فرنسا وتنامي تيار الرفض للاتحاد الأوروبي
7-5-2017

د. سلوى بن جديد
* أستاذة محاضرة بقسم العلوم السياسية ، كلية الحقوق ، جامعة عنابة الجزائر
يعتمد البحث في آثار تنامي تيار الرفض للاتحاد الأوروبي في فرنسا علي رسم الخريطة السياسية‮  ‬لهذا البلد،‮ ‬ومواقف الحركات السياسية والأحزاب فيه من الاتحاد الأوروبي، خاصة تلك المناهضة،‮ ‬والمشككة فيه،‮ ‬والمنتقدة له، كما يعتمد علي قياس وزنها السياسي،‮ ‬من خلال التمثيل الذي تمتلكه في المجالس المنتخبة،‮ ‬محليا ووطنيا وأوروبيا، وحظوظ فوزها برئاسيات‮ ‬2017،‮ ‬ومن ثم معرفة مدي إمكانية إسهامها بدور معين في تفكيك الاتحاد الأوروبي، علي أساس أن فرنسا الدولة المؤسسة لمسار التكامل الأوروبي،‮ ‬وقاطرته السياسية، وأن خروجها من الاتحاد الأوروبي يعني تفكيكه‮.‬
 
ويتطلب البحث في الموضوع أيضا توضيح مسألة مهمة تتعلق بطبيعة الرفض‮ ‬(Le rejet)‮ ‬للاتحاد الأوروبي،‮ ‬وما يمكن أن يترتب من إجراءات،‮ ‬في حالة وصول هذه الأحزاب إلي الحكم،‮ ‬وتطبيق برامجها السياسية‮.‬
 
أولا‮- ‬أطياف المشهد السياسي الفرنسي‮:‬
 
ترتسم أطياف المشهد السياسي في فرنسا،‮ ‬منذ عقود، بتداول علي الحكم بين حزبين رئيسيين،‮ ‬أحدهما يمثل اليمين الفرنسي المعبر عن الليبرالية المحافظة، والآخر يمثل اليسار المعبر عن الليبرالية الاجتماعية‮(‬1‮). ‬وهناك أحزاب أخري، منها ما يتطرف يمينا،‮ ‬ومنها ما يتطرف يسارا، ومجموعة أخري تميل بأفكارها اليمينية واليسارية نحو‮ "‬الوسط‮" ‬لتشكل به مجال‮ "‬اعتدال‮" ‬بين أفكار وبرامج اليمين واليسار،‮ ‬يخفف من الانجذاب نحو التطرف،‮ ‬بما يؤكد حقيقة أن أحزاب وحركات الوسط تنشط في الساحة السياسية الفرنسية، عندما يظهر ميل نسبي نحو اليمين المتطرف وأقصي اليسار في البرامج السياسية لأحزاب وحركات اليمين واليسار‮ "‬المعتدلين‮".‬ فيأتي عندئذ نشاط حركات الوسط من أجل إيجاد الاعتدال المطلوب‮. ‬ويمثل قيم‮ "‬الوسط‮" ‬في فرنسا،‮ ‬علي وجه الخصوص، كل من‮ "‬الحركة الديمقراطية‮" ‬(MoDem)،‮ ‬و"اتحاد الديمقراطيين والمستقلين‮" ‬(UDI)‮.‬
 
أي أن الأيديولوجيات في فرنسا تتوزع علي خمس دوائر متميزة نوعيا، كل واحدة منها تترابط مع الدائرتين الأخريين اللتين تتوسطهما، كما هو مبين في الشكل رقم‮ (‬1‮)‬،‮ ‬مما يعني أن الأحزاب والشخصيات السياسية تتبني ما تشاء من الأفكار والرؤي، التي علي أسسها سيتم تصنيفها،‮ ‬أو علي الأقل تصنيف موقف معين لها في مسألة معينة، ضمن الأيديولوجيا السياسية لهذه الدائرة أو تلك‮. ‬ويمكن أن يكون اللون السياسي لحزب معين من خلال برنامجه وأفكاره،‮ ‬بشأن مختلف المسائل المطروحة، مزيجا متناغما من أيديولوجية دائرتين متلامستين‮.‬ (للمزيد طالع المجلة)

رابط دائم: