ورشة عمل "العلاقات المصرية‮ -‬ العراقية فى ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية‮"
20-10-2021

  عرض: زياد زكريا، باحث فى العلوم السياسية - فادى طلعت، باحث فى العلوم السياسية.

عقدت مجلتا السياسة الدولية، والديمقراطية بمؤسسة الأهرام، بالتعاون مع مركز رواق بغداد للسياسات العامة، ورشة عمل "العلاقات المصرية-العراقية فى ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية"، حول نتائج الانتخابات التشريعية، ومستقبل التحول الديمقراطى فى العراق، والعلاقات المصرية - العراقية، فى ضوء تحولات الإقليم، وذلك بمقر مؤسسة الأهرام بالقاهرة، يوم الأحد 17 أكتوبر 2021.


    بدأت أعمال ورشة العمل بكلمة افتتاحية للأستاذ أحمد ناجى قمحة، رئيس تحرير مجلتى السياسة الدولية والديمقراطية، مرحبا بالمشاركين ومقدما لأعمال اللقاء، وكل من المشاركين والحاضرين بهذه الندوة، وعلى رأسهم مركز رواق بغداد للسياسات العامة برئاسة الدكتور عباس العنبوري، ثم قدم تحليلا وافيا عن الوضع العراقي وخطوات الترابط المصري - العراقي.
 

ثم جاء تاليا الدكتور عباس العنبوري، مؤسس ورئيس مركز رواق بغداد للسياسات العامة، حيث بدأ بالحديث عن مشكلة العنصرية الاجتماعية في الدول العربية والعراق بشكل خاص، مما كان أحد المسببات وراء تأسيس مركز رواق بغداد. مبينا أنهم لا يعملون أو يساندون أي جهة حزبية أو أجنبية، حيث قال العنبورى: "نحن مستقلون بتطرف" هذا التعبير يوضح مدى استقلالية المركز.


ثم جاءت كلمات من الأستاذ جمال الكشكى رئيس تحرير مجلة الأهرام العربى الذى جدد الترحيب بالمشاركين، فى ظل مكانة العراق دولة وشعبا للمصريين جميعا. خاصة فى هذا التوقيت المهم فى تجربة العراق السياسية منذ 2003، متمنيا أن تكون الحكومة العراقية القادمة على قدر الطموحات التى يعقدها عليها العالم العربى، بحيث يعود العراق إلى ماضيه الجميل ويعود إلى محيطه العربى كذلك. وهو ما يؤكد على ضرورة أن نقرأ المستقبل فى ضوء ما أسفرت عنه الانتخابات العراقية. وكذلك قدمت الأستاذة  نيفين كامل التحية والتقدير لكافة المشاركين، مشددة على أهمية التوقيت الذى تعقد فيه ورشة العمل، لأنه توقيت فاصل للعراق، وهو ما تكشف عنه الرؤية المصرية بأهمية عودة العراق إلى مكانتها.




 
الجلسة الأولى
العلاقات المصرية - العراقية فى ضوء تحولات الإقليم


العلاقات بين مصر والعراق فى ضوء نتيجة الانتخابات:

بدأ الدكتور عباس العنبوري الحديث في الجلسة بالتأكيد على ضرورة الانفتاح العراقي على محيطه العربي بدلا من الارتكان إلى قوى إقليمية غير عربية أو أجنبية، وذلك في كافة الاتجاهات والمجالات‘ حيث يجب استغلال الجوانب الثقافية والفكرية المشتركة بين الدول العربية لإعادة إحياء الانفتاح العراقي على الدول العربية كافة. وأوضح العنبوري أنه في الفترة ما قبل ثورة يناير في عهد مبارك، كانت هناك محاولات تنشيطية بين البرلمان العراقي ومجلس الشعب المصري، ولكن لم يكن المردود إيجابيا ولم يكن هناك التفاعل المرجو. وأوضح أنه من الممكن أن يكون هناك حساسية من بعض دول الخليج ولا توجد هذه الحساسية تجاه مصر. وأضاف فى حديثه التأكيد على مدى عمق الصلة بين الشعبين المصري والعراقي كأرضية مواتية يمكن البناء عليها، لتنفيذ خطة الانفتاح المناسبة في شتى المجالات السياسية‘ والعسكرية، والاقتصادية. ولكن البدء في تنفيذ الخطوات نحو ذلك الانفتاح قد يواجه بعض المشكلات‘ منها أنه من الممكن لبعض الدول التي لها مصالح في العراق أن تحاول عرقلة التواصل المصري - العراقي حتى لا يخل ذلك بمصالحها، وأيضا بعض الصعوبة  في إجراءات السفر والانتقال، مما يبطئ من إجراءات التقارب بينهما. واختتم الدكتور عباس كلمته بذكر تحدي كبير متأصل منذ عام 2003 ألا وهو النظرة العربية للطائفة الشيعية من الشعب العراقي، حيث ترى بعض الشعوب العربية الشيعة العراقيين أنهم ليسوا بعرب، بل هم فرس، بينما يؤمن الشيعة العراقيين بانتمائهم العربى، فيجب التعامل مع كل الشعب العراقي بغض النظر عن الدين والطائفة بنفس الطريقة.




 أما اللواء الدكتور محمد مجاهد الزيات، المستشار الأكاديمى للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، فقد بدأ حديثه بإيضاح أن الانتخابات العراقية الأخيرة لن تغير الكثير من الحال العراقي، لأن المشهد السياسي يسيطر عليه نفس النخبة منذ 2003. وأضاف: أن تصدر التيار الصدري لا معنى له إذا لم يستطيعوا تشكيل تحالف يملك الأغلبية. أما بالنسبة لكيفية صعود التيار الصدري، فقد كان من أهم أسباب صعوده أن النظام الجديد للانتخابات أتاح للفئات المهمشة التمثيل في البرلمان، منوها إلى أن الكتلة الكردية ستكون هي "رمانة الميزان" في أي تحالفات قادمة، حيث إنهم حصلوا علي مجمل 62 مقعدا تقريبا في البرلمان. وألقي د.مجاهد الضوء على عودة الطائفة السنية داخل البرلمان العراقي وعودة تفاعلها مع العملية السياسية داخل الدولة بقيادة محمد الحلبوسي، حيث إنهم استطاعوا الحصول على ما يقرب من 40 مقعدا داخل البرلمان، خاصة بعد خطاب التيار الصدري بتحالفه مع الأكراد والسنة الذي تضمن بأن العراق قد انتقل خطوة كبيرة في هذه المرحلة منذ عام 2003. أضاف الزيات أيضل أن القوى الإقليمية الفاعلة فى العراق لن تتهاون عن تشكيل الحكومة الجديدة بالعراق، حيث إنه من مصلحتها عودة المالكي للحكومة لضمان بقاء سيطرتها وهيمنتها فى العراق، وذلك بسبب المباحثات الجارية مع السعودية وتعتبر العراق بالنسبة لها ورقة في غاية الأهمية لأنها جزء من المباحثات الجارية في فيينا والمباحثات في سوريا، وبهذا تكون قضية الحشد الشعبي هى قضية الموازنة.


 مشروع الشام الجديد بين الفرص والتحديات:

 شرعت دكتورة وئام عثمان رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد، بالحديث عن اتفاق الشام الجديد وأكدت على أن التعاون الاقتصادي هو أقصر الطرق إلى التكامل الاستراتيجي، وأضافت أن هذا التعاون سيتيح العديد من الفرص في العالم العربي، أهمها الترابط الاقتصادي من خلال تكامل الموارد واحتياج كل دولة لموارد الآخر، والفرصة الثانية هي عودة العراق إلي الحاضنة العراقية. وطرحت تحليلا مهما بأن هذا التعاون يعتبر جدارا عربيا منيعا ضد تدخل القوى الإقليمية، أو على الأقل سوف يحد بشكل كبير من تدخلها في الشئون العراقية. وسوف يكون هناك مقاربة أمنية جديدة إذا حدث الاتفاق النووي، وما يتبعه من إعادة توزيع النفوذ أو القوة، فمن من مصلحة هذه الدول الثلاث فى مشروع الشام الجديد المضي قدما في رسم سياسة عربية تضمن مصالحهم. وأشارت بأن الدول الثلاث تواجه خطر الفقر المائي، ولكن هذا التكتل سوف يشكل ضغطا علي دول المنبع. وقالت إنه من المؤشرات التي توضح نجاح هذا الاتفاق وجود دعم أمريكي لهذا المشروع، وإن كان يجب انتظار السياسات الرسمية الصادرة عنها. أيضا، تم الحديث عن أن الشعوب العربية هي الأكثر تأثيرا في المشاريع السياسية بين الدول العربية. واستشرفت الدكتورة وئام بصعوبة قدرة العراق فى الحصول علي تصديق من البرلمان على التفاهمات التي تم التوصل إليها. كما يجب الاهتمام بنقطة بناء مؤسسات لهذه المشاريع لإعطائها ثقلا، وأهمية الهيكلة أيضا فى تنظيم التحالف الجاد ومحاولة فصل الجوانب السياسية عن نظيرتها الاقتصادية. وفى النهاية أكدت على ضرورة تفعيل الدبلوماسية الشعبية لأهميتها الكبرى، وأيضا أهمية تحول المراكز البحثية العربية إلي بنوك أفكار تقدم الكثير من المعلومات والإحصاءات.


 الأبعاد الأمنية فى العلاقات المصرية – العراقية:

أكد العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية على ضرورة تدعيم الشراكة الأمنية بين الدول الثلاث في مشروع الشام الجديد، ودعمها من قبل المؤسسات البحثية، ووسائل الإعلام لمجابهة التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة، مثل الإرهاب والكيانات المسلحة غير التابعة للدولة والتي تؤثر بشكل كبير في الداخل العراقي خشية من مشروع الدولة الوطنية العراقية بمؤسساتها الأمنية والعسكرية الذي يسعى إليه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وهنا يأتي الدور المصري لضمان استكمال هذا المشروع بكافة جوانبه من أجل العبور بالدولة العراقية من هذه المرحلة الصعبة الى مستقبل أفضل.


 ثم أتى تعقيب من الدكتور سليم الدليمى الباحث العراقى فى الشئون السياسة بأن الانتخابات لم تأت بجديد، من حيث إن كل طائفة صوتت لنفسها، أذ إن الكردي يصوت للكردي والشيعي يصوت للشيعي والسني كذلك. ومع ذلك، أثني علي نزاهة الانتخابات، حيث تم استخدام التطبيقات التكنولوجية المتطورة في الانتخابات، وهذه ميزة إيجابية، وكانت النسب جديدة نوعا ما لكونها حقيقية.


أما الأستاذة لينا مظلوم الكاتبة العراقية، فلفتت الانتباه إلى خطورة الميليشيات المسلحة المتطرفة، وإلى محاولة رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى احتواءها، وأن الكلمة التى وجهها الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى للناخب العراقى لم تأتى فى إطار البروتوكول، وإنما كانت استشرافا للمستقبل وضرورة عودة ثقة الناخب العراقى فى العملية الانتخابية.


 
الجلسة الثانية
قراءة فى نتائج الانتخابات العراقية وخريطة القوى السياسية

 


اختصت الجلسة الثانية بتحليل نتائج الانتخابات العراقية وخريطة القوى السياسية من واقع تقييم استطلاعات الرأي، خاصة استطلاع الرأى الذي قام به مركز رواق بغداد والتحليلات حوله، وحول الخصائص الديموجرافية للناخبين العراقيين.
 



 

البرلمان العراقى من واقع تحليل نتائج الانتخابات:

 بدأت الجلسة مع  الأستاذ عدنان عبد الحسين العميري، المدير التنفيذي لمركز رواق بغداد، حيث شدد على نزاهة الانتخابات العراقية الأخيرة بامتياز مقارنة بالانتخابات السابقة بسبب ثلاثة محددات رئيسية، هى: البطاقة البيومترية، وجهاز التحقق من الناخبين، والربط بين سجل الناخبين والورقة الانتخابية. كما تمت إعادة هيكلة المفوضية بالكامل، حيث أصبحت تتشكل من القضاة الذين يمثلون كافة الطوائف الشعبية بدلا من الكتل السياسية كما كان في الانتخابات السابقة، مما أثر بشكل كبير على نزاهة الانتخابات وثقة الشعب العراقى في العملية الانتخابية. كما أكد أن سوء إدارة ملف الانتخابات لعب دورا كبيرا في فشل بعض التيارات والأحزاب في العملية الانتخابية، فبدلا من ترشيح مرشح واحد من نفس الحزب في منطقة معينة تقوم بعض الأحزاب بترشيح أكثر من مرشح، مما أدى إلى توزيع الأصوات بدلا من تركيزها حول مرشح واحد يضمن الفوز، و هذا ما لم يقع فيه التيار الصدري، ولذلك أصبح التيار الأخير العنصر الأساس في دائرة مفاوضات تشكيل الحكومة نظرا لتصدره الانتخابات.


 واستهل الأستاذ علي حسون، مسئول قسم استطلاعات الرأي في مركز رواق بغداد، الحديث عن الاستبيانات التي قام بها المركز بشكل مفصل، موضحا أنهم قاموا بالاستبيان الأول عن طريق الهاتف، وعرض بأن نسبة كبيرة من الشعب العراقى قامت بتحديث بياناتها. أما الاستبيان الثاني فكان ميدانيا، وكان متنوعا علي أكبر قدر ممكن، وكشف عن أن نسبة الرضا عن الانتخابات ارتفعت عما كانت في الاستبيان الأول، وأوضح الاستبيان أن%76  كانوا يعتقدون بأن الانتخابات سوف تؤجل أو يتم إلغاؤها.


وشارك الدكتور عباس العنبوري مرة أخرى بتعقيب مهم مبينا أنه من الخطأ أن ننظر إلى العراق من زاوية قوة إقليمية واحدة فقط، فهناك جوانب أخرى وقوى مختلفة متدخلة فى العراق. "وأيضا أضاف بأننا لا نريد ان نكون بوابة شرقية للعرب". وأشار بأن النواة الصلبة في العراق هى أربعة ثوابت أولها الانتخابات، وثانيها المرجعية الدينية، وثالثها التوازن الدولي، ورابعها صوت المتظاهرين ووسائل التواصل الاجتماعي. ووصف الدكتور عباس العراق حاليا بأنه دولة حديثة تم نشأتها عام 2003 ونظام به ديناميكية كبيرة، ومنذ ذلك الحين مرّ العراق بالكثير من التغيرات السياسية.





تحليل نتائج استطلاع الرأى حول نتائج الانتخابات العراقية:

شهدت د. حنان أبو سكين، الخبير بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، بمدى دقة وثراء النتائج التي توصلت إليها استطلاعات الرأي التي قام بها مركز رواق بغداد، حيث تمت تغطية شتى المحاور التي يمكن من خلالها الخروج بنتائج شاملة ودقيقة عن الناخب العراقي، واعتمد المركز عينة عشوائية طبقية؛ حتى تشمل جميع طوائف الشعب العراقي.


بينما أكدت د.علياء عبد الرءوف عامر، الخبيرالديموجرافي، علي أهمية التحليل الديموجرافي لخصائص الناخب العراقي بالإشارة إلى وجود توازن في التمثيل لكل محافظات العراق في الانتخابات، وملاحظة أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي واستقرت الحالة الاجتماعية زادت نسبة المشاركة. وتلي تلك المشاركة تعقيب الأستاذ أحمد ناجي قمحة بالتأكيد على ضرورة عدم وجود أي تدخلات أو تمويل أجنبي للاستبيانات المحلية؛ لأنه يشكل خطرا على الأمن القومي للدولة.


أما الدكتور عادل عبد الصادق، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فبدأ حديثه بأن استطلاعات الرأي العام تعد مقياسا لوعي الرأي العام بالقضايا المثارة، وليس من الضروري إطلاقا أن يكون استطلاع الرأي العام مطابقا أو قريبا جدا للنتائج الحقيقية، لأن المتغير الزمنى مختلف وهذا سبب كاف لتغيير الآراء والقضايا. وأشار د.عادل  أن هناك انقساما شديدا داخل الشعب العراقي حول الثقة في العملية الانتخابية، ولكن جاءت الانتخابات نزيهة ليس بها تزوير أو فساد، وذلك سوف يؤثر على ثقة الشعب بالعملية الانتخابية بالإيجاب. وأنهى د.عادل حديثه بأن هناك متغيرين سوف يحكمان توجهات الرأي العام العراقي فى الفترة القادمة، أولهما نزاهة العملية الانتخابية، والمتغير والآخر هو فشل الميليشيات المسلحة في فرض إرادتها على القوى السياسية.


فى ختام أعمال ورشة العمل وجه الأستاذ أحمد ناجى قمحة رئيس تحرير مجلتى السياسة الدولية، والديمقراطية الشكر لكافة المشاركين ومساهماتهم القيمة، متمنيا أن يخطو العراق إلى مستقبل أفضل على كافة الأصعدة، مع عودة الدولة الوطنية العراقية إلى دورها ووظائفها، وأن تستمر العلاقات المصرية - العراقية فى منحى تصاعدها الحالى لمصلحة شعوب المنطقة.
 




 

 


رابط دائم: