الحلف الأطلسي والمتوسط بين بوتين وترامب
11-1-2017

د. مصطفى عيد الصياد
* خبير في العلاقات الدولية.
بعد أن تفكك الاتحاد السوفيتي‮ (‬السابق‮) ‬في تسعينيات القرن الماضي، فقدت روسيا بوصلتها الأيديولوجية التي كانت عمادا للدولة الأم‮. ‬وأخذت موسكو تتأرجح بين مسارين‮: ‬إما التطلع نحو استرجاع موقعها وهيبتها،‮ ‬كما كانت في الماضي، أو التواؤم مع عالم يموج بتغيرات جعلت الجغرافيا السياسية لا تتطابق بالضرورة مع الجغرافيا الطبيعية لخريطة العالم،‮ ‬بعد الحرب العالمية الثانية،‮ ‬خاصة مع تمكن الجغرافيا السياسية في حالات كثيرة من تشكيل الجغرافيا الطبيعية علي نحو جديد‮.‬
 
نتيجة هذا السجال، لم تعط روسيا، خاصة في ظل حكم بوتين، اهتماما كافيا لتطوير الأوضاع الاقتصادية الداخلية،‮ ‬أو تحويل روسيا إلي نموذج‮ "‬ملهم‮". ‬فكان التركيز علي الخارج،‮ ‬سواء لمواجهة التحديات والتهديدات المتلاحقة،‮ ‬أو لإعادة بناء ترميم السياج الجيواستراتيجي للقوة الروسية‮. ‬ومارست موسكو هذا التوجه بتحفز،‮ ‬أو ربما اندفاع، فكان تحركها العنيف والصارم في ملف أوكرانيا، تماما كما كان قبله في ملف الشيشان‮. ‬ثم انتهزت موسكو فرصة عدم الاستقرار في المنطقة العربية إثر تداعيات موجة الانتفاضات الشعبية منذ‮ ‬2011،‮ ‬لتعيد ترتيب أوراقها في المنطقة،‮ ‬علي نحو تعاوني في حالات، مثل تعزيز التعاون مع سوريا، والتقارب كما مع مصر، وتركيا،‮ ‬وعلي نحو تصارعي في حالات أخري، تجسدها بوضوح المواجهة مع أوروبا والولايات المتحدة‮. ‬واستفادت موسكو في ذلك من الفراغ‮ ‬الذي تولد عن إعادة ترتيب الولايات المتحدة لأولوياتها في الشرق الأوسط‮.‬
 

رابط دائم: