هل كان 11 سبتمبر نقطة تحول تاريخي؟
19-9-2011

تيد فيدمر
*

في مقال بعنوان «11 سبتمبر.. عمل شائن في التاريخ» نشر في 8 سبتمبر (أيلول) الحالي (نشر المقال في «الشرق الأوسط» في 9/9/2011 - المحرر)، قال الكاتب دومينيك مويزي، إن أهمية الحادي عشر من سبتمبر لا تكمن فيما يراه الكثير من المراقبين باعتباره مقدمة لـ«صراع الحضارات»، ولكنها تكمن في حقيقة أن الهجمات قد عجلت من نهاية القرن الأميركي. وانضم تيد فيدمر، وهو مؤرخ يدير مكتبة جون كارتر براون في جامعة براون، إلى النقاش فيما يتعلق بهذه القضية.

لقد كان من الصعب، في الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، تجنب استخلاص الاستنتاجات التاريخية الكبيرة حول زوال الولايات المتحدة والإعراب عن الأسف لأننا لم نسر في مسارات معينة. وقد أدى ذلك أيضا إلى تفجير اتجاه قوي في المشهد الإعلامي يتباكى على «العقد المفقود»، على حد وصف دومينيك مويزي في مقاله السابق.

وعلاوة على ذلك، طرح مويزي أسئلة بارزة حول سقوط الإمبراطوريات، وتساءل عما إذا كان 11 سبتمبر يعد نقطة تحول تاريخية في القرن الـ21، كما كان اغتيال سراييفو في شهر يوليو (تموز) عام 1914 هو العلامة الفارقة في مطلع القرن العشرين؟ ومن دون أن يرد هو على هذا السؤال بالإيجاب، أشار إلى أن هذه الهجمات تمثل بداية النهاية للقرن الأميركي.

ودائما ما يكون شيئا جذابا أن نبحث عن عقد مقارنات تاريخية (تم تصوير «القرن الأميركي» كما لو كانت الولايات المتحدة على وشك الدخول في الحرب العالمية الثانية)، ولكن 11 سبتمبر ما هو إلا حدث وعلينا أن نقاوم الطريق السهل الذي يضعه من دون تمييز ضمن كوارث الماضي.

والآن، هناك قلة تنكر أن حرب العراق كانت عملا مضللا حقق عددا قليلا جدا من أهدافه. ويبدو أنه كان هناك شبه إجماع على ذلك، الأسبوع قبل الماضي، حيث حاول المعلقون التركيز على 11 سبتمبر، ولكنهم وجدوا الطريق يقودهم حتما إلى سلسلة العمليات العسكرية التي أعقبت تدمير مركز التجارة العالمي. ويمكن ألا تأتي نهاية المغامرة في أفغانستان في وقت قريب بما فيه الكفاية.

لقد وقع الكثير من الأحداث الرهيبة خلال العشر سنوات الماضية، ولكن لم يكن أي منها بحجم الحرب العالمية الأولى التي أودت بحياة ما يصل إلى 20 مليون شخص ودمرت ثلاث إمبراطوريات ومزقت القوة التي حكمت جزءا كبيرا من العالم لعدة قرون، وربما تكون الحرب العالمية الثانية قد قتلت 50 مليون شخص وأعادت تشكيل العالم من جديد. وتشير معظم استطلاعات الرأي إلى أن 100.000 شخص قد قتلوا في العراق، وهو بلد صغير في منطقة الشرق الأوسط. ولا أريد أن أقلل من حجمه، حيث كانت فيتنام أيضا بلدا صغير جدا، وكانت سراييفو موقعا بعيدا في منطقة البلقان.

ومن الضروري أن نحرص على الدقة عندما يتعلق الأمر بالتفاصيل، حيث إن الاستشهاد بالماضي بطريقة غير دقيقة يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، وربما كان نوعا مشابها من عدم الدقة هو ما جاء بحرب العراق إلى غرف معيشتنا وحياتنا. وخلال أوقات كثيرة من العقد الماضي، كانت هناك آراء تشبه أسامة بن لادن بهتلر أو ستالين، في حين أنه لم يكن هناك أي شيء يمت بالصلة للفاشية أو الاستبدادية في التنظيم الإرهابي عديم الجنسية الذي كان بن لادن يحاول قيادته.

وكانت معظم هذه الادعاءات من نصيب أنصار الحرب على العراق الذين يشعرون بالشوق إلى الحرب العالمية الثانية، ولكن كانت هناك انتقائية كبيرة في ذاكرتهم. وأصبح من السهل توجيه الانتقادات للرئيس جورج دبليو بوش على الأخطاء التي ارتكبها، ولا سيما في باريس، حيث أصبح الفشل الأميركي في الارتقاء إلى مستوى التوقعات الفرنسية محفورا في الذاكرة بصورة كبيرة هناك على مدار سنوات ربما تمتد لعمر الولايات المتحدة نفسها. ومع ذلك، فإن الوقوع في فخ التفكير غير المنضبط حول الماضي ربما يؤدي إلى استمرار نفس الأخطاء.

كما أن ذلك يؤدي إلى الاستسلام لشكل من أشكال التشاؤم الذي لا يفيد في شيء عندما يسعى العالم إلى سرد جديد وأفضل للأحداث. لقد أدت الحروب في العراق وأفغانستان إلى تآكل القوة الصلبة والقوة الناعمة للولايات المتحدة على حد سواء في الوقت الذي يمكننا فيه استغلال كلا القوتين، إلى جانب نحو 1.2 تريليون دولار أنفقت في المطاردات التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر، ولكن من الصعب أن نفهم كيف كان عدم الدخول في هذه الحروب سيؤدي إلى تباطؤ معدل النمو في الصين.

ويبقى من الصعب أن نفهم كيف يمكن للصين أن تتولى زمام القيادة الذي فرض على الولايات المتحدة لفترة طويلة من القرن الماضي، أو كيف يمكن لذلك أن يسبب كثيرا من الراحة لفرنسا؟

وبدلا من ذلك، فإن المعلقين على اليسار واليمين بحاجة إلى التوصل إلى حلول خلاقة لتوجيه العالم الذي لا يرتقي إلى تاريخه....

----------------------------------
* نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية.


رابط دائم: