هل يشعل التقارب الإيرانى- القطرى حرب الغاز فى الخليج ؟
7-9-2017

محمود بسيوني
* كاتب مصري، مدير تحرير موقع مبتدا
 
رغم الهدوء الذى يبدو على السطح فى الأزمة القطرية استعدادا لمؤتمر لندن، فإن التحركات العدائية القطرية لم تتوقف لحظة واحدة، كان أخطرها التحركات التى تقوم بها إيران بالتنسيق مع قطر للمطالبة بنصيبها فى 15 حقل غاز وبترول مع دول الخليج، بالتزامن مع تحركات قطرية تسعى لاقتسام حقل غاز الشمال، أو فاس الجنوبى باللغة الإيرانية مع إيران، عبر توقيع اتفاقات ثنائية مكتوبة بين الدولتين، لتصبح هناك سابقة خليجية تضغط بها ايران على باقى دول الخليج، وفى مقدمتها الكويت والسعودية، خاصة بعدما أصبحت إيران خارج نطاق العقوبات الدولية، وأصبح لديها حرية أوسع فى التحرك دوليا، ويمكن أن تستغله فى التحرش بثروات جيرانها النفطية.
 
وتشترك الكويت والسعودية مع إيران فى حقل "الدرة" الذى تسميه إيران حقل "أراش"، وكانت الدولتان قد توصلتا لاتفاق على تطوير حقل الدرة الموازي للمنطقة المحايدة بين البلدين، والذي يقدر الاحتياطي به بنحو 20 تريليون قدم مكعبة من الغاز، وذلك بعد الفشل في التوصل لاتفاق مشترك بينهما وإيران على تطوير الحقل. وتقول إيران إن 5 % من هذا الحقل يقع تحت مياهها الإقليمية، وعلى ذلك من الواجب أن يتم تطويره بالمشاركة بين الدول الثلاث، فيما ترفض السعودية والكويت التفاوض معها .
الحقول المشتركة بين إيران ودول الخليج تتوزع بين السعودية، والكويت، وعمان، بينما تتشارك إيران حقلا نفطيا كبيرا مع أذربيجان في بحر قزوين، تكرر فيه إيران الخلافات ذاتها مع دول الخليج، وتتهم الجانب الأذربيجاني باستخدام أكثر من حصته في الحقل.
 
وكررت إيران اتهامها للدول الخليجية بمساعدة بعضها على استغلال الحقول المشتركة مع إيران، حيث اتهمت السعودية بمساعدة الكويت على استخراج كميات أكبر من حصصها، واتهمت الكويت بمساعدة الإمارات، كما اتهمت الإمارات بمساعدة عمان على فعل الشيء نفسه .
وتعد إيران أيضاً من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال، وتأتي في المرتبة الثالثة عالمياً بعد الولايات المتحدة وروسيا، وهي تشارك قطر حقل الشمال، أحد أكبر حقول الغاز البحرية في العالم .
رصدت شبكة "بلومبرج" الأمريكية اتجاه قطر لتعزيز تعاونها مع إيران فى مجال الغاز الطبيعى، لاسيما بعد موقف الرباعى العربى من الإمارة الخليجية، ونوهت إلى أن أكبر حقل للغاز الطبيعى فى المنطقة موجود بين إيران وقطر، بمساحة تتجاوز 9700 كيلو متر مربع، ويتم التعاون بينهما لاقتسام المكاسب فى صمت، حتى وإن كان البلدان يتنافسان بدرجة أكبر فى أسواق الغاز، كما يعد بالنسبة لكليهما مصدرا للقوة السياسية، فى ظل خلاف الدوحة مع السعودية، والذى استغله نظام تميم لبيع أكبر حصة من الغاز لشركة شل الأمريكية لمدة 5 سنوات. وربما يكون ذلك السبب وراء تغير الموقف الأمريكى تجاه الأزمة القطرية، وقبولها بدور الوسيط بدلا من الضاغط للتخلص من دعم الإمارة للارهاب .
 
ورغم أن الخرائط القطرية تشير إلى أن الحقل ينتهى عند حدودها، قامت إيران بالتنقيب فيه عام 1991، وتبين تدريجيا أن لديها ثلث إجمالى الاحتياطى فيما تسميه "جنوب فارس". لكن سوء الإدارة، والعقوبات، والخلافات السياسية، وعدم اتخاذ القرار.. كلها عناصر أدت لتباطؤ العمل فيه. وعندما أعلنت قطر وقفا اختياريا للعمل فى حقل الشمال، كانت هناك شكوك بأن الإيرانيين حذروا الدوحة وطالبوها بوقف المشروعات الجدية، لأنهم شعروا بأنها ستجفف ما لديهم من غاز. ومنذ عام 2014، بدأت إيران العمل على التطوير فى جنوب فارس. وبحلول 2020، سيتجاوز إنتاج إيران من جنوب فارس إنتاج قطر من حقل الشمال، كما سعت إيران إلى وضع مراحل تطوير لمنع تسلل الغاز الإيرانى إلى الجانب القطرى.
كل الدلائل تشير إلى وجود صفقة أو تفاهم بين قطر وإيران لإشعال الوضع فى الخليج، والوصول به إلى نقطة خطرة، كما ظهر للعلن التعاون القطرى- الإيرانى الذى كان سريا طوال السنوات الماضية، خوفا من غضب السعودية على الإمارة الداعمة للإرهاب.
 
لم تكن إيران، قبل رفع العقوبات الغربية، تستطيع منافسة قطر على استغلال الحقل لعدم امتلاكها التقنيات المتطورة لتحويل الغاز إلى غاز مسال، لكنها قامت، وفى سرية تامة، بالتفاوض مع عدد من الدول للحصول على التكنولوجيا اللازمة لاستخراج هذا الغاز بنسب متساوية مع قطر .
 
ومنذ رفع العقوبات عن إيران في بداية العام الحالى، تتجه طهران لامتلاك تقنيات تشابه أو تتفوق على التقنيات التي تستخدمها قطر في استخراج الغاز من حقل غاز الشمال، وهو ماينذر بالخطر، خاصة مع تزايد الفوائض المالية لدى نظام الملالى، وإمكانية استغلال تلك الأموال فى زيادة النفوذ الإيرانى، والسعى لنشر التشيع فى المنطقة لتوسيع نفوذها على حساب القوى الأخرى، وهو ما يضع السعودية، ودول الخليج، ومصر فى دائرة من الحسابات المعقدة والقاسية، فى ظل التعنت الإيرانى، وحالة الجنون والسعار التى أصابت نظام الأمير الحالى، تميم، عقب تعاون دول الخليج مع الشيخ عبد الله بن على الثانى، والحديث عن أنه الأمير المقبل لقطر، بعد التخلص من تنظيم الحمدين، ونجاحه فى نزع فتيل محاولات الدوحة وطهران لإفشال موسم الحج باستجابة السعودية لإرسال طائرات تقل الحجاج القطريين، فضلا عن السماح لهم بالعبور برا، رغما عن أنف أميرهم، داعم التطرف .
 
إن تغيير النظام القطرى بات أمرا ملحا فى ظل تحركات أميرها الجنونية التى تشبه إلى حد بعيد تحركات رئيس كوريا الشمالية. فبدلا من الاستجابة لمطالب دول المقاطعة، والتخلص من عار دعم الإرهاب والتطرف، يسعى لإشعال المنطقة بحرب غاز شعواء  ليصبح أول الخاسرين.
 

رابط دائم: