«الرئاسي الليبي» إلى أين؟
14-6-2017

فتح العليم الفكي
*
في ظل الظروف التي تعيشها ليبيا من فوضى واقتتال عبثي وتدمير لمؤسسات الدولة، لا يمكن تفسير القرار الذي أصدره الأسبوع الماضي رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، ونص على إنشاء سبع مناطق عسكرية في كافة أنحاء البلاد تتبع له مباشرة بصفته القائد الأعلى للجيش، إلاّ على أساس أنه إعلان حرب على الجيش الوطني الليبي الذي يسيطر على مواقع واسعة من هذه المناطق السبع وانتزع مؤخراً من عناصر القاعدة منطقة الجفرة وقاعدتها العسكرية. 
وعلى الرغم من أن القرار، ووفقاً لآراء عدد من الخبراء لا يعدو أن يكون مجرد حبر على ورق وغير قابل للتطبيق، إلاّ أن صدوره في هذا التوقيت بالذات سيؤدي بلا شك إلى مواجهات بين قوات الجيش الليبي والميليشيات الداعمة لحكومة السراج، كما سيؤدي إلى تفاقم الخلافات بين الشرق والغرب الليبي وتعقيد الحل السياسي للأزمة التي تعاني منها البلاد منذ عدة سنوات.
 
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى ماذا استند السراج في إصدار هكذا قرار وفي هذا التوقيت بالذات، خاصة بعد التفاهمات التي توصل إليها في لقائه مع قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر في العاصمة الإماراتية أبوظبي، والذي بشر بقرب التوصل إلى اتفاق بين الرجلين اللذين يشكلان قطبي الرحى في الأزمة، ينهي الحرب الملعونة التي قضت على الأخضر واليابس ويعيد إلى الليبيين الأمن والأمان الذي افتقدوه طويلاً.
 
لقد أكدت التقارير أن السراج تعرض لضغوط من جماعات الإسلام السياسي وحلفائه من ميليشيات مصراتة الذين ظلوا يعملون بشتى السبل لإجهاض أي تقارب أو اتفاق بينه وبين حفتر، وأن القرار جاء غداة مطالبة التجمع السياسي لنواب مصراتة؛ السراج بتسمية قادة المناطق العسكرية والأمنية.
 
إن السراج الذي صرح في أكثر من مناسبة بأنه غير مستعد لإراقة قطرة دم ليبية واحدة، مطالب الآن بأن يختط لنفسه وحكومته المدعومة من المجتمع الدولي خطاً بعيداً عن هذه الميليشيات التي احترفت القتل والاستثمار في معاناة الليبيين وزرع الفرقة والشتات بينهم. 
كما أنه مطالب أيضاً بدعم ما اتفقت عليه مصر والجزائر وتونس يوم الاثنين الأسبق بتحديد قائمة بالمنظمات الإرهابية والمناطق التي تنشط فيها وتخييرها بين إلقاء السلاح والانخراط في العملية السلمية أو التعرض لضربات جوية، وهو اقتراح محل إجماع الشعب الليبي بكل فصائله وقبائله ومكوناته، إذ إن هناك ضرورة ملحة لإنهاء دور هذه الميليشيات في الحياة العامة وتجريدها من السلاح، ووضعها تحت سلطة المجلس الرئاسي تأتمر بأمره لا أن تكون كيانات موازية للجيش، لا رقيب عليها، تعيث في الأرض فساداً وتهدد الأمن وترهب المواطن.
 
-----------------------
* نقلا عن دار الخليج، 14-6-2017.

رابط دائم: