القدرة العسكرية المصرية
23-2-2018

جميل عفيفي
* مدير تحرير جريدة الأهرام
منذ ان تولى الرئيس عبد  الفتاح السيسي منصب وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة وضع نصب عينية تطوير وتحديث القوات المسلحة المصرية، والانفتاح على أغلب دول العالم التي تتميز بالتصنيع العسكري، وتزويد القوات المسلحة باحدث ما توصل اليه العلم الحديث في هذا المجال، وذلك لعلمة ومعرفتة ان منطقة الشرق الاوسط تتتعرض للكثير من المخاطر التي قد  تؤثر بشكل مباشر على الامن القومي المصري في المستقبل.
و عندما تولى سيادته منصب رئيس الجمهورية وضع الاستراتيجية الشاملة لللتسليح المصري، وخاصة في مجالي القوات الجوية والبحرية، وذلك لحماية الحدود والسواحل والاهداف الاقتصادية والحيوية في البحرين المتوسط والاحمر وتأمين المجرى الملاحي لقناة السويس، وأيضا ليكون ذلك التسليح بمثابة الردع لاي قوة ايا كانت تسعى لتهديد الامن القومي المصري.
والآن قد وضح بالفعل الهدف من زيادة القدرة التسليحية للجيش المصري بافرعة المختلفة، فاتضح ان هناك قوى في المنطقة تسعى الى فرض نفوذها، بالاضافة الى الارهاب العابر للحدود والذي تواجد في سيناء ابان حكم جماعة الاخوان الارهابية، وايضا المخاطر القادمة من جنوب البحر الاحمر ومحاولة بعض الدول السيطرة على باب المندب، وأخيرا حقل ظهر للغاز الذي تم اكتشافة مؤخرا ، والمطلوب حمايتة و تأمينة من اية تهديدات، واستطاعت منظومة التسليح الجديدة ان تغطي كل المناطق الحدودية وايضا تأمين باب المندب والمنشات الاقتصادية بالمتوسط، وبالفعل اصبحت القوات المسلحة المصري قوة ردع، الحامية للأمن القومي المصري بمفهومة الشامل .
ان القدرة العسكرية لاي دولة تمثل الحماية لها واصبح لتلك الدولة شأن ولا يمكن تهديدها، أو المساس بأمنها القومي لان قدرتها هي الرادع لذلك، فمنذ القدم وقيام الحضارات القديمة إستشعرت الشعوب وقياتها من ملوك وأباطرة وفراعنة ضرورة  وجود القوة العسكرية لبنائها ثم الدفاع عنها، وتمثلت هذه القوة فى الجيوش العسكرية حيث إستطاعت هذه الحضارات أو الدول الممثلة لها من التوسع والغزو الخارجى لدول وممالك في الجوار الاقليمى أو الدولى وإحتلال أراضى الغير بالقوة العسكرية كما حدث مع كل الحضارات القديمة مثل الفرعونية والبابلية والاشورية و الفارسية والاغريقية والرومانية وحديثا مثل الامبراطورية البريطانية وكذا الفرنسية، وأصبحت الجيوش العسكرية هى الوسيلة الفعالة والمحققة للسيطرة على الاهداف المرجوة وهى أيضا للتأمين ضد الاخطار الخارجية أو العصيان من الدول المحتلة وقمعها .
وكانت سيطرة القادة العسكريين والاحتفاء بهم ورفع مكانتهم بين شعوبهم هى الصفات المميزة فى تلك الحقب من الزمان حتى أطلق على القائد العسكرى لفظ الاستراتيجى ثم إنتقلت التسمية الى القرار العسكرى بعد ذلك، ومن هنا أصبحت القوة العسكرية من المقومات الاساسية لبناء الدولة والحفاظ عليها وعلى مصالحها العليا وذلك حتى القرن التاسع عشر حيث تطورت الجيوش من حيث المكونات القتالية لها، واتخذت الاشكال ومسميات طبقا لمهامها ونوعية العمل القتالى مثل القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية فيما بعد.
 أضيفت خلال القرن العشرين الى القوة العسكرية القوة الاقتصادية لما لها من أهمية كبرى فى الحروب وخاصة خارج اقليم الدولة المستعمرة أو المهاجمة، وقد تطورت مفاهيم إستخدام القوة بشكل عام وظهرت قوى أخرى مؤثرة على نتائج الحروب وتحقيق أهدافها، ووضعت فى معادلات حسابية وسميت بمعادلة القوة الشاملة للدولة وتضمنت القدرة العسكرية كعنصر أساسى، وذلك لأهميتها لتحقيق الأمن القومى أو الوطنى للدولة أو تجمع دولى فى شكل إتحاد أو شبه إتحاد أو تحالف دولى مثل حلف شمال الاطلنطى حتى الآن وحلف وارسو سابقا، وأصبح المجال العسكرى هو من أبرز وأهم المجالات الامن القومى حاليا ويجب دراسته بعناية لتحديد مدى فاعليته فى حماية المصالح الحيوية للدولة.
والمجال العسكري هو أكثر مجالات الأمن القومي فاعلية، كما أنه المجال الذي لا يُسمح بضعفه أبدًا، لأن ذلك الضعف يؤدي إلى انهيار أمن الدولة القومي، ويعرضها لأخطار وتهديدات عنيفة. ويفترض أن الدول لا تستخدم قوتها العسكرية، إلاّ بعد أن تستنفذ القوى الأخرى وسائلها (السياسية والاقتصادية). ووجود القوة المسلحة بالقدر المتفوق، مع توافر إرادة استخدامها، بقدر مناسب من المصداقية، تردع الآخرين عن التعرض لمصالح الدولة. 
ويتطلب هذا المجال إعداد حجم من القوات المسلحة، بتسليح عصري مناسب للعدائيات المحتملة، قادرة على الحركة، للدفاع عن حدود الدولة السياسية، وحماية الأهداف الحيوية، وتحقيق الأهداف القومية داخلية وخارجية، وتنفيذ الالتزامات الإقليمية والدولية. 
ويرتبط  المجال  العسكري بباقي مجالات الأمن القومي، ارتباطاً شديداً. فضعف أي منهما يؤثر على القوة العسكرية ويضعفها، بينما قوة هذه المجالات تزيد من القوة العسكرية. فالضعف السياسي يؤثر على مصداقية اتخاذ قرار استخدام القوة المسلحة، بينما يكون مهماً استخدامها مبكراً لتغطية هذا الضعف. وضعف القدرة الاقتصادية يحد من إمكانية بناء قوة مسلحة كبيرة الحجم، كما لا يمكن من تسليحها بأسلحة عصرية فعّالة. والضعف في المجال الاجتماعية بعناصره المتعددة، يؤدي إلى الحد من حجم القوات أو عدم القدرة على استيعاب الأسلحة الحديثة ، أو قد تكون القوة المسلحة ضعيفة الإيمان بالقضايا القومية، أو موالية لطائفة أيديولوجية بعينها، مما يؤثر على أدائها القتالي. 
و تتأثر القوة العسكرية، بإمكانات الصناعة الحربية في الدولة، ودرجة التقنية المتاح استخدامها فيها، وإمكانات علمائها في التطوير. ولسد هذا العجز، فإن المجال الاقتصادي يتحمل أعباء ضخمة لاستيراد الأسلحة والمعدات القتالية الحديثة، الباهظة التكلفة.
ان القوات المسلحة المصرية هي التي تحملت الكثير بعد احداث يناير وحتى الان فقياداتها دائما على علم بتطورات الاحداث والمخاطر والتهديدات التي تتعرض لها الدولة ، وما تم التخطيط له في الاستراتيجية المصرية للتسليح خلال السنوات الاخيرة مكنها من تنفيذ المهام التي طلبت منها.
 

رابط دائم: