مصر واستقرار المنطقة
14-2-2021

جميل عفيفي
* مدير تحرير جريدة الأهرام

في الوقت الذي تسعى فيه دول الى هدم نظرية الأمن القومي العربي، من خلال دعم التنظيمات الارهابية، وإثارة الفتن والبلبلة في أغلب الدول العربية والعمل على جعل المنطقة في حالة سيولة من الفوضى، وعرقلة جميع مسارات التفاوض والسلام من أجلال وصول الى الاستقرار، نجد مصر تقف بقوة مع دول المنطقة لدحر مختلف المؤامرات، وحل جميع الأزمات التي تواجه المنطقة بعد حالة السيولة والفوضى التي شهدتها المنطقة منذ عشر سنوات، وذلك من خلال دور مصر المحوري في المنطقة، كونها الدولة القادرة على حماية الأمن القومي العربي بمفهومة الشامل. 

بدأت حالة الفوضى في منطقة الشرق الأوسط منذ أن احتلت الولايات المتحدة الامريكية دولة العراق، واتخذت القرار بحل الجيش العراقي لتفتح المجال أمام إيران للتغلغل داخل الأراضي العراقية، خاصة في الجنوب العراقي لتكوين ميليشيات تابعة لها، ويصبح الولاء لإيران، وليس للدولة العراقية، مما جعل العراق أرضا خصبة لتفريخ تنظيمات إرهابية مختلفة، تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها، وبعد ذلك حدثت السيولة في المنطقة بعد إقرار مشروع الشرق الأوسط الكبير عام 2004 في قمة اسطنبول لحلف شمال الأطلنطي، ومحاولة تدريب وتجنيد مجموعات من بعض الدول العربية لإحداث أزمات داخلية،  والتدمير الذاتي لها، عبر إدخال جيوشها في صدام حقيقي مع الشعب، خاصة أنه كان يتم إدخال عناصر إرهابية إلى أراضي هذه الدول، لتدخل المنطقة في دوامة كبيرة من الفوضى وإراقة الدماء والتدمير الاقتصادي، هذا الى جانب محاولات قوى إقليمية لأن تصبح مؤثرة في قرارات بعض الدول، مثل إيران وتركيا، من خلال دعم واضح للإرهاب، وغطاء دولي ،للدول الداعمة له. 

وبعد أن تعافت مصر من فترة مرت بها كانت الأصعب في تاريخها بعد أحداث 2011، وحتى ثورة  30 يونيو، التي ازاحت أكبر تنظيم إرهابي من حكم البلاد وبداية من تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي المسئولية، تم وضع استراتيجية واضحة في الداخل المصري، وأيضا على المستوى الخارجي، لإعادة الامن والاستقرار الى منطقة الشرق الأوسط مرة اخرى، والقضاء على الإرهاب، مع عدم تدخل أي دولة في شئون الدول العربية ودعم الجيوش العربية، لإحداث الاستقرار في جميع الدول. 

القضية التي كانت تمس الأمن القومي المصري بشكل كبير هى الأزمة الليبية، بسبب ما حدث فيها من تدخلات خارجية ودعم لتنظيمات إرهابية، لذا حاولت مصر كثيرا أن تقرب وجهات النظر بين جميع الأطراف، لكن مع الوقوف في وجه وجود التنظيمات والجماعات الارهابية التي تم نقلها الى ليبيا لمواجهة الجيش الليبي. ومع تزايد الأزمة في ليبيا، والتدخل التركي، والتهديد بالوصول الى بنغازي ليكون هناك تهديدا للأمن القومي المصري، وضع الرئيس عبدالفتاح السيسي خطا أحمر بين سرت والجفرة، إذا حاولت أى قوة أن تتخطاه سيكون هناك تدخل عسكري مصري حاسم. ومنذ تلك اللحظة، بدأت المفاوضات بين الأطراف الليبية الى أن تم تشكيل مجلس رئاسي لإدارة شئون البلاد. 

وعلى الجانب الآخر دائما ما تسعى الإدارة المصرية الى المصالحة الفلسطينية الفلسطينية - من أجل حل القضية، ووجود جهة واحدة تتفاوض مع الجانب الإسرائيلي، وبالفعل تستضييف مصر دائما حوارات للمصالحة، وتسعى جاهدة الى حل هذه الأزمة، وفي نفس الوقت تعمل على دعم القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية للوصول الى حل، وهي القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، والعودة الى حدود 67. 

أما بالنسبة لدول الخليج العربي، فدائما ما يوكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مصر وقدراتها العسكرية هي لحماية الأمن القومي العربي، وأن مصر لا يمكن أن تتأخر في الدفاع عن أي دولة يتم تهديدها، وهو ما كان له عظيم الأثر في مواجهة أي تهديد من قبل بعض القوى الإقليمية لأي دولة خليجية، بالإضافة الى التعاون "المصري - الخليجي" في حل الأزمات العربية، ومحاولة إيقاف النزيف والصراع في بعض الدول، مثل سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن. 

وعلى جانب ثالث، وقفت مصر بجانب العديد من الدول في أزماتها، من خلال تقديم المساعدات الفورية، وظهر ذلك جليا في الازمة اللبنانية بعد انفجار ميناء بيروت، حيث سخرت مصر جميع الامكانات للوقوف بجانب الشعب اللبناني، من خلال الجسر الجوي والبحري، وتوفير جميع أحتياجات الشعب، بالإضافة الى دعم السودان ،من خلال المساعدات لمواجهة الفيضانات، هذا الى جانب مساعدة العديد من الدول العربية الأخرى فى أزماتها.  

ولم يتوقف الدور المصري عند القدرة السياسية فقط، بل تسعى القاهرة دائما الى رفع الكفاءة القتالية للعديد من الدول العربية، من خلال المشاركة في المناورات المشتركة مع المملكة العربية السعودية ودولة الامارات، والبحرين والسودان، وهو ما يزيد من قدرة وكفاءة القدرات العسكرية العربية في مواجهة العدائيات ومكافحة الارهاب. 

ومن منطلق دورها أيضا في مجال تحقيق الامن المعلوماتي، استضافت مصر "المنتدى العربي الاستخباري"، وذلك لتحقيق الاستقرار في جميع الدول العربية ونقل المعلومة الصحيحة وتبادل الخبرات في الوقت السليم، وذلك لمواجهة التهديدات التي تواجه المنطقة، خاصة التنظيمات الارهابية العابرة للحدود، والتي زرعتها قوى إقليمية لتهديد الأمن والاستقرار وتحقيق مصالح خاصة لتلك الدول، ويعتبر هذا المؤتمر الأهم خلال الفترة الأخيرة، لأنه، يحدث التكامل في المعلومات بين الدول لوضع الأسلوب الأمثل للتعامل. 

أخيرًا، إن مصر هي الدولة المحورية والقوة الفاعلة في المنطقة، ومن منطلق مسئوليتها العربية فانها تضع كافة إمكاناتها لعودة الأمن والاستقرار مرة أخرى الى المنطقة، وعدم وجود أي تدخلات خارجية لدول إقليمية تسعى الى ضرب الاستقرار في المنطقة، والاستيلاء على ثرواتها، لذا فإن الرؤية المصرية الواضحة في سائر الملفات العربية قد حققت أهدافها بنسبة كبيرة، مما يدل على أن مصر هي القوة القادرة والفاعلة في المنطقة.

 


رابط دائم: