الدوافع المتعددة للهجوم الإرهابي في العريش
13-9-2017

عزة هاشم أحمد
* باحثة في العلوم السياسية
أثار إعلان تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي مسئوليته عن الهجوم، الذي استهدف قافلة أمنية في مدينة العريش شمال سيناء، في الحادي عشر من سبتمبر الجاري، وأسفر عن استشهاد 18 شرطيا، وإصابة آخرين، تساؤلات عدة حول أسباب ودوافع هذا الهجوم، فضلا عن دلالات توقيته، خاصة أنه جاء عقب نجاح قوات الأمن فى القضاء على مجموعة إرهابية عرفت بـ "خلية أرض اللواء". بالإضافة لذلك، فإن الهجوم مثّل محاولة من التنظيم الإرهابي لإثبات الوجود، بعد أن شهدت عملياته تراجعا ملحوظا في الفترة الأخيرة.
 
هجمات انتقامية 
 
ترجح العديد من القراءات الأولية للهجوم، وتوقيته، وتكتيكاته أنه يمثل هجوما انتقاميا، نظراً لأن أهداف العمليات الإرهابية لتنظيم أنصار بيت المقدس بدأت تتحول، منذ إطلاق القوات المسلحة لعملية "حق الشهيد"، نحو "الهجمات الانتقامية" بدلا من تلك التي تهدف للسيطرة، وبسط النفوذ، إضافة لما تتضمنه عقيدة التنظيمات الإرهابية من وجوب القيام بعمليات انتقامية، ردا على ما تشهده من خسائر متلاحقة في محاولة لإثبات القوة، ورفض الهزيمة.
 
 وبرغم تصاعد بعض التحليلات التى تربط بين الهجوم الإرهابي، وتصفية أفراد خلية أرض اللواء، فإنها  تبدو بعيدة، نظراً لأن الهجوم الإرهابي وقع بعد نحو 20 ساعة تقريبا من هجوم قوات الأمن على "خلية أرض اللواء"، وتصفية عناصرها.
 
وبالنظر إلى حجم الهجوم الإرهابي في العريش، ودرجة تنظيمه، وما يتطلبه من استعدادات، وتجهيزات، وتخطيط، فإنه يصعب القيام به في ساعات قليلة، خاصة أنه يستغرق وقتا من حيث الإعداد والتخطيط.
 
 علاوة على ذلك، فإن أفراد خلية أرض اللواء لا ينتمون إلى تنظيم "داعش"، وهو ما توصلت إليه التحريات والتحقيقات الأولية، التي أوضحت أن معظم عناصر الخلية طلاب جامعة منتمون لتنظيم الإخوان الإرهابي.
 
دوافع الهجوم:
 يمكن تناول دوافع هجوم العريش وفقا لبعدين رئيسيين، أحدهما مباشر يتركز على إثبات الوجود بعد خسائر التنظيم الإرهابي، بينما يتعلق الآخر غير المباشر بالتطورات داخل التنظيم ذاته ، والساحة السياسيةز وفيما يأتي عرض لكل منها.
 
أولاً- دوافع مباشرة:
 
(*) تصاعد الضربات العسكرية ضد التنظيم: فاستنادا إلى تحليل البيانات الصادرة عن الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري، والتي تتعلق بالعمليات الاستباقية التي قامت بها القوات المسلحة وقوات الأمن في سيناء، فإن شهر أغسطس الماضي يعد واحدا من الأشهر التي شهدت نشاطا مكثفا للقوات المسلحة في مواجهة الإرهاب، حيث شهد هذا الشهر 14 عملية استباقية ناجحة للقوات المسلحة، نتج عنها القضاء على 38 عنصرا تكفيريا، منهم 15 عنصرا، وصفوا بأنهم شديدو الخطورة، بالإضافة إلى تدمير العديد من الأوكار ومخازن الأسلحة، وإلقاء القبض على عدد كبير من عناصر التنظيم.
 
(*) استهداف قيادات التنظيم: تضمن بيان صدر عن المتحدث العسكري في 28 أغسطس 2017 نجاح قوات إنفاذ القانون بالجيش الثانى الميدانى، بالتعاون مع القوات الجوية، في القضاء على 7 أفراد تكفيريين شديدي الخطورة، بينهم قياديان. 
 
ثانياً- دوافع غير مباشرة:
 
(*) تراجع التنظيم في سوريا والعراق: حيث تأتي العملية في وقت يشهد فيه تنظيم "داعش" بشكل عام تراجعا في النفوذ، وخسائر متتالية في كل من سوريا والعراق تنذر بقرب نهايته التي بدت ملامحها بوضوح عقب معركة الموصل، بالإضافة إلى تصاعد التحليلات التي تحاول وضع تصورات محتملة لمرحلة ما بعد "داعش"، وآليات التعامل مع العائدين، ومصير أفرع التنظيم التي من المتوقع أن تتأثر بصورة مباشرة بهذه الخسائر، وعلى رأسها تنظيم أنصار بيت المقدس. انعكس هذه التغيرات بدورها على التنظيم الذي قد يسعى إلى اثبات وجوده واستمراريته، من خلال مجموعة هجمات إرهابية منظمة، قد يكون الهجوم الأخير واحدا منها.
 
(*) التقارب بين حماس والحكومة المصرية: جاء الهجوم عقب يومين من زيارة وفد من حركة حماس، برئاسة إسماعيل هنية، إلى القاهرة لعقد جلسات حوار مع "فتح"، مما يعد مؤشرا على دخول العلاقات بين حماس والحكومة المصرية مرحلة جديدة من التفاهم، من المتوقع أن ينتج عنها تطويق ومحاصرة التنظيم في سيناء. حيث أكد وفد حماس حرص الحركة على أمن واستقرار مصر، وعدم السماح باستخدام قطاع غزة بأي صورة من الصور للمساس بأمن مصر.
 
 في التحليل الأخير، وعلى الرغم من أن عملية العريش الأخيرة تعد واحدة من العمليات الإرهابية المزدوجة التي تتسم بدرجة عالية من التنظيم، فإنه يصعب النظر إليها بوصفها مؤشرا على تمدده وانتشاره، وإنما تهدف إلى إثبات الوجود، فى ظل ما يتعرض له "داعش" من خسائر كبيرة، خلال الفترة الماضية، أصبحت تهدد بقاءه بشكل كبير.
 
 
 
 
 
 
 

رابط دائم: