تحليلات - عالم عربى

هل تتوقف مقاطعة الدول الداعمة للإرهاب عند قطر؟

طباعة
يطرح تصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري للوفد الإعلامي المرافق للرئيس عبد الفتاح السيسي، في زيارته الأخيرة لبرلين، والذي أكد أن هناك إجراءات قد تتخذ ضد دول أخرى غير قطر من الراعية للإرهاب، إذا تطلب الأمر، تساؤلات عدة، لعل أبرزها: هل يشير هذا التصريح إلى احتمال توسيع دائرة المقاطعة للدول الداعمة للإرهاب في الفترة المقبلة؟ وهل يقصد وزير الخارجية المصري دولا بعينها؟.
 
دلالات أساسية
 
وجاء تصريح وزير الخارجية المصري بعد لقاء الرئيس السيسي بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين، حيث أكد السيسي ضرورة تكثيف الجهد الدولي في مواجهة الدول التي تقوم بتمويل الإرهاب ودعمه، وتوفير الغطاء السياسي والأيديولوجي له، مشيرا إلى أن الدول التي ترعى الإرهاب باتت واضحة، وظاهرة للعيان. 
 
ومن المحتمل أن تكون مصر قد وضعت خطة لم يتحدد موعد تنفيذها لتوسيع دائرة المقاطعة مع الدول الداعمة للإرهاب، والتي من أهمها تركيا. وتتمثل أهم الدلالات التي ترجح  مقصودية تركيا بالدول التي قد تتخذ ضدها إجراءات شبيهة بقطر، فيما يأتي:
 
(*) الانحياز الواضح من تركيا لقطر، متحدية مواقف دول المنطقة الرئيسية التي وقفت ضد قطر في دعمها للإرهاب، وقد تمثل ذلك في سرعة تصديق البرلمان التركي على الاتفاق العسكري بين تركيا وقطر، والذي كان بمنزلة رسالة إلى القوى الإقليمية، وأهمها السعودية، مفادها أن تركيا معنية بهذه الأزمة إلى حد بعيد، ولن تقف مكتوفة الأيدي، حال تدهورت الأوضاع في المنطقة .
 
(*) التحركات التركية لإنقاذ شريكتها في دعم الإرهاب، بما يمثل تحدياً واضحاً لموقف الأطراف المقاطعة. وقد تمثلت تلك المحاولات التركية لحلحلة الأزمة القطرية في اتصال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وأيضا أجرى محادثات مع المسئولين الإيرانيين، إلى جانب الاتصال المباشر بأطرف الأزمة، كما استقبلت تركيا وزير خارجية البحرين، وأعقبها استقبال وزير الخارجية التركي لسفراء السعودية، والإمارات، والبحرين.
 
تحركات محتملة:
 
إن وضع حد لقطر يمثل بداية جادة لمواجهة الدول الداعمة للإرهاب في مصر وغيرها، خاصة أن قطر وتركيا تعدان في مقدمة الدول الداعمة للجماعات الإرهابية ضد مصر. فالعلاقات التي تربط البلدين بجماعة الإخوان المسلمين قوية وثابتة، وعلى المستويات كافة، حيث أصرت حكومتا البلدين، طوال الوقت، على عدم تسليم المطلوبين المصريين المدانين بالإرهاب. لذلك، يمكن القول إن التحركات المحتمل اتخاذها ضد تركيا يتمثل أهمها في:
 
(*) الاتهام الضمني لتركيا في دعمها للإرهاب، واحتضانها لمختلف المجموعات التي تهدد استقرار المنطقة، والذي بدا واضحا في جميع تصريحات القائمين على مؤسسات صنع القرار في مصر منذ ثورة الـ 30 من يونيو، والتي كان منها تأكيد رئيس مجلس النواب المصري د. على عبد العال  أن هناك عقوبات رادعة تنتظر الدول الداعمة للإرهاب، هذا بالإضافة إلى ترجيح طول أمد الأزمة القطرية الحالية بسبب تمسك طرفيها بمواقفهما، وفشل كل المساعي حتى الآن في تبريد الأجواء، بما ينذر بتوسع دائرة الخلاف، وتوسيع نطاق التقارب التركي- القطري، والذي قد ينتهي باتخاذ مصر ودول الخليج مواقف جادة تجاه تركيا.
 
(*)  إن أول ما يرد إلى أذهان الكثيرين من تصريح وزير الخارجية المصري بأن "هناك إجراءات ضد الدول الراعية للإرهاب، إذا لزم الأمر"، هو أن مصر ربما وضعت قوائم الدول الداعمة للإرهاب، وفق تقييمها لمصالح أمنها القومي، حيث تعد قوائم الإرهاب وسيلة فعالة تتماشى مع المعايير الدولية التي تتبعها الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. وبالتالي، فربما وضع دولة مثل تركيا على هذه القوائم يجيز لمصر اتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية ضد هذه الدولة.
 
في النهاية، يمكن القول إن توسيع دائرة مقاطعة الدول الداعمة للإرهاب سيكون له تأثير مباشر فى بقية الدول الداعمة للإرهاب في المنطقة، وسينعكس إيجابيا للقضاء على الإرهاب، وعلى الدول التي تعانيه، وبالأخص مصر، وسوريا، وليبيا. 
طباعة

    تعريف الكاتب

     د.أبوالفضل الإسناوي

    د.أبوالفضل الإسناوي

    مدير تحرير مجلة السياسة الدولية