رئاسة مجموعة الـ 77 والصين.. إنجازات مثمرة للدبلوماسية المصرية
24-1-2018

عائشة غنيمي
* خبير اقتصادي ومسئول برامج وعلاقات دولية
اضطلعت الدبلوماسية المصرية بدور رائد، خلال السنوات السابقة، تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ نجحت في الحفاظ على دور مصر المحوري في الساحة الدولية. وتظهر فعالية هذا الدور من خلال انتهاج سياسة مُتزنة ومتعددة الأطراف في العلاقات الدولية. وقد تجسد ذلك في تقلد مصر العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي خلال عامي 2016 و2017 والعضوية الحالية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن الفترة من 2017 إلى 2019، وعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي عام 2016 وحتى ثلاث سنوات، مما يبرهن على ما تحظى به مصر من دعم إقليمي ودولي، فضلاً عن انضمام مصر إلى اتفاق باريس بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. 
واستكمالاً للجهود الدءوب للدبلوماسية المصرية، تولت مصر رسمياً رئاسة مجموعة الـ 77 والصين  لعام 2018 خلفاً  للإكوادور خلال مراسم التسليم في مقر الأمم المتحدة  بنيويورك وذلك في 12 يناير 2018، مما يعكس ثقة الدول أعضاء المجموعة في قدرة مصر على تحقيق أهدافها وتعظيم قدراتها التفاوضية، مع الأخذ في الحسبان أن هذه ليست المرة الأولى لتولي مصر رئاسة المجموعة، فقد ترأستها خلال الفترة من 1972 إلى1973 ومن 1984 إلى1985.
تأسست مجموعة الـ 77 بإعلان مشترك من سبعة وسبعين بلداً نامياً في عام 1964 بالمؤتمر الرئيسي الأول بين بلدان الشمال والجنوب، الذي عقده مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) بشأن مسائل التنمية المتصلة بالمشاكل التي تعرقل التنمية الاقتصادية في البلدان النامية، على خلفية التحرر الاقتصادي والنظام التجاري المتعدد الأطراف. وتمثل مجموعة الـ 77 / الصين البلدان النامية داخل الأمم المتحدة، وقد ازداد عدد أعضائها إلى 134 بلداً عضوا بالإضافة إلى الصين بوصفها دولة غير عضو فيها. 
وتعد المجموعة أكبر محفل تفاوضي باسم الدول النامية داخل الأمم المتحدة، وترمي إلى تعزيز حقوق ومصالح الدول النامية في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ونظام تجاري عادل متعدد الأطراف من خلال النهوض بقدرتها التفاوضية المشتركة في جميع القضايا الاقتصادية الدولية، وتعزيز التعاون فيما بين بلدان الجنوب من أجل التنمية. وعلى مر العقود الماضية ، لعبت مجموعة الـ 77 / الصين دوراً مثمراً في دعم عدالة تعددية الأطراف والتنمية المستدامة.
وتجدر الإشارة إلى أن مصر هي إحدى القوى الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وبالتالي فإنها تستطع قيادة مفاوضات مجموعة الـ 77 / الصين بنجاح في السنوات المقبلة، من خلال تعزيز تضامن البلدان النامية وإدماج الركائز الثلاث الرئيسية للتنمية: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. 
وبالإضافة إلى ذلك، فإن مصر هي واحد من البلدان النامية التي اتخذت خطوات حاسمة نحو الإصلاح الاقتصادي وتنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030. وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهتها، فقد أثبتت مصر قدراتها على مواجهة تلك التحديات، بالإضافة إلى دورها الرائد في تسوية الصراعات والمنازعات في الدول العربية والإفريقية من خلال الوساطة والدبلوماسية الوقائية.إذ نجحت الدبلوماسية المصرية في استقطاب الرأي العام الدولي من خلال العمل متعدد الأطراف والدبلوماسية الوقائية القائمة على بناء وحفظ السلم والأمن الدوليين، وحماية حقوق الإنسان، وتعزيز أهداف التنمية المستدامة.
روابط مصرية - صينية
ومن منظور آخر، يتعين الأخذ في الحسبان أن مصر والصين تعدان قوتين رئيسيتين في المجموعة. إذ تُعد الصين ثانى أكبر اقتصاد في العالم وإحدى القوى الكبرى في قيادة القوة الاقتصادية للتعددية في النظام العالمي، بالإضافة إلى نهجها السلمي القائم على الوساطة والتوفيق في الصراعات والنزاعات. في حين قامت مصر بدور فعال في الأمم المتحدة من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى جانب عضويتها في مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقى، مما عزز من التنسيق والتعاون  بين مجلسي الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. 
وتشارك مصر الرؤى المشتركة ذاتها نحو استخدام الوسائل السلمية في تسوية المنازعات، وتعزيز التعددية ودعم البلدان النامية في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والقضاء على الفقر. وبناء على ذلك، فإن الروابط بين مصر والصين تتعزز اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، بما يتماشى مع تعزيز أهداف أجندة الأمم المتحدة لعام 2030 في الدول الناشئة والنامية على السواء. 
وفي هذا السياق، فإن رئاسة مصر لمجموعة الـ 77 / الصين ستعمق الموقف الموحد للبلدان النامية بشأن القضايا المتعلقة بتخفيف آثار تغير المناخ، والمفاوضات التجارية الدولية، والحفاظ على أمن الغذاء والطاقة والمياه، والقضاء على الفقر، وبناء قدرات الشباب واستدامة التنمية الاقتصادية، فضلاً عن تحفيز التعاون الدولي في تنفيذ الأجندة التنموية الدولية 2030 ودعم تمويل التنمية في إفريقيا.
ولذلك، فإن توطيد دور مجموعة الـ 77/ الصين تحت مظلة الأونكتاد بالأمم المتحدة أمر بالغ الأهمية لمواصلة تيسير صياغة السياسات وتنسيقها مع مراعاة أولويات التنمية في الدول النامية من أجل تحقيق النمو والتنمية في الدول النامية وتعزيز تعددية الأطراف.
وفي ضوء النظام الاقتصادي الدولي الذي يشمل النظام التجاري المتعدد الأطراف والسياسة الدولية الدينامكية للتجارة والتنمية، إلى جانب التعددية القطبية التي يشهدها النظام العالمي، فمن الواضح أن هناك ضرورة حيوية للحفاظ على وحدة وتضامن الدول النامية وتعزيزها في السنوات المقبلة من أجل اعتماد سياسات ونهج أكثر ملاءمة في المجال الاقتصادي الدولي، وتعميق التعاون فيما بين بلدان الجنوب، مما سيؤدي إلى إقامة علاقات متبادلة المنفعة مع العالم. وبناء عليه، فإن تعزيز التعاون على جميع المستويات أمر بالغ الأهمية لتحقيق السلام الشامل، والتنمية الاقتصادية المستدامة.
 

رابط دائم: