد أكبر محطة في العالم حيث تنتج 5.6 مليون متر مكعب من المياه المعالجة الثلاثية وتساهم باستصلاح 400 ألف فدان في إطار المشروع القومي لتنميه شبه جزيرة سيناء وتحسين نظام الاستخدام الأمثل للموارد المائية المصرية للدولة، فضلا عن إنشاء مشروع متكامل الأركان للاستفادة القصوى من الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي. وتشرع الدولة في تنفيذ عدد كبير من محطات تحليه مياه البحر والمعالجة الثنائية والثلاثية لإعادة تدوير المياه واستخدامها في الزراعة والصناعة والاستخدام المنزلي في كافه المدن الساحلية.

4- مشروعات حصاد الأمطار: تساهم مياه الأمطار بـ 1.3 مليار متر مكعب سنويا، ويتم العمل حاليا علي قدم وساق علي انشاء شبكه قوميه من مصائد الأمطار وسدود لتخزين المياه ووديان ومخرات للسيول من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من السيول والأمطار التي تشهدها مصر في موسم الشتاء.

5- التوسع في بناء الصوب الزراعية: مع محدوديه الموارد المائيه، طرأت علي الساحة فكرة بناء صوب زراعية كونها تساهم في زيادة الإنتاج الزراعي ولا تستهلك كميات كبيره من المياه. وتتجه الحكومة المصرية أيضا إلي خفض مساحات زراعه المحاصيل المستهلكة للمياه بكثرة، لاسيما الأرز وزراعة محاصيل أخري غير مستهلكة للمياه بقدر الأرز لتوفير المياه وتحقيق اكتفاء ذاتي في محاصيل أخرى من ضمن توجه الدولة إلى تقليل الواردات وزيادة الصادرات.

مشاريع مستقبلية لتعظيم الموارد المائية:

لدي مصر عده مشروعات قد تنفذ وأخري قيد الدراسة من ضمن رؤيتها لتنويع مصادرها المائية داخل وخارج حدودها كون ذلك يندرج تحت الأمن القومي المصري. واتصالا بذلك، لدي دوائر صنع القرار في مصر عده ملفات مستهدفة من أجل تعظيم مواردها المائية أبرزها:

1- قناة جونقلي: يحظي مشروع قناة جونقلي باهتمام كبير بين مصر والسودان من ناحية وجنوب السودان من  ناحية أخرى مما يرتب من مكاسب مشتركه للجانبين، وكونه أكثر المشاريع القابلة للتنفيذ. طرح المشروع في ثمانينات القرن الماضي من أجل زياده إيراد مياه النيل الواردة من النيل الأبيض. توقف المشروع عام 1983 نتيجة الحرب الأهلية بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان التي انتهت في عام 2005 بعد أن كان حلم تنفيذ القناة علي وشك الاكتمال بعد أن تم حفر 260 كم من أصل 360 كم. وتبرز أهمية المشروع في أن نهر الجبل الذي يقع فيه قناة جونقلي يفقد أكثر من نصف مياهه بسبب التبخر. واتصالا بذلك، لمشروع قناة جونقلي فوائد كإقامة مشروعات زراعيه وثروة حيوانية وتقليل الفاقد وزيادة إيراد نهر النيل بـ 10 مليارات متر مكعب تقسم بالمناصفة بين مصر والسودان. تجدر الإشارة إلى أن مشروع قناة جونقلي يوفر عشرات الآلاف من الأفدنة للزراعة، وتكمن أهمية تنفيذه بسبب الفيضانات التي تضر نحو 300 ألف مواطن مقيم في وحول جونقلي في 6 ولايات مما يظهر أهمية تنفيذه لصالح جنوب السودان في المقام الأول. في هذا الإطار، تمثل قناة جونقلي عاملا داعما للأمن المائي المصري والسوداني.

2- مشروع بحر الغزال: تعمل مصر علي دعم دولة جنوب السودان في منطقة بحر الغزال على إزالة الحشائش وإنشاء تحويلتين لربط بحر الغزال بالنيل الأبيض لتوفر مصر 7 مليارات متر مكعب تقدم بالمناصفة بين مصر والسودان في إطار إنخراط مصر في المشاريع المشتركة بينها ودول حوض النيل وتقديم كافة الخبرات المصريه للأشقاء الأفارقة.

3- مشروع قناة مشار: لدي مصر خطط للاستفاده من هذا المشروع الذي يقع في جنوب السودان في نهر السوباط بطول 350 كم، ويعد هذا النهر إحدي الروافد الرئيسية المنسية للنيل الأبيض، حيث تعاني منطقة مستنقعات مشار وغيرها من عمليات التبخر والتسرب. من هنا، يمكن حلها بواسطة أعمال بسيطة كالحفر والردم والتعميق، حيث تملك مصر خبرات متشعبة في هذا المجال ويمكن أن تلعب دورا محوريا في سياق بحثها عن موارد مائية جديدة، حيث يمكن ان يوفر مشروع مستنقعات مشار 7 مليارات متر مكعب تقدم بالمناصفة بين مصر والسودان.

4- مشروع نهر الكونغو: وهو مشروع تمت دراسته عدة مرات علي فترات متباعد خاصة عند الحديث عن أزمة المياه والتحديات الجديدة التي تطرأ علي المشهد، ويمكن القول إن مشروع نهر الكونغو من المشاريع الطموحه خاصة أن معظم مياهه التي تقدر بـ 1300 مليار متر مكعب سنويا تهدر في المحيط الأطلنطي مما أدي إلي إمكانية البحث بربطه بنهر النيل وزيادة حصة نهر النيل بمقدار 100 مليار متر مكعب بخلاف مصادر مصر الأخري. وتعد تكلفه المشروع بحسب تقديرات صينية وروسية بنحو 20 مليار دولار و25 مليار دولار بالترتيب. لكن تكمن الأزمة في قابلية تنفيذ المشروع وليس تكلفتها الكبيرة، حيث يعد نهر الكونغو نهر دولي وليس محليا، ولهذا يجب موافقة جميع الدول المطلة علي النهر، وهي جمهوريه الكونغو الديمقراطية، وكونغو، وأنجولا، وزامبيا، فضلا عن أن المشروع يصطدم بعراقيل فنيه وديموغرافية وطوبوغرافية تجعل من توصيل المياه وربطه بنهر النيل بالمهمة الصعبة والشاقة –وليست مستحيلة– كون تحتاج بعض المناطق محطات لتوليد الكهرباء، إلي جانب محطات الرفع من أجل رفع المياه لمسافات طويلة أو نقل المياه عبر أنابيب لكن بكميات محدودة مما يرفع فاتورة التنفيذ إلي أرقاما كبيرة جدا مقابل كميات محدودة من المياه بخلاف اعتبارات سياسية وعسكرية واقتصادية قد تطرأ علي الساحه الدولية لتهدد المشروع حال تم تنفيذه علي ارض الواقع. من هنا، يعد مشروع نهر الكونغو أصعب الخيارات وأكثرها تكلفة مقارنه بالمشاريع الاخري التي سبق ذكرها، لكنها قد تنفذ علي فتره طويلة الأمد بالرغم من أن هذا السيناريو غير مرجح.

ختاما، يمكن لبعض المبادرات وسلوك المواطنين أن يلعب دورا فعالا في ترشيد استهلاك المياه حيث يوجد العديد من الأفكار البسيطة أن تساهم في حل الأزمة المائية في مصر. ومن هذا المنطلق، يجب ألا يتم التقليل من شأن قدره المواطن علي إحداث فارق كبير. من هنا، نجد أن بعض سبل الحفاظ علي الموارد المائية تتجسد في:

1- الاهتمام بمنظومة الأصناف النباتية: تمثل مراكز البحوث الزراعية ومثيلاتها بالكنز غير المستغل علي أكمل وجه، إذ يمكن أن يتم تمويل تلك المراكز وتقديم حوافز كبيرة للباحثين من أجل العمل علي أكمل وجه من أجل التوسع في زيادة أبحاث ابتكارات الأصناف النباتية والتقاوي بتقنيات ذكيه لزيادة الإنتاجية وترشيد استهلاك المياه. وتعد آخر ابتكارات تلك المراكز الأرز الجديد الذي يتحمل التغيرات المناخية، وموفرة للمياه، ويتحمل ملوحة التربة. ولهذا، يجب ضخ أموال طائلة، وإعطاء الأولوية لتلك المراكز في سبيل الارتقاء بالقطاع الزراعي والحفاظ علي الموارد المائية.

2- الصنابير الأوتوماتيكية: يمكن ان يتم تعميم تلك التجربة علي جميع مرافق الدولة، والمساجد والبنوك والفنادق، والشركات الخاصة والمكاتب الإدارية وغيرها، فضلا عن درس إمكانية تقديم حوافز للمواطنين الذين يلجأون إلي الصنابير الأوتوماتيكية في المنازل، نظرا للفارق الواسع الذي قد يحدثه في إطار الحفاظ علي كل قطرة ماء.

3- استخراج المياه من الطاقه الشمسية: ابتكر باحثون في معهد ماسوشيتس الأمريكية جهازا رخيصا يخدم المناطق النائية، حيث يتم استخراج الماء بمعدل 0.8 لتر ماء لكل متر مربع يوميا قابلة للزيادة في خضم التجارب العمليه التي من شأنها زيادة إنتاج الماء. وبالرغم من محدودية الإنتاج، فلا يمكن نكران مساهمته في حال تنفيذه في مصر، لاسيما في المناطق الصحراوية، حيث يمكن استغلال درجات الحرارة في إنتاج المياه.

4- المياه بين الإعلام والتعليم: لابد من نشر ثقافة الحفاظ علي المياه وإدراجها في المناهج التعليمية، كما يجب توفير الدعاية اللازمة من خلال إعلانات بالتليفزيون، والراديو، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتوفير اللوحات الإعلانية بالطرق والمحاور.


رابط دائم: