من المجلة - ملحق إتجاهات نظرية

إطار تحليلي لجدل الأمن والدمقرطة .. حالة "داعش"

طباعة
مع انطلاق الثورات العربية بنهاية عام 2010، اتجهت التوقعات السياسية والأكاديمية إلي أن منطقة الشرق الأوسط ستدخل غمار موجة جديدة من الدمقرطة(1). فمن بعد غرب أوروبا، وأمريكا اللاتينية، وشرق أوروبا ووسطها، فها هي المنطقة، التي كثيرا ما وصفت في أدبيات الدمقرطة باستثنائيتها، وصلابة الأنظمة السلطوية فيها في مواجهة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، تبدأ أولي خطواتها علي الطريق.
 
غير أن السنوات التالية لتلك الثورات كشفت العديد من التحديات التي واجهت إمكانية حدوث هذا التحول الديمقراطي المنشود. ومن ذلك التحدي الأمني الذي هو الأصعب، والأكثر تأثيرا، سواء لتحول بعض تلك الثورات إلي نزاعات أهلية، في ظل تنافس إقليمي ودولي، أو بسبب حالة الفراغ الأمني التي خلفها سقوط، أو اهتزاز الأنظمة الحاكمة، أو بزوغ جيل جديد من الجهاديين في عدد من بلدان المنطقة. وأدي كل ذلك إلي تعثر عملية الدمقرطة، بل وردّتها في اتجاه عكسي في بعض الحالات.
 
ومع اتساع نطاق الاضطرابات الأمنية في المنطقة، وتعثر الدمقرطة، بدا السؤال الذي يطرح نفسه: هل كان لتوسع مشكلات وقضايا الأمن في المنطقة تأثير سلبي في عملية الدمقرطة؟. نظريا، وللوهلة الأولي، تبدو محاولة الإجابة علي هذا السؤال ليست يسيرة، خاصة في ضوء الفراغات الواضحة بين منهجي العلاقات الدولية والسياسية المقارنة وفروعيهما من جهة، وبين الأمن الدولي، والدمقرطة، والشرق الأوسط، من جهة أخري. صحيح أن "الربط العكسي" ما بين الأمن والدمقرطة -بعيدا عن الشرق الأوسط- جري داخل تلك الأدبيات النظرية، إلا أنه جاء علي نطاق محدود أو غير مباشر. إذ تشير الأدبيات الكلاسيكية للدمقرطة إلي التأثير السلبي للتمردات والإرهاب في عملية الدمقرطة، لكنها تظل إشارة إلي عامل ضمن عوامل أخري متعددة، دون تركيز حصري، أو شروحات أبعد.
طباعة

    تعريف الكاتب

    عمرو صلاح

    عمرو صلاح

    كاتب وباحث في العلاقات الدولية، ماجستير العلاقات الدولية، جامعة إكستر، المملكة المتحدة.