زيارة السيسي لأمريكا: قمة تصحيح التوجهات الأمريكية وتعزيز العلاقات
10-4-2019

مسلم محمد هنيدى
* باحث في العلوم السياسية
تأتي الزيارة الحالية للرئيس "عبدالفتاح السيسي" للولايات المتحدة الأمريكية تلبية لدعوة من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، فى توقيت بالغ الأهمية بالنسبة للدولتين وللمنطقة على حدٍ سواء. فبالإضافة إلى ملفات العلاقات الثنائية بأبعادها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها، هناك تطورات الأحداث فى منطقة الشرق الأوسط والأزمات المحتدمة بها، والتى تزداد تعقيداً. فبحسب تصريحات المتحدث الرسمى باسم الرئاسة المصرية السفير "بسام راضى" وبيان البيت الأبيض الصادر فى الجمعة الماضى 5 أبريل 2019، تهدف الزيارة الدورية للرئيس المصرى "عبدالفتاح السيسى"، التى بدأت فى الثلاثاء التاسع من أبريل 2019، إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية التى تربط بين البلدين، بما يحقق المصالح المشتركة للدولتين والشعبين، فضلاً عن مواصلة المشاورات الثنائية حول القضايا الإقليمية وتطوراتها. ومن ثم، سيناقش الجانبان سبل تعزيز تلك الشراكة فى الجانبين العسكرى والاقتصادى، وفى مجال مكافحة الإرهاب. كما سيناقش الزعيمان التطورات والأولويات المشتركة فى المنطقة، بما فيها تعزيز التكامل الاقتصادى الإقليمى، ومعالجة الصراعات المستمرة، وسبل تعزيز دور مصر القائم منذ أمد طويل كأساس للاستقرار الإقليمى فى المنطقة، فى ظل العلاقة الطيبة بين الرئيسين "السيسى" و"ترامب"، وإشادة الأخير بنظيره المصرى، ووصفه له بالحليف الذى يستطيع أن يدعم المصالح الأمريكية فى الخارج، لاسيما فى معركة بلاده ضد الإرهاب فى الشرق الأوسط.
لكن رغم تاريخ تلك المصالح الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن، والتى انطلقت منذ عام 1975، وتعززت باتفاقية السلام مع إسرائيل من خلال رعاية أمريكية، وبعدة اتفاقات تعاون استراتيجى فى مجالات التجارة والاقتصاد والتسليح والتدريب والمناورات العسكرية المشتركة، تأتى تلك الزيارة فى توقيت عصيب لا تزال تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط ترتيبات وتوترات وتغيرات كبرى وتحركات أخرى مضادة من كل الأطراف والقوى الفاعلة وغير الفاعلة، فى مقدمتها تطور الأوضاع فى ليبيا ما بعد دخول قوات الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير "خليفة حفتر" الى العاصمة طرابلس، ومطالبة الكونجرس الأمريكى بإيقاف دعم "البنتاجون" لقوات التحالف العربى بقيادة السعودية ضد الحوثيين المدعومين من إيران فى اليمن، وتزامن الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، وإعتراف واشنطن بسيادة تل أبيب على مرتفعات الجولان السورية المحتلة مع بدء الانتخابات التشريعية فى إسرائيل، حيث يراهن فيها الرئيس "ترامب" بكل قوته، ومن خلال تلك التحركات الاستفزازية للعرب على دعم فوز صديقه رئيس وزراء حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" فى تلك الانتخابات، وما سيعنيه ذلك من آثار سلبية على عملية السلام، وبناء المستوطنات، والأوضاع فى الجولان. أيضاً لا يزال التلويح الأمريكى بقرب الإعلان الأحادى الجانب من قبل إدارة "ترامب" عن تفاصيل ما يُعرف بصفقة القرن، فى ظل الرفض العربى الرسمى والشعبى لأى حلول تتعارض مع ثوابت الحقوق العربية والشرعية الدولية، بالتزامن مع الصعوبات التى تعترض تلك الصفقة بعد قيام الإدارة الأمريكية بالتعهد الرسمى بضم القدس والجولان المحتلتين للسيادة الإسرائيلية، بما يخالف المصالح العربية ويخالف الشرعية الدولية، وكذلك الموقف الأمريكى من مستقبل الحل السياسى فى سوريا وترتيبات المناطق الآمنة والتدخلات التركية والإيرانية بعد إعلان "ترامب" عن سحب قواته من شمال سوريا. يضاف إلى ذلك استمرار تباين الرؤى بين دول التحالف العربى وواشنطن حول الخلافات مع قطر ودعمها للإرهاب، وبقاء التنسيق القطرى- التركى الداعم لتنظيمى "الإخوان" و"داعش"، فى ظل حرص الإدارة الأمريكية على تحقيق أى مصالحة بينهما، رغم استمرار قطر فى ذات التحركات المعادية لجيرانها وللقاهرة. 
من ثم، على الجانب الأمريكى أن يقدم إلى نظيره المصرى فى تلك الزيارة تفسيرات وضمانات واضحة تكشف مدى التغير الإيجابى فى الموقف الأمريكى من كل القضايا والملفات الشائكة ذات الصلة، وفى مقدمتها:
1- الموقف من ملف حقوق الإنسان:
كثيراً ما وظفت الإدارات الأمريكية المتعاقبة الملف الحقوقى كذريعة للتدخل فى الشئون الداخلية للدول، واستغلت قضايا الحقوق والحريات وحقوق الإنسان كأداة للابتزاز السياسى للحكومات والأنظمة السياسية، وفى مقدمتها الدول العربية والإفريقية. وعبر عقود مضت، لم تكن مصر بمنأى عن هذا السلوك التدخلى المرفوض شكلاً وموضوعاً قبل ثورة 30 من يونيو وما بعدها. فكثيرة هى التقارير والتصريحات والتحركات والاتصالات المعلنة وغير المعلنة بين أجهزة الإدارة الأمريكية وشركائها ومنظماتها العاملة فى مصر لتحقيق هذا الهدف. وبرغم الإعلان الأمريكى الدائم والمتواتر عن أهمية ومتانة وعمق وتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن والقاهرة؛ لم تكف الإدارات الأمريكية، بما فيها الإدارة الحالية، عن هذا النهج المرفوض الذى ما فتئت أجهزتها أن توظفه ضد مصر لتحقيق غايات وأهداف لم تعد مقبولة أو مسموحا بها فى مصر الحاضر والمستقبل، كان آخر ذلك ما تضمنه تقرير الخارجية الأمريكية السنوى، الصادر فى مارس 2019، حول حالة حقوق الإنسان في العالم خلال عام 2018، من الإشارة الى انتهاكات حقوق الإنسان في مصر والإدعاء بتصاعد حالات "القتل خارج إطار القانون"، و"الإخفاء القسري"، و"التعذيب"، بالإضافة الى عدة تقارير أمريكية أخرى تتهم الحكومة المصرية وأجهزتها بارتكاب أعمال قتل "غير قانونية"، بما في ذلك حالات حدثت خلال إلقاء القبض على بعض الأشخاص، أو خلال وجود آخرين في السجون، أو خلال اشتباكات مع مدنيين. كما زعم تقرير الخارجية الأمريكية إلى وجود حالات إخفاء قسري في مصر، بالإضافة إلى حالات تعذيب واعتقال عشوائي، وظروف سجن قاسية، واعتقال بدوافع سياسية، وانتهاك غير قانوني للخصوصية، وقيود غير مبررة على حرية التعبير، والصحافة، والإنترنت. وهى المزاعم التى كثيراً ما فندتها ورفضتها الخارجية المصرية في عدد من البيانات، مؤكدةً أنها لا تعترف بحجية مثل هذه التقارير، ومن هنا عن شراكة استراتيجية قائمة وقادمة تتحدث الإدارة الأمريكية فى ظل الاستمرار فى مثل هذه التحركات؟! وما هو الجديد الذى سيقدمه الرئيس "ترامب" لمصر "السيسى" من ضمانات وتعهدات وتحركات جادة تؤكد تخلى بلاده عن مثل هذه التصرفات وتدخلات لم تعد مقبولة أو مستساغة مصرياً وعربياً فى المستقبل المنظور؟.
2ـ الموقف من جماعة الإخوان الإرهابية:
   تأتى زيارة الرئيس "السيسى" الى واشنطن وقد مر على علاقة الأخيرة بجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وتوظيفها إياها فى تحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير فى المنطقة نحو عقد من الزمان. ورغم المحاولات المستميتة التى قامت بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتنفيذ هذا المخطط، فإن معظمها قد باء بالفشل، تحت وطأة ثورة 30 من يونيو 2012 ويقظة الدولة المصرية من خطورة تنفيذ تلك الخطوة على أمن واستقرار الشرق الأوسط. ورغم إدراك الإدارة الأمريكية لخطورة هذا المخطط، وإداركها لاستحالة تطبيقه وفرضه على البلاد والعباد بالقوة، وكذا إداركها لمحدودية جدوى الاعتماد على ما تبقى من فلول التنظيم فى مصر وخارجها لتحقيق المآرب والأهداف الأمريكية فى المنطقة، فإنها لا تزال تدعم التنظيم وتتواصل معه وتستقبل وتؤوى عناصره المطلوبة فى أحكام قضائية وقضايا جنائية فى مصر وفى عدد من الدول العربية. يحدث ذلك على غير سند من العدل والإنصاف، وعلى غير رغبة وإرادة الشعب والدولة المصرية، بل لا تخجل الإدارة الأمريكية من استقبال تلك العناصر وغيرها من الشخصيات المنبوذة فى الداخل المصرى وتفسح لها المنصات والمنابر الأمريكية، لتقول وتقدم أفكارها المسمومة التى تستهدف منها إحداث توترات فى الداخل المصرى، وتستهدف إحداث حالة من الشك والفوضى فى ظل الاستقرار السياسى والأمنى القائم فى مصر، دون الاعتبار لمدى تأثير ذلك سلباً على عمق أو أهمية العلاقات الاستراتيجية المشتركة. فما هو الهدف الأمريكى من ذلك؟! وما هو المكسب الذى تجنيه الإدارة والشعب الأمريكى من مثل هذا التصرف؟! وما هو الجديد عند الرئيس "ترامب" ليقدمه لنظيره "السيسى" من تبرير لتلك التصرفات؟ وما هو الجديد الذى سيقدمه من ضمانات يؤكد من خلالها لمصر تخليه عن هذا التصرف لم يعد مرغوباً فى تلك المرحلة التى تجاوزتها مصر بلا رجعة؟. 
3ـ الموقف من عملية السلام:
كثيرة هى المحاولات والتحركات التى بذلها الجانب العربى، وفى مقدمته مصر، لإنهاء الصراع العربى - الإسرائيلى القائم منذ عقود، والذى تسبب –وسيظل- فى عدم استقرار الشرق الأوسط كمنطقة اقتصادية غاية فى الأهمية والحيوية الجيوستراتيجية للعالم أجمع. ورغم المسئولية المباشرة للولايات المتحدة فى تحمل تعبات معالجة هذا الصراع، بما يحقق المصلحة العربية والإسرائيلية بتأمين بيئة مستقرة يمكن من خلالها ضمان الحد الأدنى من العيش المشترك، وفق مقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، فإن الإدارات الأمريكية انحازت على مدى العقود الماضية، مدفوعة بضغوطات اللوبى الصهيونى لمصلحة المحتل الغاصب على حساب صاحب الحق الأصيل المستضعف، وهو ما عمق من شدة الصراع وضاعف من تأثيراته السلبية المتفاقمة على أمن واستقرار المنطقة، وبدلاً من أن تتحرك الإدارة الأمريكية الحالية فى اتجاه الحل وتدفع المحتل ليقدم تنازلات مشروعة تعجل من إمكانية الوصول لحل توافقى للقضية، إذا بها تقدم ودون مبرر على خطوات كارثية لم تتخذها الإدارات السابقة الأشد تعصباً. فتارةً، توقف تمويل منظمة الأونروا، وأخرى تنقل سفارتها للقدس، وثالثة الأسافى تعترف بسيادة الاحتلال الإسرائيلى على هضبة الجولان السورية المحتلة، وها هى تدبر وتخطط وتستعد للإعلان الأحادى عن المزيد من تلك التحركات المرفوضة، فى إطار ما يطلق عليها "صفقة القرن". فعن أى صفقة يخطط الرئيس "ترامب"؟ وعلى أى أساس، أو سند إنسانى، أو شرعى أو براجماتى يتخذ مثل تلك التحركات الظالمة المعادية لكل الحقوق والأعراف والقوانين الدولية؟! بل والتى تتعارض فى حدها الأدنى ما يمكن أن يطلق عليه ضمانات الحفاظ على بيئة مواتية تعزز من فرص إنجاح الشراكات الاستراتيجية مع الأطراف العربية، فى مقدمتها مصر، وهل من الوارد أن يغير "ترامب" من قناعاته ويتخذ أى تحركات تثبت حسن نيته فى دعم أو الحفاظ على الحد الأدنى من هذه الشراكة المزعومة، فى ظل حرصه على هذه التحركات؟!.
4ـ الموقف من داعمى الإرهاب:
  كثيراً ما اتصفت السياسة الأمريكية عبر العقود الماضية بالبراعة فى الجمع بين المتناقضات، وفتح قنوات اتصال مع الشركاء والفرقاء فى ذات التوقيت. فهى تستطيع من خلال ذلك تحقيق مكاسب وتوازنات مشروعة وغير مشروعة، لكنها قائمة والكل فى المنطقة يتعامل معها ويتحمل تبعاتها دون أى مؤشرات إيجابية تشير الى احتمالية تغيير هذا السلوك، ومن تلك المشاهد المؤسفة التى باتت غامضة على المختصين وغير المختصين من كثرة شواهد الإثبات؛ تلك العلاقة المشئومة بين أجهزة الاستخبارات الأمريكية وتنظيمات الإرهاب فى العالم والشرق الأوسط والمنطقة العربية على وجه التحديد، والتى تجيد واشنطن صناعتها بالتدخل المباشر أو عبر الشركاء والوكلاء، وهى الفلسفة التى تسببت على مدى عقد من الزمان فى تدمير عدد من البلاد العربية، باستنزاف مواردها وتدمير جيوشها وتركها فريسة للخراب والدمار تصارع التقسيم والخراب، ولا تستطيع الدفاع عن نفسها أو إمكانية تحمل المسئولية القومية فى الدفاع عن الأرض العربية المغتصبة، أو تسهم فى تحريرها يوماً ما من سلطات الاحتلال الإسرائيلى فى مقبل الأيام. وفى سبيل الوصول لتلك الغاية "الصهيو-أمريكية" لا تزال تتواصل وتدعم الولايات المتحدة هذه التنظيمات بالأمر المباشر أو عبر الوكلاء بصورة باتت مرفوضة ومنبوذد من الجميع، بل باتت معدومة العائد فى المستقبل القريب. ورغم الإعلان والحرص المستمرين من قبل الولايات المتحدة على مواجهة الإرهاب والمشاركة فى مقاومة تنظيماته القائمة، ومحاصرة خلاياه النائمة فى المنطقة، لم ولن تبذل واشنطن حتى اللحظة أية جهود تذكر فى إرغام شركاء ووكلاء الأمس على التوقف عن دعم ما تبقى من هذه الكيانات فى ليبيا وسوريا واليمن والعراق، بل ها هى تقف وتدعم وتطالب المعتدى عليهم ليل نهار بالصفح والسماح وفتح صفحة جديدة مع المعتدين المجرمين. فما هى حدود المصلحة المشتركة التى تستهدف واشنطن تحقيقها من تلك المحاولات؟!. وعن أى مستوى من التعاون والشراكة الاستراتيجية والناتو العربى الذى يمكن أن يضمن تحقيق أمن واستقرار المنطقة؟!. فى ظل السعى الحثيث للإدارة الأمريكية فى إشراك المتناقضين أو الجانى والمجنى عليه فى ذات الشراكة، والتحالف دون القصاص، أو التوقف عن هذا السلوك التدميرى المرفوض، أو حتى تقديم الحد الأدنى من الاعتذار.
من ثم؛ ماذا سيقدم الجانب الأمريكى لنظيره المصرى من ضمانات فيما يتعلق بمعالجة السلوك الإسرائيلى، أو القطرى، أو التركى، أو الإيرانى التخريبى فى المنطقة، حتى يمكن للجانب المصرى أن يطالب الشركاء العرب بدعم هذه التحركات والتحالفات؟!. وما هى الضمانات الجادة التى ستقدمها واشنطن لتدعم تحركات مصر "السيسى" فى ليبيا وسوريا واليمن وغيرها من البلدان؟!. 
إذن؛ كثيرة هى الملفات التى تشغل بال صانع القرار المصرى فى تلك اللحظة العصيبة من عمر المنطقة العربية، والتى لم يعد مقبولاً من الجانب الأمريكى أن يساوم أو يناور فى تصويب سلوكه تجاهها بتحركات ومراجعات وضمانات جادة، حتى يثبت للشريك الأقوى والأبرز فى الشرق الأوسط مدى جديته فى دعم وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين. 
وعليه، فبدون الحرص الأمريكى على اتخاذ تلك التحركات، فعن أى دعم وتعزيز للعلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن يمكن أن يقدمه الرئيس "ترامب" خلال تلك الزيارة لنظيره المصرى، فى ظل إبقاء واستمرار وحرص الجانب الأمريكى على تحركات أحادية تتعارض مع ضمانات الحد الأدنى من متطلبات الحفاظ، وليس تعزيز تلك الشراكة الاستراتيجية؟.
وهل يمكن للإدارة الأمريكية أن تعيد حساباتها مع مصر والعرب فى تلك اللحظة الحرجة من عمر تلك العلاقات وعمر المنطقة، وتقدم للقيادة المصرية خلال تلك الزيارة ضمانات جادة وجديدة تمكن الطرفين من تجاوز مرحلة الشك والتوجس المتبادلة بعد ثورة 30 من يونيو، وفشل المخطط الأمريكى فى السيطرة على مصر والمنطقة من خلال المشروع الإخوانى، ليدخل الطرفان فى شراكة استراتيجية حقيقية وصادقة يمكن من خلالها حلحلة تلك القضايا المعلقة من منظور مصرى يراعى الحقوق العربية ويحقق الغايات الأمريكية، ويتجاوز سلبيات الماضى القائم على الاستغلال والتبعية الى الدخول فى مرحلة جديدة عنوانها الندية، والاعتماد المتبادل، والحرص على المصالح المشتركة للشركاء، فى ظل تجاوز مصر الحاضر والمستقبل لكل سلبيات المرحلة الإنتقالية، بعد أحداث الربيع العربى، وتحولها الى قيادة وريادة إقليمية وشرق أوسطية، لم يعد من السهل أو الصواب تجاوز القوى الدولية والإقليمية لوجهة نظرها عند معالجة ملفات الشرق الأوسط؟، أم لن تخرج تلك الزيارة عن سياقها التقليدى فى التفاعل الفاتر المعتاد من قبل الإدارة الأمريكية مع اليد المصرية الممدوة للتعاون الجاد، والتى دوماً ما تحرص فيها واشنطن، بالإضافة إلى الإخراج والتصريحات الدبلوماسية والبروتوكولية للمشهد، إلى تقديم وعرض وجهة نظرها فى معالجة الملفات من منظور فوقى، على أمل أن يقبل الطرف الآخر تلك الاشتراطات دون إبداء أى اعتراض أو مراجعة؟. وهى الطريقة التى لم ولن تعد مقبولة أو مستساغة لمصر الواقع والمستقبل، فى ظل عودة القاهرة الى دورها الريادى فى المنطقة وتحولها الى قوة إقليمية وشرق أوسطية لم يعد من الصواب الاستهانة بها، ومن ثم ستكشف وقائع ومخرجات تلك الزيارة عن مدى حرص الجانب الأمريكى على تعزيز تلك الشراكة بالقدر الذى يتحمل فيه مسئوليته المنفردة تجاه كل تلك الملفات.
 

رابط دائم: