تحليلات - مصر

نجاح الدولة المصرية في حوكمة التمويل الإنمائي ومضاعفة الـتأثير الاقتصادي والاجتماعي

طباعة

تمضي الدولة المصرية قدماً صَّوب تعزيز وتوطيد مطابقة التمويل الإنمائي مع أهداف التنمية المستدامة؛ مما ساهم في مضاعفة التأثير الاقتصادي والاجتماعي. فالمقصود بالتمويل الإنمائي هو التمويل لأغراض التنمية المستدامة.إذ تنتهج الدولة المصرية سياسة اقتصار القروض الخارجية على المشروعات الاستراتيجية والحيوية ذات الأبعاد التنموية بشروط تمويلية مُيسرة طويلة الأجل، مع الأخذ في الحسبان متابعة مؤشرات استدامة خدمة الدين، والتي تُعد ضمن التقييم الائتماني للدول. كما أن المواطن المصري هو محور أولويات القيادة السياسية لتحقيق التنمية المستدامة على مستوى كافة الخطط والسياسات الاستراتيجية الوطنية؛ وذلك من أجل ضمان توفير حياة كريمة لكل مواطن مصري ومواطنة مصرية؛ للوصول إلى اقتصاد أكثر شمولاً ومحققاً لتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين.

وعليه، وضعت الدولة المصرية نهج حوكمة يتميز بالشفافية والوضوح للشراكات الدولية، وللحصول على التمويلات الإنمائية مع شركاء التنمية. وقد تم تأسيس لجنة الدين الخارجي بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٢٠٠٣ لسنة ٢٠١٨ لإدارة الدين الخارجي برئاسة  الدكتور رئيس مجلس الوزراء، وعضوية وزارات التعاون الدولي، والمالية، والتخطيط، والتنمية الاقتصادية، والبنك المركزي المصري؛ حيث تعمل لجنة الدين على الإدارة الفعالة والمستدامة للدين الخارجي والحفاظ على تصنيف ائتماني تنافسي للدولة المصرية، من خلال وضع سقف سنوي للاقتراض الخارجي، وتلقي الاحتياجات التمويلية للوزارات والهيئات الوطنية مصحوبة بدراسات جدوى حول التكلفة التقديرية والمتوافقة مع الأهداف الوطنية مع تحديد فجوة التمويل ومصادر التمويل التي سيتم توفيرها خارجياً.

وقد حققت الدولة المصرية الريادة في إطلاق منهجية مطابقة التمويلات الإنمائية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، فضلاً عن تدشين الدبلوماسية الاقتصادية في التعاون الدولي والتمويل الإنمائي؛ مما حقق أهدافها المنشودة، خاصة بعد تصحيح مسار التمويل الدولي بفضل جهود القيادة السياسية لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة في مجالات الصحة والتعليم والقضاء على الفقر والجوع والصناعة والابتكار ومجالات المساواة بين الجنسين والعمل المناخي والعمل اللائق والنمو الاقتصادي والطاقة النظيفة وتنمية المدن والمجتمعات المحلية. وذلك إلى جانب توطيد العمل المشترك مع كافة الأطراف ذات الصلة وتدعيم مشاركة القطاع الخاص في الجهود التنمية، جنبًا إلى جنب مع تسريع وتيرة التحول الأخضر والرقمنة، ولتمهيد الطريق نحو اقتصاد دائري وأكثر اخضرارا.

وقد تفردت الدولة المصرية بالريادة في مطابقة التمويلات الإنمائية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة من حيث استخدام  المناهج والإطار العالمي للأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؛ مما يدعم الجهود الوطنية المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة.

ومن بين عوامل نجاح حوكمة التمويل الإنمائي فاعلية تطبيق مبادىء الدبلوماسية الاقتصادية والتي تتضمن ثلاثة مبادئ رئيسية: المبدأ الأول منصة التعاون التنسيقي المشترك حيث تحفيز التمويل الأخضر من خلال منصة التعاون التنسيقي المشترك، التي تجمع الحكومة والمؤسسات المالية الدولية وشركاء التنمية والقطاع الخاص لتحسين الوصول للتمويل ومعالجة التحديات التي تحول دون ذلك، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة تأثير جهود التعاون الإنمائي في إطار أولويات الدولة، وتعزيز الحوار الاستراتيجي وتبادل الرؤى ووجهات النظر حول الشراكات التنموية بما يدفع الثقة ويسهم في مواجهة التحديات والتعرف بشكل دقيق على الأولويات المستقبلية، وتحقيق التكامل بين جهود شركاء التنمية.

المبدأ الثاني هو مطابقة التمويلات الإنمائية مع أهداف التنمية المستدامة، حيث تعزيز نهج الشفافية والحوكمة، ووضع استراتيجيات طويلة الأجل للعمل على سد فجوات التمويل، والمبدأ الثالث سرد الشراكات الدولية، حيث ترسيخ سرد وفهم مشترك لزيادة الوعي بأهمية تضمين العوامل البيئية في عملية صنع القرار، وضرورة أن يتم البدء في إتاحة أنواع مختلفة من التمويلات الخضراء لدعم الأنشطة المستدامة.

إلى جانب تعزيز نهج الشفافية والمصداقية والثقة –المبدأ الثالث- ترسيخاً للإصلاحات المستمرة التي تنفذها الدولة المصرية بفضل تضافر الجهود المستمرة بوتيرة سريعة ومثمرة.ففي بداية عام ٢٠٢١، أطلقت الحكومة المصرية برنامجها "مصر تنطلق"، والذي يقوم على خمسة محاور أساسية:

- حماية الأمن القومي والسياسة الخارجية.

- تحسين حياة المواطنين المصريين.

- التنمية الاقتصادية المستدامة وتحسين كفاءة العمل الحكومي.

- خلق فرص العمل وبناء القدرات.

- رفع مستوى معيشة المواطنين المصريين.

وفي هذا الإطار، يتم توفير التمويلات التنموية، من خلال توطيد العلاقات المشتركة مع المجتمع الدولي وشركاء التنمية، وتعظيم فوائد فرص التمويل التنموي المُيسر لتنفيذ المشروعات التنموية عبر مجموعة واسعة من القطاعات ذات الأولوية، مع الأخذ في الحسبان استمرارية عملية الرقابة والمتابعة والتقييم لجهود التنمية، مما يحقق الأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المرجو من التمويلات الإنمائية، ويحدد عملية اتخاذ القرار فيما يتعلق بجدوى الشراكات الحالية والمستقبلية لمصلحة الوطن والمواطن؛ ومن ثم تعزيز القدرة على تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة عبر مختلف القطاعات.

ووفقاً لمؤشر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2021، تقدم مركز مصر ليسجل المركز82 من بين 165 دولة مصنفة خلال عام 2021، وحصلت على درجة 68.7 من 100، وهو ما يفوق المتوسط الإقليمي عند 67.1 درجة، وذلك مقابل المركز 83 من بين 166 دولة خلال عام 2020 بدرجة 68.79 من 100 .. كما تقدمت مصر لتصل المرتبة 36 من بين 165 دولة في عام 2021 بدرجة 98.7 من 100، على مستوى مؤشر تأثير الامتداد العالمي، والذي يقيس تأثير السياسات المحلية لكل دولة على الدول الأخرى بالسلب أو بالإيجاب؛ الأمر الذي يدل على حوكمة وجودة أداء الدولة المصرية في التعامل مع تداعيات أزمة كوفيد-19 العالمية، وذلك على مختلف الأصعدة البيئية والاجتماعية الناتجة عن التجارة، التدفقات المباشرة عبر الحدود، خاصة تلوث الهواء والماء، التدفقات الاقتصادية والمالية الدولية، وحفظ السلام والتداعيات الأمنية.

وقد اشتمل التقرير السنوي لعام 2021 للشراكات الدولية لتحقيق التنمية المستدامة على مجموعة من النتائج المهمة ويتلخص أبرزها فيما يلي:

1- زيادة محفظة التمويل الإنمائي لمصلحة تحقيق أهداف التنمية المستدامة والمتوازنة:

قُدرت محفظة التمويل الإنمائي الجارية بقيمة 25.6  مليار دولار لدعم الجهود الوطنية الهادفة لتحقيق التنمية المستدامة، والتي تتسق مع رؤية مصر التنموية 2030، إذ حققت الدولة المصرية، خلال السنوات الماضية، التطابق بين التمويل التنموي مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة لنحو 377 مشروعا بقيمة 25.6 مليار دولار. إن  أكثر أهداف التنمية المستدامة استحواذًا على التمويلات التنموية هي الهدف التاسع المتعلق بالبنية التحتية: الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية حيث تبلغ تمويلاته 5.9 مليار دولار تشكل 22.3% من إجمالي المحفظة، ليكون في المركز الأول. بينما جاء الهدف السادس في المركز الثاني والخاص المياه النظيفة والنظافة الصحية بتمويلات قيمتها 5.3 مليار دولار تشكل 20.3% من المحفظة، ويأتي في المركز الثالث الهدف السابع: طاقة نظيفة بأسعار معقولة بقيمة 4.6 مليار دولار، تشكل نسبة 17.5% من المحفظة. والجدير بالذكر أن إجمالي التمويلات الميسرة من شركاء التنمية خلال عامي ٢٠٢٠ و٢٠٢١ تقدر بقيمة ٢٠ مليار دولار، وقدر حجم التمويلات في عام 2020 وحده بقيمة ٢,١٠ مليار دولار.

2- مطابقة التمويلات الإنمائية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة:

تهدف مُطابقة التمويلات التنموية ومحفظة التعاون الإنمائي مع أهداف التنمية المستدامة إلى قياس مدى توافق المشروعات المُنفذة مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بشكل دقيق من أجل جعل القرارات المُتعلقة بالشراكات المستقبلية أكثر فاعلية لتحقيق نتائج أكثر تأثيرًا، والكشف عن الفجوات التي لم يتم العمل عليها. وكذلك ضمان رؤية واضحة لاتجاهات الشراكات التنموية المستقبلية. وقد تمت ملاحظة أن الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة، إلى جنب الهدف التاسع: الصناعة والابتكار والبنية التحتية، والهدف السادس: المياه النظيفة والنظافة الصحية، يستحوذون على نحو 65٪ من إجمالي محفظة التعاون الإنمائي، وهو ما يؤكد حرص الدولة المصرية بتطوير البنية التحتية لتحسين مستوى معيشة المواطنين وخلق البيئة المواتية للاستثمارات، حيث تسهم بيئة الاستثمار المناسبة في دفع التقدم نحو تنفيذ كافة أهداف التنمية المستدامة. وفيما يتعلق بالهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة: المساواة بين الجنسين، فإن نتائج المطابقة كشفت عن العلاقة الوطيدة وتداخله في كافة مشروعات أهداف التنمية المستدامة الأخرى.

وفقاً لمطابقة التمويلات الإنمائية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، فإن نحو٤٤٪ تمويلات إنمائية للقطاع الخاص موجهة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة التالية: الهدف الثامن: العمل اللائق والنمو الاقتصادي، ٣٨٪ للهدف السابع: طاقة نظيفة وبأسعار مناسبة، ٧٪ للهدف الثاني: القضاء التام على الجوع، ٧٪ للهدف التاسع: الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، ٣٪ للهدف الحادي عشر: المدن والمجتمعات المستدامة.

ومن بين نتائج المطابقة توضيح العلاقات المتشابكة بين أهداف التنمية المستدامة، مما يتيح فرصة للأطراف ذات الصلة والجهات المعنية وشركاء التنمية لمضاعفة التأثير الاقتصادي والاجتماعي للتمويلات الإنمائية، من خلال  تحديد الروابط بين أهداف التنمية المستدامة، ووضع السياسات والإجراءات السليمة التي تدفع الشراكات الدولية، فضلاً عن التأكيد على ضرورة دمج مبادئ الاستدامة والمعايير البيئية داخل كافة جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع الأخذ في الحسبان وضع سُبل مُبتكرة لتمويل المشروعات التي تتماشى مع مبادئ الاستدامة والالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة بات ضرورياً لخلق نهج مستدام لتحقيق التنمية.

ومن بين نتائج مطابقة التمويلات الإنمائية مع أهداف التنمية المستدامة ما يلى:

-  تداخل وترابط أهداف التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ في العديد من الأهداف الفرعية وتتشابه مؤشراتها بشكل كبير.

-  ساهمت آلية مطابقة المشروعات مع هدف واحد فقط،  في التدقيق نحو التوزيع المالي الأولى لميزانية المشروعات مصنفة وفقًا لكل هدف من أهداف التنمية المستدامة.

-  ساهمت آلية مطابقة المشروعات مع أكثر من هدف، في معرفة الأهداف المتشابكة من المشروعات المختلفة.

- التأكيد على أن الهدف السادس عشر: السلام والعدل والمؤسسات القوية، هو هدف يعد عاملً ونتيجةً لتحقيق التنمية المستدامة، نظرًا لأن مفاهيم السلام والعدالة والإدماج تعد حافزاً رئيسياً، لتحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة.

- التأكيد على أهمية الهدف السابع عشر: الخاص بعقد الشراكات لتحقيق الأهداف، والدور المحوري للتعاون الدولي كمحفز رئيسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال الشراكات القوية والشاملة.

- التأكيد على أهمية الرصد والمتابعة لجهود التقدم نحو تحقيق الأهداف الأممية مع أهمية أنظمة المتابعة وتقييم المشروعات الممولة من شركاء التنمية، لتحقيق الشفافية والتنسيق بين مختلف الأطراف ذات الصلة.

3- تعميق وتوطين التنمية المستدامة في مختلف القطاعات:

تمثل الاستدامة محوراً رئيسياً في المشروعات التي يتم تنفيذها مع شركاء التنمية في البنية التحتية، للمدن في مصر، في عام ٢٠٢١، إذ قدر حجم التمويلات الإنمائية بقيمة 626.64 مليون دولار في مجال النقل و148.9 مليون دولار في البنية التحتية. الأمر الذي  يعزز تحقيق أهداف التنمية المستدامة التاسع: الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، والحادي عشر: مدن ومجتمعات محلية مستدامة.

وتضم محفظة التمويل الإنمائي ٢٨ مشروعاً صديق للبيئة بقيمة 2.85 مليار دولار. وتهدف إلى تعزيز معايير الحفاظ على المياه والزراعة والري، وذلك من خلال تعزيز الممارسات الزراعية الذكية والاستثمار في مشروعات تحلية المياه وإدارة مياه الصرف الصحي. ويتم تنفيذ تلك المشروعات بالتعاون مع شركاء التنمية .

وقد تم إبرام اتفاقية تمويل تنموي بقيمة ٢٠٠ مليون دولار لقطاع البيئة. كما وقعت الحكومة مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا)، اتفاقًا بقيمة ٢٥ مليار ين ياباني (ما يعادل ٢٠٠ مليون يورو) بهدف دعم الإصلاحات الحاسمة لتحسين الحوكمة والاستدامة المالية لقطاع الكهرباء والانتقال نحو سوق تنافسية لتعزيز القطاع الخاص، كما يعزز الاتفاق مشاركة القطاع، وكذلك تسهيل النمو الأخضر.

ومن بين الإنجازات المثمرة:

- إنشاء منظومة مياه مصرف بحر البقر. ففي سبتمبر ٢٠٢١ ، شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي افتتاح المشروع الذي يعد أكبر محطة معالجة مياه في العالم، بشهادة من موسوعة جينيس، حيث تصل قيمته إلى 1.2 مليون دولار، وقد تم تدشين هذا المشروع بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وشركتين من القطاع الخاص بهدف الحفاظ على البيئة، من خلال تعزيز كفاءة المياه للتنمية الزراعية وتلبية الطلب المتزايد على المياه للأنشطة التجارية والصناعية.

- محطة معالجة الجبل الأصفر، وهي ثالث أكبر محطة في العالم، حيث تمتد على مساحة ٧٨ فدانًا في محافظة القليوبية. وتبلغ تكلفة تنفيذها نحو مليار دولار، وتعالج يوميًا 2.5 مليون متر مكعب، وتخدم نحو 12 مليون نسمة من سكان القاهرة، وتم تنفيذها بالتعاون مع شركاء التنمية، وتلعب شركات القطاع الخاص دورًا فعالًا في توسع وتشغيل وصيانة المحطة. وتتبنى المحطة ممارسات الاقتصاد الدائري السليمة طوال عملية المعالجة، حيث تنتج الأسمدة العضوية وتقوم بتوليد الكهرباء من غاز الميثان بما يكفي لتشغيل ٦٠٪ من احتياجاتها، وتوفر ما يعادل ٢٨ ألف طن من انبعاثات الكربون سنويًا، وتروي ١٥٠ ألف فدان من الأراضي الزراعية باستخدام المياه المعالجة.

- تعزيز نظم الزراعة الحديثة والمستدامة، حيث تركز مبادرة التجارة الخضراء، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، والوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي،على تعزيز سلسلة القيمة المستدامة في الأعمال الزراعية، ويستفيد منها نحو ٤٢٠٠، وذلك من خلال نشر نظم الزراعة الحديثة والمستدامة، وتوفير المساعدات الفنية لمزارعي الطماطم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال التقنيات الزراعية الحديثة والمستدامة، لزيادة قدراتهم التنافسية وتعزيز وصولهم للأسواق العالمية. وتضم المحفظة ٥٥٣ مليون دولار موجهين للتنمية الريفية والزراعية، من خلال تنفيذ مشروعات تشمل استصلاح ٢٢ ألف فدان وتعزيز كفاءة الري، وإنشاء ١٣ ألف صوبة زراعية. وتتميز تلك المشروعات باستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، مثل الألواح الشمسية، بالإضافة إلى تقنيات الزراعة الحديثة والذكية التي تحافظ على المياه وتعزز توحيد الأراضي.

-  تمويل تنموي بقيمة 1.04 مليار دولار لقطاعات الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة والبترول، الأمر الذي يساهم  في تحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، مثل الهدف الثاني: القضاء التام على الجوع، والهدف السادس: المياه النظيفة والنظافة الصحية، والهدف الثامن: العمل اللائق ونمو الاقتصاد، والهدف الثاني عشر: الاستهلاك والإنتاج، الهدف الثالث عشر: العمل المناخي. ويأتي ذلك في إطار دعم الجهود الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة، إذ قامت الدولة المصرية باتخاذ العديد من الإجراءات، من خلال خطة وطنية لمواجهة التغيرات المناخية بحلول ٢٠٥٠، بالإضافة إلى خطة الطاقة المستدامة التي تستهدف زيادة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول عام ٢٠٣٥ ونحو ٦٠٪ بحلول عام ٢٠٤٠. 

-  تعزيز الشراكات الدولية ودعم الجهود الوطنية الهادفة لمكافحة تداعيات التغيرات المناخية، من خلال تبادل التكنولوجيا والمعرفة، والتمويلات الإنمائية، مما يساعد على التكيف مع التغيرات المناخية ويعزز جهود التنمية المستدامة. وفي هذا الصدد، تضم محفظة التمويل الإنمائي ما يقرب من ٨٥ مشروعًا بقيمة 11.9 مليار دولار، تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تحقيق الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة: العمل المناخي، إما عن طريق تخفيف آثار التغيرات، أو عن تحفيز تدابير التكيف، في قطاعات الطاقة والزراعة والإسكان.

- تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث تعد الشراكة بين القطاعين العام والخاص محرك فعال من محركات النمو والتنمية وترسيخ الابتكار وتعزيز الجهود نحو تحقيق رؤية مصر التنموية ٢٠٣٠ وأهداف التنمية المستدامة، وكذلك أجندة إفريقيا ٢٠٦٣، وذلك بدءًا من المشروعات القومية الكبرى في مجالات البنية التحتية إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل كمحرك قوي للتنمية الاقتصادية، وتوفر فرص العمل وتعزز تنوع الاقتصاد المصري. وتؤكد الإصلاحات الهيكلية التي تقوم الدولة باتخاذها، عزمها على مواصلة الإصلاحات لتحقيق تعافٍ اقتصادي شامل ومرن ومستدام، يشترك في تحقيقه القطاعين العام والخاص.

وقد بلغت اتفاقيات التمويل الإنمائي من شركاء التنمية للقطاع الخاص، نحو 1,57 مليار دولار؛ وذلك من خلال التمويل المباشر لشركات القطاع الخاص، بالإضافة إلى توفير خطوط الائتمان للبنوك التجارية لإعادة إقراضها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. 

- تمويل تنموي لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بقيمة ٥٧ مليون دولار، من شركاء التنمية بما يدفع ويعزز من جهود تحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، مثل الهدف الثامن: العمل اللائق ونمو الاقتصاد والهدف التاسع: الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية.

ومن المشروعات المُمولة من الشراكات الدولية، وهو مصنع (البولي بلاست)، أول وأكبر مصنع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإنتاج ألواح البولي كربونات، المادة البديلة للزجاج. وقد حصل المشروع على تمويل من جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بقيمة 3.6 مليون جنيه، وذلك من خلال الشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو ما مكن الشركة من التوسع في خطوط الإنتاج.

- تمويلات تنموية في قطاع التجارة والصناعة بقيمة ٢٢ مليون دولار، من شركاء التنمية تماشيًا مع أهداف التنمية المستدامة الثامن: العمل اللائق، والهدف التاسع: الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية.

- تعزيز الترابط بين المبادرات القومية وأهداف التنمية المستدامة من خلال اتفاقيات التمويل الإنمائي بقيمة 1.63 مليار دولار لدعم الموازنة من بينها 258 مليون دولار لدعم نظام التأمين الصحي الشامل من البنك الدولي و330 لدعم قطاع الكهرباء وتعزيز النمو الأخضر.

ختاماً، إن حوكمة التمويل الإنمائي ساهم في مضاعفة التأثير الاقتصادي والاجتماعي. والاقتراض التنموي من مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية والمصادر الثابتة يمثل 90% من هذه المديونية، هو عبارة عن قروض متوسطة وطويلة الأجل في أغلبها ذات شروط مُيسرة وذلك وفقاً لهيكل المديونية الخارجية؛ أخذاً في الحسبان أن موقف المديونية الخارجية للدولة المصرية بصفة عامة لا يزال في الحدود الآمنة.

وقد تم تحقيق تقدم اقتصادي، من خلال التكامل والتنسيق بين استراتيجيات شاملة تدمج كافة الأطراف ذات الصلة، وتستثمر في قدرات المجتمع، وتحقيق نظام بيئي متوازن وصحي ونمو اقتصادي احتوائي أكثر شمولية وإنتاجية، مع المضي قدماً نحو تسيرع وتيرة التحول للاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر.

هذا مع تتبع الدولة المصرية النهج التشاركي في تنفيذ خطط التنمية المستدام؛ وذلك بالتعاون مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتوحيد الجهود للتعافي من تداعيات أزمة كوفيد-19 العالمية، وأهمية العمل المشترك لتحقيق التقدم والتنمية الاقتصادية المستدامة الخضراء في مواجهة تداعيات أزمة كوفيد-19 والآثار السلبية للتغيرات المناخية. والدور المحوري للقطاع الخاص للمضي قدماً نحو مستقبل مستدام، من خلال الآليات المبتكرة لتعبئة الموارد والتمويل المختلط لتعزيز مشاركته في مختلف مجالات التنمية، جنباً إلى جنب، مع التوظيف الجيد للتكنولوجيا، والتحول الرقمي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

طباعة

    تعريف الكاتب

    عائشة غنيمي

    عائشة غنيمي

    خبير اقتصادي ومسئول برامج وعلاقات دولية