استلهام ألحان الأجداد بروح عصرية!
31-1-2022

جاكلين جرجس
* مدير المركز الثقافى القبطى بجمعية جامعة المحبة

موسيقى وألحان متفردة تبث فى الوجدان حنينا إلى أصولنا القديمة، تبعث فينا الفخر بتاريخنا وماضينا، تستمع لشدو الناى فيتلامس مع الحزن الدفين بقلبك وبتناغم بديع تتسلل إلى أعماقك تلك الآلات الوترية واحدة تلو الأخرى، وتتجانس معها الآلات الإيقاعية لتشعرك بالزهو وعراقة تراثنا وآثارنا كأنها تستحضر روح وحياة الأجداد. فمنذ سبعة آلاف سنة سجل المصرى عاداته وتقاليده وأفراحه وأحزانه من خلال الموسيقى والغناء. فقام بتحويل مشاعره وأحداث يومه إلى ألحان، واستخدم الطبيعة من حوله لصنع آلاته الموسيقية.

تلك النهضة الفنية القديمة كانت سببًا لاستلهام الروح المصرية وتأليف أوبرا كاملة اسمها أخناتون فى الولايات المتحدة باللغة المصرية القديمة، وتتحدث عن أخناتون كأول إنسان في العالم يتحدث عن التوحيد، وعن القوة التي تكمن خلف قرص الشمس، كانت من تأليف الفنان الأمريكي فيليب جلاس عام 1983، وتتكون من ثلاثة أجزاء، وتم عرضها للمرة الأولى في مدينة شتوتجارت الألمانية عام 1984.

وبالرغم من عراقة تاريخ مصر فى الموسيقى والغناء، إلا أن البلاد لا تضم متحفا موسيقيا حديثًا يليق بتاريخ مصر الفنى، وبرموزها الموسيقية والفنية على مر العصور؛ بينما سبقتنا ألمانيا منذ مئات الأعوام وأنشأت متحفا مليئا بالآلات الموسيقية بدون بشر يعزفون عليها. يعرض هذا المتحف فى روديشيم أدوات العزف الذاتية التى لا تفوت أى نوتة موسيقية، وعند مدخل المتحف يسلم الزائر مرشدا صوتيا عندما يقف أمام آلة معينة يستمع من خلال سماعته الخاصة كيف كانت هذه الآلة تصدح، وبهذا الأسلوب يتم سرد تاريخ العلاقة بين الموسيقى والإنسان. ومن عناصر التشويق والتجديد التي يعتمدها متحف "عوالم الموسيقى" منح الزائر الفرصة للتعرف على إمكانيات المزج بين الموسيقى الكلاسيكية والحديثة، فعندما يقف مثلا أمام جرس قديم لا يسمع فقط رنينه الأصلي، إنما يسمعه ممزوجا بألحان أخرى. لم ينس المتحف الأطفال، بل جعلهم يتعرفون على الآلات القديمة وأنغامها بطريقة محببة، وبعد مسيرة بين الحقب الموسيقية والأقسام الأساسية للمعرض، يصل أخيرا إلى الجزء  المخصص للموسيقى المعاصرة، ويدخل استوديو تسجيلات صوتية لعازف جيتار حديث، وهناك يستطيع أن يقوم بنفسه بتركيب الألحان، وأن يرقص عليها إن شاء.

وفى إطار اللحاق بقطار التنوير وأهداف الدولة فى مواجهة التعصب والتطرف الفكري ونشر الوعي، أصبح هناك ضرورة ملحة إلى متحف للموسيقى بأسلوب شبابي مشوق ومتطور يعرض للزائرين الآلات الموسيقية الكلاسيكية والحديثة ويمكِّنهم من الاستماع لصوت كل آلة من خلال شاشات عرض رقمية تعرض تاريخ ونشأة كل آلة، وتصميمها، ومراحل تطورها، وكيفية ادماجها مع الآلات الأحدث لتقديم كونشرتو موسيقى متميز، بالإضافة إلى عروض غنائية ومسرحية باستخدام تلك الآلات بلغتنا المصرية الفرعونية، مما يكون له عظيم الأثر فى تنمية الوعي وبناء الشخصية المصرية ليعلو صوتنا ونقول لكل العالم انتبهوا هنا مصر.


رابط دائم: