إشكاليات تداخل الصراعات السيبرانية والتقليدية
9-4-2017

د. خالد حنفي علي
* باحث في الشئون الإفريقية
ثمة علاقة ارتباطية بين طبيعة الصراعات وأشكالها، وما تشهده المجتمعات والدول من تطورات مادية وغير مادية‮. ‬ذلك أن التعارض، كمضمون عام للفكرة للصراعية، يظل مرتبطا في مسببات بروزه، وتشكيل ملامح وأهداف أطرافه‮ (‬أفراد، جماعات، دول‮)‬، بما تطرحه السياقات الحاضنة له من مصادر وقضايا جديدة‮ (‬قيم، ومصالح‮) ‬تكون موضعا للتنازع‮.‬
 
إذ عرف العالم،‮ ‬خلال التطورات المتعاقبة في القرنين العشرين والحادي والعشرين،‮ ‬أنماطا من الصراعات التي تعددت قضاياها داخليا وخارجيا، واختلفت فواعلها‮ (‬دول وغير دول‮)‬، وتباينت دوافع نشوبها، بحسب القوة الأكثر بروزا التي يتصارع الأطراف المتنازعة علي امتلاكها‮ (‬سياسية، واقتصادية، وعسكرية، وثقافية‮...) ‬لتحقيق أهدافهم ومصالحهم، سواء أكان ذلك في سياق التفاعلات داخل الدول،‮ ‬أم النظام الدولي‮.‬
 
لذلك، شكلت القفزات التكنولوجية الهائلة في مجال الاتصال والمعلومات،‮ ‬في أواخر القرن العشرين وبداية القرن الحادي العشرين، سياقات جديدة لنشوب صراعات حول‮ "‬النفوذ السيبراني‮" ‬في الفضاء الإلكتروني‮. ‬حيث عُدّ‮ ‬هذا الأخير ساحة واسعة للتفاعلات العالمية،‮ ‬انطوت في الأساس علي شبكات رقمية ذات صلة بين أجهزة الحاسوب، وأنظمة الاتصال والإنترنت المختلفة، بغرض تدفق المعلومات‮.‬
 
دار مضمون هذا التنازع السيبراني حول من يملك القدرة علي التأثير في مسارات تدفق المعلومات والاتصال في الفضاء الإلكتروني، بحسبان ذلك معيارا أساسيا‮ -‬من جهة‮- ‬لتقدم الدول والمجتمعات، ومدخلا يمكن للأطراف المختلفة‮ -‬من جهة أخري‮- ‬توظيفه في صراعاتهم نحو تحقيق أهدافهم ومصالحهم، لا سيما إن كانت متناقضة‮. ‬وبلور جوزيف ناي‮ - ‬في هذا السياق‮- ‬ما سمي"القوة السيبرانية‮ ‬cyber power‮"‬، وحددها بأنها‮: ‬محاولة تحقيق أهداف ومصالح معينة،‮ ‬عبر استخدام مصادر المعلومات والأدوات الاتصالية المرتبطة بالفضاء الإلكتروني‮.‬
 
وعزز التنازع حول هذه القوة التأثيرية الجديدة حدوث تغيرات متزامنة في السياقات العالمية، مثل صعود دور الأفراد،‮ ‬مع رواج المنظورات الحقوقية والديمقراطية، وتنامي أدوار المجتمعات المدنية‮. ‬في الوقت نفسه، انحسرت سيادة الدول نسبيا، وباتت الحكومات أمام وطأة التكيف السياسي والاقتصادي والثقافي مع ما أفرزته العولمة من تدفقات عابرة للحدود للأفكار والأفراد والسلع‮.‬ (للمزيد طالع المجلة)

رابط دائم: