"السياسة الدولية" تحاوراللواء عبدالحميد خيرت حول استراتيجيات مكافحة الإرهاب داخليا وخارجيا
15-7-2017
أدار الحوار وأعده للنشر: صلاح غراب، نائب رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية
 
"التطرف فكر والإرهاب فعل"
 
"مواجهة الإرهاب لا تتوقف على قدرات الدولة الأمنية أو العسكرية ولكن على قدرة الدولة على التنسيق مع الدول المجاورة"
 
"جهاز أمن الدولة كان مصنفا عالميا وله دور على المستويين الإقليمى والدولى.. وتم تفريغه من الكفاءات المدربة فى عهد الإخوان"
 
"خطورة ظاهرة "الذئاب المنفردة" تكمن فى أنها ليست تحت السيطرة الأمنية لأى دولة مهما تكن قدرتها الأمنية"
 
"الخلاف مع قطر سينتهى بمجرد زيارة نتنياهو للسعودية"
 
""داعش" تحول فى عهد أوباما من تنظيم إرهابى إلى دولة إرهابية مدعومة".
 
 
بات الإرهاب ظاهرة عالمية، وأصبح لا دين له، ولا وطن، وقد تتغير أشكاله وأساليبه بتغير الزمان والمكان، ولكنه يظل -دائما- مرتبطا بالإنسان، أيا ما كان، وأيا ما كان دينه، أو عقيدته، أو مذهبه الفكرى. وقد تجددت أشكال الإرهاب وأساليبه، وتعددت أسبابه، وتنوعت منابعه. ومهما اتسعت دائرة البحث عن أسباب الإرهاب، فإن سبب الانحراف الفكرى سيظل فى المرتبة الأولى، وتأثيره  سيبقى هو الغالب.
 
لذلك, تأتى أهمية هذا الحوار مع اللواء عبدالحميد خيرت, رئيس المركز المصرى للبحوث والدراسات الأمنية، نائب رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق، والذى كان مسئولا فيه عن متابعة نشاط الجماعات الدينية المتطرفة.
 
وفيما يلي نص الحوار كاملا:
 
بداية، كيف تطورت العلوم الأمنية وتطبيقها منذ عام‮ ‬1990‮ ‬تحديدا فيما‮ ‬يخص مكافحة الإرهاب؟
 

لابد أن نأتى بمقدمات سليمة  لكى نصل إلى نتائج سليمة. ‬هناك  مصطلحان لابد من توضيحهما أمام الرأى العام، هما التطرف والإرهاب‮. ‬التطرف هو مجموعة من الأفكار، التى تجاوزت المتفق عليه دينيا، وسياسيا، وأخلاقيا داخل الدولة. أما الإرهاب، فهو إلحاق الضرر بالبيئة، أو الأفراد، أو المرافق والمنشآت العامة لتخويفهم أو ترويعهم، وكل هذا‮ ‬يشكل إرهابا‮.‬
 
وما هو الاختلاف بين التطرف والإرهاب؟
 
التطرف فكر. أما الإرهاب، فهو فعل‮. ‬التطرف لا‮ ‬يعاقب عليه القانون. ‬أما الإرهاب، فيعاقب عليه القانون‮. ‬التطرف‮ ‬يعالج بالفكر والحوار، أما الإرهاب، فيدخل فى نطاق القانون، وأساليب الدولة فى مواجهته‮. ‬وهناك مصطلح العملية الإرهابية أو الدائرة الإرهابية، وهى تمر بمراحل متعددة، بداية من الفكرة إلى التنفيذ‮. ‬لو اكتملت الدائرة الإرهابية، نجحت. لكن لو تمكن الأمن من قطع الدائرة الإرهابية فى أى مرحلة من مراحلها، فإن العملية الإرهابية تبوء بالفشل‮. ‬ 
 
 ‬ولا تتوقف مواجهة الإرهاب على قدرات الدولة الأمنية أو العسكرية، ولكن تتوقف على قدرة الدولة على التنسيق مع الدول المجاورة، وهذا بدوره‮ ‬يجعلنا نتساءل: هل تتعامل الدولة مع جماعة الإخوان المسلمين على أنها جماعة إرهابية؟ أو بمعنى آخر هل تتعامل مع تنظيم الإخوان كما تتعامل مع التنظيمات الأخرى كأنصار بيت المقدس وأجناد الله إلى آخره‮؟‬
 
 بعد تفويض الرئيس السيسى، وفض اعتصام رابعة، وإعلان جماعة الإخوان إرهابية،‮ ‬لم تتمكن الدولة فى الحقيقة حتى‮ ‬20‮ ‬يناير‮ ‬2017‮ ‬من مواجهة الإرهاب، لأنها كانت لا تمتلك القدرة على التنسيق مع الآخرين، لأن أمريكا فى ذلك الوقت، ومنذ‮ ‬30‮ ‬يونيو‮ ‬2013‮‬، كانت تساند وتدعم الإرهاب والكيانات الإرهابية، وذلك لإحداث الاضطراب بهدف تحقيق أجندتها فى المنطقة؟ ومن هنا كان عليك أن توضح أن أعظم دولة في‮ ‬العالم تواجهنا، إلى أن جاء الرئيس ترامب، وتغير الأمر نهائيا، فقد أعلن ترامب أن أوباما وإدارته كانا داعمين للإرهاب وتنظيم "داعش"‮. ‬قد‮ ‬يقال إن هذا كان فى أثناء الحملة الانتخابية بوعودها البراقة، ولكن عندما قال ترامب إن قطر تدعم الإرهاب، فهذا لا‮ ‬يدين قطر وحدها، ولكن‮ ‬يدين كل أنظمة المنطقة. وسأضرب مثالا فى تلك النقطة فى واقعة اضطراب الأحداث في‮ ‬العراق، وتقسيمه إلى سنة، وشيعة، وأكراد، وكان الأمريكان‮ ‬يدعمون الأكراد عسكريا، فكان لابد من دعم السنة كذلك عسكريا فى الموصل، ولكن فوجئنا بتنظيم "داعش"‮ ‬يسيطر على تلك المدينة، بعد فرار الجيش العراقى بأكمله، ويستولى على معدات الجيش، والمطارات، والأسلحة الثقيلة. ‬الغريب أن "داعش" كان قادرا على استخدام هذه الأسلحة الثقيلة، لأن معظم عناصره كانوا من الأفراد الذين تم تسريحهم من الجيش العراقى الذى تم حله، بالإضافة إلى التقليل من شأن الجيش العراقى، مما جعل هؤلاء الأفراد‮ ‬ينضمون إلى هذا التنظيم، وتحول "داعش" بعد مؤتمر أوباما من تنظيم إرهابى إلى دولة إرهابية مدعومة. وهذا ما قاله ترامب فى موقفه من قطر، وأيضا ما قاله أعضاء الكونجرس الأمريكى من أن ثورات الربيع العربى كانت مؤامرة‮. ‬لكن حصل شىء ‬غريب جدا، هو أن ترامب أدلى بحديث لمجلة "ذى أتلانتك"، أراه رسما للسياسة  الأمريكية خلال الأعوام العشرة أو الخمسة عشر القادمة.
 
 لم يتعاون أوباما فى هذا الحوار مع الخبراء بالشكل الكافى، لأنه قرأ طالع ثلاث دول، هى السعودية، وتركيا، وقطر. فقد قال فى هذا الحوار بالنسبة للسعودية إن عليها أن تراجع نفسها فى الأفكار التى تنشرها وتدعم الإرهاب والفكر الوهابى، ولن نسمح بأن‮ ‬يتحول أشخاص إلى قنابل‮ ‬يدوية. وكان هناك قبله استجواب من الكونجرس لسفير سوريا السابق فى الولايات المتحدة حول "داعش"، والسعودية، والفكر الوهابى. المحصلة النهائية من حوار أوباما هو الاتفاق على أن "داعش" تطبق الفكر الوهابى الذى تقوم السعودية على رعايته ونشره، وفهمت السعودية بدورها تلك الرسالة، الأمر الذى قام على إثره الملك العاهل السعودى الملك سلمان بزيارة إلى مصر، زار خلالها الأزهر، والبابا، والبرلمان، ولم‮ ‬يتناول الإعلام المصرى المغزى من وراء هذه الزيارات. فحين‮ ‬تتم زيارة الأزهر، فهذا‮ ‬يعنى المذهب الأشعرى، وحين‮ ‬تتم زيارة البابا فهذا يمثل الآخر، وحين‮ ‬تتم زيارة البرلمان، فهذا يمثل فكرة الديمقراطية، وهذه الأشياء الثلاثة فى الفكر الوهابى كفر.
 
هل كانت تلك الزيارات التى قام بها الملك سلمان بالتوافق مع المؤسسة الدينية فى السعودية‮، أم لا؟
 
 ‬لو كانت بتوافق، إذن هناك تغيير. ولو كانت من دون توافق، فإن القلاقل سوف تحدث فى السعودية، وهذه الزيارة كانت رسالة لأمريكا، حيث كان أول قرار للملك سلمان، عقب عودته للسعودية، هو إلغاء الضبطية القضائية لجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، بما‮ ‬ينزع عنها أى دور أو سلطان، وإنما‮ ‬ينحصر دورها فى التبليغ‮ ‬فقط عن المخالفات الشرعية، فضلا عن إصدار قرار بعدم وجود ولى للمرأة. الأخطر من هذا أن الملك سلمان أعلن أن أكبر "وولت ديزنى" على مستوى العالم سيكون فى نجد بالرياض التى هى قمة التشدد والتعصب، علاوة على حداثة سن ولى العهد السعودى‮، كل هذا كان إيذانا بحدوث تغيير فى السعودية.
 
وماذا كانت استراتيجية الرئيس السيسى لمكافحة الإرهاب فى مصر؟ ‬
 
لابد أن أذكر أن الرئيس السيسى كان مستوعبا لهذه الرسالة من قبل، حيث طلب تجديد الخطاب الدينى من الأزهر، لأنه كان‮ ‬يعى أن العالم لن ‬يرحمنا، لأن أوباما عندما تحدث عن الإرهاب، لأول مرة، إنما كان يتحدث عن التطرف، الذى هو فكر، وكان‮ ‬يوجه للسعودية، وبعض دول المنطقة اتهامات بأنها مصدرة للإرهاب. وما دام هناك مصدر، فلابد أن‮ ‬يكون هناك مستورد. وإذا كنا نصدر الإرهاب، فلماذا استوردتموه، وأعدتم صياغته لكى تصدروه لنا من جديد؟ فأصبح هناك مصدر لعمليات الإرهاب، ومستورد متورط فيها‮. ‬لذا، قامت هذه الدول بالتجمع لمكافحة الإرهاب، وكانت تلك هى الاستراتيجية التى رفعها الرئيس السيسى عندما تسلم مقاليد الحكم.
 
  ولما قام أوباما بحشد‮ ‬73‮ ‬دولة لمواجهة تنظيم "داعش" فى سوريا والعراق، كانت مصر هى الدولة الوحيدة التى رفضت التحدث فى هذا الأمر، بغية مواجهة الإرهاب بمفهمه الشامل، حيث اسشعرت مصر بأن أوباما‮ ‬غير جدى فى هذا الأمر بدليل أن "داعش" تحول من تنظيم إلى دولة إسلامية مزعومة. فكان شعار الرئيس السيسى مواجهة الإرهاب، لأنه كان‮ ‬يعلم من قراءته لواقع الكيانات الإرهابية أنها ستكون بديلا للولايات المتحدة فى تحقيق أجندتها الخاصة، وهذا ما جعل أمريكا فى عهد أوباما تأخذ منحنى عنيفا مع مصر. 
 
 ومن هنا، كان التفويض للرئيس السيسى، لأن الشعب لا بد أن‮ ‬يكون ظهيرا سياسيا وشعبيا فى مواجهة الإرهاب.
 

وهناك إشكالية لا بد من وضعها فى الحسبان، هى أنه لو كان عدد الإخوان يقدر بمليونى شخص، فالسؤال هو: كيف ستتعامل الدولة مع جماعة الإخوان الإرهابية بحسبانهم جزءا من النسيج المجتمعى لمصر؟ وهى المشكلة نفسها التى تواجهها دول أوروبا وأمريكا، لدرجة أن‮ ‬يوسف ندا، القيادى الإخوانى، قال فى حوار مع أحمد منصور إن بريطانيا لا تجرؤ على ترحيل الإخوان المسلمين من أراضيها، لأنهم، أى الإخوان، جزء من النسيج المجتمعى، ومن حاملى الجنسية، وعليها أن تغير الدستور والقانون قبل أن تقدم على فعل ذلك، بالإضافة إلى أن تلك العناصر لها مراكز إسلامية فى بلاد المهجر، الأمر الذى‮ ‬يدخل الحكومات فى مشكلات كثيره مع هذه الدول.‬
 
وكيف نواجه هذا الأمر؟
 
 لا بد أن تشتمل المواجهة على ثلاثة أمور، هى أولا تقنين كل ما هو خاص بتنظيم الإخوان المسلمين، كى‮ ‬يكون هناك توثيق أمام العالم، وهذا لا‮ ‬يحدث، لأنك لا تتعامل مع الإخوان كتنظيم، ولكن كتشكيل عصابى، حيث تواجهه بإجراءات أمنية جنائية عادية.  فقد صرح رضا فهمى، فى حوار لقناة "مكملين"، بأن حركة "حسم" هى الذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين، بل قال إننا فى إطار تشكيل حلف قطرى- تركى- ايرانى، فأصبح هناك جناح عسكرى للإخوان المسلمين، تم استكمال تشكيلاته على مستوى المحافظات، وهذا من وقائع بيانات وزارة الداخلية. ‬الأمر الثانى‮- ‬التعرية: ‬إذ لا بد أن ‬يفهم الشعب أن حسن البنا هو أكبر إرهابى فى تاريخ العالم، كما يجب أن‮ ‬يعى الناس أن رسائل حسن البنا تحمل الفكر التكفيرى الجهادى، بدليل قتلهم النقراشى، واستباحتهم دمه، فاستباحة الدم فكر تكفيرى جهادى، وأن جماعة الإخوان المسلمين ليست جماعة دعوية، كما‮ ‬يدعى البعض، فمطلوب إذن تعرية جماعة الإخوان المسلمين فكريا ودعويا على الساحة الإعلامية،  ولابد أن‮ ‬يتولى هذا الأمر من انشق عنهم، وعرف أدبياتهم، وخبر أفكارهم‮. ‬الأمر الثالث والأخير هو التحصين، بمعنى تحصين المجتمع من "فيروس" الإخوان، وهذا هو دور مؤسسات الدولة، كالأزهر، ووزارتى التربية والتعليم، والأوقاف. فالدولة بمؤسساتها لا تعمل فى مواجهة الإخوان، فالمواجهة أمنية، لأن الأمن لا‮ ‬يواجه إرهابا، لأنه ليس من مسئولياته، وإنما يواجه العمليات الإرهابية، وإنما مواجهة الإرهاب هى مسئولية الدولة بمختلف مؤسساتها. 
 
إذن ما هو تقييمكم لأداء الأجهزة الأمنية فى مواجهة ظاهرة الإرهاب؟
 
  عند تقييمنا لأداء الأمن فى مواجهة ظاهرة الإرهاب، فلا بد أن نتذكر أن الأسباب الثلاثة سالفة الذكر لا يتم تطبيقها، لاسيما وأن المناخ الإقليمى والدولى‮ ‬يساعد على التحرك بجدية فى مواجهة الإرهاب، حيث إننا ضمن تجمع عالمى لمواجهته. وبالتالى لو ثبت أن هناك دولة تمول الإرهاب، فلا بد أن‮ ‬يتم أخذ موقف ضدها، وهذه كانت رسالة محمد بن سلمان لشيخ الأزهر بأننا معكم ونساندكم.‬
 
هل هناك تطوير فى القدرات الأمنية لمواجهة تلك الظاهرة؟
 
 دائما لا نستوعب حجم المؤامرة العنيفة على وزارة الداخلية من‮ ‬2011‮ ‬حتى‮ ‬30‮ ‬يونيو‮ ‬2013‮.‬ ‬ومعنى أن أجهزة الأمن تقول إنها تعافت خلال سنتين، فإن الأحداث تنطق بغير ذلك، بداية من ضم ‬12‮ ‬ألفا من الأمناء والأفراد، وحل جهاز أمن الدولة، وإفراغه من الكفاءات، واستدعاء نظام الإخوان لأنصاره، والإفراج عن العناصر الإرهابية بعفو رئاسى، وتلميعهم فى وسائل الإعلام، والنجاح فى عزل جهاز أمن الدولة عن الاتصال ومتابعة كل التيارات الإرهابية، فحدثت حالة من حالات فقد الذاكرة‮. إن بداية الإصلاح كانت قبل أسبوع، حين أصدر وزير الداخلية حركة نقل‮ ‬370‮ ‬ألف أمين شرطة وفرد، من ضمنهم‮ ‬2000‮ ‬أحيلوا للتقاعد من الذين دخلوا الوزارة بضغوط إخوانية.
 
هل هناك قصور فى معلومات الأجهزة الأمنية؟
 
  عندما تحدث عملية إرهابية، فهناك حتما قصور فى المعلومات، إما نتيجة إهمال، أو خطط تأمين متخلفة، أو اختراق، كما حدث فى اغتيال السفير الروسى فى تركيا، وهذا يجب ألا‮ ‬يغضب أحدا فى أجهزة الأمن بوزارة الداخلية. هناك قصور فى المنظومة الأمنية، فى ظل الظروف التى مرت بها وزارة الداخلية، وجهاز الأمن الوطنى، كما  أسلفنا. فكونك تقف وتتحرك بنسبة‮ ‬50٪‮ ‬، فهذا نجاح عظيم، ولكن عندما‮ ‬يستكمل الإخوان تشكيل مؤسساتهم، فهذا قصور معلوماتى‮.‬
 
وكيف نعالج هذا القصور؟
 
جهاز أمن الدولة كان جهازا مصنفا عالميا، وكان له دور على المستويين الإقليمى والدولى، ولابد أن نتدارك ما حصل لهذا الجهاز فى السنوات السابقة، حيث تم استبعاد الكفاءات المدربة وإفراغ‮ ‬الجهاز من قادته.‬
 
فى هذا السياق، لماذا‮ ‬يتم استهداف قيادات الأمن الوطنى؟
 
هو استهداف شخصى، وليس بغرض النشاط، وذلك لإيصال رسالة معينة من مثل تلك الجماعات بأنها قادرة على الوصول إلى عناصر وقادة الأجهزة الأمنية. ‬
 
ما هى الملاذات الآمنة لقادة التنظيم الدولى للإخوان، حال نجاح دول المقاطعة فى الضغط على قطر؟
 

كل ما‮ ‬يحصل هو بعلم أمريكا، قولا واحدا. ‬الأمر الثانى أن ثلاثة أو أربعة شروط من الشروط الثلاثة عشر هى المتفق عليها، وبالتالى فرفض قطر تسعة من هذه الشروط  هو من قبيل حفظ ماء وجهها أمام شعبها. ذلك أن قطر هى حليف استراتيجى للولايات المتحدة. وهناك رسالة لتركيا بأن الدور قد‮ ‬يأتى عليك. وأنا أعتقد أن ما‮ ‬يحدث فى المنطقة هو تهيئة للسلام السعودى- الإسرائيلى، الذى لا بد أن‮ ‬يتم فى هدوء، لأنه فى منتهى الخطورة، لو لم تتم إدارته بشكل هادئ. فالتركيز على القرضاوى‮ ‬غرضه منع إصدار الفتاوى، وسيكون ذلك بداية تطبيع مجلس التعاون الخليجى مع إسرائيل. والمقصود هو عدم مزايدة دولة كتركيا، التى لديها علاقات دبلوماسية وتجارية مع تل أبيب. فهناك مجموعة من الملفات داخل مجلس التعاون الخليجى، هى ملفات إيران، والإخوان، وإسرائيل. فالمطلوب الآن هو تدوير دور قطر وإعادة توظيفه، وأعتقد أن القضية ستنتهى خلال أيام بمجرد زيارة نتنياهو للسعودية‮.‬
 
كيف تتعامل الأجهزة الأمنية مع التداعيات الأمنية مع الضغوط الاقتصادية فى مصر، لاسيما أن ثمة مخاوف‮ ‬يطلقها البعض من أن تشكل تلك الأزمات الاقتصادية عاملا محفزا للظاهرة الإرهابية؟
 
 أصدر الرئيس السيسى قرارات الإصلاح الاقتصادى قبل ثورة دعوات التظاهر في 2016/11/11  بأسبوع، وهو توقيت صعب وحساس، وتوجس البعض من اندلاع ثورة، ولم‮ ‬يخرج أحد حينها، فكانت هذه رسالة للخارج بأن النظام قوى، ويقف على أرض صلبة، وأن الشعب ظهير سياسى وشعبى له‮، ‬يدعمه ويسانده. أيضا حركة زيادة الأسعار الأخيرة جاءت فى توقيت الاحتفال بالذكرى الخامسة لثورة‮ ‬30‮ ‬يونيو، ولكن الناس تقبلوا كل هذا.‬
 
مع بروز ظاهرة الذئاب المنفردة كظاهرة، ما هى الآليات التى تتصورونها مناسبة لمواجهة هذه الظاهرة التى‮ ‬يصعب التنبؤ بها، بل إن الأجهزة الأمنية الغربية فشلت فى مكافحتها؟
 
 لابد أن نفرق بين أمرين، هناك الذئاب المنفردة المنظمة، وغير المنظمة، وتكمن خطورة تلك الظاهرة فى أنها ليست تحت السيطرة الأمنية لأى دولة، مهما تكن قدرتها الأمنية، فضلا عن أنه من الصعب جدا كشفها، ولا تحتاج إلى إمكانات، وإنما تتم بأدوات بسيطة جدا‮ .‬
 
هل ثمة سيناريوهات محتملة‮ ‬يمكن أن تقدم عليها جماعة الإخوان فى المرحلة المقبلة، خاصة بعد فشلها، سواء فى الحشد، أو استهداف البنية التحتية، أو الهجمات الإرهابية ضد أفراد من الشرطة والجيش؟ وما مدى توقعكم لتوظيف الجماعة للأزمة الاقتصادية الراهنة فى دعم المسار الإرهابى؟
 
لقد بدأ التنسيق مع الآخرين فى مواجهة التنظيم، وتجفيف منابعه كالمساجد، والزوايا، والجمعيات الشرعية. على سبيل المثال، هناك الجمعية الشرعية، وجماعة أنصار السنة المحمدية. فبعد تأسيس جماعة أنصار السنة المحمدية فى عام‮ ‬2011‮ ‬، تم تشكيل مجلس شورى الجماعة، الذى اتخذ عدة قرارات لتدعيم الإخوان. وكان من أبرز الشخصيات المؤثرة داخل الجماعة محمد حامد الفقى، وعبد الرازق عفيفى، والدكتور جمال المراكبى، وعبدالله شاكر‮. ‬
 
وما علاقة جماعة أنصار السنة المحمدية بمجلس شورى العلماء؟
 
تأسس فى‮ ‬19‮ ‬فبراير‮ ‬2011‮، ‬وتكون من محمد حسان، وعبدالله شاكر، ومصطفى العدوى، وأبو إسحاق الحوينى، وسعيد عبدالعظيم، والشيخ جمال عبدالرحمن، ووحيد بالى، ومحمد حسين‮ ‬يعقوب‮.‬
 
وما أبرز المواقف التى اتخذها مجلس شورى العلماء لمساندة الإخوان ودعمهم؟
 
التصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية، والإعلان فى‮ ‬24‮ ‬مارس‮ ‬2011‮ عن ‬اختيار حازم صلاح أبو إسماعيل للرئاسة، وأنه قادر على تطبيق الشريعة الإسلامية، ودعم المجلس فى‮ ‬30‮ ‬مايو‮ ‬2011‮ ‬تأييد محمد مرسى للرئاسة، وأصدر بيانا فى‮ ‬7‮ ‬يوليو‮ ‬2013‮ ‬طالب فيه بضرورة عودة محمد مرسى لحكم البلاد‮. ‬كما أصدر المجلس بيانا فى‮ ‬14‮ ‬أغسطس‮ ‬2013‮ ‬عقب فض اعتصام رابعة، طالب فيه وزير الدفاع بالتوقف عن قتل شعبه‮، فضلا عن مشاركته فى حصار مدينة الإنتاج الاعلامى عن طريق وحيد بالى، ومشاركة محمد حسان فى اعتصام‮ رابعة. ‬
 
أيضا، تكونت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح عقب أحداث‮ ‬يناير‮ ‬2011‮ ، ‬وهى عبارة عن كيان مواز للإخوان، وكان من أبرز أعضائها طارق الزمر، وخيرت الشاطر، وجمال المراكبى، وعبدالله شاكر، ومحمد عبدالمقصود، ومحمد حسين‮ ‬يعقوب، ومحمد إسماعيل المقدم‮. ‬
 
ولكن ما هى الأدلة التى تثبت إخوانية جماعة أنصار السنة المحمدية؟
 
انضمام عبدالله شاكر إلى الإخوان، وهو رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وتوزيع كتب ومنشورات الهيئة على أعضاء الجماعة، واعتصام الإخوانى الهارب محمد‮ ‬يسرى إبراهيم، عضو جمعية أنصار السنة المحمدية، واستخدام سيارة الموتى التابعة للجمعية فى جمع الأموال للإخوان ودعمهم‮. إن مواجهة الإرهاب تحتاج إلى خطة شاملة، لأنك تواجه سلفيين، وجهاديين، وتكفيريين، وجمعيات تحصل على الشرعية، وتدعم الإرهابيين. ‬
 
كيف‮ ‬يمكن التعامل مع الفضاء الإلكترونى كساحة للتمويل، وتجنيد الإرهابيين؟ هل تعتقد أن الاجراءات الحكومية الحالية كافية للحد من ذلك؟ وإذا كانت‮ ‬غير كافية، فأى إجراءات ترونها لتفعيل ذلك؟
 
عندما قام تنظيم "داعش" ببث فيديو لتفجير الكنيسة البطرسية، تعمد إظهار القساوسة وهم‮ ‬يسيئون للإسلام، وتوجه قيادات حزب النور‮ ‬للتعزية، مما جعل قواعد السلفية والإخوان‮ ‬يتعاطفون مع ما حدث من تفجير للكنيسة البطرسية‮. فالقضية هى فى كيفية تناول الإعلام للقضايا المختلفة، لاسيما التى لها صلة بالأمن. ومن هنا، فإن الدولة عليها تسهيل الحصول على المعلومات بشكل مشروع، وإلا تم اللجوء إلى وسائل أخرى كمواقع التواصل الاجتماعى‮.‬

رابط دائم: