"منتدى شباب العالم" فى مصر.. لماذا الآن؟
15-10-2017


*
منذ أن تم الإعلان عن عقد منتدى للشباب يضم مشاركين من دول العالم المختلفة، اختلفت التقييمات حول جدواه. فهناك من ذهب للقول إنه لن يحقق إضافة كبيرة، متعللين بتدني مستوى تمكين الشباب لدينا، مقارنة بمستوى تمكينهم في العالم، وهناك من يرفض الفكرة، لأنه لا يرى أهمية لتخصيص مؤتمرات للشباب دون غيرهم من فئات المجتمع من الأصل. في حين يذهب رأي ثالث هو الأكثر واقعية، إلى أن انعقاد هذا المنتدى يبعث برسائل كثيرة للعالم، ويسهم في تحسين صورة مصر في المجتمع الدولي، خاصة أنه- في رأيي الشخصي- يعيد تقديمها على أنها دولة شابة تحترم الشباب وتقدرهم، وتفتح قنوات للحوار معهم.
شباب مصر على خريطة العالم: 
يبلغ إجمالي الشباب في مصر في الفئة العمرية 15-34 استنادا للتعداد الرسمي لعام 2017 عدد 34.6 مليون نسمة، أي أنهم يمثلون 34.6% من إجمالي السكان. والتعامل مع سن 34 على أنه السن الأعلى للشباب مرتبط بتعريف البنك الدولي، في حين أن الاتحاد الإفريقي يرفع السن إلى 35 سنة. وفي هذه الحالة، فإن عدد من هم في سن الشباب يصبح أكبر.
وضخامة كتلة الشباب ليست مقصورة على مصر. فعلى مستوى العالم، هناك 1.8 مليار نسمة تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة -والعدد أكبر في حال تطبيق تعريف البنك الدولي لسن الشباب- ويعيش 87% منهم في الدول النامية، و7% منهم في دول الشرق الأوسط.
 وتعد نسبة الشباب في مصر من بين النسب العالية مقارنة بباقي دول العالم، استنادا لتقرير مؤشر تنمية الشباب Youth Development Index الذي صدر عن منظمة الكومنولث في 2016، حيث تفوق نسبة الشباب في مصر في 2017 نسبة الشباب في أكثر عشر دول شابة استنادا للتقرير، والتي تضم سويسرا، وليسوتو، وعمان، وقطر، ولاوس، واليمن، وهندوراس، والمالديف، وزيمبابوي، وطاجيكستان.  
وقد لا تكون مؤشرات التنمية بالنسبة للشباب في مصر أفضل من غيرها في دول العالم، لأسباب تتعلق بضخامة عدد السكان، ومحدودية الموارد المالية المتاحة، وهذا ما يعكسه التقرير السابق، حيث تأتي مصر في ترتيب تال لدول عربية عدة من حيث نصيب الشباب من إجمالي فرص العمل المتاحة، وفرص التعليم، والصحة، والثروة، فضلا عن المشاركة في الحياة العامة. ولكن اللافت في نتائج هذا التقرير أن وضع الشباب في مصر لا يزال صمن فئة  الوضع المتوسط بالنظر إلى إجمالي مؤشرات التنمية، مع تقدمها على غيرها من الدول فيما يتعلق بإتاحة فرص التعليم، وفيما يتعلق بالثروة، ومستوى المعيشة.

 
الاهتمام بالشباب توجه عالمي:
ونظرًا لضخامة حجم الكتلة الشبابية في العالم، كان اهتمام الأمم المتحدة بمخاطبتهم عند الحديث عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، خاصة فيما يتعلق بالفقر، والصحة، والمساواة بين الجنسين، والشراكة، ووجود مجتمعات تتمتع بالسلام والعدل، حيث تمت الإشارة للشباب من الجنسين كمشاركين في تحقيق هذه الأهداف، وكمستفيدين منها أيضًا.  واتساقًا مع ذلك، أُطلقت العديد من المبادرات، مثل فرق عمل الشباب من أجل تحقيق أهداف الألفية. 
كما يشهد العالم، خلال العام الجاري، انعقاد العديد من المنتديات المخصصة للشباب اتساقًا مع التوجه العام الخاص بالأمم المتحدة، وذلك بهدف توفير مساحات للشباب من أجل التفكير في حلول لمشكلاتهم في المجالات المختلفة.  ومن ذلك منتدى الشباب العاشر الخاص بمنظمة اليونسكو، والذي ينعقد نهاية هذا الشهر، بهدف تحديد أولويات عمل المنظمة في مجال الشباب خلال العامين القادمين، ويضم ما يسميهم المنتدي "صانعى التغيير من الشباب" من كل دول العالم، وعادة ما ينتهي هذا المنتدى بإصدار مجموعة توصيات تعرض على الدول الأعضاء في المنظمة.
 وقد دأبت اليونسكو على عقد هذا المنتدى منذ عام 1999، ويتم ترشيح الشباب للمشاركة فيه من خلال العاملين في اليونسكو، ومنظمات الأمم المتحدة، استنادًا لمعيار محدد مرتبط بأن يكون الشاب المرشح قد أطلق مبادرة أحدثت تغييرًا في مجتمعه.
وهناك أيضًا منتدى شباب G200 الذي ينظم في الإمارات نهاية هذا العام، وسيضم مشاركين من عدد 200 دولة في العالم بإجمالي 300 مشارك، وسيتضمن جلسات مخصصة لمناقشة مشاريع ريادة الأعمال التي يقودها الشباب، وأخرى تتعلق بمناقشات برلمانية شبابية، وثالثة مخصصة لممثلي الجامعات العالمية الرئيسية،  ويعد هو المنتدى رقم 12 منذ انطلاقه في 2005.
إلى جانب ذلك، هناك  المنتدى الدولي للشباب حول حقوق الإنسان وأهداف الألفية، والذي كان مخططا انعقاده في الربع الثاني من العام الجاري في نيبال بكاتماندو، بهدف توعية الشباب بحقوق الإنسان، كما هي مقرة في القوانين الدولية، وكذلك سبل التعامل مع انتهاكات تلك الحقوق. كما  ينعقد في سنغافورة  المؤتمر الدولي للشباب حول الإبداع، والذي يهدف لتجميع عدد 125 شابا من أجل تبادل الأفكار المبدعة لحل مشكلات دولهم في المجالات المختلفة المرتبطة بأهداف الألفية، مع اهتمام المنتدى بالأفكار المتعلقة باستخدام تكنولوجيا المعلومات.

 
خصوصية المنتدى في شرم الشيخ: 
يعد منتدى شباب العالم في شرم الشيخ هو الأول من نوعه، خاصة فيما يتعلق بالقضايا التي سيناقشها، حيث يكشف جدول الأعمال المعلن عن منتدى شباب العالم، المخطط انعقاده الشهر القادم، عن أنه لا يهتم فقط بتحفيز الشباب على المشاركة في تحقيق أهداف الألفية، كما هو الحال بالنسبة للمنتديات الأخرى، وإنما جزء كبير من جدول أعمال المنتدى مرتبط بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2250 الصادر في ديسمبر 2015، والذي يتعامل مع الشباب كأداة من أدوات تسوية النزاعات وبناء السلام، وهو ما ينعكس في جلسات اليوم الثالث للمنتدى، والتي تهتم  بدور الشباب في بناء السلام في الدول الخارجة من الصراعات والنزاعات.
ونجاح هذا المنتدى في توصيل رسالة مفادها أن شباب مصر نجحوا في تجميع شباب العالم ليتشاركوا الرؤى حول المستقبل ليكون أكثر سلامًا وازدهارًا، لن يكون مرتبطًا بالبيان الختامي الذي سيصدر عنه، وإنما بكثافة التفاعلات التي يمكن تحقيقها في داخل المنتدى بجلساته المختلفة، ولذا قد يكون من المهم خلال هذه المرحلة التفكير فيما يأتي:
أولًا- إتاحة الفرصة في هذا المنتدى للشباب من مختلف دول العالم لأن يعرضوا خبراتهم في مجال تسوية النزاعات في دولهم، خاصة المشاركين من الدول الإفريقية التي تعد الأكثر معاناة من الصراعات المسلحة خلال المرحلة الحالية.
ثانيًا- الحرص على توفير محتوى  باللغة الانجليزية عن فعاليات هذا المنتدى، والتنسيق مع الجهات المعنية بذلك، وإصدار نشرات وكتيبات مفصلة عما دار فيه من فعاليات ومناقشات، وإتاحتها على الموقع الخاص بالمنتدى، وكذلك فى السفارات المختلفة لمصر فى العالم، لاسيما أن المؤتمرات الوطنية الشباب، التي عقدت طوال العام الماضي، لم تحظ بتغطية ملائمة من وسائل الإعلام الأجنبية، كما لم يتوافر عنها محتوى ملائم باللغة الإنجليزية.
ثالثًا- تشكيل مجموعة عمل فرعية تتولى مسئولية نقل فعاليات المنتدى وأخباره إلى مبعوث السكرتير العام للأمم المتحدة لشئون الشباب والفريق المعاون له. 
رابعًا- انتخاب ممثل عن المشاركين في المنتدى يتم ترشيحه ليكون ضمن "القادة  الشباب الـ 17" الذين تسعى الأمم المتحدة لتعيينهم ليكونوا مسئولين عن تحفيز الشباب حول العالم لتحقيق أهداف الألفية.  
وأخيرًا انتخاب ممثل عن المشاركين في المنتدى، يتم ترشيحه ليكون ضمن "صانعى السلام من الشباب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، وهو تجمع تسعى الأمم المتحدة لتشكيله من عدد 20 من الشباب من الجنسين ليعملوا على الترويج للسلام في مجتمعاتهم، وفي الشرق الأوسط.  
وتهدف هذه المقترحات الخمسة للإسهام في توصيل صوت الشباب المشارك في هذا المنتدى للعالم بصورة مؤثرة وفعالة، خاصة أن انعقاد هذا المنتدى يظل خطوة مهمة لتأكيد اهتمام مصر بقضايا العالم، والأهم هو اهتمام شبابها وتفاعلهم مع تلك القضايا.

رابط دائم: