تحليلات - التطرف والإرهاب

رسائل "العقيد المسماري" حول تمويل الإرهاب فى ليبيا

طباعة

كشف المتحدث العسكري باسم الجيش الوطني الليبي، العقيد أحمد المسماري، في مؤتمر صحفي في بنغازي يوم الأربعاء 2 أغسطس 2017، عن دعم قوى خارجية للتنظيمات الإرهابية في ليبيا، وعلى رأسها قطر، طارحا عدة وثائق تشير لتورط نظام الدوحة في تمويل ودعم الإرهاب.

وطالب المسماري بضم بلاده رسميا إلى صفوف الدول المقاطعة للدوحة، خاصة مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين. يثير ذلك الأمر تساؤلا مهما حول الرسائل التي حملتها تصريحات المسماري، لاسيما أن تنظيمات الإرهاب لم يكن لها لتستمر حتى الآن لولا ذلك الدعم الخارجي.

الرسالة الأولى- تورط قطري صريح: حيث حملت تصريحات العقيد المسماري اتهاما صريحا وواضحا لقطر بدعم الإرهاب، إذ كشفت عن أدلة دامغة على دعمها للإرهاب، من خلال وثائق تثبت تورط السفارة القطرية في طرابلس في دعم بعض العناصر الإرهابية، منهم خالد الشريف، الذى يصنف عالميًا بأنه إرهابي، حيث تلقى صفقة أسلحة ضخمة تقدر بالملايين. كما اتهم المسماري قطر بالعمل على اغتيال بعض السياسيين وقيادات الجيش الليبي في بنغازي، منوها إلى أن الدول العربية لن تستطيع حل المشكلات الداخلية في ظل أفعال قطر.

الرسالة الثانية- تراخى دولي في مكافحة الإرهاب: حيث كشف العقيد المسماري، في تصريحاته، عن وجود شحنة أسلحة صربية، موجهة للتنظيمات الإرهابية في ليبيا عبر بلجيكا، الأمر الذي يثير الريبة والشك حول وجود رغبة حقيقية لدى الدول الكبرى في مكافحة الإرهاب، لأنه لم يكن لتلك الشحنة أن تصل إلى ليبيا، لولا أن غضت الدول الكبرى الطرف عنها. وتساءل المسماري: كيف لأمريكا والأمم المتحدة أن تسمحا بإمداد الإرهابيين بأسلحة بهذه الضخامة، الأمر الذي يشير إلى وجود حالة من التراخي من قبل الدول الكبرى في محاربة الإرهاب بشكل حقيقي في ليبيا؟.

الرسالة الثالثة- محاولة تكريس السيادة في ليبيا: إذ يبدو أن تصريحات المتحدث العسكري كانت تهدف إلى تكريس سيادة ليبيا على أراضيها، حيث لا يعنى وجود التنظيمات الإرهابية أن تصبح البلاد مرتعا لبعض الدول الخارجية. ولعل ذلك ما دفع المسماري إلى مطالبة إيطاليا بأن تتراجع عن أفعالها، وتحترم سيادة بلاده، وذلك عقب إقرار البرلمان الايطالي إرسال بعثة بحرية عسكرية، استجابة لمطالب حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، لغرض ما قيل إنه مساعدة خفر السواحل الليبي في التصدي لمهربي البشر، وللهجرة غير النظامية. إذ قال المتحدث باسم الجيش الليبي: "لم نعد دولة لصيقة بإيطاليا أو مستعمراتها، ونطالب بالتعويضات.. حيث إنها مارست الإرهاب، وارتكبت كل الفظائع بحق الشعب بالليبي".

الرسالة الرابعة- أزمة الهشاشة الحدودية: من أهم المعوقات أمام الجيش الوطني الليبي في القضاء على التنظيمات الإرهابية بشكل كامل حالة الهشاشة الحدودية التي تعانيها ليبيا عبر حدودها الجنوبية مع السودان. إذ أوضح المسماري أن التنظيمات الإرهابية تتمكن من الحصول على الدعم والسلاح، فضلا عن المقاتلين عن طريق الحدود السودانية– الليبية. وأشار إلى أن الرئيس البشير صرح في 18 يونيو 2017 بأنه سيفتح ممرا آمنا لـ "دواعش" سوريا والعراق من السودان، مرورا بالكفرة، ثم بالاتجاه إلى الساحل الليبي  على البحر المتوسط.

(*)الرسالة الخامسة- إفشال المشروع الإخوانى فى ليبيا: حيث صرح العقيد المسماري، بشكل واضح، بأن الجيش الوطني الليبي قضى على أهداف السودان في ليبيا، عبر "تحطيم" تنظيم الإخوان الذي يمثل الأداة التي تستخدمها بعض الدول في المنطقة، كتركيا وقطر، لتحقيق مآربها السياسية.

 أخيرا، يبدو أن تصريحات العقيد المسماري قد كشفت بشكل واضح عن أن الإرهاب الداخلي في ليبيا يقتات على الدعم الخارجي، وأن هذه التنظيمات لم تكن لتبقى على قيد الحياة حتى الآن دون هذا الدعم، فضلا عن عدم وجود رغبة حقيقية لدى بعض القوى الدولية للقضاء على الإرهاب في ليبيا بشكل حقيقي وفعال، الأمر الذي بات يفرض تكاتف الجهود الإقليمية لوقف دعم وتمويل الإرهاب، ليس فقط من أجل أمن واستقرار ليبيا، وإنما الدول العربية.

طباعة

تعريف الكاتب

علي بكر

علي بكر

نائب رئيس تحرير السياسة الدولية وخبير الحركات المتطرفة