دلالات المواقف الدولية من مقاطعة دول عربية لقطر
6-6-2017

عمرو عبد العاطي
* باحث ومحرر في مجلة السياسية الدولية متخصص في الشئون الأمريكية
اتسم موقف القوي الدولية من قرار ست دول عربية قطع علاقاتها مع دولة قطر، لدعمها الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، والتقارب مع إيران، بالتوازن لارتباطها بطرفي الأزمة، وعدم رغبتها في تصعيدها بما يؤثر فى مصالحها بالمنطقة، والجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. 
 
تتخلص الدلالات الرئيسية لمواقف القوي الدولية من قرار قطع العلاقات مع قطر فيما يأتي:
 
أولا- عدم التأييد صراحة لقرار قطع العلاقات: فعلى الرغم من اتفاق القوي الدولية على أسباب قطع عدد من الدول العربية علاقاتها مع قطر لدعمها عديدا من التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة بما يهدد الاستقرار الإقليمي، وإقامة علاقات جيدة مع إيران، فإنها لم تؤيد صراحة قرار قطع دول عربية علاقاتها مع الدوحة. وقد جاء الموقف الدولي محايدا لأبعد حد، لأن القرار شأن داخلي بالدول العربية، ويرتبط بالعلاقات الثنائية بينها، مع الدعوة لضرورة حل الخلافات في إطار المنظمات العربية والخليجية، بما لا يؤثر فى الجهود الدولية لمحاربة التنظيمات الإرهابية بالمنطقة لاسيما تنظيم "داعش" في العراق وسوريا. 
 
ثانيا- أمريكا بين الانتقاد والقاعدة العسكرية: تتبني قطر سياسة خارجية تتعارض مع المقاربات الأمريكية لقضايا المنطقة، الأمر الذي دفع رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي "إد رويس" إلى المطالبة بنقل القاعدة العسكرية الأمريكية "العُديد" من قطر إلى دولة أخرى، إذا لم تغير الدوحة من سياساتها الداعمة للإرهاب في المنطقة. إلا أن وزير الدفاع الأمريكي الأسبق "روبرت جيتس" رأى أن مسألة نقل القاعدة الأمريكية من قطر مسألة معقدة، على الرغم من انتقاده للترحيب القطري بجماعة الإخوان المسلمين، التي قال إنها تُمثل الأرضية التي سبقت ظهور حركات إرهابية أخرى في المنطقة كتنظيمي "القاعدة" و"داعش".
 
وعلى الرغم من معارضة إدارة  الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسياسة القطرية، فإنها لم تدعم صراحة قرار قطع ست دول عربية علاقاتها مع الدوحة لأهمية الدور الوظيفي الذي تلعبه قطر لمصلحة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولعدم رغبة واشنطن فى أن تتخذ موقفا من شأنه التأثير فى الحرب التي تقودها ضد  التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما أن كثيرا من الضربات الأمريكية ضد مقرات تنظيم "داعش" في العراق وسوريا تنطلق من القاعدة الأمريكية "العُديد"، والتي قال عنها أمير دولة قطر إنها الفرصة الوحيدة للولايات المتحدة لامتلاك النفوذ العسكري في المنطقة. 
 
ثالثا- التأييد الإسرائيلي: لم تعارض السلطات الإسرائيلية الخطوة التي اتخذتها دول عربية بقطع العلاقات مع قطر لمعارضة إسرائيل الدور القطري الداعم لحركة حماس، والتقارب مع إيران. وقد رأت السلطات الإسرائيلية أن القرار بقطع العلاقات مع قطر، بعد اتهامها بدعم التطرف، يمكن أن يفتح الباب أمام تشكيل تحالف واسع لمكافحة الإرهاب، تشارك فيه إسرائيل، وأن هذا القرار يكشف عن أن التهديدات الأساسية لدول المنطقة أضحت تتمثل في إيران والتنظيمات الإرهابية. 
 
ثالثا- روسيا تتحفظ على الاتهامات لقطر: تعدّ موسكو قطع العلاقات مع قطر "شأنا خاصا" بالدول العربية والخليجية، مع رفضها التعليق على طبيعة الاتهامات التي توجه لقطر بشأن دعمها للتنظيمات الإرهابية التي تشن عليها القوات الروسية هجمات داخل سوريا. لكنها في الوقت ذاته، قالت إنها ستدرس بعناية جميع المعلومات عن دعم الدوحة للإرهاب. وقد يرجع التحفظ الروسي على قرار قطع دول عربية وخليجية علاقاتها مع قطر إلى العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدولتين، لاسيما في مجال الغاز الطبيعي، والاستثمارات القطرية داخل روسيا. 

رابط دائم: