تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. فالهجوم الإسرائيلى المفاجئ على إيران فى يونيو 2025، وتدخل الولايات المتحدة لاحقًا، نقطة تحوّل فى الصراع الإقليمى، يعيدان إلى الأذهان أجواء غزو العراق عام 2003، عندما سقط نظام صدام حسين تحت مبررات ثبت لاحقًا أنها واهية. فهل نشهد تكرارًا للمشهد، لكن هذه المرة فى طهران.
بدأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بمساعٍ دبلوماسية لتجديد الاتفاق النووى مع طهران، ولكن تحوّل لاحقًا إلى نهج تصعيدى، طالب فيه بـ"الاستسلام غير المشروط" وهدد باغتيال المرشد الأعلى على خامنئى. كما دعم الهجمات الإسرائيلية، مع نقل قوات أمريكية إلى أوروبا فى إشارة غير مباشرة للجاهزية العسكرية. ثم جاء التدخل الأمريكى المباشر فى 22 يونيو 2025، حيث استهدفت واشنطن مواقع عسكرية ومنشآت حساسة داخل إيران، ردًا على هجوم إيرانى واسع ضد إسرائيل.
تشابهات كثيرة تُرصد بين الوضع الإيرانى الراهن وما جرى قبيل غزو العراق: تبريرات متشابكة، خطابات عن "تحرير الشعب"، وادعاءات بتهديد نووى. إلا أن إيران تختلف جذريًا عن العراق، فهى أكثر قوة، وتحظى بتحالفات إقليمية ودولية، مما يجعل أى مغامرة عسكرية ضدها مكلفة للغاية وقد تُفجر صراعًا إقليميًا أوسع. ففى 2003، روّجت إدارة بوش لوجود أسلحة دمار شامل فى العراق، رغم تأكيدات المفتشين الدوليين على العكس. اليوم، تكرر إسرائيل وواشنطن الحديث عن اقتراب إيران من إنتاج قنبلة نووية، رغم تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التى لا تؤكد ذلك. كما روجت إسرائيل لخطاب يربط العملية العسكرية ضد إيران بإمكانية "تحرير الشعب الإيراني"، وهو ما يُعيد للأذهان وعود أمريكا بتحقيق الديمقراطية فى العراق، والتى تحوّلت لاحقًا إلى فوضى ومذابح طائفية وظهور تنظيمات إرهابية مثل داعش.
لم يُخفِ رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو نيته فى تغيير النظام الإيرانى، معتبرًا ذلك نتيجة حتمية، بينما ترى بعض الأطراف أن أى هجوم قد يؤدى إلى تقوية النظام بدلًا من إسقاطه، كما يمنحه شرعية داخلية أكبر.فى غزو العراق، لعبت عزلة بغداد الدولية دورًا حاسمًا فى تمرير الهجوم. إيران اليوم تواجه عزلة متزايدة، لكنها لا تزال تمتلك شبكة تحالفات تجعل من استهدافها مغامرة محفوفة بالمخاطر. كما أن الانقسام الغربى حول الخيار العسكرى، وغياب استراتيجية خروج واضحة، يزيدان من احتمال تكرار كارثة العراق.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تواجه تحديات داخلية واقتصادية، تُخاطر بخوض حرب جديدة دون رؤية واضحة، ودون إجماع دولى، فى تكرار لأخطاء الماضى. فكما كانت الحرب على العراق مدفوعة باعتبارات تتجاوز أسلحة الدمار الشامل، فإن الصراع الحالى يحمل فى طيّاته أجندات تتعلق بإعادة تشكيل المنطقة واستعراض الهيمنة.الهجوم الأمريكى الأخير على مواقع نووية إيرانية، كما أُعلن رسميًا، يمثل منعطفًا خطيرًا يُهدد بجعل المنطقة ساحة لحرب طويلة الأمد. وبينما تدافع إسرائيل عن العملية باعتبارها دفاعًا عن النفس، فإن الأثمان المحتملة ـ من تصاعد العنف الإقليمى إلى التهديدات على أمن الطاقة العالمى. تجعل من الحل العسكرى خيارًا محفوفًا بالعواقب.
تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بإسهاب عن موضوع بات يتمسك به بشكل متزايد فى السنوات الأخيرة: وهو أن إسرائيل، تحت قيادته، لن تكتفى بمحاولة تفكيك البرنامجين النووى والصاروخى الإيرانيين عبر هجوم عسكرى، بل ستسعى من خلال ذلك أيضًا إلى تغيير النظام فى طهران. روجوا للفكرة نفسها قبيل غزو العراق عام 2003. فقد قيل للعالم حينها إن العراقيين، مثل الإيرانيين اليوم، سيرحبون بإزالة صدام حسين. وإن الشرق الأوسط سيُعاد تشكيله.
حاولت الولايات المتحدة فى العراق بشكل غير كفء بناء دولة جديدة. هو واضح أن إسرائيل ترى فى تدمير النظام الإيرانى هدفًا بحد ذاته، دون أى اهتمام بمستقبل إيران سوى إضعافها وزعزعة استقرارها كقوة إقليمية منافسة. وهذا يتماشى تمامًا مع النهج الإسرائيلى طويل الأمد تجاه ما تعتبره قضايا أمنية. أما المراقبون الإيرانيون المخضرمون، فيشكّون بشدة فى أن إسرائيل قادرة على الهندسة العسكرية لتدمير النظام الإيرانى من خلال الضربات الجوية، حتى لو تم قتل المرشد الأعلى على خامنئى. ويشيرون إلى أن الهجوم الإسرائيلى قد يؤدى بدلًا من ذلك إلى تحصين النظام وتسريع جهوده لامتلاك سلاح نووى. وعلى نطاق أوسع، فإن هناك مخاطرة بأن محاولات إسرائيل لزعزعة استقرار إيران قد تعطى شرعية جديدة للنظام الحاكم، حتى فى دول شرق أوسطية تُكنّ له الريبة، لكنها تشعر بالقلق المتزايد من توسع العنف الإسرائيلي([1]).
كان الجدل حول أسلحة الدمار الشامل العراقية ستارًا يُغطى النية الحقيقية للولايات المتحدة وتحالفها من الراغبين فى إزاحة صدام حسين عن السلطة. ولم تكن قضية أسلحة الدمار الشامل، فى سياق أحداث الحادى عشر من سبتمبر، سوى غطاء للجهود المتضافرة لإحداث تغيير سياسى أوسع فى الشرق الأوسط. ومن الواضح أيضًا، رغم المعارضة الدبلوماسية، أن عزلة العراق الإقليمية والدولية أضرّت به. ويُقال إن عزلة العراق الإقليمية ووضعه كدولة "منبوذة" قد ساعدا القوى الخارجية الحريصة على فرض أجندتها الخاصة لتغيير النظام فى بغداد دون عائق.
الاختلافات فى الظروف الدولية، والتكلفة العالية المتوقعة، والانقسام الغربى حول الخيار العسكرى، تجعل من الصعب تكرار الكارثة بالطريقة نفسها. ولكن إيران ليست سوريا، ولا ليبيا، ولا العراق. إذا انضمّ ترامب إلى الحرب على إيران، وقرّر التزام الولايات المتحدة بإسقاط النظام الإيرانى، فإن النتائج المرجّحة ستكون أكثر كارثية من الحرب على العراق عام 2003، التى أسفرت عن مقتل أكثر من 1.2 مليون شخص، وتسببت فى تهجير أكثر من تسعة ملايين عراقى، وأسهمت فى ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، وكلفت الولايات المتحدة نحو ثلاثة تريليونات دولار. كما لعبت حروب أمريكا فى العراق وأفغانستان دورًا كبيرًا فى تلاشى لحظة التفوق الأحادى الأمريكى، وبدأ نذير النهاية لـ “القرن الأمريكي” كما يُدعى([2]).
لإنهاء الحرب بين إسرائيل وإيران، لجأت الولايات المتحدة إلى الحرب([3]). ودخلت واشنطن المعركة بضرب ثلاثة مواقع نووية إيرانية. ونشر البيت الأبيض على منصة إكس: "أكملنا هجومنا الناجح للغاية على المواقع النووية الثلاثة فى إيران، وهى فوردو ونطنز وأصفهان. جميع الطائرات الآن خارج المجال الجوى الإيرانى. أُلقيت حمولة كاملة من القنابل على الموقع الرئيسى، فوردو. جميع الطائرات فى طريقها إلى الوطن بسلام"([4]). يمثل هذا منعطفًا خطيرًا فى الشرق الأوسط المضطرب أصلًا. من ثم إيران ضربت القواعد العسكرية للولايات المتحدة فى قطر ردا لحفظ ماء وجهها أمام شعبها وأمام المجتمع الدولى لتثب أن إيران لا تزال تمتلك قوة رادعة.
1- أوجه التشابه:
· استخدام التفجيرات كمنعطف: إن ما جرى فى العراق جاء بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 مهّد لغزو العراق. الصراع الحالي يأتى بعد هجوم السابع من أكتوبر2023، الذى شنته حماس على جنوب إسرائيل، وأشعل حربا متواصلة حتى الآن على عدة جبهات.
· كانت فى 2003 ذريعة أمريكية-بريطانية بمزاعم امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، بينما فى عام 2025 تقول إسرائيل إن إيران كانت على بعد أسابيع من إنتاج قنبلة نووية قبل هجوم تل أبيب المباغت على طهران فى 13 يونيو2025.
· ترويج "لتغيير النظام": تتقارب التصريحات الصادرة من واشنطن وتل أبيب بإسقاط نظام المرشد بشكل مباشر، مع تصريح ترامب بأنهم يعرفون مكانه".وبدأت الولايات المتحدة بالتلويح فى تصريحات إنه "لا خيار أمام إيران سوى الاستسلام الكامل، فى حين قال إن موعد التخلص من المرشد الإيرانى على خامنئى "لم يحن بعد". وفى البداية أعطى الرئيس ترامب إيران فترة سماح مدتها أسبوعين للتفاوض على اتفاق نووى بسبب مخاوف من تكرار الفوضى التى حدثت فى ليبيا والعواقب المدمرة التى حدثت فى العراق وأفغانستان. بينما الهدف الأمريكى والبريطانى فى العراق كان إسقاط نظام صدام حسين.
· استخدام التفجيرات كمنعطف: مهّدت أحداث 11 سبتمبر 2001 لغزو العراق. هجوم 7 أكتوبر 2023 من حماس أدى إلى تصعيد إقليمى فتح الباب أمام ضرب إيران.
· نتنياهو يتحدث عن تغيير النظام في إيران، وما يعنيه هو تدمير النظام. هو أن إسرائيل تحت قيادته لن تحاول ببساطة تفكيك البرامج النووية والصاروخية الباليستية الإيرانية من خلال الهجوم العسكرى، ولكنها في هذه العملية سوف تؤدي إلى تغيير النظام في طهران. يبدو أن قائمة الأهداف التي ضربتها إسرائيل في إيران خلال اليومين الماضيين تؤكد أن إسرائيل ربما تسعى إلى تحقيق أجندة أوسع نطاقا من مجرد تدمير البرنامج النووي لطهران([5]). إذا بدت تعليقات نتنياهو مألوفة بشكلٍ مُريب، فذلك لأنها كذلك. نتنياهو نفسه، ومعه الولايات المتحدة، طرحوا حجةً مُماثلة قبيل غزو العراق عام ٢٠٠٣. حينها، سيرحب العراقيون، كما خُيّل للعالم، بالإطاحة بصدام، كما خُيّل للإيرانيين. وسيُعاد تشكيل الشرق الأوسط([6]).
· عن تعقيد اختيار تغيير النظام فى إيران، حيث إن الهجوم قد يعزز النظام القائم بدلًا من إسقاطه — درس مأخوذ مباشرة من صدام العراق، وأفغانستان، وليبيا.
2- أوجه الاختلافات:
· الاختلاف الأوضح بين العراق 2003 وإيران 2025، هو أن الولايات المتحدة ومعها إسرائيل، لا يمكنهما غزو إيران، وأن حربهما ستقتصر على الاستهداف الجوى المكثف بالاعتماد على المعلومات الاستخباراتية والتكنولوجية.
· الأصوات المعارضة: ففى 2003، لم تكن الأصوات المعارضة لافتة كما هى اليوم. آنذاك، كانت المؤسسة السياسية الأمريكية مقتنعة بالحاجة إلى تدخل عسكرى، أما اليوم، فإن الحرب مع إيران لا تتماشى مع استراتيجية رئيسٍ انتُخب على أساس وعده بسحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط وإقامة السلام. كما أن هناك منتقدين للعواقب بما فى ذلك التكاليف البشرية والمادية، سواء على الأمريكيين أو العراقيين.
· الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة قبل أكثر من عام، لكن إيران لا تزال تلتزم به. فالصراع مع العراق قبل 2003 كان يدور حول برنامج محتمل للأسلحة النووية لم يستطع المفتشون الدوليون تأكيده بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى المواقع. أما في حالة إيران، فقد ضمن الاتفاق الموقّع عام 2015 إمكانية الوصول الكامل، وذلك لطمأنة العالم بأن طهران لا تستطيع بناء قنبلة نووية -أو على الأقل ليس من دون أن يتم كشفها في الوقت المناسب. وحتى الآن، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أكثر من اثني عشر تقريرًا أن طهران ملتزمة([7]).
· عزلة أمريكا عالميًا في هذا الملف. باستثناء إسرائيل وبعض الحلفاء لا تؤيد أي دولة تقريبًا التصعيد مع إيران. على عكس 2003، حين نجحت واشنطن في تقسيم أوروبا، فإن الأوروبيين اليوم موحّدون في دعمهم للاتفاق النووي الذي تفاوضت عليه فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة بقيادة الاتحاد الأوروبى، مع الصين، وروسيا، والولايات المتحدة([8]).
· تكلفة عسكرية وأمنية مرتفعة لإيران التى تمتلك شبكة دفاعية إقليمية قوية.
التداعيات:
· شرق أوسط جديد، وتغيير فى ميزان القوى.
· روسيا، المشتتة بأوكرانيا،-المستفيدة من هذا الصراع- والراغبة فى استغلال عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط، قد تُكثّف مبيعات الأسلحة أو تستغل الأزمة للتفاوض مع أوروبا.
· إغلاق مضيق هرمز.
· اندلاع حرب إقليمية متعددة الجبهات.
· أزمة طاقة عالمية.
· تصاعد التيارات الراديكالية.
السيناريوهات المستقبلية:
الأصول الأمريكية فى قطر، والإمارات، والعراق، بما فى ذلك قواعد عسكرية تضم آلاف الجنود الأمريكيين، معرضة للخطر. قد تهاجم إيران سفن الشحن فى الخليج، أو الأسوأ من ذلك، أن تحاول إغلاق مضيق هرمز، الذى يمر عبره ما يقرب من ثلث نفط العالم. قد يؤدى ذلك إلى أزمة طاقة عالمية وهلع فى السوق.علاوةً على ذلك، قد يُصعّد الحوثيون فى اليمن هجماتهم على التجارة البحرية العالمية. والتصعيد بعد ذلك -سواء كان متعمدًا أم عرضيًا- ليس أمرًا مستبعدًا. لكن بخلاف العراق، حيث خلقت الولايات المتحدة فراغًا وأصبحت مسئولة عن ملئه، فإن احتمال تورط الولايات المتحدة فى حرب أبدية ضئيل. لا يكمن الخطر فى احتمال تورط الولايات المتحدة فى المنطقة، بل فى كيفية رد فعل النظام الإيرانى عند سقوطه([9]).
تتجه تدفقات جديدة من اللاجئين نحو تركيا وأوروبا، مما يُرهق سياسات الحدود ويُغذّى التوترات داخل الاتحاد الأوروبى. وقد تغادر موجة من الإيرانيين المهرة، مما يُعزّز شبكات الشتات الإيرانى ويزيد الضغط طويل الأمد من أجل التغيير فى الداخل.
انهيار الدولة.هنا، تتفتت إيران إلى فصائل متنافسة، على غرار ما حدث فى العراق ما بعد عام 2003، ولكن بمخاطر أكبر: فحجم إيران، وبرنامجها النووى المتقدم، وموقعها الجغرافى المحورى، يزيد من مخاطر الانتشار غير المنضبط والجماعات المسلحة غير الحكومية. ومن المرجح أن تشهد المنطقة تدافعًا دوليًا لتأمين المواد النووية، بمشاركة إسرائيل، والولايات المتحدة، وروسيا. وقد يواجه جيران إيران، الذين قد يرحبون بضعفها الأولى المصير ذاته.
صراع غير متكافئ مطول. فرغم الأضرار التى لحقت بإيران، فإنها تلجأ إلى الهجمات الإلكترونية والحرب بالوكالة والتهديدات المتقطعة لمضيق هرمز. وسيؤدى إغلاق إيران للمضيق إلى تعطيل إمدادات النفط العالمية، حيث يمر ما يقرب من 20 مليون برميل من النفط يوميًا عبر هذا الممر الحيوى. وقد أدت سوابق تاريخية، بما فى ذلك الاضطرابات خلال الحرب الإيرانية-العراقية (1980-1988) وتهديدات إيران فى عام 2012، إلى ارتفاع حاد فى أسعار النفط العالمية وتقلبات حادة فى السوق. وقد يؤدى استمرار الحصار إلى صدمات اقتصادية عالمية، تؤثر على الصين، والهند، والاتحاد الأوروبى. وقد تؤدى هذه الاضطرابات إلى ردود فعل دبلوماسية وعسكرية حادة، بما فى ذلك تدخل محتمل من جانب الولايات المتحدة والقوات البحرية المتحالفة معها لإعادة فتح المضيق، مما يزيد بشكل كبير من خطر التصعيد العسكرى الإقليمى أو حتى العالمى.
بالمقارنة مع العراق عام ٢٠٠٣، فإن هياكل إيران الداخلية وشبكاتها الخارجية -على الرغم من تضررها- أكثر متانة. برنامجها النووى وتحالفاتها الإقليمية وموقعها الاستراتيجى يعنى أن مخاطر التصعيد وسوء التقدير أكبر من أى وقت مضى. وفى جميع السيناريوهات، تواجه المنطقة فوضى طويلة الأمد.
ختاما، لقد أثبت التاريخ مرارًا وتكرارًا أن التدخلات العسكرية فى الشرق الأوسط غالبًا ما تُسفر عن عواقب غير مقصودة، بما فى ذلك صراعات مطولة وزعزعة استقرار المنطقة. ففى عام ٢٠٠٣، غزت الولايات المتحدة العراق بناءً على معلومات استخباراتية مغلوطة. والنتيجة تبيّنت أن تدخل واشنطن كان كارثيًا، إذ جرّ المنطقة إلى تمرد وعنف طائفى. وبعد عقدين من الزمن، لا يزال العراق يعانى من غياب هيكل حكم متماسك، وظهور الميليشيات، وتحديات أخرى فشلت الولايات المتحدة فى إدارتها([10]). الآن هل تُكرر إدارة ترامب الخطأ نفسه فى إيران، التى تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة العراق؟
الهوامش:
[7]https://carnegieendowment.org/posts/2019/06/us-policy-toward-iran-and-the-2003-iraq-playbook?utm_source=chatgpt.com&lang=en