آليات تثبيت الدولة المصرية: تغطية خاصة لـ "مؤتمر الشباب بالإسكندرية"
5-8-2017
محمود حسين قاسم

 أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال المؤتمر الدوري الرابع للشباب، والذي انطلقت فعالياته في مدينة الإسكندرية، خلال الفترة من 24 إلى 25 يوليو 2017، أهمية توعية الجمهور بمفهوم وخصائص الدول الفاشلة، وآليات مجابهتها. وخلال  المؤتمر، تم وضع عدة استراتيجيات يمكن من خلالها الحيلولة دون الوقوع في فخ الدول الفاشلة، والابتعاد بالدولة المصرية عن مصير عدد من الدول التي أنهكتها الصراعات.

وتعد الدولة الفاشلة، وفقا لما أكدته الجلسة التي خصصت في المؤتمر حول "آليات مواجهة الدولة الفاشلة"، هي التي تفشل في توفير الخدمات العامة لمواطنيها، كما أنها لا تتمكن من إقامة علاقات تفاعلية مع الدول الأخرى الأعضاء في الجماعة الدولية. بالإضافة لكل ذلك، فإن الفساد، وارتفاع معدلات الجريمة يكونان من السمات السائدة لهذه الدول. وقد انتهت تلك الجلسة إلى وضع عدة مؤشرات، يمكن من خلالها قياس فشل الدول.

مؤشرات قياس الدولة الفاشلة:

 يمكن تقسيم مؤشرات قياس فشل الدول إلى أربعة مؤشرات، اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، وعسكرية وذلك كالآتى :

المؤشرات الاجتماعية: وتتمثل في الضغوط الديموغرافية المتنامية، ونزوح السكان، سواء في الداخل أو الخارج، وارتفاع المشكلات الناجمة عن العرق، والدين، واللون، وتنامي معدلات البطالة، والجريمة، والمخدرات.

-المؤشرات الاقتصادية: وتتمثل في عدم تكافؤ التنمية الاقتصادية بين المجموعات المختلفة التي تنتمي للبلد نفسه، بالإضافة للتدهور الاقتصادي وما يصاحبه من ركود في الدورة الاقتصادية، وانهيار قيمة النقد الوطني.

-المؤشرات السياسية:  وتتمثل في تراجع شرعية النظام السياسي القائم، وفقدان الثقة بالدولة ومؤسساتها، بالإضافة إلي تراجع دور الدولة، وإساءة استخدام السلطة، وارتفاع وتيرة التدخل الأجنبي في شئون الدول.

-المؤشرات العسكرية: وتشمل انتهاك حقوق الإنسان، وضعف السلطة الأمنية، وبروز قوى أمنية غير نظامية.

-مخططات إفشال الدولة:

وقد لفت دكتور عبد المنعم المشاط إلى أن العوامل الجغرافية، والسكانية، وطبيعة الشعب المصري المثابر، كل ذلك جعل مصر دولة عصية علي الانهيار، مؤكدا أنه لا يمكن لدولة صغيرة، مثل قطر، أن تلعب دورا بارزا ومؤثرا في السياسة الدولية، وذلك بسبب صغر حجمها، رغم ثرائها الشديد، وهو ما جعل منها عرضة للتلاعب من خلال القوى الدولية للعبث بالمنطقة، ومحاولة تغيير قواعد اللعبة فيها بما يهدد الاستقرار والأمن الداخلي في عدد من الدول. وقد شرح المتحدث دور القوة الصلبة والناعمة في مجابهة مخطط إفشال الدولة.

-القوة الصلبة:

وأكد المشاط أن القوة الصلبة أحد المرتكزات الأساسية في بناء الدولة المصرية، ويمكن عدّ أن عناصر القوة الصلبة المصرية  تتمثل، وفقا لعرض د. عبدالمنعم المشاط، فيما يأتي:

-أولا- الكتلة الحيوية للدولة:وتتمثل في مساحة الدولة  وموقعها الجغرافي المتميز، وهو ما جعلها مطمعا للدول الكبرى التي جاءت بحثا عن مغانم ومكاسب يمكن أن تحققها من خلال مصر. بالإضافة لذلك، فقد مثلت قناتا السويس القديمة والجديدة مركز ثقل للدولة المصرية، ومنحتاها أهمية محورية على الساحة الدولية بشكل عام.

-ثانيا- القدرات الاقتصادية: وتقوم علي تماسك الدولة مع النظام الاقتصادي، وقدرة السكان على الإنتاج، وكذا القدرة التنافسية، وما لدى الدولة من بنية تحتية قوية، منوها إلى أن المشروعات القومية الكبرى في مصر من شبكات نقل، وطرق، وكبارٍ تعمل على ربط أوصال الدولة المصرية، وهو ما دفع مصر لاحتلال مكانة إقليمية ودولية مؤثرة.

ثالثا- القدرات العسكرية:والتي تتمثل في القدرة البشرية في القوات المسلحة، وكذا التدريب، بالإضافة للمناورات العسكرية والتسليح. ولفت المشاط إلى أن التسليح بشكل عام يتم من أجل ردع المخاطر والمواجهة، إذا لزم الأمر.  وذكر أن القوة العسكرية المصرية تمثل ملمحا أساسيا من ملامح القوة الصلبة المصرية.

- رابعا- القدرات البشرية:والتي تتمثل في نسبة السكان، التي يمكن توظيفها  من خلال الترشيد لخدمة الاقتصاد من جانب، والقوات المسلحة من جانب آخر.

وخلص المشاط إلى أن المحاور الأربعة السابقة يمكن إجمالها في أهمية إيجاد إرادة سياسية قوية تسهم في بناء دولة حديثة تتمتع بدور إقليمي قوي، ويمكنها اتخاذ القرارات الصعبة من خلال قراءة الحاضر من أجل العبور نحو المستقبل، مشيرا إلى أن هذه الإرادة وجدت لنفسها متسعا ومجالا في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي.

-القوة الناعمة:

بالتوازي مع القوة الصلبة، تأتي القوة الناعمة المصرية للإسهام في العمل علي الحيلولة دون وقوع الدولة المصرية رهينة لمخطط الإفشال الذي يحاك ضدها. وفي هذا السياق، أشار الكاتب والمؤلف السينمائي مدحت العدل إلى أهمية القوة الناعمة في الحفاظ علي الدولة وتنميتها، مشيرا إلى أن السينما في الولايات المتحدة الأمريكية أسهمت في تغيير بعض الأنماط الاجتماعية، سواء في المأكل، أو المشرب، أو الملبس.

وفي السياق ذاته، أكد ريادة السينما المصرية وقوتها التي تمتعت بها في الماضي، حيث لعبت دورا مؤثرا في المجتمعات العربية، منوها إلى أن هناك محاولات عديدة للعمل على سحب نفوذ وقوة السينما المصرية، وهو ما يتطلب تدخل مؤسسات الدولة لدعم صناعة السينما وإنتاج أفلام كبرى عن حرب أكتوبر، وبطولات شهداء مصر في مختلف العصور.

وخلص العدل إلى أن توظيف السينما كقوة ناعمة مؤثرة سيكون من خلال التشجيع على إنتاج أفلام ذات مستوى رفيع، والعمل على تقليص أعداد الأفلام عديمة الجدوى.

 دور الإعلام:

وفي هذا الإطار، نوهت نهى النحاس، المستشارة الإعلامية للمعهد الدنماركي- المصري للحوار، إلى أن مرحلة ما قبل الدولة الفاشلة تحمل مسمى الدول الهشة، والتي غالبا ما تنشأ بسبب صراعات سياسية وعنف داخلي.

وحول آليات مواجهة محاولة إفشال الدولة، لفتت النحاس إلى ضرورة خلق وتصميم منظومة إعلام مهني ومستقل، من خلال جهات حاكمة ورقابية على هذه المنظومة، بالإضافة إلى سرعة الانتهاء من قانون تداول المعلومات بما يتيح للإعلام الوصول إلى المعلومة الصحيحة، من خلال تدريب الشباب على فهم الهدف والمغزى من الرسائل الواردة إليه، ومحاولة التحقق منها.

-ترسيخ دعائم الدولة: 

وفي هذا الصدد، سلط الكاتب يسري الفخراني الضوء على أهمية استعادة منظومة القيم وكيان الأسرة المصرية، موضحا أن هناك مجموعة من القيم والعادات المصرية الرصينة قد أهدرت في الفترات الماضية، وأن أي حديث دون محاولة الرجوع لاستعادة هذه القيم ومفهوم العائلة يعد بمنزلة الجهد المُهدر .

وأشار المتحدث إلى ضرورة تربية النشء من خلال أعمال تعمق مفهوم الانتماء للوطن. وهنا، نادى الفخراني بحتمية إطلاق مبادرة للإبداع لاكتشاف المواهب المصرية، ووضعها في بداية الطريق، على أن يكون ذلك في جميع المجالات، خصوصا أن وسائل التواصل الاجتماعي قتلت الإبداع، وساعدت على تسويق القيم السلبية للمجتمع، وتسويق صورة مغايرة وغير صحيحة عن مصر.

وشدد الفخراني على أن كل ذلك من شأنه تخفيف الضغط على الشباب الذي يسعى لاستغلال طاقاته في مجالات مفيدة بدلا من الوقوع فريسة للجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تسعى لاستقطابه.

وفي السياق ذاته، أشار ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إلى أن مفهوم الدولة الفاشلة تستخدمه الدول الكبرى من أجل تفتيت المجتمعات وتحقيق مصالحها، مشيرا إلى ضرورة قيام مصر في جميع المحافل الدولية بعدم الاعتراف بهذا المفهوم، والحديث بمفهوم الدولة النامية بدلا الفاشلة، بالإضافة لضرورة العودة إلى فكرة عدم الانحياز التي كانت تتبناها مصر في أوقات سابقة.

-تثبيت ركائز الدولة المصرية:

  أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي في ختام الجلسة إلى عدد من المحاور المهمة في مواجهة مخطط إسقاط الدول وإفشالها، حيث أكد أن تثبيت دعائم الدولة المصرية ومعالجة الأسباب التي تقود إلي إسقاط الدولة كان الهدف الأول لكل تحركات الرئاسة في الفترات السابقة.

كما وجه الرئيس السيسي بضرورة العمل على دعم الروح المعنوية للشعب المصري في مواجهة مثل هذه المحالات الساعية إلى هدم الدولة.

وأكد الرئيس أن مشروع قناة السويس كان محاولة لبناء حالة من الدعم المعنوي والممانعة للشعب المصري عقب فترة شهد الجميع بصعوبتها.

 وأعلن الرئيس السيسي عن استعداده لتقديم دعم مادي للإنتاج السينمائي، والعمل على تنمية الشعور الوطني عند المواطنين. وقد أوصى الرئيس بتشكيل مجموعة عمل بقيادة الدكتور مدحت العدل لوضع تصور كامل من أجل دعم الأعمال التي تهدف لمواجهة إضعاف الدولة المصرية .

وحول دور الإعلام، أشار الرئيس السيسي إلى أهمية الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام في تشكيل "فوبيا" لدى المواطن ضد إفشال الدولة المصرية، مشيرا إلى أن المناخ السائد والمحيط بالدولة المصرية مناخ خصب للنقد والهدم، وهو ما يؤثر فى ركائز ودعائم الدولة المصرية، وعليه فيجب أن يعي المواطن صعوبة هذه الفترة.

واختتم الرئيس عبد الفتاح السيسي حديثه عن قوة الشعب المصري وعبقرية قواته المسلحة، قائلا "إن الله أراد أن يكون هناك جيش بهذا المستوى، وسيذكر التاريخ ما فعله الجيش للدولة المصرية, فالجيش لا يدافع فقط، بل يعمل من أجل تثبيت دعائم الدولة المصرية في وقت تمر فيه البلاد بظروف صعبة".

تعريف الكاتب: باحث في العلوم السياسية ، وعضو البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقياده . 


رابط دائم: