المساواة الجندرية أساس لبناء المجتمع
6-4-2022

جاكلين جرجس
* مدير المركز الثقافى القبطى بجمعية جامعة المحبة

ظلت الفكرة الراسخة في الأذهان فى المجتمعات الشرقية أن هناك مجالات عمل ووظائف بعينها لا تصلح للنساء، لأنها أعمال شاقة ولا تليق بأنوثتهن، وكنا دائمًا نسمع بعض الآراء السلبية التى توجه لهن دونما اختبار سابق لمدى تحمُّل النساء لأعباء هذه الأعمال أو مدى كفاءة نساء بعينهن لتلك الوظائف؛ لذلك طالبت المرأة كثيرًا بالمساواة الجندرية، وأن لا يكون هناك تمايز واختلاف بين الرجل والمرأة فى المجتمع الواحد على أساس الجنس، والقضاء على أنواع التمييز ضد المرأة وأن يتم خلق فرص متساوية ليس فى الحياة العملية فقط، بل أيضًا في كل أنشطة الحياة المختلفة، مما يؤدى بدوره إلى تساو في توزيع المقدرات الاقتصادية والاجتماعية خاصة، أن تأثير ضَعف مشاركة النساء في قوة العمل لا يقتصر فحسب على الحد من قدرة المرأة على تحسين وضعها الاقتصادي وتحقيق الرفاهية لها ولأسرتها، بل يؤدي أيضًا إلى الحد من حجم ونمو الاقتصاد ككل.

وعلى مدار عقود وأعوام لم تكف المرأة عن المطالبة بالمساواة، وها هى الآن تجنى بعض ثمار جهودها ومطالباتها ونشهد تطورًا سريعًا في هذا الصدد؛ فأخيرًا بدأ المفهوم يتغير بحيث لا تظل بعض الأعمال والمهن حكرا على الرجال، نظرًا لاختلاف الطبيعة الفسيولوجية بين الجنسين، وظهر ذلك جليًا بعد تمكين المرأة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى وتقلدها لعدد من المناصب القيادية، مثل: منصب محافظ لأول مرة، ومستشار الرئيس للأمن القومى، ورئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، ووكيل مجلس الشيوخ. أيضًا، نرى المرأة اقتحمت بقوة مجال الطاقة وأثبتت كفاءتها فيه، ولا يمكننا أن ننسى جيل من الرائدات بقطاع البترول اللاتي فتحن الباب لتدخل من ورائهن كل أنثى تحلم بتحقيق ذاتها وإثبات كفاءتها فى وظائف الرجال، فمنهن من تقلدن مناصب قيادية كرئيسات ونواب لشركات قابضة وهيئات اقتصادية وساهمن بأدائهن البارع كمهندسات بترول، خاصة في مواقع العمل بالحقول والمشروعات ووحدات الإنتاج، إضافة إلى دورهن في مجال البحوث العلمية من أجل التطوير المستقبلي، وهو ما تم التأكيد عليه فى احتفالية (هي والطاقةSHE IS ENERGY)  للاحتفاء بدور المرأة في صناعة البترول والغاز. وقد كان ذلك تزامناً مع احتفالات اليوم العالمي للمرأة في شهر مارس، حيث نظمت الاحتفالية التي تقام للعام الثاني على التوالى فى مؤسسة "إيجيبت أويل آند جاز".

والآن، ونحن نحتفى بالمرأة وإنجازاتها علينا حماية مقدراتها وما وصلت إليه من نجاحات فى مختلف القطاعات والوظائف، لذلك أجد أنه من الضرورى إعادة تشكيل وتفعيل وحدة تكافؤ الفرص، ليس فى مجال الطاقة فحسب، بل فى مختلف المجالات، لاسيما التى كانت حكرًا على الرجال فقط، حيث إن وحدة تكافؤ الفرص تم إنشائها لتكون حلقة الاتصال بين المجلس القومى للمرأة ووزارة البترول للارتقاء بدور المرأة وتمكينها وتوفير الآليات والتدابير والسياسات اللازمة التى تكفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أساس تكافؤ الفرص، والتى تساهم بشكل فعال فى تحقيق المساواة بين النساء والرجال، وذلك تماشياً مع استراتيجية تمكين المرأة 2030، وبالتالى سيكون منوط بوحدة تكافؤ الفرص إعداد قاعدة بيانات عن العاملين بقطاع البترول وتحديد نسبة مشاركة المرأة فى الهيئات والشركات البترولية التابعة لوزارة البترول أو أى قطاع آخر، كما أنها ستساهم في توعية المرأة العاملة في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والعلمية من خلال الندوات بحضور محاضرين على أعلى مستوى، والتركيز بشكل خاص على الأجيال الشابة، كما أن وحدة تكافؤ الفرص بالتعاون والتنسيق مع مكتب شكاوى المرأة التابع للمجلس القومى للمرأة ستتمكن من القضاء على المعوقات التى تواجه المرأة العاملة فى نطاق وزارة البترول والثروة المعدنية والعمل على حلها. وفي المُجمل، لا يمكن تعزيز إمكانية تكافؤ الفرص إلا من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية وقانونية تراعي المنظور الجندري حتى يتم تذليل كل المعوقات أمام المرأة فى هذا المجال على وجه الخصوص، وهو الذي كان محظورا على النساء فى فترات سابقة من عمر مصر، وأخيرًا أضم صوتي لصوت كل امرأة حرة قوية مستقلة لنقول مع فومزيلي ملامبو- نكوكا، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، "لن نقبل بشيء أقل من كوكب قائم على أساس المساواة".

 


رابط دائم: