جالسوا أولاد "الغد الديمقراطي"
3-11-2021

مدحت بشاي
* كاتب صحفى

أما وقد حققت ثورة 30 يونيو العديد من الانتصارات والمكاسب في سبيل استعادة الحقوق والذهاب بعزة وفخار لإعلاء الكرامة الإنسانية، وتوطيد مفاهيم "المواطنة الكاملة" على كامل أرض المحروسة، فقد أعلنت دولة 30 يونيو أن التعليم والثقافة والصحة والسكن، ودعم وتطوير أجهزة مؤسساتها باتت ملفات حقوقية من أهم حقوق الإنسان التي ينبغي نيلها في ظل العيش في الجمهورية الجديدة.

ولأن أطفالنا ينبغي أن يكونوا في حدقات عيون الوطن -وهم كذلك بالفعل- فإن أمر تربيتهم وتعليمهم وتثقيفهم والعناية بصحتهم واجب وطني لابد أن تتكاتف كل أجهزة الدولة وقواها المدنية في إعدادهم لوطن المستقبل بكل حماس وهمة.

يسعى أهل البحث عن تحقيق الجودة في دول العالم المتقدمة للتعامل مع ما سموه "جودة الحياة"، حيث إن تعريف مفهوم "جودة الحياة" صدر عن منظمة الصحة العالمية (عام 1995)، وكان أقرب التعريفات إلى توضيح المضامين العامة لهذا المفهوم، إذ ينظر فيه إلى جودة الحياة بوصفها "إدراك الفرد لوضعه في الحياة في سياق الثقافة، وأنساق القيم التي يعيش فيها، ومدى تطابق أو عدم تطابق ذلك مع أهدافه، وتوقعاته، وقيمه، واهتماماته المتعلقة بصحته البدنية، وحالته النفسية، ومستوى استقلاليته، وعلاقاته الاجتماعية، واعتقاداته الشخصية، وعلاقته بالبيئة بصفة عامة".

ولعل نظم التعليم الحديثة، التي تعتمد على سبل وأشكال الاستبيان والاستطلاع ومجالسة التلاميذ والتعرف على رأيهم في المدرسة والمدرس والمعمل والمكتبة وكل الخدمات، هي طرق حديثة لتحقيق معايير الجودة العالمية في التعليم، يتم الاعتماد عليها عند وضع خطط التطوير والتجويد.

وأعرض للقارئ العزيز نموذجًا رائعًا للاقتراب لعالم الطفل. ففي إحدى المدارس الأمريكية، طلبتِ المعلمةُ من الأطفال أن يوجِّهوا رسائل إلى الله في الكريسماس، يسألونه عن أحلامهم وأمنياتهم، أو يوجِّهون إليه أسئلةً مما قد يخفق الأبوان والمعلِّمون في الإجابة عنها .. فجاء في بعضها التالي ممهورًا بتوقيعاتهم:

    عزيزي الله...

·   مَن رسم هذه الخطوط على الخريطة حول الدول؟ – نان.

·  هل أنت فعلاً غير مرئي، أم أن هذه حيلة؟ – لاكي.

·  لقد أمطرتْ طوال الإجازة، وجُنَّ جنون أبي! فقال بعض الكلمات عنك مما ينبغي ألا يقولها الناس، لكنني أرجو ألا تؤذيه بسبب ذلك على كلِّ حال. صديقك... (عفوًا لن أخبرك باسمي (

·  لماذا "مدرسة الكنيسة" يوم الأحد؟ كنت أظنُّ أن الأحد هو يوم إجازتنا. – توم ل .

· إذا كنَّا سنعود من جديد في هيئات أخرى – من فضلك لا تجعلني جينفر هورتون لأنني أكرهها– دينس.

· إذا أعطيتَني المصباح السحري مثل علاء الدين سوف أعطيك لقاءه أيَّ شيء تطلبه، ماعدا فلوسي ولعبة الشطرنج خاصتي – رفائيل.

· أحب أن أكون مثل أبي عندما أكبر، لكنْ ليس بكلِّ هذا الشعر في جسمه – سام.

· ليس عليك أن تقلق عليَّ كثيرًا. فأنا أنظر للجهتين دائمًا حين أعبر الطريق – دين.

· أفكر فيك، حتى حين لا أكون في الصلاة – إليوت.

· أراهن أن ليس بوسعك أن تحبَّ جميع البشر في العالم. يوجد أربعة فقط في أسرتي ولم استطع أن أفعل ذلك – نان.

· بين جميع البشر الذين عملوا من أجلك، أحبُّ أكثرهم نوح وداود – روب.

· إذا شاهدتَني يوم الأحد في الكنيسة سوف أريك حذائي الجديد. – ميكي دي.

· قرأتُ أن توماس إديسون اخترع اللمبة. وفي المدرسة يقولون إنك مَن صنع النور. أراهن أنه سرق فكرتك. المخلصة – دونا.

· لم أكن أصدق أن اللون البرتقالي يمكن أن يتماشى جماليًّا مع اللون الأرجواني، حتى شاهدت غروب الشمس الذي صنعتَه يوم الثلاثاء. كم كان ذلك جميلاً – يوجين.

·  لا اعتقد أن ثمة مَن يمكن أن يكون ربًّا أفضل منك– تشارلز.

ثم كانت المفاجأة تكرار التجربة في مصر ولا أعرف هل الأمر مصادفة أم على سبيل الاستفادة من الغرب وبعيدًا عن الفكرة "الخايبة" التي تقول "كل اللي ييجي من الغرب ما يسر القلب"... فقد  طلبت إحدى معلمات مدرسة "قفط" التجريبية لغات، بمحافظة قنا، من تلاميذها في الصف السادس الابتدائي، الإجابة عن سؤال "إيه الرسالة اللى تحب توجهها لربنا؟".

وتنوعت رسائل التلاميذ في الإجابة عن السؤال، حيث وجه أحدهم رسالة إلى الله طالبًا منه " أن تصبح الإجازة من المدرسة كل يوم، ويصبح يوم الخميس فقط هو يوم الدراسة"، في حين كتب آخر " يا رب نفس السماء تمطر بيتزا.. وأن اتزوج من ألمانيا"، وكتب ثالث "اللهم اجعلني من المتفوقين في الدراسة ومجتهدًا في العمل، واجعل خطي جيدًا واجعل صفحة قلب كل إنسان صفحة بيضاء". وكتب رابع " يا رب انتقم من كل اللي عايز يؤذي مصر واحمِ شعب مصر، يا رب انتقم من كل اللي عايز يأخذ حصص الألعاب"، أما الخامس فكتب طالبًا من الله "الجنة واشفِ أبي وفرصة عمل في السعودية أو دبي أو الكويت أو ألمانيا». وكتب آخر" يا رب أعطِ المستر متولي كل خير وأعطه كرة ممضية من كريستيانو رونالدو، والميس سناء موبايل سامسونج جالاكسي نوت فور".

جالسوا أطفالنا وشبابنا للاقتراب من عوالمهم البريئة البديعة، وهم يمارسون ديمقراطية البوح والتفاعل في ظل دولة 30 يونيو الأمل الجميل..

 


 


رابط دائم: