الوجه الاقتصادي للصراع السياسي في أفغانستان
30-8-2021

د. السيد صلاح الدين
* أستاذ مساعد الاقتصاد والمالية العامة

أثار الانسحاب العسكري للولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان وعودة حركة طالبان للسلطة في منتصف أغسطس 2021الكثير من الجدل حول الصراع السياسي في أفغانستان، سواء بخصوص جدوى الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان، والذي بدأ في عام ،2001أو بخصوص مستقبل هذا الصراع بعد الانسحاب الأمريكي، والذي فتح الباب للعديد من الاحتمالات والمسارات السياسية في ظل المنافسة الدولية وصراع المصالح للقوى الكبرى ( الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين)، والقوى الإقليمية (باكستان والهند ..)  يتناول هذا المقال بشكل أساسي الجوانب الاقتصادية لهذا الصراع، من خلال تحليل الأهمية الاقتصادية لأفغانستان وتحليل الأهداف الاقتصادية لأطراف الصراع.

الاقتصاد الأفغاني والثروات الطبيعية:

تمتلك أفغانستان موارد طبيعية كبيرة، حيث تقدر احتياطيات البلاد المعدنية بما يصل إلى ثلاثة تريليونات دولار أمريكي، مع مجموعة هائلة من الذهب والمعادن الصناعية، والتي من شأنها، في سياق أمن أفضل وفساد أقل، أن تكون جاذبة للأعمال التجارية الدولية.

وهناك عدة أنواع من المعادن متوافرة بكميات كبيرة، بما في ذلك النحاس والكوبالت والفحم وخام الحديد، وهناك أيضًا النفط والغاز والأحجار الكريمة، وأحد هذه المعادن ذو إمكانات مذهلة، وبشكل خاص الليثيوم الذي يستخدم في صناعة الأجهزة المحمولة والسيارات الكهربائية.

ومع ذلك ، فإن هذه الإمكانات الهائلة ليست مستغلة ولم ير الشعب الأفغاني سوى القليل جدًا، إن وجد، من الاستفادة منها. فقد عانى الشعب الأفغاني من الفقر المدقع، حيث يعيش الغالبية العظمى من السكان، البالغ عددهم نحو 39مليون نسمة على أقل من دولار أمريكي يوميًا.

 وكان الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان في عام2020  يقدر بـ19.8 مليار دولار أمريكي، وهو ما يجعلها من أضعف اقتصادات العالم، ويأتي المواطن الأفغاني السابع عالميًا من حيث انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، كما تأتي أفغانستان متأخرة في المؤشرات الدولية لتنافسية الأعمال والشفافية وجذب الاستثمار.

وبالنظر إلى بيانات الموازنة العامة في أفغانستان، نجد أنها موازنة فقيرة (إجمالي الإنفاق الحكومي لجميع البنود في عام 2020  كان نحو433.4 مليار أفغاني، أي ما يعادل نحو 5.6مليار دولار أمريكي)، وتعتمد الموازنة الأفغانية بشكل أساسي على المعونات والمنح الدولية التي تمثل أكثر من 45% من إجمالي الموازنة.

ولا تتناسب قيمة صادرات أفغانستان مع قدراتها وأهمية موقعها الجغرافي، حيث توقفت عند 777مليون دولار أمريكي فقط في 2020، كان معظمها إلى دول الجوار الهند وباكستان، بينما بلغت الواردات نحو 6.5مليار دولار أمريكي، وتعد إيران المصدر الأول للواردات الأفغانية بما يعادل نحو 1.1مليار دولار أمريكي، ثم الصين بما يعادل نحو 987مليون دولار أمريكي، ثم باكستان بما يعادل نحو 732مليون دولار أمريكي.

الأهمية الاقتصادية لموقع أفغانستان وتفسير الصراع الدولي:

أفغانستان دولة غير ساحلية في قلب آسيا، تحدها من الشمال كل من طاجكستان وأوزبكستان وتركمانستان (من دول آسيا الوسطى الغنية بالطاقة)، وتحدها إيران من الغرب، والصين من الشرق، فيما تحدها باكستان من الجنوب، وهى بذلك تتمتع بموقع جغرافي خاص جعلها محورا جيوسياسيا، حيث تربط شرق وغرب وجنوب ووسط آسيا، وتقع في وسط المناطق الآسيوية الرئيسية، مثل آسيا الوسطى وجنوب القارة وغربها والشرق الأقصى.

تعد أفغانستان اليوم أشبه بممر، تتقاطع عنده الطرق الآسيوية، حيث يلتقي جنوب آسيا وآسيا الوسطى وغرب آسيا، ويمكن أن تكون الممر الرئيسي لهذه المناطق الثلاث، كما أنها تقع على مفترق طرق بين الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وشبه القارة الهندية. إن ما توفره أفغانستان من فرص الاتصال بين المناطق الآسيوية يمكن أن يفتح العديد من الفرص الاقتصادية للعديد من دول العالم، سواء في مجال نقل الطاقة، أو في مجال التبادل التجاري ونقل البضائع.

تمثل أفغانستان جسرا لربط المصالح الاقتصادية لدول جنوب آسيا وغرب آسيا بمنطقة آسيا الوسطى وإيران، وهو أمر مهم يجب فهمه لتفسير الصراع الدولي حول أفغانستان، لأنها دول غنية بموارد الطاقة، بينما دول جنوب غرب آسيا وجنوب آسيا (خاصة باكستان والصين وبنغلاديش والهند)هى دول مكتظة بالسكان وتتعطش للطاقة، لذلك فهي بحاجة إلى الوصول إلى الدول السابقة.

في هذا الصدد، توفر أفغانستان طريقًا بريًا مباشرًا إلى آسيا الوسطى عبر باكستان، وتقدم نفس الطريق إلى العالم المتعطش للطاقة، كما تمتلك أفغانستان أهمية حاسمة على طريق ربط منطقة آسيا الوسطى بها والطرق البحرية في بحر العرب.

الاقتصاد والحرب الأمريكية في أفغانستان:

على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية غزت أفغانستان لأول مرة في عام 2001للرد على هجمات تنظيم القاعدة وهزيمة مضيفيها، إلا أن الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان عزز النفوذ الأمريكي في المناطق الآسيوية الزاخرة بموارد الطاقة وسمح للولايات المتحدة الأمريكية بالتحكم في المحاور الاستراتيجية المهمة في أوراسيا، بهدف تحقيق عدد من المصالح في إطار الصراع الاقتصادي مع روسيا والصين، ومن هذه المصالح منع روسيا من الوصول إلى المحيط الهندي، والوجود بالقرب من دول الاتحاد السوفيتي السابق، والتي تشكل مجال نفوذ استراتيجي لروسيا، وعرقلة تمدد الاقتصاد الصيني نحو آسيا الوسطى والغرب.

إلا أن هذه المصالح الاقتصادية اصطدمت بواقع التكاليف الباهظة للحرب في أفغانستان، مما أجبر الأخيرة على الانسحاب العسكري، حيث تكبدت الولايات المتحدة الأمريكية خلال 20عامًا من الحرب نحو 2.26تريليون دولار أمريكي، وهو ما يعادل تقريبًا 10أمثال مجموع  قيم الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان طوال العشرين عامًا الماضية، ويعادل نحو 7% من إجمالي الضرائب الأمريكية لنفس الفترة،وهو ما يعني أيضًا أن كل مواطن أمريكي قد تحمل أكثر من ستة آلاف دولار أمريكي من تكاليف الوجود العسكري للولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان.

وتشمل تكاليف الحرب الأمريكية في أفغانستان 800 مليار دولار من تكاليف القتال الحربي المباشرة، و85 مليار دولار لتدريب الجيش الأفغاني، وبلغت تكلفة رعاية 20  ألف ضحية أميركية في أفغانستان حتى الآن 300 مليار دولار ومولت الولايات المتحدة الحرب الأفغانية بأموال مقترضة. ويقدر باحثو جامعة براون أنه تم بالفعل دفع نحو 530 مليار دولار من الفوائد (المدرجة في المبلغ الإجمالي البالغ 2.26 تريليون دولار لتكاليف هذه الحرب).

أفغانستان نقطة انطلاق جديدة للتنين الصيني:

لم يستطيع الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان أن يحبط طموحات الصين في أفغانستان، وسعت الصين لزيادة نفوذها الاقتصادي في أفغانستان، من خلال ضخ استثمارات بمليارات الدولارات في مشاريع تنموية مختلفة، وتعد الصين أكبر مستثمر أجنبي في أفغانستان وقد دخلت أفغانستان لأول مرة كمستثمر ومطور رئيسي في عام 2007، عندما فازت بعقد قيمته 3.5مليار دولار أمريكي لتشغيل منجم مسك أياناك للنحاس والذهب في مقاطعة لوغار بشرق البلاد.

ثم استثمرت أيضًا في مشاريع التنقيب عن النفط والغاز، وفي ديسمبر 2011، فازت شركة بترول صينية بمناقصة بقيمة 400مليون دولار أمريكي لحفر ثلاثة حقول نفطية لمدة 25عامًا في مقاطعتي فارياب وسار إي بول الأفغانية، بالإضافة إلى الاستثمار في مشروعات تطوير البنية التحتية للسكك الحديد.

وبعد الانسحاب الأمريكي، وفي ظل علاقة الصين الوطيدة مع حركة طالبان وباكستان، يمكن أن تكون أفغانستان ذات الموقع الاستراتيجي المميز فرصة اقتصادية فريدة بالنسبة للصين، تسهل وصول اقتصادها المتنامي إلى ما يحتاجه من موارد النفط والغاز في آسيا الوسطى.

كما يمكن أن تشكل أفغانستان نقطة محورية في مبادرة الحزام والطريق الصينية المتضمنة إعادة إحياء طريق الحرير القديم وبناء شبكات تجارية تربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، وهو مشروع ضخم للبنية التحتية والتنمية الاقتصادية تتبناه الصين، وتسعى من خلاله إلى تعزيز نفوذها في الاقتصاد، وتصل مبادرة الحزام والطريق الصينية اليوم إلى سلسلة من مشاريع تطوير البنية التحتية بقيمة تريليون دولار أمريكي في 70دولة.

لم يتم تضمين أفغانستان في البداية في خريطة المبادرة عندما تم إطلاقها في عام 2013، ولكن في السنوات الأخيرة، حولت الصين تركيزها وزادت حصصها في أفغانستان، التي تحتاج بشدة إلى مشاريع تطوير البنية التحتية، وتمت مناقشة الدور المحتمل فى أفغانستان التي مزقتها الحرب، والتي تتناسب جيدًا مع مبادرة الحزام والطريق، حيث توفر أفغانستان التي تتمتع بموقع استراتيجي أقصر طريق بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا، وبين الصين والشرق الأوسط، كما يمكن أن تكون أيضًا بمثابة بوابة إلى بحر العرب.

لم تحدد الصين بالضبط كيف سيتم دمج أفغانستان في مبادرة الحزام والطريق، ولكن على الأقل يمكن دمجها في برنامج الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني الذي تبلغ قيمة استثماراته 62مليار دولار أمريكي في مشاريع البنية التحتية للنقل، والتي يمكن تمديدها إلى أفغانستان، وبالتالي دمجها بشكل أكبر في مبادرة الحزام والطريق وتوفير نقطة انطلاق لتوسيع مبادرة الحزام والطريق إلى منطقة الخليج الغنية بالطاقة. وقد زادت أهمية تضمين أفغانستان في المبادرة الصينية بعد بناء ميناء جوادر الغربي لباكستان لدعم الوصول الاقتصادي اللوجيستي للصين.

أفغانستان وذوبان الجليد الروسي:

عانت روسيا من الوجود الأمريكي في أفغانستان، حيث شكل ضغطًا على نفوذها في آسيا الوسطى ومانعًا من وصولها إلى المحيط الهندي. ويفتح الانسحاب الأمريكي الباب أمام روسيا لتحقيق مجموعة من المصالح الاقتصادية، فمن خلال أفغانستان يمكن لروسيا الوصول إلى باكستان، ومنها إلى المحيط الهندي. كما أن التعاون بين أفغانستان ودول آسيا الوسطى في مجال نقل الطاقة، إذا تم بمعزل عن روسيا، فمن شأنه أن يؤثر فى سياسة روسيا التي تسعى للسيطرة على نقل الغاز في أوروبا وآسيا إلى أقصى حد ممكن.

ومن بين المصالح الاقتصادية المهمة لروسيا في أفغانستان، تضمينها في مشروع ممر الشمال-الجنوب، وهو أداة اقتصادية واستراتيجية مهمة تربط روسيا بمنطقة الخليج والمحيط الهندي وأوروبا، وهو في نفس الوقت بديل لمبادرات الاتصال الأوروبية الآسيوية المنافسة الأخرى.

يمكن لهذا الممر أيضًا تعزيز الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بقيادة روسيا من خلال تسهيل التجارة بين الدول الأعضاء ، وفي نفس الوقت تطوير المناطق المجاورة لروسيا. ويمكن أن يكون الممر أيضًا وسيلة لروسيا لمنافسة الصين. فبينما تشارك روسيا في مبادرة الحزام والطريق التي تقودها الصين، فإنها تلعب دورًا ثانويًا هناك، لذلك تهتم بهذا الممر الذي سوف يسمح لروسيا بموازنة القوة في المنطقة ومع الصين. في الواقع ، إذا تمكنت روسيا من التغلب على عقبات هذا المشروع، خاصة المرتبطة بالجليد في القطب الشمالي، فقد يظهر كمنافس جيوسياسي لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

أفغانستان واستراتيجية الاحتواء الأمريكية:

إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية اضطرت للانسحاب العسكري من أفغانستان، فإن ذلك لا يعني الانسحاب السياسي والاقتصادي. تمثل أفغانستان حجر الزاوية في استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في أوراسيا الهادفة إلى احتواء التمدد السياسي والاقتصادي لمنافسيها، خاصة روسيا والصين، والهيمنة على موارد الطاقة والتحكم في ممرات نقلها.

تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من الأدوات ذات الطابع الاقتصادي، يمكن استخدامها لتحقيق مصالحها فيما يتعلق بالصراع في أفغانستان والتأثير فى حكومة طالبان. يأتي في مقدمة هذه الأدوات المنح والمساعدات الاقتصادية التي تحتاجها أفغانستان بشدة في الوقت الحالي، فطوال العشرين عامًا الماضية اعتمدت أفغانستان على المنح والمعونات الدولية في تمويل الموازنة، وبلغ إجمالي ما تلقته ما يزيد على 67مليار دولار أمريكي ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بما يقترب من نصفها.

كما أن الولايات المتحدة الأمريكية الأمريكية تحتفظ بالاحتياطي النقدي لأفغانستان، والبالغ نحو تسعة مليارات دولار أمريكي وهو ما يدعم قدرتها على فرض أي عقوبات اقتصادية على طالبان، كذلك تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بنفوذ كبير في المجتمع الدولي وقرارات المؤسسات الدولية، مما يسمح لها بالتأثير فى علاقات المجتمع الدولي بطالبان والمناورة بفرض العقوبات الاقتصادية في حالة تمرد طالبان عليها، خاصة في ظل القلق الدولي من حكم طالبان وما يرتبط به من مخاوف تتعلق بالأنشطة الإرهابية، وانتهاك حقوق الإنسان، والتعسف ضد النساء، وتأزم مشكلة اللاجئين الأفغان، والتجارة غير المشروعة في المخدرات.

بالإضافة إلى ذلك، تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية، وتدعم مجموعة من مشروعات الطاقة والتنمية في المنطقة من شأنها التأثير الاقتصادي فى أفغانستان، والمنافسة مع مشروعات روسيا والصين، وتعزيز نفوذها في المنطقة.

من بين هذه المشروعات رؤية أمريكية لطريق الحرير تنافس المبادرة الصينية، وقد قدمت الخطة الأمريكية لأول مرة من قبل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في عام 2011، ويربط مشروع طريق الحرير الأمريكي الجديد البنية التحتية الروسية (الطرق وخطوط السكك الحديد وخطوط نقل الطاقة) بدول آسيا الوسطى، ثم أفغانستان وباكستان والهند. وبهذه الطريقة، يمكن لأمريكا أن تنجح في ترتيب الأهمية الجيوسياسية والجيواستراتيجية في المنطقة وإنشاء طرق حديثة في الشرق.

كما تساهم الولايات المتحدة الأمريكية في تمويل مشروع خط نقل الطاقة CASA-1000الذي يهدف إلى تهيئة الظروف للتجارة المستدامة للكهرباء بين دول آسيا الوسطى في طاجيكستان وجمهورية قيرغيزستان ودول جنوب آسيا في أفغانستان وباكستان.

كذلك تبنت الولايات المتحدة الأمريكية، بالتفاهم مع حركة طالبان، مشروع خط أنابيب (TAPI) وتم الإعلان عنه عام 2018، والمشروع عبارة عن خط أنابيب لنقل الطاقة من تركمانستان إلى أفغانستان، ثم إلى باكستان والهند وتكمن مصلحة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في إكمال المشروع بنجاح، لأنه سيقلل من نفوذ روسيا والصين في المنطقة، بالإضافة إلى توفير فرصة لتحقيق الاستقرار المحتمل للعلاقات والوضع الأمني داخل آسيا الوسطى. كما سيؤدي خط أنابيب TAPIإلى تمكين دول آسيا الوسطى من تصدير الطاقة إلى أسواق جديدة وتقليل اعتمادها التجاري على روسيا.

أفغانستان والصراع الإقليمي بين الهند وباكستان:

تمثل أفغانستان ساحة تاريخية للصراع المحموم بين الهند وباكستان، هذا الصراع الإقليمي الذي يرتبط بالمبارة السياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، حيث تتقاطع المصالح الأمريكية في أفغانستان مع المصالح الهندية، خاصة في موقفهما من الصين التي تدخل في نزاع حدودي مع الهند، فالهند هى الدولة القادرة على مجابهة النفوذ الصيني في المنطقة بما تملكه من مساحة وموارد طبيعية وقوى بشرية وسوق كبيرة وإمكانات تكنولوجية وصناعية، بينما تعد باكستان شريكا اقتصاديا أساسيا للصين التي تعول عليها في تنفيذ مشروعات مبادرة الحزام والطريق في المنطقة.

وعلى صعيد المصالح الاقتصادية ترتبط معظم مبادرات التنمية المزمع تنفيذها وتمر بأفغانستان بتحقيق منافع لكلتا الدولتين أو إحديهما، ففي حين أن مشروع خط أنابيب TAPIينقل الطاقة لكلتهما، نجد مبادرة ممر الشمال- الجنوب تتمتع بأهمية إستراتيجية بالنسبة للهند، لأنها سوف تسهل التجارة مع روسيا وأوروبا من خلال أفغانستان، متجاوزة باكستان المنافسة. وتهدف الهند من هذا الممر تعزيز وصولها الاقتصادي إلى جمهوريات آسيا الوسطى الغنية بالموارد، والتي تعتبرها الهند مصدرًا بديلاً لإمدادات الطاقة وسوقًا ضخمة للسلع الهندية.

أما باكستان، فتربطها بأفغانستان فى العديد من المصالح الاقتصادية المشتركة ويصعب فصل تداخلهما الاقتصادي والسياسي، حيث تشكل كل دولة منهما امتداد استراتيجي للأخرى، بالإضافة إلى تبادل المنفعة من ميناء جوادر الباكستاني، وكذلك الاستفادة المشتركة من مبادرة الحزام والطريق.

مستقبل الاقتصاد الأفغاني ورقعة الشطرنج الدولية:

يتضح مما سبق أن أفغانستان، ضحية موقعها المتميز، لا يتوقف مصيرها الاقتصادي على الشأن الداخلي بقدر ارتباطه بمواقف القوى الكبرى والإقليمية وتعقيدات حسابات المصالح الدولية وخريطة تحالفاتها، مما يفتح المجال للعديد من المسارات الاقتصادية المحتملة.

فمن المحتمل أن نرى أفغانستان دولة حليفة للولايات المتحدة الأمريكية وشريكا تجاريا لحلفائها، ومن الممكن أن نراها مركزا للتجارة الدولية، من خلال مبادرة الحزام والطريق الصينية أو المشروع الروسي، وأيضًا يعد من الأمور الواقعية أن نتحدث قريبًا عن جرائم حركة طالبان والعقوبات الدولية الموقعة على أفغانستان.

المصادر:

·    http://pu.edu.pk/images/journal/geography/pdf/9_V76_No1_2021.pdf

·  http://www.budgetmof.gov.af/index.php/en/

·  https://apnews.com/article/asia-pacific-afghanistan-middle-east-business-5e850e5149ea0a3907cac2f282878dd5

·  https://data.worldbank.org/

· https://economictimes.indiatimes.com/news/international/world-news/the-us-is-gone-the-taliban-are-back-and-china-is-ready-at-the-door/articleshow/85530282.cms

·  https://jamestown.org/program/chinas-deepening-diplomatic-and-economic-engagement-in-afghanistan/

·  https://projects.worldbank.org/en/projects-operations/project-detail/P145054

·  https://southasianvoices.org/geopolitics-of-the-north-south-transport-corridor/

·  https://southasianvoices.org/the-tapi-pipeline-in-post-u-s-withdrawal-afghanistan/

·  https://thediplomat.com/2021/08/does-the-belt-and-road-have-a-future-in-taliban-ruled-afghanistan/

·  https://watson.brown.edu/costsofwar/

·  https://watson.brown.edu/costsofwar/figures/2021/human-and-budgetary-costs-date-us-war-afghanistan-2001-2021

·  https://www.bbc.com/news/business-58235185

·  https://www.bbc.com/news/world-europe-58265934

·  https://www.bloomberg.com/opinion/articles/2021-08-20/taliban-now-have-a-22-billion-economy-where-will-afghanistan-s-money-go

·  https://www.brookings.edu/blog/order-from-chaos/2021/08/18/how-will-china-seek-to-profit-from-the-talibans-takeover-in-afghanistan/

·   https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2020/06/fp_20200615_china_afghanistan_felbab_brown.pdf

·   https://www.cnbc.com/2021/08/18/us-wont-let-taliban-access-afghanistans-financial-assets-held-in-america.html

·  https://www.eurasiareview.com/06052020-pakistans-afghanistan-policy-and-a-troubled-peace-process-analysis

·  https://www.eurasiareview.com/13072020-as-us-moves-to-exit-afghanistan-rivals-prepare-to-swoop-in-analysis

·  https://www.gatewayhouse.in/u-s-taliban-deal-india/

·  https://www.nytimes.com/2021/08/16/business/dealbook/taliban-afghanistan-economy.html

·  https://www.reuters.com/article/factcheck-pipeline-taliban-idUSL1N2LM201

·https://www.worldbank.org/en/news/speech/2016/05/10/central-asia-south-asia-electricity-transmission-and-trade-project-casa-1000

 


 


رابط دائم: