فرص وقيود الأطراف المتنازعة علي‮ "‬المجال العام السيبراني‮"‬
9-4-2017

د. ابتسام علي حسين
* مدرس العلوم السياسية - جامعة القاهرة.
مع ظهور الإنترنت، واستخدامه علي نطاق متزايد في أواخر القرن العشرين، اتسع المجال العام‮  ‬من المساحات التقليدية،‮ ‬مثل الأندية، والمقاهي، والأسواق، والصحافة، وغيرها ليشمل المواقع والمنتديات الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها‮. ‬إذ شكلت الأخيرة‮  ‬فضاء ممتدا للحوار والنقاش في المجال العام، تجاوزت من خلاله حواجز الزمان والمكان، ونشأت في ظلاله مجتمعات افتراضية مارست أدوارا مؤثرة في القضايا العامة،‮ ‬سواء علي صعيد داخل الدول أو خارجها‮.‬
 
ونظرا لما أحدثه المجال العام في الفضاء الإلكتروني أو السيبراني من انتشار وفاعلية، فقد تم استخدامه في الصراعات السياسية،‮ ‬سواء بين الدول، أو بين الدول وجماعات في الداخل والخارج، أو بين الجماعات وبعضها بعضا‮. ‬وتجلي ذلك إبان الثورات العربية التي انطلقت في عام‮ ‬2010،‮ ‬حيث استخدمت المعارضة الشعبية مواقع التواصل الاجتماعي، والهواتف المحمولة من أجل التعبئة للاحتجاجات، الأمر الذي مكنها من خلع رأس السلطة في أكثر من دولة، والدفع بالإصلاح في دول أخري‮.‬
 
وعلي ذلك، يستهدف هذا المقال مناقشة أولية لملامح ظاهرة المجال العام الإلكتروني، ومدي اختلاف توظيفاتها في الصراعات السياسية بين الأنظمة الحاكمة،‮ ‬والجماعات السياسية، بخلاف ما تطرحه من فرص وتحديات لهؤلاء الفاعلين‮.‬
 
أولا‮- ‬المجال العام بين التقليدي والسيبراني‮:‬
 
في مضمونه العام، كما طرحه يورجين هابرماس‮(‬1‮)‬، فإن المجال العام هو الساحة التي يعبر فيها الأفراد أو الجماعات، أيا كانت انتماءاتهم، عن آرائهم بحرية دون قيود أو تأثيرات من جهات رسمية أو‮ ‬غير رسمية، وبالتالي فهو أكثر اتساعا،‮ ‬من حيث القضايا، أو الفاعلون، أو الديناميات،‮ ‬من المجال السياسي الذي قد ينحصر في التنافس علي السلطة‮.‬
 
بيد أن بروز الفضاء الإلكتروني جعل ذلك المعني للمجال العام متسعا، إثر الإقبال المتزايد عليه من الأفراد والجماعات للتعبير عن مواقفهم بحرية، لاسيما مع ما وفرته أدوات التكنولوجيا الحديثة، مثل الإنترنت، وتقنيات الاتصال المتطورة، كالهواتف الذكية، وغيرها،‮ ‬من حراك، وانتشار، وديناميكية‮.‬ (للمزيد طالع المجلة)

رابط دائم: